في زمن الضجيج ، التطبيل ، واللوثة... في زمن السجود بخشوع و الرقص بخلاعة في حضور إمام مسجدينفخ مزمار في جوقة. في زمن اللخبطة و اللوثة، ماذا عساي اقول؟ هل اتلفظبمثل ما يتداوله كل من حولي، سباب و شتائم ؟ تهم يتبادل رميها كل طرف و يردها الطرف الثاني للأول هي ذاتها؟ سكان شارعنا هكذا يتشاتمون : فلان ليس وطني ، علان مرتزق ، فلان داعشي ، علان عميل ، فلان خائن ، علان خرج السبعين يوم 26لأنه كبش انضم للقطيع. تدهورت اخلاقنا يا جماعة ، ساءت و انحدرت انحدار سريع. في شارعنا جهة بيوت و عمارات و الجهة المواجهة بيوت و عمارات. في الوسط كلاب كثيرة. تنبح علينا و تظهر لنا انيابها عند مرور اي مترجل في الشارع. اما السيارات اذا مرت فتلاحقها الكلاب و تقفز على نوافذها فيسارع السائق بإغلاق الزجاج ، تلاحق السيارات حتى تغيب نباحا لا بل زئيرا! كانت موجودة فيشارعنا منذ ثلاثة اعوام مضت لكنها لم تكن بهذه الشراسة ربما لأننا كنا نطعمها ، اي انها لم تكن بهذا الجوع و لا كنا نحن بهذا الفقر ، حاليا يالله كل راعي يطعم فمه وافواه اهل بيته. وكثر الله الف خيره. الطيران السعودي في سمانا و الكلاب في شارعنا كثيرة. تنبح في وجوهنا دون ان تعي ملامحنا كم هي حزينة و مريرة. نحن تقصفنا السعودية فلا يجوز ان تنبح علينا كلاب. يكفينا ما فينا. يا كلاب شارعنا يا طائرات السعودية امهلونا. نلملم شتاتنا فقد تمكنت منا الفتنة حتى النخاع، حتى الدم ، حتى الجينات المتوارثة ، بدلا من ان نخرج يوم 26قبضة واحدة ضد العدوان و ضد كل قادتنا و ضد الكلاب، خرج البعض لذلك وخرج البعض لتمجيد اشخاص باتوا ركام ، بعد ذلك تفرغ اليمنيين و اليمنيات للسباب و الشتائم. صنعوا منها العاب نارية تضيء السماء . عبر جلساتهم ، الفيس و الوتس آب ، يا كلاب شارعنا ، يا طائرات السعودية امهلونا. تمكنت الفتنة من رئتنا و ضلوعنا ، لعبوا بنا. فتنونا حتى دون ان يسألونا. امهلونا ندفن وجوهنا في زوايا بيوتنا خوفا من القصف ، تريثوا قبل القصف نريد ان نبكي حتى ننام كلا في سريره. الفتنة نهشت منا الروح و عضت منا الفم. هل يصبح الجدول جدول دون الماء وخريره؟ الفتنة حقنت اوردتنا بالتخاذل ، الجوع ، الحرمان، ثم مزقتنا الفتنة أوصال ، بعد ذلك فجرت بين تلاحمنا الغام ، فانفجرنا و تناثرنا وصلة هنا و اوصال هناك. ها هي فتاتنا الأن لولا تفتتها لشمرت سواعدها و هبت للعراك. وصلة منا هنا تسب وصلة منا هناك : يا داعشي، يا عميل ، يا مرتزق ، يا مجوسي ، يا عفاشي ، يا حوثي. فتات تلعن فتات و لولا الحزن لقهقهت على هذا ... الله اكبر اصيح بها حتى يشحب صوتي ، الله اكبر على من فجر الفتنة فينا. انها اوسخ من الحرب و اقسى من كل مآسينا. انا اتابع الفتنة منذ نشأتها ، فرقتنا لتسد. الان بعد تفرقتنا اغرقتنا في بئر سواد ، هل هناك لون اغمق؟ نخوض في شرف بعضنا البعض و ولائنا لأوطاننا و هل هناك اعمق؟ نسب الأب ، الام ، الشرف و العرض ،بكل بساطة من ليس مثلنا ابن كلب و احمق! هكذا يسب اكثرنا ادبا و خلقا ، اما الباقي فيسبون بألفاظ اتحرج من تسجيلها. السباب المذكور في الاعلى امسى كلمات يومية متداولة. حرااام ، يكفينا نطعن بعضنا البعض. يكفينا نستهدف الروح فينا. فلان حمار ، فلان كلب، فلان مطية. مرت سنة و بدلا من خروجنا صوت واحد ، نقول للطائرات المحلقة فوق رؤوسنا بس يكفينا. خرج البعض لأنهم دفعوا لهم ، خرج البعض صباحا و عصرا و لوكان الدنبوع دفع لخرجوا ليلا فهو موسمهم. خرجوا ، طبلوا ، هتفوا ، طالبوا بوقف العدوان. نادوا بعودة اشخاص باتوا ركام. حرام تكون خاتمة الحرب هكذا حرام. البعض خرج للمطالبة بعودة من عشنا في عهده احلى ايامنا المسكينة. من ينكر؟ هو زعيم بحق ، لأنه تزعم كل كبيرة و صغيرة فينا. تجرعنا في عهده الظلام ، الجهل ، المرض، الجوع دون اعتراض يذكر لأنه اشعرنا اننا ُخلقنا لمثل هذه حياة. كنا راضيين بعيشتنا ، متمتعين بالأمان لأننا لمنكن نتصور ان القادم اقذر من ماضينا. لماذا خرج الناس الى السبعين ؟ 