لم يحدث في تاريخ المسلمين على الاطلاق، ذلك الاستغلال البشع الذي قام به في الآونة الأخيرة من استغلال للقران وتوظيف سياسي انتهازي لقدسيته في نفوس المسلمين ليدغدغ عواطفهم بشعارات القران ومصطلحاته، التي باتت تغلب على ادبيات وشعارات وبيانات وخطابات وأحاديث قادة التيار الحوثي، الذي يسمي نفسه تيارا قرآنيا وهات يابي هات. ان ذلك الاستغلال المتعمد والممنهج من قادة التيار الحوثي واضح وضوح الشمس في كبد السماء، وذلك من خلال حشر القران الكريم في أبياتهم الخاصة، وخطابهم الديني والسياسي والثقافي والفكري بالمصطلحات القرآنية التالية: المسيرة القرآنية، قائد المسيرة القرآنية، الثقافة القرآنية، الحياة القرآنية، الملازم القرآنية، الدروس القرآنية، المحاضرات القرآنية، التربية القرآنية، المناهج القرآنية، الدعاية القرآنية او الاعلام القرآني، المعارك القرانية الخ. هذه السياسة النفعية الانتهازية والدعاية الإعلامية المكثفة التي تركز على الإصرار المتكرر لحشر القران في خطابات الحوثيين، ومواعظهم وأحاديثهم وتحركاتهم، انما توحي للآخرين بان الحوثيين وحدهم ودون سواهم من المسلمين هم المهتمين بالقران والقائمين عليه، بينما بقية المسلمين من اهل السنة والجماعة هم أعداء القران والمعطلين له في حياتهم، شأنهم شأن اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم من ملل الكفر التي تعادي القران. وطبقا للفهم الحوثي للقران وفهم العلاقة السلالية بين الحوثيين والقران، فان الحوثيين هم اهل القران دون سواهم من المسلمين، اذ ينطلق الفهم الحوثي للقران من انهم اهل القران، لانهم أقارب النبي محمد ومن بيتهم حسبما يدعون جاء القران لعامة المسلمين، ويزعم الحوثيين انهم المترجمين للقران دون غيرهم من المسلمين كون الله حسب منطقهم قد اختصهم دون غيرهم وانتقاهم لهذه الوظيفة فجعلهم قرناء القران، وطبقا لهذا الزعم فان وجود القران بمعزل عن وجود الحوثيين لا يسمن ولا يغني من جوع، كونهم القران الناطق، لان القران كتاب صامت لا يتكلم، ولا يؤثر في حياة الناس الا بوجود الترجمان الاتي من البطنين. وبناء على ما تقدم مارس الحوثيين ابشع الجرائم بحق اليمنيين الأبرياء وتحت شعار القران، فشردوا المواطنين من بيوتهم وعطلوا مصالح الناس وتمردوا على النظام والقانون وقتلوا الجنود والضباط في الوحدات الأمنية والعسكرية، تحت شعار القران، وقام الحوثيين بتفجير منازل خصومهم السياسيين مع ترديد شعاهم القرآني المعروف كما يسمونه الحوثيين، بل تجاوز الامر من تفجير المنازل الى تفجير المساجد، وعندما استولى الحوثيين على مؤسسات الدولة ووضعوا أيديهم عليها، مارسوا الفساد المالي والإداري بشراهة ليس لها مثيل في التاريخ، وبغطاء قراني وصرخات قرآنية غريبة عجيبة لا مثيل لها. هكذا هو قران الحوثي، اجرام ما بعده جرام وسادية لا مثيل لها على الاطلاق، وحقد دفين على كل فئات الشعب وشرائحه الاجتماعية سواء كانت شمالية او جنوبية شافعية او زيدية، ويبدو انه لا بقاء لاحد على ارض اليمن وفق الثقافة القرآنية الحوثية، التي لا مكان فيها لأي أحد الا من كان من ذات التيار العميق المخلوط والملون بالعجينة الحوثية القرآنية الخاصة، واعتقد انه من شبه المستحيل ان يصبح اليمنيين في يوم من الأيام جزاء من تلك العجينة الغريبة العجيبة. قران الحوثي يعني لليمنيين الخراب والدمار واهلاك الحرث والنسل والحروب التي لها اول وليس لها اخر، كما يعني قران الحوثي تفتيت المجتمع اليمني وإعادة تصنيفه من جديد حسب الطبيعة السلالية والعرقية والجينات، كما ان قران الحوثي يعني، مزيدا من التصنيف والفرز المناطقي والمذهبي والطائفي والقبلي، قران الحوثي يعني تكميم الافواه واخراس أصوات الناس والزج بهم في غياهيب السجون، قران الحوثي يعني مزيدا من الفقر والتخلف والجهل والمرض، لان الحوثي يطمح الى ان يصبح مشعوذا من الدرجة الأولى يعالج الناس بالقران، ولا نستبعد ان تغلق المستشفيات يوما من الأيام ليفتح الحوثي مستشفياته القرآنية، كما لا نستبعد ان تغلق الحوثين الجامعات او يبدلون مناهجها الدراسية ليتم تدريس الطلاب المناهج الحوثية القرآنية التي ترسخ مفهوم الولاية للحوثي كي يصبح طاغية قرآنية ابدية عظمى للتنكيل بالأجيال اليمنية القادمة.