عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    57 عام من الشطحات الثورية.    إنتر ميلان يحبط "ريمونتادا" برشلونة    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    إنتر ميلان إلى نهائى دورى ابطال اوروبا على حساب برشلونة    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    تحطم مقاتلة F-18 جديدة في البحر الأحمر    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    الخارجية الأمريكية: قواتنا ستواصل عملياتها في اليمن حتى يتوقفوا عن مهاجمة السفن    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    محمد عبدالسلام يكشف حقيقة الاتفاق مع أمريكا    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    اليمنية تعلق رحلاتها من وإلى مطار صنعاء والمئات يعلقون في الاردن    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    سحب سوداء تغطي سماء صنعاء وغارات تستهدف محطات الكهرباء    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    حكومة مودرن    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    تحديد موعد نهاية مدرب الريال    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مواجهة حوارية ساخنة..المهدي يحمل الحبيشي مسئولية استهدافه والحبيشي يدعو المهدي للعمل في السياسية
نشر في التغيير يوم 27 - 01 - 2010

البيان الذي أطلقه 150 عالم دين في اليمن قبل نحو أسبوعين لتحريم التدخل الأجنبي في البلاد بذريعة محاربة “القاعدة”، أشعل فتيل حرب كلامية جديدة قديمة، كما يبدو، بين طائفتين من اليمنيين، تبدوان متفقتين على أن ثمة اختلافاً بينهما، الأولى يقودها كتاب صحفيون محسوبون على السلطة في مقدمتهم الكاتب الصحفي أحمد الحبيشي رئيس تحرير صحيفة (14 اكتوبر) الصادرة من عدن والكاتب المؤتمري فيصل الصوفي، وتتهم بالعلمانية ومعاداة العلماء والتحريض عليهم، فيما الطائفة الثانية يتزعمها الشيخ السلفي محمد المهدي رئيس فرع جمعية الحكمة الخيرية اليمانية بمحافظة إب، ويتهم بالدفاع عن تنظيم “القاعدة” من خلال فتواه التي نشرتها أسبوعية “إيلاف”، ما يتهم معه الشيخ السلفي عبدالمجيد الريمي والمراكز السلفية والشيخ عبدالمجيد الزنداني بالتماهي بين خطابهم الديني وبين الخطاب “القاعدي”.
أجرى الحوار مع الطرفين/ محمد الأحمدي..
* المهدي يتلاعب بالألفاظ في فتواه وأدعوه إلى خلع العمامة لنعمل معاً في السياسة
* السياسة المناهضة للإرهاب هي التي تخرج من دار الرئاسة وليس العكس
* أنت والصحفيان فيصل الصوفي وعبدالباري طاهر، ما الذي أثار حفيظتكم من بيان علماء اليمن بشأن التدخل الأجنبي في اليمن؟
** أولاً أنا أرجو أن لا تربط اسمي بفيصل الصوفي أو بالزميل عبد الباري طاهر وآخرين لأن قضية مكافحة التطرف والارهاب ليست قضية شخص أو شخصين أو ثلاثة أشخاص، أنا أعتقد بأن هناك موقفاً وطنياً عاماً ضد هذا البيان لجهة السعي لفرض وصاية من قبل مجموعة من رجال الدين، ولا أقول كلهم.. وقبل ذلك أنا أتحفظ على كلمة (علماء) ، لأن أهل العلم ليسوا فقط المشتغلين في مجال الفقه وعلوم الدين، وإنما أهل العلم هم الذين تحتاجهم الدولة ويعملون بصمت وشرف، في مجالات علمية متعددة وحيوية .. لدينا علماء في مجال الطب والكيمياء الحيوية والفيزياء والطيران والهندسة والاتصالات والزراعة والطاقة والمياه وعلوم البحار، هؤلاء كلهم علماء ويسهمون معنا في بناء الحياة الجديدة وبناء الدولة الوطنية الحديثة، ولا يجوز لمجموعة من خطباء المساجد والدعاة وأنصاف المتعلمين من طلبة المراكز السلفية الذين تنحصرمؤهلاتهم في حفظ بعض أجزاء من القرآن الكريم وبعض الأحاديث المنسوبة الى الرسول عليه الصلاة والسلام أن يأتوا ويفرضوا أنفسهم (علماء) وأوصياء علينا.. نحن الآن أمام مجموعة من رجال الدين تريد أن تفرض وصاية كهنوتية على الدولة وعلى المجتمع باسم الدين ولا يمثلون الدين قطعاً، لسبب واحد.. هو من الذي أعطاهم شرعية تمثيل الدين ومن الذي أعطاهم شرعية التحدث باسم المسلمين في اليمن.
* مقاطعاً.. هؤلاء هم المشهورون في اليمن، ولأنهم يختلفون معكم فلا تعترفون بهم؟
**هذا لا يعنيني، هذا شأنهم، أنا مسلم، وهناك ملايين المسلمين في اليمن، من الذي أعطاهم شرعية التحدث باسم ملايين المسلمين في اليمن.
* الجماهير الذين يحتشدون في خطبهم ومحاضراتهم ويستمعون إليهم؟
** هذا غير صحيح ..لا توجد جماهير تحتشد، هناك ملايين من الجماهير تعترض وهناك ملايين اكتوت بنار الإرهاب والتطرف، البلد يدفع فاتورة ضخمة جداً بسبب التطرف والإرهاب، والذي يتكبد هذه الفاتورة هم الملايين الذين تقول أنت أنهم يؤيدون رجال الدين، أنا لدي تحفظ على هذه الفرضية، وهي فرضية غير صحيحة ولم تخضع لقياس دقيق، ولا أعرف كيف توصلت وكيف يتوصل آخرون إلى هذا الاستنتاج، هل جرت انتخابات بموجبها وصلت هذه المجموعة إلى مستوى من الشرعية يحق لها أن تتحدث باسم ملايين من المسلمين في اليمن.. هذه قضية خلافية، المسلون يختلفون في مصالحهم وآرائهم وأفكارهم في إطار التعدد والاختلافات، ولا يمكن أن ندعي بأن هناك مجموعة تمثل مجموع المسلمين.