1.خرجوا ليقولوا للعدوان كفى 2. خرجوا ليطالبوا بعودة احمد علي 3. خرجوا نكاية في الحوثي 4. خرجوا لأنهم استلموا قيمة غداء و قات... ترى، لأي من هذه الاسباب خرج الناس؟ اتخيل 80% خرجوا للسبب الأول. خرجوا يقولوا يكفي قصفنا ، كفاية تقصفونا.قصفكم لم يدمر اليمن فحسب ، بل دمر ارواحنا فينا. المباني سيعاد ترميمها و سيتم انشائها لكن الفتنة بين اليمنيين كيف السبيل الى اطفائها دلونا؟ امنتكم بالله العلي العظيم يا طيران السعودية اتركونا. يا ناس يا هوه فلتونا. الساسة فيما يبدو قد صفوا حساباتهم و رتبوا صفوفهم ، لم ينفعونا يوما فمن باب الأدب اليوم لا تضرونا. فوق هذه الأحزان كلها تأتي الكلاب لتنبح في وجوهنا و تخيفنا، مش بعيد تكونوا مولتم الكلاب لكي تخيفونا. اذا اردت زيارة جارتي لا افعل لأنني أخشى من هجمة الكلاب ، اذا اراد طفل ان يخرج الى البقالة صرف نظر عن فكرته لأنه يخاف ملاحقتها له. الموظفين في شارعنا يسارعون بالقفز من باب البيت الى باب السيارة ممسكين بحجر بينما تتجمع الكلاب و تقفز فوق باب السيارة. لماذا تضطهدهكذا هذه الكلاب؟ يقال انها تشتم الخوف ، حتما هذا هو ما اشتمته فينا. طائرات السعودية تقصف ، و الكلاب تنبح . خرجت هذه المرة بجرأة غير مألوفة. سرعان ما احاطت بي الكلاب لأنني كنت امشي على قدمي. ازداد عددها من حولي ، حسبتها 16 كلباً. فجأة خطر في بالي فكرة مجنونة.جلست القرفصاء على الأرض. احاطت بي الكلاب بشكل دائري. شبهتها و شبهتني بزهرة عباد الشمس. كانت كل الكلاب تنبح بشكل حاد و شرس، بعضها يقترب مني ، الكلاب السوداء تشبه الذئاب. دب الخوف في قلبي. لو فكرت في القيام من جلستي لكانت حتما انقضت علي. لم يكن امامي خيار سوى الحوار. املة ان تفهم الكلاب. انني في شارعي، لم اتعدى عليها قط. فإذا كانت السعودية لا تحس بنا و لا ترحم ، فعلى الأقل الكلاب ستتفهم. ضممت اصابع يدي اليمين قائلة لها :- " الهدوء ، الهدوء." بدأ نباح الكلاب يخف. بعض الكلاب امتدت على بطونها و وجوهها صوبي . قلت لها : -" تخيفين الناس لماذا؟ هل ينقص الناس خوف؟ خوف من القصف ، خوف من الفتنة ، خوف من الجوع ، خوف من الجن و العفاريت.. لا ينقصنا نباح الكلاب." انخفضت حدة النباح ، بدأت الكلاب تسكت. اضفت قائلة :-" تعرفون جيدا اننا تقصفنا بلد عربي مسلم شقيق." لست ادري لما باغتتني ضحكة ، ضربت اخماسا في اسداس. اي عربي و اي مسلم و اي شقيق. ههه فعلا هههههه. كتمت ضحكتي قائلة :- " من همومنا ارتفاع الاسعار. بالكاد نسد الرمق. فلماذا تنبحين في وجوهنا؟ انبحن يا شاطرات امام بيوت قادتنا السرق! "نبح علي كلب بشراسة. نبح عليه كلب آخر فأسكته. خفت ان تدب الفتنة بين الكلاب . واصت حديثي للكلاب:- "نحن من قبل الحرب نعاني. لا مدرسة تعلم تعليم حقيقي ، لا مستشفى يعالج علاج نافع ، لا كهرباء طبيعية ، لا شارع يشرح القلب الحزين ، لا رخص منتجات يجعلنا نشتري كل ما تشتهيه انفسنا. و كان في ختام الصبر حرب! فلماذا انتم تنبحون في وجوهنا، ماذا تريدون منا؟" طأطأت بعض الكلاب رأسها اسفا و حياء من سلوكها المشين. بعض الكلاب خبأت وجوهها بكلتا ذراعيها. بدأت استمد قوة من انحناءه جباهها و استشعاري اسفها و ندمها ، فأضفت شحنة انتقاد جديدة فقلت :- " بدل ما تنبحوا علينا و نحن مساكين. الاجدر كان ان تعتلوا القمم و تنبحوا على طائرات السعودية ." رأيت احد الكلاب يلصق وجهه في اسفلت الشارع. تأكدت انني اصبت في كلامي. ارتحت من حياءها مني فنهضت دون ان يعرني اي كلب اي انتباه. لم ينبح أحد! ذهبت الى دوامي... و جاءت مريم اللعينة تحلق ،فانتفضت الكلاب تنبح و توجه نباحها صوب السماء. فيما يبدو حديثي معها كانمؤثر و ملهم. و الدليل ان الكلاب فهمت و السعودية لم تفهم. لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet