ان أفضل ترجمة للكيفية التي جرى بها تطبيق سياسة حافة الهاوية، على المستوى المخصوص او الشخصي هو ما جاء في كتاب (الرجل الصغير) لفيلهلمرايش(لإنقاذ نفسه يلجأ المُضْطَهَد الى الأوغاد أنفسهم مضحيا بكرامته، وان لم يذعن لهم فسوف يجني على نفسه، سوف يعاني المشقة والعوز، سوف لن يجد مكانا يليق به) القول الذي عبر عنه بكثافة إبداعية فائقة (الجمال) والمعنى يوسف الصائغ في قصيدته الملحمة (اما كانَ يمكن) عندما قال: حسنا.. ها انا واقف فوق أنقاض عمري اقيس المسافة ما بين غرفة نومي وقبري واهمسُ وآأسفاه لقد وهن العظمُ واشتعل الرأسُ واسودت الروح من فرط ما اتسخت بالنفاق سلامٌ على هضبات الهوى سلامُ على هضبات العراق ..... باكيا وهو يقولُ: ترى أما كان يمكن إلا الذي كان ما كان إلا الذي سوف يكون كأن لا مناص، سوى ان تُخانَ على صدق حبك، يا صاحبي، او تخون ... وصولا الى ان يقول: ألا أيها الراهب الابدي الجريح، أما آن ان تستريح! وتدرك أنك لست المسيح وأن الطريق الى (الجلجلة) لم يعد معضلة ولكنه في زمان كهذا الزمان غدا مهزلة ومحض جنون ... متسائلا بانكسار البطريق يقول: ومم ترى يشتكون! فما زلت اذكر انا مشينا وحيدين نبحثُ عن فندق للعناق وحين وجدنا الشوارع مهجورة والفنادق ممنوعة على العاشقين اخترعنا الفراق سلام على هضبات زمان مضى، سلام على هضبات العراق يومها، كان للحب بيتُ صغير يعود اليه في المساء ولم يكن الحزن قد بلغ الرشد والخوف، ما كان قد أفسد الكبرياء ولم يكن الشهداء يموتون من قرف او رياء .... وصولا الى ان يجد نفسه على شفير الهاوية فنقرا في نفس القصيدة وكأننا نشاهد بطل تراجيدي يتهالك: ابدا كان يمشي الى الموت مكتفيا بمحض رجولته وبزهو الدموع التي في عيون الحبيبة وحين دنت ساعة المجد غالبه الحب فانحنى خاشعا وقبل جلاده وصليبة .... وكأن عليّ، وانا في معرض هذا التناول من حافة الهاوية، ان اكرر ما أوردته لفيلهلمرايش الوارد في كتابه الموسوم بالرجل الصغير (لإنقاذ نفسه يلجأ المُضْطَهَد الى الأوغاد أنفسهم مضحيا بكرامته، وان لم يذعن لهم فسوف يجني على نفسه، سوف يعاني المشقة والعوز، سوف لن يجد مكانا يليق به) كارثة الكوارث في سياسة حافة الهاوية هي لحظة بدأت الأجهزة الصغيرة (او تلك التي تصاغرت الى حد الدناءة) تطبيقها على خصوم سياسيين للدكتاتور (الأخ الأكبر) والذي أصبح يوظف جهاز الدولة برمته لخدمته! اتذكر باننا في سبعينيات القرن الماضي كنا نناقش مسالة الدولة والسلطة بل والقمع نفسه وأتذكر بانه صدر عنا ما معناه باننا لسنا ضد ان يكون للدولة جهازها القمعي من قبيل ما قد بات معروفا. قلنا في حينه نحن ضد ان يتم تجيِر جهاز دولة لصالح (الأخ الكبر) وهذا كل ما في الامر، سوى ذلك فقد كنا نعي كماركسيين بان الدولة بكلها عبارة عن أداة قهر اكانت بأيدنا او بيد خصومنا مع فرق موضوع القهر ومضمونه قبل ان نعي بان القهر هو القهر ومع فرق جوهري آخر هو اننا كنا نعي وننبه وندعو الى انه لا يجب ان تكف الدولة ولو للحظة واحدة عن تأدية مهامها ك(دولة) أولا! لا كمجرد أداة بيد المسيطر في حقول الاقتصاد والاجتماع والسياسة الى درجة الهيمنة بإمساكه بجهازها محولا تلك المهام، التي هي عامة بطبيعتها، او اختزالها خدمة (الأخ الأكبر) ولقد مر وقت ليس بالقصير مع اثمان باهضه دُفِعَت لنعرف بان الدولة، حتى في تعريفها الماركسي، هي الدولة وبان (الأخ الأكبر) تاريخيا: مجرد اكل وشًرب وقمع وقهر وخرا، وهو الامر الذي يعيدنا الى عنوان هذا التناول (حافة الهاوية) وبالتحديد الى اخطر مناطق تطبيقه سياسة حافة الهاوية، اقصد وقت تُختزل كاستراتيجية كونية، كما بدأت، الى حيث أصبحت على يد (الأخ الأكبر) آلية لتصفية الحساب مع خصوم شخصيين مستمدا ارثا ليس عاديا من ارث الدولة والقهر ومستخدما من الأدوات والأساليب ما لا يستطيع أي كان وصفها من زاوية فعّاليتها وقدرتها على الفتك والتنكيل بالضحية. وعودا على بدءِ: سياسة حافة الهاوية تأسست على أساس من مخرجات العالمية الثانية بما صاحبها من اختراع وسائل الفتك كي تجنب البشرية مخاطر استمرار نشدان السيطرة بالحرب! الحرب التي باتت تهدد الحياة البشرية برمتها مع تطور أسلحة الحرب، يدخل في ذلك اكتشاف واستخدام اسلحة الدمار الشامل، تطور أسلحة الدمار التي تطورت بشكل مهول وصولا الى انتاج واستخدام أسلحة الدمار الشامل النووية جعل من استخدامها يتضمن تهديد العمران برمته بل الحياة على كوكب الأرض برمتها. والى هنا يبدُ ان الامر مفهوما قبل ان تؤل الى سياسية، بكل أدوات ووسائل الحرب، يستخدمها (الأخ الأكبر) حتى مع خصم سياسي كل حيلته هو ان صاحب راي مغاير! لمتابعة قناة التغيير نت على تيلجيرام https://telegram.me/altagheernet