لا أدري شأن بعض المسلمين يجهد نفسه في البحث عن قضايا الابتهاج بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ليثبت أنها غير مندرجة في قائمة المباحات والمستحبات بل ويحارب من يرى في الفكرة تذكيرا بهذه الشخصية العظيمة التي منحت الشعوب الإسلامية العزة والكرامة والايمان بل يعتبر مشروعيتها ضلال وانحراف وشبهة ..ويدلل على ذلك بعدم ورودها أو ممارستها في زمن النبي الكريم وصحابته الأخيار وليس لدي مايبرر لهم اجحافهم بحق النبي إلا نوايا غير واضحة المعالم ترمي إلى طمس المعالم الروحية لدى المسلمين الذين يعتبرون الرسول الكريم قائدهم وقدوتهم وحبيبهم إن الوهج النبوي متجذر في قلوب محبيه وليست الذكرى المتوقتة في زمن معين إلا للوصول إلى ذروة هذا الوهج حين تتجانس الارواح بالاستئناس الجماعي وبالفترة المحددة له في خضم هذه الظروف العصيبة المحيطة بحياة المسلمين فلم تترك لهم فرصة أُنس يتذكر فيها حبيبه النبي ويصلي عليه فتأتي هذه الذكرى العطرة لتعمل في القلب رقة وحناناًواستئناساً لايخالط هذه القلوب المغلقة التي لاتحركها نسائم الشوق للمحبوب فينكر على الناس استشعار قلوبهم وسكينة أرواحهم ثم ان الصحابة الكرام لم يحتاجوا لذكرى حياته لأنه حاضر بين ظهرانيهم فيجد الواحد في نفسه الوحشة اذا مارآه على مدار اليوم ويأتي من يلبس علينا خلجات انفسنا ويجتهد نفسه في انكار ذلك ثم ان ذكرى مولده لاتعني التاريخ الذي ولد فيه انما تعني... إنما يعني ذكراه الحالة برمتها والتي أدت إلى الانقلاب في أغلب النظم الاخلاقية التي نشرها النبي الكريم بين الناس فأخذت العزة مكان الذل والتميز مكان التشرذم والحلم مكان الجاهلية والعلم مكان الجهل والوحدة مكان التفرقة ...واخيرا الإيمان مكان الكفر وانا هنا اتكلم عن ذوي البصائر القلبية ...لا عن ذوي البصر المحدد بالعيون..... كل هذا وياتي من يحاول فك عرى الألفة بين المسلمين ونبيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم طبعا سيدي الكريم لان الاصل في العبادات المنع فلا يُعبد الله الا بما شرع وهذه الاحتفالات ليست من امور العادات بل هي من العبادات التي يتقرب فاعلها بها الى الله . هناك فرق بين العادة والعبادة فالعبادة تحتاج لدليل لأن الأصل فيها الإثبات وأما العادات فليست بحاجة لدليل لأن الأصل في أمور الدنيا الإباحة مالم يكن هناك دليل على تحريمها. ولن أضرب مثالا على استعمال التقنيات الحديثة كالسيارات والجوالات ووسائل البناء وغيرها لكنني أضرب مثالاً بأننا نقيم احتفالات بتخريج حفظة القرآن الكريم أو بتخريج طلبة العلوم الشرعية أو الكونية وقد يتخذ يوماً محددا من كل عام وقد لا يلتزم بيوم محدد فهل نقول إن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم لم يحتفلوا بحفظة القرآن ولذلك لا يجوز أن نحتفل بهم؟عليك منا سلام الله يا أباالقاسم مابقي الليل والنهار والمحتفل تغلب عاطفته اتباعه . فالفلاح والنجاح بالاتباع . هدانا الله جميعا لما اختلف فيه من الحق بإذنه فإن كنا نرى أن الاحتفال بهم عبادة فقد ابتدعنا وإن كنا نراه عادة فلسنا مطالبين بالدليل على عمل العادات.. * المحامية والمستشارة القانونية [email protected]