تتلاشى ثقة العالم في منظومة الأممالمتحدة وبدأت معظم دول العالم في تشكيل منظومات اقليمية لتتجاوز منظومة الاممالمتحدة الذي اصبحت في تصور شعوب العالم منظومة ضعيفة لا تأثير لها وما حصل مؤخراً من اعلان امين عام الاممالمتحدة في الشهر السابع من عامنا هذا 2018م بقائمة طويلة للدول الذي لم تسدد اشتراكاتها للامم المتحدة هذا الى جوار اخفاق الاممالمتحدة في جمع التمويل المطلوب لكثير من خطط الاستجابة الانسانية في العالم ومنها اليمن وسوريا وغيرها من المناطق في العالم الذي تحتاج الى تنفيذ خطط استجابة انسانية مستعجلة وطارئة لتقديم اغاثة ومساعدة انسانية تنقذ حياة الكثير من البشر المهددين بالموت والذي تتكفل منظمات الاممالمتحدة الانسانية بتقديمها كما يلاحظ مدى السخط الشعبي والمجتمعي لشعوب العالم ضد الاممالمتحدة ووكالاتها واكبر مؤشر على ذلك هو السياجات وقوالب الاسمنت العملاقة الذي تحيط بمكاتب الاممالمتحدة في العالم خشية استهدافها هذا الخوف سببة ضعف الثقة بين الاممالمتحدة وشعوب العالم الذي لو تحققت الثقة بينهم لتحولت شعوب العالم الى سياجات بشرية تحمي الاممالمتحدة ووكالاتها ولن يتحقق اي اعتداء عليها وبالرغم من ذلك لم تقوم الاممالمتحدة باعادة النظر في اليات عملها لتكون قريبة من الشعوب لتستعيد ثقتها المهزوزة فيها . الجميع يتسائل لماذا فقدت الاممالمتحدة ثقة العالم ؟ للاجابة على هذا التساؤل نوجز اهم الاسباب في التالي : 1. اخفاق الاممالمتحدة في تحقيق اهداف انشاؤها وهو اطفاء وانهاء الحروب في العالم والذي نص عليه ميثاق تأسيس الأممالمتحدة حتى ان معظم شعوب العالم وانظمته السياسية وصلت الى قناعة شبه كامله بان الاممالمتحدة لم توقف اي حرب ولم تقم بواجبها القانوني والانساني لايقاف الحروب الذي تعتبر اهم اسباب انتهاكات حقوق الانسان في العالم بالرغم من وجود الصلاحيات والامكانيات والفرص لتوقف الحروب في العالم ولكن جميع ملفات الحروب فشلت منظومة الاممالمتحدة فيى توقيف طاحونة الحروب ولم تنجح حتى في انسنة الحروب وتطبيق القانون الدولي الانساني للحد من انتهاكات حقوق الانسان اثناء الحروب وتتحول جميع الحروب الى اوراق ضغط ومفاوضات للدول العظمى على حساب الدول الضعيفة الذي تدفع شعوبها ضريبة كبيرة من ضحايا الحروب التي تسفك دماؤهم بلاتوقف وتحولت الى ميدان يتصارع فيها العظماء ويتساقط ضحيتها الضعفاء والاممالمتحدة تصمت ولاتتحرك 2. الفساد : يعتبر من ضمن اهم اسباب فقدان الاممالمتحدة لثقة العالم فيها هو الفساد المالي والاداري الذي ينخر معظم منظمات ووكالات الاممالمتحدة والذي لم تقم الاممالمتحدة بتفعيل الدور الرقابي على جميع عمليات منظماتها ووكالتها ومحاسبة اي فاسد تثبت التحقيقات تورطهم فيها والذي نؤكد بوجود فساد كبير في عمل منظمات ووكالات الاممالمتحدة واكبر دليل هو اخفاقها وفشلها في ادارة الملفات السياسية والانسانية في جميع مناطق العالم والذي يرجع اهم اسباب ذلك الاخفاق والفشل الى الفساد وبامكان الاممالمتحدة تفعيل الدور الرقابي بقوة ومحاسبة جميع من يتورط بفساد بلاتمييز ولا استثناء وهذا سيكون له مردود ايجابي في استعادة ثقة العالم فيها . 3. غياب التقييم والمراجعة : بالرغم من الاخفاقات الكبيرة للامم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها ولكن للاسف الشديد انها لم تتوقف وتراجع نفسها ومازالت تكرر نفس الاخطاء وتحقق نفس النتائج والاخفاقات وكأنه عناد الأفضل ان يتم تفعيل اليات المراجعة والتقييم الدوري والمستمر في جميع مفاصل الاممالمتحدة وتصحيح اي اخطاء او انحرافات قبل استفحالها . 