* كيف ؟
** يا عزيزي لا تذهب بعيداً، عندما احتل العراق الكويت وجاءت القوات الأميركية والغربية وتدخلت في حرب الكويت، حينها التقت مجموعة من رجال الدين في جدة وأصدرت فتوى مدججة بالآيات القرآنية والأحاديث المنسوبة الى الرسول تبيح الاستعانة بالقوات الأميركية والأجنبية ( الكافرة) بين هلالين ، ومجموعة أخرى التقت في بغداد وأصدرت فتوى مدججة ايضا بآيات وأحاديث مناقضة للفتوى الأولى تحرم الاستعانة بالأجانب، فكان أولئك رجال دين وأولئك رجال دين .. في قضية الجدار الفولاذي الذي يقال إن مصر تبنيه على حدودها مع غزة، هناك مجموعة من رجال الدين أفتت بتحريم هذا الجدار، ومجموعة أخرى وعلى رأسها مؤسسة الأزهر وشيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية أفتت بجواز بناء الجدار.
* سنأتي إلى هذا الكلام؟
** مقاطعاً.. يا عزيزي لا نستطيع أن نقول بأن هناك إجماعاً وإن هناك من يمثل المسلمين، هذه كذبة كبرى لا يمكن القبول بها.
* لكن لأن هؤلاء لا تتفقون معهم في ما طرحوه في البيان وهم 150 عالماً من أنحاء اليمن فهم غير معترف بهم؟
** أولاً هؤلاء الذين اصدروا البيان هم150 من خطباء المساجد وطلبة المدارس السلفية وبعض الفقهاء الحزبيين .. يا عزيزي لا تقل لي علماء، أنا أعطيك أسماءهم، معظمهم من خطباء المساجد، وبعضهم لا يملك حتى المؤهل الابتدائي..
* وهل المؤهلات الدراسية شرط ليصبحوا علماء برأيك؟
** مقاطعاً.. هناك نقطة مهمة، هؤلاء لا يمثلون كل رجال الدين في اليمن، رئيس جمعية علماء اليمن لم يكن ضمن الموقعين ولم يقرأ لبيان.. ثم كيف يمكن للمرء أن يصبح عالما وهو لا يملك مؤهلا علميا !!!
* ولكن مفتي اليمن القاضي العمراني وعدد آخر من مشاهير اليمن موقعون على البيان؟
** محمد إسماعيل العمراني هو قائد حزبي، وهو عضو الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح وليس مفتي اليمن، والعمراني رجل دين حزبي، وهو هنا يعبر عن موقف سياسي وحزبي وهذا شأنه.
* ولكن من الموقعين أعضاء في جمعية علماء اليمن؟
** نعم، ولكن هناك أعضاء آخرون غير موقعين وهناك رجال دين آخرون معروفون لم يوقعوا وهذا شأنهم أيضاً، أنا أرجوك لا تقحموا الدين في هذه القضية.
* مقاطعاً.. أنا أناقش معك هذه القضية؟
** (يواصل).. نحن ندافع الآن عن سيادة الوطن وعن استقلاله، الإرهاب هذا هو إرهاب عابر للحدود وهو يعتدي على سيادة واستقلال الوطن، التمويل خارجي والأجندة خارجية والذين ينفذون العمليات الإرهابية معظمهم ليسوا من أبناء اليمن، هذا تعد على السيادة وعلى الاستقلال.
* لكن ما الذي أثار حفيظتكم إذن، هم أيضاً حرموا التدخل الأجنبي حفاظاً على سيادة البلد واستقلاله؟
** حرموا التدخل الأجنبي، أعطني فتوى واحدة أجازوا فيها الكفاح ضد الاستعمار البريطاني .. الذي نال شرف تحرير جنوب الوطن المحتل من القوات الأجنبية المعتدية هم أولئك الذين يتهمهم هؤلاء بأنهم علمانيون، أما هم فقد تعايشوا مع الاستعمار وقوى الاحتلال لأكثر من مائة عام.
* قد خرج الإنجليز ونحن نتحدث اليوم....؟
^^ مقاطعاً.. خرج الإنجليز ولكنهم لم يصدروا فتوى واحدة، هذا موقف انتهازي، بالعكس، كان هناك من يتحدث من رجال الدين في إذاعة عدن الاستعمارية ويحرم الكفاح المسلح، وأنا لا أريد أن أذكر اسمه احتراماً لمثواه.
* لكن أنتم متهمون بأن لديكم حساسية مفرطة تجاه أي شيء يأتي من الفقهاء أو رجال الدين الذين لا يعجبونكم؟
** يا عزيزي، عندما يفرض رجل الدين نفسه وصياً على الدولة ويتجاوز الهيئات الدستورية، عندما يقول يجب أن يوافق هو على الاتفاقيات الدولية يجب أن تكون لدينا حساسية.
* مقاطعاً.. لا، هم قالوا عن طريق مجلس النواب والشورى وأهل الحل والعقد من المشايخ والوجهاء و...؟
** لا لا، هم قالوا لا بد أن تعرض على رجال الدين، وأيضاً لدينا حقائق تاريخية تثبت خطأ هذا الموقف، مثلاً عندما وقعت الدول العربية والاسلامية على اتفاقية جنيف الأولى واتفاقية جنيف الثانية الخاصة بمنع تعذيب وقتل الأسرى عام 1927م ، حينها أصدر رجال الدين فتوى طالبوا فيها الحكومات الإسلامية بعدم التوقيع عليها، لأنها مخالفة للشريعة الإسلامية بحسب زعمهم ، وقالوا إن التوقيع على هذه الاتفاقية باطل شرعاً لأن الإسلام يجيز استرقاق الأسرى، وبالتالي أثبت التاريخ خطأ موقف رجال الدين، لأننا نأتي الآن ونستخدم هذه الاتفاقية لمقاومة العدو الصهيوني ومواجهة التعذيب الذي يتعرض له المقاومون والأسرى الفلسطينيون .. كما أن رجال الدين أفتوا أيضاً بعدم جواز التوقيع على المعاهدة الدولية لتحريم الرق وقالوا انها مخالفة للشريعة الاسلامية التي تبيح التسري بالجواري ونكاح ملك اليمين ، كما افتوا أيضا بتحريم تعليم المرأة .. والأزهر نفسه هذا أفتى بعدم جواز تعليم المرأة .. عندما فتح الخديوي إسماعيل أول مدرسة ابتدائية للبنات في القاهرة ثار الأزهر كله، وأوصى الخديوي إسماعيل بإيقاف هذه المدرسة وإغلاقها بحجة مخالفتها الشريعة الإسلامية .. ونفس الأمر تكررمع الأمير فيصل عندما كان ولياً للعهد عام 1951 و كان أيضا وزيراً للمعارف وفتح أول مدرسة للبنات اسمها مدرسة الكريمات .. جاء رجال الدين إلى الملك سعود وأفتوا له بعدم جواز تعليم البنات، لكن الملك سعود رفض فتواهم مثلما رفض والده الملك عبدالعزيز فتوى رجال الدين في نهاية العشرينات وبداية الثلاثينات بتحريم استخدام الراديو والتلفون ..والآن أصبح تعليم البنات والراديو والهاتف حقيقة واقعة وهم يقبلون ذلك ..
* نعم، هذا يجرنا إلى تشعبات أخرى..؟
** مقاطعاً.. لا، أنت عندما سألتني أن عندي حساسية وأنا فعلاً عندي حساسية تاريخية لأن التاريخ أثبت أيضا أن رجال الدين مشدودون إلى مواقف ماضوية، ويريدون إعادة إنتاج الماضي والإقامة الدائمة في الماضي ولم يستوعبوا قيم وحقائق ومتغيرات العصر.. خذ على سبيل المثال السلطان العثماني مصطفى الثالث عندما أدخل المطبعة في القرن السابع عشر أفتى كل رجال الدين بعدم جواز استخدام المطبعة بحجة أنها ستؤدي إلى تغيير حروف القرآن وتؤدي إلى طباعة الرسوم والصور، ومع ذلك المطبعة الآن موجودة.. فأين ذهبت فتواهم ومطالبهم؟.. لا أقول في ذمة التاريخ، ولكن في قاع التاريخ ومزبلته .. من حقي أن يكون لدي حساسية تاريخية، لأننا لو كنا صدقنا رجال الدين في كل مطالبهم عبر التاريخ الحديث لكنا نعيش الآن في كهوف.
* ولكن رجال الدين كما تسميهم أيضاً كان لهم مواقف مناهضة للاستعمار؟
** ليس كلهم.. بالعكس، الذين وقفوا ضد الاستعمار تعرضوا للتكفير من قبل بعض رجال الدين .. ونحن في الجنوب لدينا تجربة تاريخية .. هناك رجال دين عظماء نحترمهم ونجلهم وقفوا إلى جانب الثورة المسلحة 26 سبتمبر و 14 اكتوبر، ووقفوا إلى جانب ثورة 23 يوليو بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر، في حين وقف آخرون إلى جانب الاستعمار وأفتوا بكفر القومية العربية والقوميين العرب .. أنا لا أريد الآن أن أكشف الأوراق، ولكن يكفي أن أذكر خالد الذكر الشيخ عبدالله محمد حاتم الذي وقف إلى جانب الثورة اليمنية والثورات القومية العربية وتعرض للاضطهاد من قبل الاستعمار.. إنني أنحني إجلالاً لذكرى هذا الشيخ الجليل وهو من كبار رجال الدين الذين خسرتهم اليمن.
* وهؤلاء العلماء أصدروا بياناً يساند موقف الدولة في رفض الاستعمار والتدخل الأجنبي؟
** لا يوجد أصلاً تدخل أجنبي ولن نقبل نحن أي تدخل أجنبي، ولم يعلن أحد الآن أنه بصدد التدخل الأجنبي، لأننا دولة ذات سيادة ونتساوى مع كافة دول العالم في السيادة والاستقلال التزاماً بميثاق الأمم المتحدة، الذي كفره رجال الدين بالمناسبة عندما تم التوقيع عليه، بحجة أنه يساوي بين الدولة الإسلامية وبين دول الكفر، ولك أن تتصور لو كنا صدقناهم، أين سنكون الآن .. حركة طالبان صدقتهم وانعزلت عن المجتمع الدولي ولم يعترف بها أحد حتى أنها سقطت غير مأسوف عليها ولم يقف أحد إلى جانبها، بل إن أكثرالدول وقوفاً ضد طالبان وساهمت في إسقاطها كانت من الدول الإسلامية الكبيرة، أما نحن فلا يوجد أحد بصدد التدخل الأجنبي في اليمن لأننا دولة عضو في الأمم المتحدة وبسبب التزامنا الكامل بميثاق الأمم المتحدة الذي يمنحنا المساواة في السيادة والاستقلال لا تستطيع أي دولة أجنبية أن تحتل بلادنا طالما أننا دولة حرة ومستقلة وذات سيادة، ولم يعلن أحد انه سيرسل قوات بلاده لاحتلال اليمن .. من أين جاء هؤلاء بهذه الفرية .. هذه محاولة رخيصة للابتزاز السياسي .. انهم يمارسون السياسة بامتياز الآن، وذلك من حقهم، ولكن لا يقحموا الدين فيها.
* أنتم ترفضون أي فتوى تأتي من جهة رجال الدين كما تسميهم بسبب ما أسميته حساسية تاريخية وذكرت بعض الأمثلة، ولكن تعلمون أن الفتوى أيضاً تتغير بحسب الزمان والمكان ولا يعقل أيضاً أن تكون أي فتوى هي خطأ محض؟
**هذه فتوى سياسية وليست دينية، الغرض منها إحراج الدولة، ورمي ورقة في إطار اللعبة السياسية الجارية في البلد، الدولة أعلنت رسمياً أنها لا تقبل أي تواجد أجنبي على أراضيها، فهذا موقف الدولة، ومن أين جاء هؤلاء بهذا الخبر، لم يعلن أي طرف عالمي أنه بصدد التدخل في اليمن.
* إذن لماذا أنتم تستقوون بالصحف الرسمية.....؟
** مقاطعاً.. ولماذا هم يثيرون هذه الزوبعة؟ يفجعون الناس بأن البلد ستتعرض لاحتلال أجنبي، لماذا؟ بيت القصيد في الأمر هو دفاعهم عن الإرهاب .. أنت أرجو ان لا تستدرجنا وكأن خلافنا معهم حول هذا الموضوع، خلافنا معهم هو لتماهيهم مع الإرهاب، ومحاولتهم الدفاع عن الوجود غير الشرعي للإرهابيين في اليمن، عندما أدانوا الضربات الجوية على اوكار القاعدة في بعض المحافظات تحدثوا عن حرمة قتل الابرياء و المستأمنين ولا أدري من يمثلون ومن فوضهم بذلك ؟!
