ُلما دار الحديث عن الفساد وعن الفاسدين تتجه أصبع الاتهام الى الرجل؛ وتتراءى عند المتحدثين صورة رجل قابع في غرفه خلفيه ملبدة بسحب من دخان السجائر منهمك في أحد اركانها بفرز ورص وعد النقد من المال الحرام الذي كسبه من رشوة أو اختلاس أو عمولات البزنس !! الاعتقاد بأن النساء أقل فساداً من الرجال ، هو اعتقاد سائد عند كل الشعوب ، حتى عند الباحثين المختصين بظاهرة الفساد ومرد هذا الاعتقاد إلى اعتبارات كثيرة ، منها دون حصر : - المرأة هي الجنس اللطيف التي لا تجرؤ بطبيعتها على أن ترتكب جرائم فساد ، فهي الام الحنون التي لا يمكن أن تلحق الاذى بأفراد المجتمع واولهم اولادها الذين سيكونون أول ضحاياها فيما لو اشتهرت بالفساد فسوف يلحق بهم عار امهم وسوف يلاحقهم هذا العار في الشارع وفي الجامعة وفي مقر العمل ؛ و - المرأة ، في حال اُكتشفت وهي ترتكب جريمة فساد، تكون عرضة اكثر من الرجل للتنكيل والتعزير بها في المجتمع ، خصوصاً ان كانت تعيش في مجتمع ديمقراطي تنتشر فيه الثقافة الانسانية ويسود فيه مبدأ "الثواب والعقاب " ويحتكم المواطنون والمواطنات الى صناديق الاقتراع في السعي للحصول على مناصب سياسية رفيعة. وعلى ذكر الانتخابات سجل احد الصحفيين في احد مواقع الاقتراع هذه المقابلة : سأل أحد الناخبين عن رأيه في رجل مرشح نزية فقال : "توقعاتي عنه كانت صائبة "- ثم سؤل عن مرشحة امرأة تحمل الصفات نفسها من النزاهة التي يحملها الرجل فأجاب : " كان عليها أن تفعل أكثر من ذلك !!" حتى عند الاوربيين وفي مجتمعات الديمقراطية ، لازالت النظرة للمرأة التي تريد الدخول معترك السياسة نظرة " دونية" والعبء في اثبات نزاهتها وقدرتها اكبر من العبءالذي على الرجل ! وعلى اية حال ، الشعار المرفوع اليوم : "عدم التمييز في الجنس Gender" للتنافس على الوظيفة العامة ،بات جُزءاً من الحملة الواسعة "ضد الفساد " ؛ لأن هذا التمييز ينتهك "حيادية Impartiality" الوظيفة العامة التي لا تقتصر على الجنس وانما على اللون والدين والاهم أن لا يكون الانتهاك "لحيادية الوظيفة العامة " مقرفاً عندما تتم المفاضلة بين الموظفين وتميل هذه المفاضلة الى مزالق المحسوبية Patronage وتوظيف افراد العائلة Nepotism وهذه الظاهرة لوحظت عند النساء "المديرات Managers " ( اللواتي يترأسن مرافق عامة) اكثر منها عند الرجال المدراء ، لأنهن حسبما ذكرت دراسة ميدانية لجامعة امريكية ، يشعرن "بالرهبة " عندما يتعين في مناصب عليا لا تليق بهن ولا يتوقعن الوصول اليها ، فيشعرن بالطمأنينة عندما تمتلئ مكاتبهن بالأقارب وأفضلهم الانساب ( ازواج بناتهن ) على ايه حال الفكرة من وراء هذه الأطروحة هي : " هل المرأة أقل فساداً من الرجل في ميدان الوظيفة العامة " فلنبدأ بتصريح السيدة هيلن كلارك Helen Clark التي عملت لمدة تسع سنوات رئيسة للوزراء في نيوزيلاند ، قالت : " لم اجد دليلاً قاطعاً بأن النساء أقل فساداً من الرجال . النزاهة تُقاس بمعيار المجتمع ككل وليس بمعيار المرأة وحدها ؛ النساء فقط جديدات على المناصب العليا للسلطة العامة "! واصبحت كلارك أول امرأة تترأس "برنامج الاممالمتحدة للتنمية ( UNDP) وقد راجت في الولاياتالمتحدة الاميركية حكاية " مختلس مدينة ديكسونDixon Embezzler " لسنوات طويلة واهالي المدينة لا يعرفون من هو ذلك المختلس حتى افرجت سلطات مباحث المدينة عن اسمه فأصيب الاهالي بالذهول عندما عرفوا ان المجرم الشهير بلقب " مختلس ديكسون "هو "امرأة " وليس رجلاً واسمها "ريتا كروندولRita Crudwel "" ؛ فكلمة Embezzler تعني باللغة العربية " مختلس ومختلسه على السواء " لان اللغة الانجليزية لا تميز في الصفات بين الذكر والانثى "! لقد نُشرت دراسات جامعية اميركية واوروبية كثيرة حول النساء الاميركيات والاوروبيات الفاسدات لا يسمح حيز المقال بالتوسع في استعراضها "! "النساء يسرقن النساء هنا في السوق ، فهن وحدهن اللواتي يستخدمن وسائل مريبة في الاوزان والمقاييس " صرحت بها لافينا باندواLevinaBanduah المديرة التنفيذية للشفافية العالمية IT في سيراليون ! وفي