4. عقدة المنتصر في الحرب مازالت الاممالمتحدة منذ انشاؤها في النصف الأول من القرن الماضي وحتى الان لم تتجاوز عقدة سيطرة الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية على قيادة الاممالمتحدة بسيطرة الدول الخمس المنتصرة ( امريكا – بريطانيا – الصين – روسيا – فرنسا ) على مجلس الامن الدولي القائد والمسيطر فعلياً على جميع قرارات الاممالمتحدة والذي اوضح احد الاصدقاء الذي كانوا يشغلون منصب هام في اجهزة الاممالمتحدة بان مجلس الامن الدولي وخصوصاً الدول الخمس دائمة العضوية ومن تملك حق الفيتو والاعتراض هي القيادة الحقيقية للامم المتحدة وان جميع الاجهزة والوكالات والمنظمات التابعة للامم المتحدة ماهي الا ادارات تحت قيادة مجلس الامن وجميع منتسبيها هم فقط موظفين لديه يأتمرون بأمر مجلس الامن بلا حدود . بالرغم من ظهور دول وقوى عالمية عملاقة ولكن الاممالمتحدة مازالت جاثمة في الارث التاريخي لها ومازالت تجثم وتسيطر عليها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية وتم تداول ضم دول اخرى ضمن عضوية مجلس الام الدائمة ولكن كانت تلك الجهود تتوقف ويتمسك المنتصرين في الحرب على احقيتهم في قيادة الاممالمتحدة وهذا يعتبر موقف خاطيء فمن غير المعقول من يسيطر على الاممالمتحدة بصفته منتصر في حرب بان يكون صانع سلام بل على العكس سيكون صانع حروب لان الحرب هي من منحته الافضلية على الاخرين ويستوجب على الاممالمتحدة مراجعة هذه العقدة وتجاوزها وفتح باب الاممالمتحدة امام جميع دول العالم بالتساوي دون تمييز وان يكون عملها مهني انساني يصنع السلام ويطور العالم والبشرية بالتنمية والسلام لا ان يدمرها بالحرب والعدوان . 5. عدم الاندماج المجتمعي: تعاني الاممالمتحدة ووكالاتها من الانزواء في جميع دول العالم وعدم قبول شعوب العالم بها بسبب ان الاممالمتحدة لم تقبل شعوب العالم بثقافته المتعددة حيث مازالت الاممالمتحدة تفرض ثقافة دول الاستعمار على جميع شعوب العالم ولم تقبل ثقافة الشعوب ولاتحترمها حيث مازالت الاممالمتحدة تفرض وبقوة اللغة الانجليزية كلغة رسمية متداولة في جميع مفاصل الاممالمتحدة وجميع فروعها في جميع دول العالم وفي تقاريرها ودراساتها . وهذا التصرف الخاطيء جعل الاممالمتحدة كنتونات منعزلة في دول العالم وجسد بارد لايتفاعل مع محيطة المجتمعي وتعتبر الاممالمتحدة ومنظومتها من كوكب اخر غير كوكب الارض فلا تستمع لانين المظلومين ولا صياح الجائعين والمكلومين لانها لم تندمج بايجابية في المجتمعات من المفترض ان تغير الاممالمتحدة تصرفاتها الرعناء وتحترم ثقافات العالم وان لا تستمر في فرض اللغة الانجليزية في جميع مفاصلها ومكاتبها وكانها فقط قفاز ناعم لاستعمار جديد تحت غطاء الاممالمتحدة يستلزم اندماج الاممالمتحدة في جميع دول العالم وتحترم ثقافة ولغة هذه الشعوب وتقوم بجهود ايجابية لترجمة جميع تقاريرها ودراستها وتلزم جميع موظفيها بالتعامل بلغة شعوب العالم لا ان تفرض لغة محددة او ثقافة محددة وان يتم معاملة جميع اللغات والثقافات بشكل متساوي بلا تمييز ولا استثناء . 6. غياب مفهوم الاولويات معظم وكالات الاممالمتحدة في العالم تدخل في صراع شديد مع جميع شعوب العالم في تنفيذ انشطتها بسبب ان الاممالمتحدة لم تستطيع معرفة اولويات واحتياجات هذه الشعوب وتحاول الاممالمتحدة فرض اولوياتها على تلك الشعوب وهذا تصرف خاطيء يعزز من ممانعة الشعوب لها وبدلاً من احتضانها يتم طردها وتصبح غير مرغوبة في تواجدها في معظم دول العالم كما انه يلاحظ ان الاممالمتحدة تشتغل في جميع دول العالم بنسق واحد وباولويات محددة يتم تكرراها بنفس الالية في جميع دول العالم وهذا خطأ جسيم لكل شعب في العالم ثقافته واولوياته بحسب ظروفة واهمية تلك الاحتياج له ويعتبر التعميم خطأ تستمر الاممالمتحدة في ارتكابه وتستمر هذه الاخطاء في توحيد اليات التعامل وتنفيذ الانشطة والمشاريع بشكل موحد في جميع دول العالم دون اي ابداع او تحسين او تطوير او مراعاة لاي متغيرات او اختلاف في الثقافات والاهتمامات . 7. غياب الشفافية الكاملة معظم برامج ومشاريع الاممالمتحدة يلفها الغموض والسرية والكتمان بالرغم من كلامهم المستمر على اهمية الشفافية ولكنها لاتحققها في نفسها وتظل معظم البيانات والمعلومات عن جميع برامجها واعمالها طي السرية والكتمان ويفترض ان تنشر الاممالمتحدة جميع التفاصيل الدقيقة عن مهامها وانشطتها ومواردها ومصارفها بلغة الشعوب التي تعمل فيها ليعرف الجميع اين نجحت واين اخفقت لان عدم الشفافية لاتحقق اي تقييم مهني لها وتؤدي الى استمرارية الاختلالات والاخطاء لعدم عرفة العالم بها . 8. التوزيع غير العادل لموظفيها معظم موظفي الاممالمتحدة ينحصرون في دول محددة لاتتجاوز اصابع اليد الواحدة من اصغر موظفيها وحتى قياداتها واداراتها وهذا خطأ جسيم يكرس النظرة التمييزة للامم المتحدة يستوجب اعادة النظر في اليات الاستيعاب والتوظيف لتشمل جميع دول العالم وجميع الثقافات وبحجم متوازن للجميع واتاحة فرص الالتحاق بالاممالمتحدة لجميع شعوب العالم على قدم المساواة حتى تصبح الاممالمتحدة منظومة دولية من جميع العالم ولجميع شعوب العالم استمرارية انحصار كوادر وموظفي الاممالمتحدة في زاوية واحدة في العالم يفقد ثقة العالم فيها ويؤكد عقدة النتصرين في الحرب والنظرية الاستعمارية الخاطئة . 9. ارتفاع النفقات الشتغيلية وغياب الجودة والانجاز تورتفع باستمرار فاتورة نفقات الاممالمتحدة لتبتلع نسبة كبيرة من ايراداتها كنفقات تشغيلية كان بالامكان تخفيضها واعادتها لتصب في دفع قيمة كسرة خبز لشعب جائع لحبة دواء لانسان يعاني من وجع المرض لانسان محتاج للغوث والمساعدة دون مرور تلك الاغاثة والمساعدات الانسانية في ماكينه الاممالمتحدة الحالية التي تكلف الكثير من الاموال دون الاهتمام بجودة العمل وتحقيق الاهداف والانجاز وكان الاممالمتحدة فقط منشار لا وسلية بناء وتطوير ونماء. وفي الأخير : نؤكد على أهمية دور الاممالمتحدة كمنظومة عالمية تسعى لتحقيق السلام وتعزيز مباديء حقوق الانسان في العالم والذي فقدت الكثير من ثقة شعوب العالم بسبب الاخطاء التي رافقت مسيرتها منذ انشاؤها حتى الان تلك الاخطاء اتاحت مساحات كبيرة لاشعال الحروب في العالم وارتفاع انتهاكات حقوق الانسان وتوسعت قناعة شعوب العالم بعدم جدوى الاممالمتحدة فمصروفاتها ونفقاتها كبيرة وثمارها وانجازاتها ضعيفة . وندعوا الاممالمتحدة الى وقفة جادة وتقييم شامل لعملها في جميع دول العالم وتشخيص اسباب رفض العالم لها وتلاشي ثقتهم فيها ومنها ما اوردناه في مقالنا هذا كوننا مازلنا نامل خيراً فيها وذلك لن يتحقق الا بمراجعة دقيقة وشاملة لجميع تصرفاتها وبالتقييم الجاد والذي سيظهر اخطاء وملاحظات تسببت في اخفاق الاممالمتحدة في تحقيق اهدافها واهمها ايقاف الحروب وتحقيق السلام وتقديم العون والمساعدة للمظلومين في العالم . واتمنى من امين عام الاممالمتحدة وكل شخص يعمل فيها ان يبدأ اليوم قبل غداً بتشخيص اختلالاتها ومعالجتها واول خطواتها هي ان يسأل نفسة هذا السؤال ويبحث بالحاح عن اجابته وهو لماذا تفقد الأممالمتحدة ثقة العالم ؟