* إن استنكروا قتل المستأمنين قلتم لماذا وإن سكتوا قلتم لماذا؟
** لا لا، هم يقصدون بالمستأمنين تقريباً بعض الأجانب الذين لقوا حتفهم في بعض المواجهات في شبوة وأبين وبعض المناطق من جنسيات غير يمنية، دخلوا اليمن مثلاً للدراسة أو للعمل ثم بعد ذلك ذهبوا إلى معسكرات وتحولوا الى أحزمة ناسفة، هؤلاء ليسوا مستأمنين.
* لكن هم يتحدثون عن المستأمنين ويقصدون السياح الأجانب مثلاً وما أشبه..؟
** لا لا، هم تحدثوا عن هؤلاء الذين ذكرتهم، ومع الأسف الشديد أيضاً هم أخرجوهم من دين الإسلام بطريقة غير مباشرة، لأن المستأمنين في الفقه الإسلامي هم غير المسلمين، ومع ذلك هم أدانوا الحملات العسكرية التي زعموا أنها قتلت الأبرياء والمستأمنين في إشارة إلى العمليات العسكرية الاستباقية أو المواجهات المباشرة التي جرت بين الأجهزة الأمنية وعناصر القاعدة .. ما دخل المستأمنين بعناصر القاعدة؟ لماذا تأتي بالمستأمنين مع عناصر القاعدة وأنت تتحدث عن عمليات محددة موجهة ضد أوكار الارهاب .. عن القصف لمعسكرات القاعدة في أبين وشبوة والمواجهات في أرحب والمداهمات في مناطق أخرى، فلماذا أقحموا المستأمنين في هذه المواجهات؟
* لنتجاوز مسألة بيان العلماء، ولكن لماذا تستقوون بالصحافة الرسمية ضد مخالفيكم، أنت كتبت سلسلة حلقات في 26 سبتمبر وصلت إلى أكثر من (24) حلقة، لماذا الاستقواء بالصحف الرسمية لمهاجمة هؤلاء الفقهاء مثل الشيخ المهدي والشيخ الريمي واتهام الآخرين بما لا يعتقدون أصلاً؟
** أنا لا أهاجمهم ولكن من حقي أن أعترض على الريمي عندما يقول أن التكفير واجب شرعي، وأنا شخصياً لا أعتبر التكفير واجبا شرعيا .. هذه قناعتي، والذي يعلم ما في الصدور هو الله سبحانه وتعالى .. هذا جانب .. هناك ايضا جانب آخر بالنسبة للأخ محمد المهدي فقد قال بصريح العبارة ووصف المواجهات التي تدور بين القاعدة وقوات الدولة بأنها حرب يشنها العرب والعجم على أهل السنة والقاعدة، وأنا أحترم المهدي لأنه كان أكثر وضوحاً وصدقاً وشجاعة من الساسة ال 150 الذين وقعوا على ذلك البيان .. المهدي قال بصريح العبارة أن هناك من يحاول القضاء على القاعدة تلبية لرغبة أوروبا وأميركا، وقال إن هذه الحرب تستهدف اجتثاث اتباع القاعدة وضربهم حتى ولو كانوا قاعدين في كهوفهم ومنازلهم .. إذن كان الرجل واضحاً جداً في إدانته للحملات التي قامت بها قواتنا المسلحة والأمن ضد أوكار القاعدة في بعض المحافظات، وأنا أحترمه لوضوحه .. ولكن من حقي أن أختلف معه وأسجل موقفي ضد هذه الآراء التي ينشرها في الصحف ويقرؤها الرأي العام، الذي من حقه أن يطلع على رأيي أيضاً، وهذا ليس تبرماً وليس انزعاجاً، ولكن بقدر ما أعطيه الحق في إطار الديمقراطية أن يعبر عن مثل هذه الآراء فإن لي الحق في مخالفته الرأي سواء في وسائل الاعلام الرسمية أو غير الرسمية.
* ولكن هناك تفسير غير صحيح لكلام الشيخ المهدي في محاولة للربط بينه وبين القاعدة؟
** كلامه واضح ولا يحتاج إلى جهد في التفسير، وهو تكلم بلغة عربية واضحة وأنا والحمدلله لدي قدر من المعرفة بقواعد اللغة العربية وتصريفها .. وقد ساعدني الأخ المهدي على أن أصل إلى فكرته الواضحة والمبسطة، لأن طرحه أكثر وضوحاً وبساطة من بيان ال 150.
* أنت في حوار أجريته معك قبل أكثر من عام اتهمت السلفيين و الإسلاميين بشكل عام بأنهم من يصنعون فقه الاستبداد وفق نظرية طاعة ولي الأمر؟
** أنا لم أتهم الإسلاميين بشكل عام، ولكن السلفيين نعم..
* مقاطعاً.. فكيف تتهمونهم الآن بأنهم ضد الدولة أو تحاولون الربط بينهم وبين القاعدة، هذا تناقض؟
** هم قالوا هذا الكلام يا عزيزي، أنا لم أقل هذا الكلام.. هو قال أنه لم ير في حياته العرب والعجم أجمعوا على حرب أهل السنة والقاعدة، حتى ولو كانوا في كهوفهم قاعدين مثل ما هو حاصل الآن ، هذا كلامه وليس كلامي، وهو الذي اختار هذا الموقف .. ثم هو في مقابلة سابقة مع جريدة (الأهالي) أشاد بطالبان واعتبر كل من بهاجم وينتقد تجربة حكم طالبان بأنه يشوه الإسلام ونظام الحكم الاسلامي ، هذا رأيه وأنا أحترم رأيه ولكني لا أوافقه على ذلك .
* الشيخ المهدي يقول في أول فقرة من الفتوى “علماء أهل السنة والجماعة لا يوافقون على منهج قتل الأبرياء وتدمير المصالح وخطف المستأمنين حتى من اليهود والصليبيين وغيرهم، والخروج بالسلاح على الأمة، ومن باب أولى تحريم قتل المسلمين”.. لماذا تصرون على إلصاق التهمة به بأنه يدافع عن تنظيم القاعدة؟
** قال هذا الكلام ثم قال كلاماً آخر، وأنا أترك هذا الكلام وآخذ ما يعنيني لأننا الآن في مواجهة مع القاعدة وما يهمني هو هذا.
