هي ابنة بيت طيب اصيل منذ قديم الزمان. أب خباز محترم و أم راعية رائعة ، و سبعة أخوة اشداء. كانوا اخوتها رجال بكل ما تحمل الكلمة من معنى. رجال يكدون في الأرض ، يزرعون ، يحرثون، يسقون، يجنون، يبيعون المحصول. كانوا سبعة رجال بمعنى كلمة رجال : يعيلون، يحمون، يقدرون. سبعة رجال يتحملون من اجل اسرتهم واختهم الوحيدة و نسائهم و اولادهم. كانوا سبعة رجال اشداء وجودهم ثروة ، وقوفهم عزوة و حمايتهم أمان. كانوا رجال قل ان يجد بمثلهم الزمان. عيبهم الوحيد كان هو انهم أميين و في الدهاء مساكين. كانت حياتهم - و اكرر كانت – لا تخلو من المعاناة و التعب لكن لطف الله كان يسترهم و بدفء العافية يدفئهم. اما هي فكانت الاخت الوحيدة . كانت جميلة ؟ لااا، بل مفرطة الجمال. خاصة و بنات الريف عادة نحيلات عبارة عن جلد يكسو عظام. كن شديدات السمار من هجير الشمس و لا بريق في اعينهن من طيلة الكد و العناء، اذا كن عبارة عن " مكائن" من حديد و مسامير اما هي فمدللة لا تخرج من البيت ، فقط تطبخ و يتغزل بها جميع اهل بيتها. اذا لمحها احد ظن ان لها عرق فارسي ، حيث ونحن اليمنيين - للأمانة – غير معروف عنا الجمال البتة! لا انفي - حاشى لله – عن ابناء و بنات اليمن الجمال ، لكنني فقط اقول ان الغالبية من الشعب بإناثنا و ذكورنا ما شاء الله "غطي". هناك قلة ساحرة ، عدد متوسط مقبولي الشكل و غالبية عظمى مخاصمة الجمال .اما هي ، هذه الفتاة ، فهي في قريتها او في صنعاء او حتى في باريس اشبه ما تكون ب " تحفة"! كانت قوة و سطوع جمالها يجعلها تشتهي ان ترى تأثيره و وقعه على الشباب. فقد كانت ترى تأثيره و وقعه على والديها و اخوتها السبعة جلية. خلقها الله سبحانه و تعالى من شدة سحرها كأنها في السحر جنية ، و للأسف لأنها قروية و تربية كهوف شبت فانتهجت الجهل منهجا ، وكانت غبية! يتردد ابويها على صنعاء العاصمة لبيع المحصول برفقة اخوتها السبعة الشداد ، يتزاحمون في الهيلوكس. معظم الأحيان كانت زيارتهم لصنعاء من اجل بيع الحصاد ،احيانا يزورون صنعاء لأخذ الأم للطبيب. احيانا يأخذون نساءهم ليكتسين هن و الصغار في عيد. المهم انهم كانوا يترددون على صنعاء بشكل دوري. كانت كلما خرجوا كلهم بكلبهم و الراعي تتظاهر بالصداع و الاعياء مع انها فقط تكنس ، و تمثل الهلع من ان تسرق شمس صنعاء بياضها. فيتركها الجميع وحيدة مع البصير ، العليم السميع. كانت كلما خرجوا فكرت بالخروج. تريد ان ترى تأثير جمالها على العيون. في قريتها الكل يعرف عنها الجمال ، لذا قررت ان تمشي الى القرية المجاورة ، قريبة جدا من قريتها. تكحلت، وضعت من تحت مخدة أمها أحمر شفاه و ارتدت لثامها و فوق رأسها وضعت ضلول الراعيات وخرجت. ما ان وصلت الى الحدود ، حتى نزعت الضلول و القفازين. فكت اللثام و لفته حول رأسها حجاب. اظهرت من اسفله خصلات شعرها الطويلة. رفعت كمي ثوبها حتى ظهر بياض ساعدها ، و الأساور الفضة في معصميها. دخلت القرية المجاورة. تمشي