تكتظ السجون بسجناء انتهت فترة العقوبة المحكوم بها عليهم ويستمر احتجازهم على ذمة الحقوق الخاصة وهذا مخالفه جسيمة لنصوص القانون الذي تنص على وجوبية الافراج عن السجناء بعد انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها عليهم . وبذلك يتحول احتجاز المحكوم عليهم بعد انتهاء العقوبة المحكوم بها جريمة حجز حرية يعاقب مرتكبيها بالحبس وتضاعف العقوبة لأن القائمين على استمرار الاحتجاز جهات رسميه . كثر الكلام والطرح والاجتهادات حول هذا الموضوع وكلما يتم اثاره هذا الموضوع تعقد الاجتماعات وورشات العمل ويتوافق الجميع على معالجة هذا الملف الهام ولكن عند التنفيذ يتوقف كل شيء ويتم ترحيل المشكلة من عام الى اخر بلامعالجة . قبل حوالي عام عقدت مؤسسة السجين الوطنية ورشة عمل بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الانسان بعنوان مشروعية احتجاز السجناء المعسرين بعد انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها وشاركت جميع الجهات ذات العلاقة الأمنية والقضائية وخرجت الورشة بتوصيات هامه جداً والتزم الجميع بتنفيذها ولازلت اتذكر تصريح النائب العام الذي كان حاضر الورشة والذي وعد بان يكون عام 2017م اخر عام يستمر احتجاز سجناء بعد انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها بما فيهم السجناء على ذمة حقوق خاصة باعتبار احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة مخالفة للقانون ( سجناء خارج اطار القانون ) واستمرت مؤسسة السجين الوطنية في متابعة توصيات الورشة وخرج بعض السجناء وعقد مجلس القضاء الاعلى عدة اجتماعات خصصت لمعالجة موضوع السجناء على ذمة حقوق خاصة ولكن ؟ توقفت تلك الجهود عند اليات واجتهادات مخالفة للقانون وشرعنت لاستمرار احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة تحت مبرر الضمانات وغيرها وبالمخالفة لنصوص القانون الذي تحظر احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة . وتستمر ورشات العمل والاجتماعات المطولة التي تناقش عدم مشروعيه استمرار احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة بعد انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها لكن يستمر السجناء خلف القضبان بعد انهاء فترة العقوبة المحكوم بها يستمر احتجازهم على ذمة الحق الخاص وبالمخالفة للقانون ويجتهد البعض في استمرار احتجازهم باجتهادات غير قانونية وبالمخالفة للقاعدة القانونية التي تنص على انه لا اجتهاد مع نص قانوني واضح . للاسف الشديد الجميع يتنصل عن مسؤوليته ويتم ترحيل هذا الموضوع الخطير من عام الى اخر بلامعالجة جذرية وحقيقية وتكتظ السجون بسجناء على ذمة حقوق خاصه بالمخالفة للقانون الذي يمنع ذلك . وكأن القضاء عجز عن تنفيذ القانون فكيف سيحقق العدالة يستوجب تصحيح مسار القضاء ليلتزم بالقانون بلا انحراف . فالقانون قواعد عامه مجردة عامة يطبق على جيمع الاشخاص ومجردة بمعنى يطبق على جميع الوقائع بلاتمييز ولا استثناء . وفي موضوع استمرار احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة يطرح البعض مقترحات مخالفة للقانون بتجزأة السجناء بحسب الحقوق الخاصة المحكوم بها عليهم فالمبالغ البسيطة بالامكان الافراج عنهم بضمان حضوري والمبالغ الكبيرة يتم الافراج عنهم بضمانات مالية وهذا اجتهاد خاطيء ويتعارض مع نصوص القانون الذي ينص على الافراج الوجوبي عن جميع السجناء بلاتمييز ولاتصنيف ولا استثناء بعد انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها دون تأخير . ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم والموضوع شبه موقف ولم يتم التنفيذ الكامل لتوصية ورشة العمل . وفي يومنا هذا الاربعاء 26/12/2018م التقيت بالقاضي الدكتور بدر علي علي الجمرة رئيس محكمة جنوب شرق والذي يعتبر من نخبه القضاه المتعمقين في القانون وروح القانون ومقاصدة ولديه طريقة اقناع رائعة تستند على المام كبير بالقانون وتفاصيله ومقاصده ومعانيه وتناقشنا في مواضيع متعدده في اجتماع هام وتضمن الاجتماع محاور هامه ومنها العون القضائي للسجناء غير القادرين على دفع تكاليف المحاماة وأهمية تظافر الجهود الرسمية مع الجهود الشعبية والمجتمعية للتعاون في تقديم العون القضائي للسجناء المعسرين وابدى استعداده الكامل للتعاون وتسهيل الاجراءات لكفاله حق السجناء في حق الدفاع باعتباره حق قانوني وواجب انساني وتم التطرق في الاجتماع الى موضوع عدم مشروعية استمرارية احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة وانه يستوجب الافراج عنهم فور انتهاء فترة العقوبة المحكومين بها وعرض علينا بحث قانوني رائع حول الموضوع قام القاضي الدكتور باعداده تضمن نصوص قانونية توضح بجلاء استقلال الاحكام القضائية الجنائية في الحق العام عن الحق الخاص وتضمنت كلام رائع جداً ملخصها في النقاط التالية : 1. الاختصاص في تنفيذ الاحكام القضائية معقود للمحاكم المختصة والنيابة العامة غير مختصة بالتنفيذ وان اختصاصها في تنفيذ العقوبات والحق العام وهو اختصاص مقيد باوامر وقرارات المحكمة المختصة واما الحق الخاص فهو من اختصاص قاضي التنفيذ في المحكمة المختصة ولاعلاقة للنيابة العامة بتنفيذ الحقوق الخاصة ويستوجب وفقاً للقانون احالة ملف القضية من النيابة الى المحكمة عقب انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها وبعد الافراج عن السجين وفقاً للقانون بحيث يحال الملف الى قاضي التنفيذ والذي يتوقف عن اتخاذ أي اجراء الا بطلب من المحكوم له لتنفيذ الحق الخاص وفقاً لاجراءات تنفيذ القضايا المدنية بنفس الالية تنفيذ اختياري ثم اجباري وهكذا ولايتم احتجاز المنفذ ضده لاجباره على التنفيذ وانما يتم التنفيذ على املاكه لاستيفاء حقوق المحكوم له وفي حدود ضيقة جداً يتم الاحتجاز بشروط وماذير ولفترة بسيطة . 2. النيابة العامة تمثل في القضايا الجنائية كخصم ولاتشترك في الحكم كون القضاء هو من يختص باصدار الاحكام شرعاً وقانوناً والاصل ان من يصدر الحكم هو من يختص بتنفيذه وهو القضاء وان ماينفذ من الاحكام بواسطة النيابة العامة انما ذلك من قبل الانابه القانونية استثناء من الاصل وفي حدود معينه ومحصور في الحق العام فقط وبالتبعية للمحكمة . 3. نص قانون الاجراءات الجزائية على : ( اخلاء سبيل المتهم الموقوف اذا كان الحكم بالبراءه او بالافراج او عدم المسؤولية او بامتناع العقاب او بعقوبة غير سالبه للحريه او اذا صدر الحكم بوقف تنفيذ العقوبة او اذا كان قد قضى في الحبس الاحتياطي مدة العقوبة المحكوم بها ) واوضح بان هناك مخالفات لهذا القانون ومنها استمرار احتجاز سجناء صدرت احكام قضائية ببراءتهم ويستمر احتجازهم من قبل النيابة بمبرر الاستئناف والطعن وهذا يخالف القانون ويستوجب الالتزام والافراج عنهم كما ان هناك مخالفات فيما يخص قيام النيابة العامة بتنفيذ الحق المدني بالرغم من النص القانوني بوجوبية احالة الملف الى المحكمة . 4. يستوجب وفقاً للقانون الافراج عن السجين فور انتهاء فترة العقوبة المحكوم بها او بصدور حكم بالبراءه او وقف التنفيذ او أي مبرر يوقف العقوبة ويصدر بها حكم قضائي ولايجوز استبقاء السجناء على ذمة حقوق خاصة وليس للنيابة ولا المحكمة تنفيذ الحق الخاص الا بطلب من المحكوم له ووفقاً لاجراءات قانون المرافعات ويستوجب ان يحال ملف القضية بعد انتهاء العقوبة المحكوم بها الى قاضي التنفيذ والمحكوم عليه مفرج وعدم استمرارية حجزة لساعة واحده اضافية عن فترة العقوبة لانها تعتبر جريمة حجز حرية وهي جريمة جسيمة وخطيرة . وفي الأخير : نرفع بتظلم وشكوى الى مجلس القضاء الاعلى نيابة عن جميع السجناء في جميع السجون على ذمة حقوق خاصة بخصوص تنفيذ نصوص القانون فيما يخص عدم مشروعية استمرار احتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة وعدم تعليق الافراج عنهم بضمانات حضورية او مالية كون القانون صريح وواضح ولا اجتهاد مع نص ونتمنى من مجلس القضاء الاعلى مناقشة هذا الموضوع الانساني والقانوني الهام واصدار قرار واضح يطبق القانون بلاتمييز ولا استثناء ولاتقسيط ولاشروط غير قانونية . خلف القضبان سجناء على ذمة الحق الخاص ضحايا عدم تطبيق القانون من قبل الجهات المختصة بتطبيقه . فهل نبدأ العام القادم 2019م باجراءات ايجابية تؤسس لسيادة القانون وتطبيقه بلاتمييز ولا استثناء وفي مقدمتها اصدار قرار واضح وملزم بالافراج عن جميع السجناء خارج اطار القانون وفي مقدمتهم السجناء على ذمة حقوق خاصة الذي لامسوغ لاستمرار احتجازهم ويعتبر احتجازهم جريمة حجزحرية لاتسقط بالتقادم ويتحمل كل من يتهاون في تطبيق القانون المسائلة في الدنيا وفي الاخره كون استمراراحتجاز السجناء على ذمة حقوق خاصة مخالفة و حجز حريه . عضو الهيئة الاستشارية لحقوق الانسان + النيابة العامة [email protected]