يونيو 2015م أجريت دراسة ميدانية لجامعة الينويز Lllinois الامريكية على تسعة وعشرين موظفه فاسده واظهرت الدراسة بأن الساسة الرجال ليسوا وحدهم اللاعبون الأساسيون في ميدان الفساد ، فهذه " ساندي جاكسون Sandi Jackson- القاضية الإدارية Alderwoman في شيكاجو ( قاضية صلح ) مدانة بجريمة تزوير بيانات ضرائب Tax Returns ولمدة عشرين سنه ! وهذه بتي لورين Betty Loren رئيسة مدينة تشيشروCicero المتهمة بابتزاز الاموال بالتهديد Racketeering وبعمليات النصب على شبكات الاتصالات السلكية وسميت العملية Wire Fraud . وفي القارة العجوز "أوروبا " يستشري الفساد بين النساء الحزبيات بدرجة ملموسة وفي الغالب عضوات الاحزاب الاشتراكية ؛ اللواتي يستقوين باحزابهن ؛ فهذه الفاسدة الحزبية جورجينا دافواGeorgina Dufoix من الحزب الاشتراكي الفرنسي أثارت حفيظة وسائل الاعلام بتصريحاتها المتبجحة وهي خاضعه للمساءله القضائية بقولها ..." انا مسؤوله ولكني غير مذنبه .." والاخرى اديثكرسونEdith Cressonدافعت عن نفسها قائلة ... " لا علم لي بشي سوى مجرد اختلالات عامة ".. ثم تتراجع لتضيف " ربما كنت متهورة "!! والمليارديرة العجوز في الثمانين من عمرها من بلجيكا " مادلين داسوMadeleine Dassault " قدمت ثمانية مليون فرنك لابنها رئيس الحزب الاشتراكي الفلمندي " سرج داسوSerge " تحت غطاء دعم أعمال ابنها الحزبية ولكن التحقيقات اظهرت بان المبلغ كان عبارة عن "رشوة " مطلوب من ابنها (( يتراس شركة ايضاً )) دفعها للحصول على عقد " رافيل Rafale" البالغ قيمته مليار ومئتين مليون فرنك الخاص بشراء معدات عسكرية ! والفاسدة "التائبة" كرستين جونكور تفضح أمام القضاء الفرنسي "رونالد دوماس Dumos" رئيس المجلس الدستوري ((اشتهرت القضية باسم Dumos")) بأنه كان يعلم عن فسادها بممارستها نفودها الوظيفي لخدمة مؤسسه "الف Elf" وانه كان عالماً بمصادر الاموال السوداء التي حققتها في تلك الضغوط التي مارستها والتي بلغت سته وستين مليون فرانك خلال 89/1993م !! فماذا عن دولنا العربية ؟! - طغى فساد زوجة الرئيس التونسي السابق بن علي واسمها ليلى الطرابلسي على أخبار كل فسدة تونس فقد راكمت ثروة ضخمة من الذهب ووزعت اكبر المناصب العليا في تونس على أهلها من "الطرابلسيين "! - وصدرت في بغداد عن هيئة النزاهة العراقية نشره خاصة ب "بمختلسة بغداد وهي قاضية ابتدائية اختلست قرابة ملياري دينار عراقي مستغلة الاوضاع المأساوية التي تعيشها العراق( 2008-2013) وهي الان في السجن في محافظة كربلاء وقادت التحقيقات الى... " وجود العديد من الاختلاسات في مجموعة اضابير ودعاوى استملاك وازاله شيوع فضلاً عن اكتشاف صرف "القاضية المدانة " مبالغ الامانات الى اشخاص "وهميين " ليس لهم علاقة باضابير دعاوى الاستملاك وازاله الشيوع؛ بغية اختلاس تلك المبالغ..... الخ وقد صدرت عليها احكام سته وبأن لا يُخلى سبيلها بعد تنفيذ مدد الاحكام الستة حتى تعيد المبالغ المختلسة الى خزينة الدولة . وفي الاثناء تقدم عدد من الموظفين بشكاوى ضد المدانة بأنها الحقت بهم الضرر بسبب عدم صرف مستحقاتهم!! - اما في اليمن ، فقد كان الفساد فيها "جملاً" ف"أستنوق " – اي تحول الجمل الى ناقة بما معناه أن الفساد الى عهد قريب ( الى مطلع هذا القرن الحادي والعشرين) كان مقصوراً على الرجال ولكن دخول المرأة الى ميدان الفساد كان عنيفاً نافست فيه الرجال بقوة غير متوقعه متظللةبالأحداث الجارية في اليمن التي تصرف الانظار عنها ؛ فها هي واحدة في مؤسسه الكهرباء عدن ضُبطت متلبسه بالاختلاس وهي رهن التحقيق واخرى في صنعاء من العيار الثقيل تقترب اوصافها من اوصاف "قاضية كربلاء " فقد كانت "قاضية " مارست اثنائذٍ الفساد ولكن "على خفيف" ؛ اما وقد عُينت بعد القضاء رئيسة لمرفق عام حساس وفير الأموال ووضعت بجانب الصندوق Kitty من دون رقيب ولا حسيب فما كان عليها الا سحب عشرات الملايين منه ؛ وفي كل الاحوال هي الان تحت الرصد والمتابعة وعما قريب سيُكشف عن اسمها !! لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet