ببروز حقائق التصرفات الغوغائية غير المسؤولة ووقائع من يحركونها عن سابق إصرار وترصد بالوطن تصبح المراوحة في المواقف والاستمرار في إصدار البيانات الحزبية حولها نوعا يندرج في إطار شبهة التمصلح والاستغلال العبثي إن لم يكن التواطؤ الذي يفضي إلى التورط في تشجيع أفعال الخروج على الثوابت الوطنية والنظام والقانون والتجني على المجتمع. - فما جرى الترتيب له من توظيف سياسي حزبي لقضية المتقاعدين بات واضحا ومثبتا وقد تجلت ملامحه في تلك الأعمال الفوضوية التي قام بها عدد من الأشخاص يوم أمس الذين تم تجميعهم من خارج محافظة عدن بهدف تعكير الطمأنينة والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة وزعزعة الاستقرار والسكينة العامة في هذه المحافظة. وباعتراف الوسائط الإعلامية لبعض أحزاب المعارضة فقد كان هناك تسييس مؤكد وأصابع تدفع باتجاه الإضرار بالوحدة الوطنية وإقلاق الأمن والعبث بمناخات الاستقرار وإثارة عوامل الفوضى التي لن تستثني نتائجها التخريبية أحدا. - ولا نتجنى على الحقيقة إذا ما قلنا أن بعض العناصر الحزبية المسيسة أو المدفوعة من الخارج وإن لم تكن بعيدة عن الانحراف بمطالب المتقاعدين عن مسارها الحقوقي فإنها عملت على استغلال هذه القضية لمآرب ضارة بالسلم الاجتماعي والثوابت الوطنية. - والسؤال: لمصلحة من إحداث مثل تلك الأزمة المفتعلة التي تذكرنا بما جرى بين عامي 93و1994م ولمصلحة من كانت التبعات التي ستترتب عليها؟ ولمصلحة من تعمد بعض العناصر أو الأحزاب إلى إهمال دورها في الحفاظ على الثوابت الوطنية واستقرار الوطن الذي تنتمي إليه مع أن مسألة كهذه ترقى إلى مستوى الإدانة التاريخية؟. - وإذا كانت هذه التساؤلات كافية لمطالبة تلك الأحزاب بإعادة تقييم ممارساتها وتقويم مساراتها وفق الأسس المتطابقة مع الشرعية الديمقراطية فإن من الواقعية أيضاً أن تدرك أنه لا وجه ولا أحقية في ظل الديمقراطية للمواقف العدوانية ضد السلطة واستعمال مفردات اللغة الانقلابية للتعبير عن الاختلاف معها طالما أن هذه السلطة قد جاءت عن طريق صناديق الاقتراع وضمن انتخابات ديمقراطية شهد بنزاهتها العالم. - كما أن تبرير الممارسات الخاطئة وتجاهل مبدأ الاحتكام إلى الدستور والأنظمة والقوانين في الدولة أمر لا يستقيم مع معطيات تعزيز السلام الاجتماعي الذي ينبغي أن تجسده مؤسسات المجتمع المدني في مسلكياتها وخطابها. - حيث وأن استغلال معاناة الناس وإهدار الفرص المتاحة لرفعها عن كاهلهم إنما يتعارض ويتناقض مع قيم الشراكة الوطنية التي تبدو فيها المعارضة والسلطة معنيتين بطرح الرؤى والمعالجات بعيداً عن الإثارة وتصيد الثغرات للإساءة للوطن والإضرار بمصالحه العليا ومكاسبه العظيمة. - وبغير صحوة الضمائر يستحيل الحديث عن سلامة أداء مثل هذه الأحزاب وفهمها لمسئولياتها الوطنية.