* إذن هناك خلافات بينكم وبين المهدي، وتريدون الآن أن تلصقوا به تهمة الإرهاب؟
** أنا لا أريد اللعب على أكثر من ورقة ولا أريد أن يتلون الإنسان في فتوى واحدة أو في مقال واحد او مقابلة صحفية واحدة بأكثر من موقف، كن واضحاً يا عزيزي .. هو يقول كذا ويقول نقيضه في الوقت نفسه ، وهذا كلام غير مقبول .. بلادنا الآن في هذه اللحظة تخوض مواجهة مع القاعدة وهذا خطر يهدد استقرار اليمن ويهدد سيادة اليمن، ويهدد النظام السياسي في اليمن الديمقراطي التعددي، وهم لا يؤمنون بالديمقراطية التي بدونها لن تبقى الوحدة .. طيب يا عزيزي أنا أريد من المهدي موقفا واضحا وغير ملتبس من هذه القضية.
* الموقف أعلنه الشيخ المهدي، وهو أنه لا يجوز الخروج عن الدولة بالسلاح مهما كان؟
** وما حكاية أن العرب والعجم أجمعوا على حرب أهل السنة والقاعدة حتى ولو كانوا في كهوفهم وفي منازلهم قاعدين .. ماذا يعني هذا الكلام ؟!.. هذا اللعب بالألفاظ وهذا اللعب بالمواقف غير مقبول على الإطلاق .. وهو الآن سياسي أكثر مما هو رجل دين.. وأنا أرجوك أن تضعه معي كسياسي .. لأنه هو الآن سياسي حتى في فتواه ..موقف هنا وموقف نقيض له هنا .. رِجل هنا ورِجل هنا.. يعني يمارس السياسة والفهلوة بامتياز حتى في فتواه..
* ماذا يمكن أن تقول له طالما انك تراه في هذه الصورة ؟
** اقول له يا عزيزي محمد المهدي، اخلع عمامتك وتعال معي ولنعمل معاً عملاً سياسياً، ونختلف.. أنا أحترم أي واحد يختلف معي ويقول أنا أختلف معك سياسياً .. لكن لا يغلف خلافه السياسي معي بغلاف ديني .. لأن الدين للجميع، وكلنا مسلمون، والدين لله والوطن للجميع، والإسلام موجود في بيوتنا ولا توجد أصلاً في مجتمعنا مشكلة مع الإسلام .. هم يريدون ان يجعلوا من الاسلام مشكلة .. والحمدلله كلنا في اليمن لا توجد لدينا مشكلة مع الإسلام.. فلماذا يقحمون الإسلام في معاركهم السياسية معنا؟، لماذا يقحمون الإسلام في أجندتهم السياسية؟، نحن مسلمون، ولذلك نحن نغار على ديننا ولا نسمح لهم بأن يخطفوا منا هذا الدين ويتاجروا باسم هذا الدين.
* هؤلاء أهل تخصص في علوم الشريعة؟
** هل هي سباكة يا عزيزي أو نجارة .. تقول لي أهل تخصص هذا دين.. الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نقرأ، “اقرأ وربك الأكرم”، وهذا الدين لنا كلنا ويجب أن نعرف أمور ديننا وكل مسلم يجب عليه أن يعرف علوم دينه،.. المعرفة بأمور الدين ليست سباكة أو نجارة أو خراطة.. وأن تقول لي أهل تخصص هذا ليس كلاماً يا أخي.
* ألا تتفق معي أن هناك تفاوتاً في العلوم؟
** مقاطعاً.. أنت الآن تقول إن الدين حرفة مثله مثل النجارة والسباكة، وأنا ليس تخصصي النجارة أو السباكة .. لكن هذا الدين ديني ويجب علي أن أعرف ديني.. والله تعالى ميزني عن الحيوان بأن منحني نعمة العقل، والعقل هو مناط التكليف، وأنا يوجد لدي عقل، ولا أريد لأي شخص آخر أن يفكر نيابة عني فيما يتعلق بالعبادات وأن يحدد لي موقفي من ديني وموقفي من الله وموقفي من متطلبات الانتماء إلى دين الإسلام اذا كنت قادرا على ذلك . وفي هذا العصر اصبح التعليم متاحا للجميع ، واصبحت بيئة المعرفة واسعة وذات طبيعة انفجارية لاسابق لها في أي عصر من عصور اسلافنا الاوائل .. لا أريد أن أفكر بعقل غير عقلي، هذا عقلي أنا وأنا حر، والله سبحانه وتعالى هو الذي سيحكم بيننا في ما كنا نختلف فيه يوم القيامة.
* ولكن لمزيد من التوضيح هؤلاء يقولون إنهم فرغوا أنفسهم لتعلم علوم الدين..
** هم فرغوا أنفسهم للسياسة ولتعلم دهاليز السياسة، وهم سياسيون بامتياز ويشتغلون ليس فقط بالسياسة بل وبجمع وتسويق الاموال داخليا وخارجيا لأغراض سياسية وأجندات خارجية تحت مسمى العمل الخيري .
* لنعد إلى مسألة الإرهاب والتطرف الذي تريد إلصاقه بالمهدي والريمي..
** أرجوك.. أنا لا ألصق الإرهاب بهولاء.. أنا قلت إن لديهم مواقف متماهية مع الإرهاب، وهناك فرق بين أن تقول إنهم إرهابيون وبين أن أقول إن لديهم مواقف متماهية مع الإرهاب.
* ليس كل السلفيين إرهابيين ولكن كل الإرهابيين سلفيون، كما قلت في إحدى مقالاتك، أليس كذلك؟
** نعم كل الإرهابيين سلفيون هذه قناعتي أنا، وليس كل السلفيين إرهابيين.
* إذن المهدي والريمي ليسا إرهابيين في نظرك؟
** ولكن في بعض مواقفهم وتصريحاتهم يتماهون مع الإرهاب، ويتماهون مع التكفير وخاصة الريمي، أنا أحترم الشيخ محمد المهدي الذي لا ينزع كثيراً نحو التكفير.