بغنج ودلال. هي ليست بنت قليلة أدب هي فقط غبية. سرعان ما تجمع خلفها شباب القرية غير مصدقين ما تراه اعينهم من فتنة و رقة و دلال. يسألها احدهم :-" بنت من انتِ؟" ويسألها آخر:- " أين بيتكم؟" لا ترد. حاول اكثر الشباب جرأة ان يجذب طرف حجابها لكنها وفي سرعة الغزال فرت ضاحكة. وصلت الحدود تاركة الشباب في حالة ذهول. اعادت لف لثامها ، انزلت اكمامها. وضعت يديها في القفازين و ركضت حتى دخلت قريتها، عادت بيتها. طبخت الدجاجة و الهريش. ضربت الحلبة بأناملها الذهبية. استرجعت ضاحكة احداث الرحلة في القرية المجاورة قائلة لنفسها" كانت مغامرة مسلية. في المرة القادمة سأتحداهم اكثر." الزيارة التالية لصنعاء كانت امها تعاني من مشاكل صحية. لا تمشي باتزان. طلب منها اخوتها ان ترافقهم لكي تمسك بكتفي امها وتمشي معها الهوينى .غير انها سارعت بتمثيل الدور حيث ترنحت وهوت ، تشتكي من دوار وصداع . تركوها و راحوا. كانوا قد اعتادوا. ان يغضوا الطرف عنها و تلك كانت غلطتهم المريعة. او لعلها كانت مؤامرة، غربلتها عبارة عن محكمة و قضية!! بنت حلوة و غبية لما تركتم لها الحرية؟ بمجرد خروجهم اكتحلت و اسدلت شعرها البديع ، واضعة خلف اذنها وردة لها رائحة عطرية. مشطت شعرها لأنها كانت قد نوت ان تترك لشعرها العنان ليبان امامهم في كامل الحرية. وصلت حدود القرية المجاورة. فكت لثامها. رأها شاب كان ينتظرها، ارتمى امامها متوسلا :- " اين غبتِ؟ اين تبخرتي؟ هل كنت مسافرة؟" لم تجب هذه الغبية الماكرة. توسل اليها ان تقف و تحدثه رفضت و هي تتمايل و تبتعد. لحق بها. اشتم رائحة العطر تفوح منها. اراد ان يوقفها فسبقها و وقف جانبا مادا قدما امامها فتعثرت بقدمه و سقطت على الأرض و تعفر وجهها المخمل بالتراب. حاول ان يساعدها على القيام من الأرض. نفضت يده فوق ظهرها. شتمته! فشتمها. حاول جرها بالغصب نحو جذع شجرة. تملصت منه كما تتملص من الفارس المهرة. لحق بها غاضبا. امسكها بعنف و بحبل كتفها و ربطها الى جذع الشجرة قائلا :- " لا اطلق سراحك حتى تخبرينني ابنة من انتِ؟ اين بيتكم؟" لا تجيب. كانت تبكي. اقترب منها مصلوبة على الشجرة. فغرزت اظافر يدها في لحم معصمه حتى سالت الدماء. لعنها واخذ يتآوه من الألم. زحزحت ظهرها يمينا و شمالا في جذع الشجرة حتى ارتخى الحبل و قفزت من حلقاته و ركضت كالغزال في شبكة حين يخرج من الفخ. ركضت تعدو مثل أي غزال حرة. اسمحي لي يا جميلة. ان الومك ، لماذا تتحرشين بالشباب و انتِ بنت فقيرة منكسرة؟ لا تصدقي من اوهمك انك بجمالك اصبحتِ أميرة. كانت تركض و تسترق النظر الى الخلف حيث تجمع الناس حول الشاب النازف معصمه ، يتآوه و ينذرون متوعدين الانتقام. وصلت الحدود لاهثة. ارتدت اللثام و القفازين و ركضت الى بيتها في حالة رعب و اعياء. اشتدت رغبتها في الانتقام فذهبت الليلة التالية. انتِ يا غبية ، يا حلوة كنتِ البادئة؟ لماذا تتحرشين بالشباب في اراضيهم؟ ماذا تريدين منهم ؟ لا هم سيكتفون بمغازلتك و لا انتِ ستقبلين بما يرضيهم. فماذا اردتِ منهم؟ كنتِ عتخلي لنا حالنا ،وتخلي لهم حالهم. جني بزك و لا تنسي ما تبزيهم! ذهبت ليلا ، و الناس نيام. اخوتها السبعة لمحوها و تجاهلوها. كانوا تحت تأثير القات. وصلت الحدود ليلا و لم تخاف. وجدت الشاب منتظر متأهب للانقضاض. امسك بها و طوقها بذراعيه وعضت هي اصابعه وزنده. تضاربوا مضرابة " كلاب".... لحد كذا تمام التمام. لكن ما حدث لاحقا هو المحزن. تحملنا نحن الطيبين المساكين خطايا اللئام. عادت البنت الى بيتها وفي وجهها خدوش و في كتفه رضوض وسارعت بالاختباء في فراشها. ليلا سمعت قريتها كلها صوت رعد و ضوت القرية من برق. خرج رجال القرية يستطلعون الوضع. اتضح ان الأرض يابسة. اكتشفوا ان صوت الرعود كان قصف من القرية المجاورة. بدأوا يتبادلون النيران. الكل يتساءل ماذا حدث؟ من كدر الصفو بين الجيران؟ لم يعلم احد ماذا فعلت الفتاة الا اخوتها السبعة الحمقى البلهاء. سكتوا عن مناوراتها حتى تفجرت في قريتهم مواجهات مسلحة. جاء رجال القرية المجاورة و عرضوا على رجال قرية البنت معصم الشاب وآثار اضافر الفتاة و طلبوا القصاص. انكر اهل قرية الفتاة ان لديهم أي فتيات يتسللن الى قريتهم ليلا. فتياتنا هن ربات الصون و العفاف. وصف الشاب ما كانت الفتاة ترتديه. طلبوا من رجال قرية الفتاة ان يدخل كلا الى بيته ليفتش بين ثياب نساءهم و بناتهم اذا كان هناك ثياب بهذه المواصفات. طبعا اخوة البنت وجدوا الثياب. لكن بدلا من ضربها وتكسير عظمها ، خرجوا ليقولوا مثل سائر رجال القرية انهم لم يجدوا بهذه المواصفات أي ثياب، و ان الشاب الشاكي يتجنى على بناتهم و شرف القرية. اشتبك الرجال بالأيدي و بالرصاص. مات من مات. و مات من عاش. اما الفتاة؟ لن تصدق يا قارئي ما فعلته الفتاة ، كانت تخرج بين الجموع المشتبكة لترمي اعداءها بحصى صغيرة ،واحيانا كانت تبصق! انظري ماذا نتج عن فعلك و الأن تبصقين بصقة؟ ماذا سيفيد البصق ، و الحصى ؟ تسببتِ في ان يكون حول كل فتاة من فتيات قريتك شبهة. تلاحقهن جميعا تهمة البغاء ، و يا لها من تهمة! الأن بعد ان دنستِ تاريخ شرف القرية ، و لوثتي سمعة بناتها تعالجين الأمر " ببصقة"؟! هذا كل ما لديك؟ هذا كل ما تستطيعين فعله؟ والله انها فعلة و أي فعلة؟ بعد ذلك بدأت القرية المجاورة ترسل شباب ليلا ، يقتحمون البيوت و ينتهكون عرض البنات و النساء بينما يتظاهر الاخوة السبعة وكذلك اختهم بالغفوة! ناموا يا حبايبي ناموا... كنتم السبب في توريط قريتنا في هذه الحرب. اختكم الحقيرة ، بعد سفك الدماء ، ترسل حبيبات حصى بربلة. ما عساها تفعل الربلة؟ كنتِ ، و لا زلتِ مجرد سبلة. و بين نساء و بنات قريتنا... لا تساوي بصلة! و مرة ثانية كل واحد يخلي باله من بناته ، لا نريد أي مناورات انثوية اخرى ، فنتائجها علينا تفصيلا و علينا كلنا بالجملة. - http://www.salwa-aleryani.com/ لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet