الكلب صديق الإنسان وقد وصف في الأثر بأنه أوفى الحيوانات له وهو الكائن الوحيد غير الناطق الذي يستميت في سبيل الدفاع عن أصدقائه من البشر في حضورهم وأثناء غيابهم، ولذلك قال أحد الشعراء في مدح صديق له من بني جنسه بالقول: أنتَ كالكلب في حفاظك للودّ. وفي موقف آخر قيل عن الكلاب حين تكون خارج مواضع هذه الصداقة عبارة شهيرة لها مدعى خاص مفادها "الكلاب تنبح والقافلة تمشي" في إشارة إلى أن الكلاب قد تبدي وجهها الآخر ضد الإنسان وهو يسعى لمأرب ما فتبدو الكلاب في هذا الحيز كأنها تعترض أو تحتج وتعارض هذا المسعى. الأحاديث عن الكلاب كثيرة وقصصها لا تحصى عبر التاريخ وأهمها ما ورد في القرآن الكريم في سورة الكهف عن أصحابه وكلبهم وكذلك كلب مونيكا لوينسكي في البيت الأبيض الذي شاهد تفاصيل الإثارة مع كلينتون "غمزة". وفي ذات السياق جاد لنا الدهر حادثة جديدة بطلها كلب أهل المارينز الذي بدا بموقف غير محمود أثناء مداهمة قوات يمنية ومعها فرقة من قوات المارينز الأمريكي لخلية إرهابية بمحافظة شبوة لتحرير رهينتين محتجزتين لدى عناصر القاعدة والرهينتين من جنسيات غير عربية أحدهما أمريكي والآخر أفريقي، وقد وقعت الطامة بنباح الكلب البوليسي الذي رافق الفرقتين مما أدى إلى إفشال العملية بسبب تنبه الإرهابيين للنباح وعلى إثر ذلك قُتل الرهينتان ولولا نباح الكلب لتم تحريرهما دون مقتلهما. الحادث وتداعياته لم يكن مستغرباً سواءً جاء على رغبة ومرام الأمريكيين الذين سيجدون ضالتهم في مقتل أحد مواطنيهم في العميلة ليكون ذريعة جديدة وتعمل على تقوية تدخلهم في شؤون اليمن أم لا, لكن الغرابة تظل في حس الكلب المدرب الذي ربما يكون قد تم تدريبه على إصدار نباح بغية تنبيه الإرهابيين لتحويل الرهينتين إلى ضحايا وذلك يعني أن الكلب نبح هذه المرة وهو مع القافلة لا معترضاً لمسيرها هذا من جهة، ومن ثانية بدا الكلب صديقاً مزدوجاً للأمريكان وللإرهابيين في ذات الوقت وذات الموقف فقد أوفى بالغرض الذين يريده الأمريكان فقُتل الرهينة وقام بتنبيه الإرهابيين فقُتل منهم عدد أقل فيما لو لم ينبح..!! وبصرف النظر عن نية توجيه هذا الكلب السياسي يبرز سؤال هام من قبيل لماذا لا تنبح الكلاب المدللة التي في أحواش منازل المسئولين اليمنيين وفي بيوت الشخصيات ثقيلة العيار وهي ترى بأم عيونها دخول منتمين لجماعات إرهابية وشبكات اغتيالات إلى منازل هؤلاء المسئولين الذين تربطهم علاقة سرية بالإرهابيين، ولماذا لا تنبح حين تشاهد دخول منهوبات من المال العام ومن مقدرات الدولة وأجهزتها ومرافقها ومؤسساتها إلى داخل منازل غدت مليئة بأثاث وسيارات تخضع للملكية العامة. وشخصياً أسف لحال الوطن، فحتى الكلاب السياسية خانت صداقتها بالشعب وانقلبت على مواثيق هذه الصداقة التاريخية مع البشر ولا شك أن هذه الكلاب السياسية لا تختلف في سلوكها عن بعض السياسيين في اليمن فالكلاب أيضاً على أشكالها تقع.