* طيب، هؤلاء هم يرفضون علناً، وينتقدون تنظيم “القاعدة” والجماعات الخارجة على الدولة بالسلاح.. ما الوسيلة لإقناعكم بأن هؤلاء لا يتفقون أصلاً مع “القاعدة”؟
** أنا أريد المهدي أولاً أن يقنعني كيف أن العرب والعجم ونحن الجمهورية اليمنية جزء من العرب أجمعنا على حرب القاعدة وأهل السنة .. ولماذا يربط القاعدة بأهل السنة.. ولماذا يربط ما يقوم به الجيش اليمني وهو جزء من الحكومة اليمنية وهي جزء من الأمة العربية.. لماذا يربط ما تقوم به الحكومة ضد القاعدة بأنه جزء من مخطط أميركي أوروبي لاستئصال اتباع القاعدة وضربهم حتى وهم في كهوفهم ومنازلهم.. أريد أن يقنعني المهدي لأنه يمارس بكلامه هذا سياسة .. ونحن جزء من العرب والعالم .. وقال “أجمعوا”، وهذا اللعب بالالفاظ لا يليق بمقام رجال الدين لأن السياسة بدهاليزها وخبثها أحياناً تفقدك وقار رجل الدين، ومصداقية رجل الدين، وحكمة رجل الدين، فالسياسة فيها دهاليز وأساليب ملتوية.
*هم يعتقدون بأن السياسة جزء من الدين ولا فرق؟
** أنا أعترض على هذا، الدين أنبل من السياسة.
* طيب، هم يقولون سياسة الدنيا بالدين؟
** هذا أختلف معه، لأن في تاريخ المسلمين قتلاً ومؤامرات وغدراً، وأشياء لا تسر بسبب هذا أنا أنزه الدين عن السياسة وعن الصراعات السياسية من أجل السلطة والثروة، وكل صراعات المسلمين عبر التاريخ كانت من أجل السلطة والثروة وكل جناح عمل له مذهباً وعمل له مخرجات فقهية ويتكلم باسم الدين.. لقد قتل زياد بن أبيه الذي ارسله معاوية بن ابي سفيان الى العراق بعد مقتل علي بن ابي طالب الآلاف من معارضي معاوية من بينهم 170 من صحابة رسول الله ناهيك عن الصحابة الذين قتلهم معاوية وفقهاؤه من المؤسسين الاوائل لمذهب اهل السنة والجماعة ومن بينهم الصحابي الجليل حجر بن عدي ورفاقه الستة الذين رفضوا تنفيذ قرار معاوية بن ابي سفيان بشأن سب ولعن الصحابي الجليل علي بن ابي طالب في خطب الجمعة ، وغيلان الدمشقي الذي أنكر عقيدة الجبرية التي اخترعها فقهاء معاوية وفي مقدمتهم الاوزاعي الذي زعم ان ما يقوم به معاوية ليس بارادته واختياره بل هو امر جبري قرره الله في اللوح المحفوظ ، ثم وضع له حديث حد الردة لتبرير قتل المعارضين بعد ذلك .. كما ان كتب التاريخ وخاصة تاريخ الطبري وتاريخ ابن خلدون تقول ان يزيد بن معاوية قتل الآلاف من آل بيت رسول الله بعد مصرع الحسين بذريعة انهم روافض وعقابا لرفضهم مبايعته وتنصيبه .. ولم يسلم من تلك المجازر حتى الاطفال .. وحدث ما يشبه ذلك على يد الخليفة عبد الملك بن مروان عندما قتل مئات التابعين في المدينة المنورة بعد ان ذبح بصورة وحشية عبدالله بن الزبير سليل الصحابي الجليل أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم قال قولته الشهيرة وهو شاهر سيفه : ( والله لو أن أحدا منكم أمرني بتقوى الله لقطعت عنقه بحد هذا السيف )... كل تلك الاحداث الدامية والمؤسفة كانت صراعات سياسية على السلطة والثروة باسم الدين وقد استمرت في الخلافة العباسية والخلافة العثمانية ودول ملوك الطوائف ولا زلنا ندفع ثمنها حتى الآن بسبب الاصرار على الخلط بين الدين والسياسة.
* أنت تتكلم عن سياسة أخرى غير التي يقصدونها هم.. هم يقولون السياسة الشرعية؟
** هذا الكلام لا يضحكون علينا به، هناك علوم سياسية أما هذه السياسة الشرعية ما هي؟، هذا كلام فضفاض، ما الذي أنتجناه في ميدان السياسة الشرعية،، ولو كنا أنتجنا شيئاً مفيدا في هذا المجال ما دخلنا نفق الاستبداد والتخلف وأهملنا الشورى .. الفقه الاسلامي مثخن بمجلدات ضخمة تتحدث عن الحيض والنفاس وكيفية مباشرة الزوجة الحائض التي فتح لها البخاري ومسلم بابا خاصا ومستقلا والعياذ بالله ، مع ان الله قال للنبي (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) ،، فقهاؤنا نسبوا الى رسول الله أحاديث يندى لها الجبين في هذا المجال وتتعارض مع القرآن والفطرة واخلاق النبوة ، بينما لم يفردوا لنا بابا واحدا للشورى في مجلداتهم الكثيرة .. ومع هذا يأتي السلفيون اليوم ليتحدثوا عن ما تسمى السياسة الشرعية ..
* بالعودة إلى الخلاف مع الشيخ المهدي، أنت انتقدته لدفاعه عن حكومة طالبان أفغانستان، لماذا الشيخ المهدي؟
** مقاطعاً.. أنا انتقدته لموقفه من طالبان وموقفه من الحرب المفتوحة التي تقوم بها قواتنا المسلحة مع أوكار القاعدة التي تقتدي بتنظيم طالبان وتسعى الى اقامة امارة اسلامية على غرار نظام حكم طالبان الذي أشاد به المهدي وأبو بصيرأمير ما يسمى بتنظيم (القاعدة) في شبه جزيرة العرب، وهذا من حقي كمواطن يمني وليس كسياسي فقط.
* لكن لماذا التحامل على الشيخ المهدي بينما هناك كتاب ومثقفون غربيون أشادوا بتجربة طالبان في الحكم أو على الأقل ببعض الجوانب؟
** لم يشد بها أحد ولا يمكن أن يشيد بها إلا مجنون، كيف يشيدون بها؟
* مقاطعاً.. البي بي سي أنتجت فيلماً اسمه “عرين طالبان”؟
** يا عزيزي هذه كذبة كبرى..
* مقاطعاً.. أنا أعطيك أمثلة..
**مقاطعاً.. أنت تتكلم مع شخص سياسي ومتخصص في شؤون طالبان والحركات الإسلامية، وأنا أعرف بالأرقام حصاد نظام طالبان وأعرف رأي الكثير من مراكز البحوث والسياسيين وقادة دول العالم حول طالبان ومنظمات اليونسكو والصحة والغذاء الدولية، أرجوك لا تقل لي هذا الكلام.
* هل شاهدت فيلم “عرين طالبان” أو قرأت لروبرت فيسك أي إشادة بجانب من تجربة طالبان مثلاً؟
** يا أخي أرجوك، لا تقل لي إشادة، هل أنت تأتي الآن لتضحك علي؟، هذا الكلام قُلْهُ لشخص غيري، أنا لدي كتب باللغتين العربية والإنجليزية، ولم أجد كتاباً واحداً يمتدح حركة طالبان.
* هذا مراسل بي بي سي في أفغانستان يقول إنه كان في عهد طالبان يشعر بالأمان أفضل....؟
** مقاطعاً.. في عهد الطاغية الشيوعي ستالين كان هناك أمان.. ليست القصة قصة أمان، كان هناك رعب وخوف وجوع وجهل وإذلال للنساء ومصادرة للحريات وحقوق الإنسان، وتجاوز لقيم العصر، وعدم اعتراف بالمواثيق الدولية.. حرام عليك يا أخي أن تقول لي كان يوجد أمان في عهد طالبان، كان هناك سبعة ملايين نازح.
* والآن ما الذي يحصل في أفغانستان؟
** أنا لا أدافع عن النظام الحالي، أرجوك، أنا لا أمثل النظام القائم بأفغانستان.
* أنت في إحدى مقالاتك في سياق حديثك عن مساوئ حكومة طالبان ذكرت منها التعميم الذي يقول:”إذا ضبط أي مدمن للمخدرات فإنه سوف يودع السجن، وسوف يتم التحري عن الجهة التي حصلوا منها على تلك المخدرات، وسيعاقب البائع ويغلق متجره”، هل هذا يزعلك؟
** هذا الشيء الوحيد الإيجابي، ولكن مع ذلك فإن جلاوزة طالبان اشتغلوا بتجارة المخدرات، هم في البداية منعوا تجارة المخدرات لكن بعد ذلك ازدهرت زراعة المخدرات بعد أن تم محاصرة نظام طالبان، وصدرت فتاوى تبيح زراعة المخدرات للخروج من الأزمة الاقتصادية.. بعد ذلك اعتمدت امارة طالبان على تجارة المخدرات.. لكن أنا عندما أوردت المراسيم السبعة عشر لطالبان أوردت من ضمنها هذا المرسوم لكي أكون صادقاً مع نفسي ومع القارئ، ولم أشطب شيئاً وهذه نقطة في صالحي على أية حال.
* لكن لماذا تنتفضون على طالبان لأنها نفذت حكم القصاص أو جلدت امرأة بالزنا، بينما لا تحركون ساكناً على قتل أبرياء بالعشرات أطفالاً ونساء يومياً بطائرات أميركية من دون طيار- في وزيرستان وأفغانستان؟
** أنا أتكلم عن عهد طالبان، ولا أتكلم عن الاحتلال الأميركي لأفغانستان، هذا موضوع آخر..
* لماذا لا تستنكر انتهاكات الاحتلال الأميركي؟
** أنا أدين الاحتلال الأميركي لأفغانستان والعراق وموقفي واضح، وأرجوك لا تخلط بين هذا وذاك.. لدي ألف ملاحظة وملاحظة على الوضع الحالي في العراق أو أفغانستان وهو من صنع الاحتلال الأميركي.
* أنتم في وسائل الإعلام الرسمية أثرتم حتى استغراب المعارضة بانتقادكم لبيان العلماء في الوقت الذي كانت المعارضة تعتقد أن هذا البيان هو من صناعة السلطة؟
** هذا شأنهم.
* هناك من يتحدث بأن تنظيم القاعدة هو صناعة أميركية بامتياز، ما رأيك بهذا الطرح؟
** جزء من هذا الطرح صحيح.
* ما هو هذا الجزء؟
** في البداية كان التطرف مشروعاً أميركياً وبتمويل أميركي.
* ولماذا تحول؟
** لأن السحر انقلب على الساحر، وأنا في مقالي (الحلقة (26))الخميس الماضي أشرت إلى دور الغرب وأميركا في صناعة وتمويل الإرهاب.
* هناك من يقول إن السلطة وتنظيم القاعدة في اليمن وجهان لعملة، أو يشكك على الأقل في جدية السلطة في الحرب على القاعدة، لا بل البعض يذهب إلى القول بأن القاعدة خرجت من دار الرئاسة.. ما رأيك بهذا الطرح أيضاً؟
** عندما قرأت مقابلة أمير القاعدة بعد توحيد جناحي التنظيم في السعودية واليمن التي نشرتها جريدة (الناس) كفّر الرئيس علي عبدالله صالح وكفّر النظام، وقال كلاماً يجعل أي إنسان عاقل يتردد في أن يصدق مثل هذا الكلام، ثم إن الحرب المفتوحة بين اليمن وبين القاعدة تنفي هذه الأطروحة .. و الأكثر من ذلك أن ابن لادن قبل ست سنوات وتحديداً في عام 2004 وبصوته ظهر في قناة الجزيرة واعتبر الحكومة اليمنية حكومة كافرة وموالية لفسطاط الكفر، وقالها بعظمة لسانه، وهذا شأنه، ولذلك أعتقد أن مثل هذه الأطروحات تحتاج إلى تمحيص، ولعلها جزء من المكايدات السياسية والحزبية التي تلجأ إليها بعض أحزاب المعارضة في اليمن في صراعها مع الحزب الحاكم.
* من خلال بعض مقالاتك وجدتُ فيها حشداً هائلاً لتصريحات وأقوال الرئيس حول الإرهاب، وكأنك تريد أن تستدل منها على أنه ضد الفكر الذي يعتنقه الشيخ محمد المهدي؟
** لا ، لا، أنا أريد أن أقول إن الإرهاب لم يخرج من دار الرئاسة، وهذه المواقف التي أوردتها للرئيس علي عبدالله صالح منذ عام 1999 ومن ضمنها مؤتمر صحفي بالقصر الجمهوري بصنعاء انتقد فيه الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا بسبب إيوائها الشيخ عمر عبد الرحمن وأبو حمزة المصري، واتهم هذين الشيخين بأن لهما صلة بأحداث إرهابية حصلت منذ عام 92 في اليمن وطالب أميركا وبريطانيا بضرورة التخلص من هذه الازدواجية في المعايير، فهي تتكلم ضد القاعدة والإرهاب وتطالب دول العالم بمحاربة الإرهاب بينما تؤوي شيوخ الإرهاب،.. وأعجبني في هذا المؤتمر الصحفي ما قاله الرئيس بأنهم سيكتوون بنار الإرهاب إذا استمروا في هذا الموقف المزدوج، وفعلاً حصل بعدها بسنتين أحداث واشنطن ونيويورك وحدثت تفجيرات أنفاق لندن وتفجيرات مدريد ولشبونة وبرشلونة وتفجيرات في فرنسا، واكتوت أوروبا كلها بنار الإرهاب لأنها لم تكن واضحة وجادة في محاربته.. الحقيقة أن هذا الحشد الهائل كما وصفته أنت من أقوال الرئيس التي استشهدت بها كان الهدف منها ليس البحث عن أوجه تناقض بينه وبين المهدي أو الريمي أو هذه الجماعة أو تلك، وإنما كنت أريد أن أرد على هؤلاء الذين يقولون أن الإرهاب يخرج من دار الرئاسة، بينما العكس هو الصحيح، السياسة المناهضة للإرهاب هي التي تخرج من دار الرئاسة.
* بالمناسبة أنت تحدثت عن الشيخ الريمي، وانتقدت تصريحات له في حوار مع صحيفة “الغد”، بالمناسبة عناصر القاعدة شنوا هجوماً على الريمي بسبب ذلك الحوار الذي انتقدته أنت، فكيف تربط بينه وبين القاعدة؟
** لأن الريمي شأنه في ذلك شأن المهدي يضع إحدى رجليه مع القاعدة والأخرى خارج القاعدة، والقاعدة لا تريد ذلك وإنما تريدك برجليك معها.
* أنت تتحدث دائماً عن التطرف وتربطه بالإرهاب، لا يوجد حتى الآن تعريف واضح للإرهاب، ما هو هذا الإرهاب، ما هو التطرف؟
** الإرهاب معرّف دولياً، أنا ضد من يقول أنه لا يوجد تعريف دولي للإرهاب، الإرهاب معرّف دولياً منذ عام 66 ..هناك مجموعة اتفاقيات وقرارات دولية اتخذتها الأمم المتحدة بشكل تراكمي وتسلسلي بدأت بمكافحة القرصنة وخطف البواخر والطائرات.. وأحب أن أقول لك بالنسبة للذين يقولون إنه يجب التمييز بين الإرهاب ومقاومة الاحتلال، يوجد تمييز من الأمم المتحدة عام 66 من خلال قرار الجمعية العامة بشأن تصفية الاستعمار الذي قالت فيه ان الكفاح ضد الاستعمار ليس من أعمال الإرهاب، وعلى ضوء هذا القرار شكلت لجنة لتصفية الاستعمار فيما كانت الدوائر الاستعمارية تتهم دائماً حركات التحرر بأنها تقوم بأعمال إرهابية، وكانت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وجبهة التحريرفي الجزائر والجبهة الوطنية المتحدة لتحرير فيتنام تعتبر منظمات إرهابية بحسب الخطاب السياسي لدوائر الاستعمار، لكن الأمم المتحدة عملت حداً لهذه القضية عندما عرفت النضال ضد الاستعمار بأنه ليس عملاً إرهابياً.
* ولكن هل تتفق مع الطرح الذي يقول إن مصطلح الإرهاب الآن صار مجرد عصا بيد الولايات المتحدة الأميركية تلوح به ضد كل من يقف ضد مطامعها الاستعمارية؟
** ربما يكون هذا صحيحاً.
* تتهمون بأنكم تريدون إسلاماً على الطريقة الطنطاوية، يخلع الحجاب، ويفتي بجواز إقامة جدار فصل ضد الفلسطينيين، و... و... إلخ...؟
** ولماذا لا يريدون إسلاماً على طريقة حزب العدالة والتنمية في تركيا بقيادة أردوغان..
* ما رأيك بمسألة الجهاد، هل تؤمن بشيء اسمه الجهاد في الإسلام؟
** أنا أعتقد أنه حتى الأب عندما يكافح ضد الفقر لإعالة أسرته وتعليم أولاده فهو مجاهد.
* أنتم تريدونه بهذا المفهوم المحدود فقط؟
** نعم نعم، أما أن أحمل السيف وأعتدي على بلدان وأغزو بلداناً وأتجاوز الحدود فهذا يعيدنا إلى معاهدة (وستفاليا) عام 1648 بعدما ظهرت الرأسمالية بعد الثورة الصناعية واكتشاف البخار والكهرباء والكشوفات الجغرافية وأصبحت هناك حاجة إلى نمط جديد-- من العلاقات بين الدول حيث تم اقرار ضرورة الاعتراف بالحدود القائمة بين الدول بعد أن سقطت الدول الأمبراطورية وأقرت مبدأ السيادة وكان هذا أول نواة للقانون الدولي الحديث .. وعندما وقعت جميع دول العالم هذه المعاهدة تأخرت الدولة العثمانية لأن الفقهاء حينها أصدروا فتوى قالوا فيها إن التوقيع على هذه المعاهدة يبطل ويوقف فريضة الجهاد والغزو، ويشكل تعطيلا لآيات وأحاديث السيف والغزو والجهاد.. لكن السلطان العثماني احمد الثاني اضطر للتوقيع لأنه كان خاضعاً حينها لمعايير وموازين ومتغيرات وقيم عصرية جديدة.. قبل هذه الاتفاقية كان مفهوم الجهاد أنه بإمكان أي بلد غزو بلاد أخرى وفرض الخراج عليها، وكان العالم حينها يتكون من عدد لايتجاوز عدد اصابع اليد الواحدة من الإمبراطوريات عابرة الحدود من بينها نظام الخلافة الاسلامية الامبراطوري .. لكن الوضع الآن اختلف ومفهومنا للجهاد يجب أن لا يكون نسخة مكررة من مفهوم اسلافنا الأوائل .. لأن عصرهم لم يعد موجودا ولا يمكن ان يعود مرة أخرى .
* إذن وكأنك الآن تلغي الآيات القرآنية التي تتحدث عن الجهاد؟
** لا لا ولكن أؤولها.. هل تريد مني أن أحمل السيف والبنادق وأغزو الدول الأخرى وأقول للشعوب غير المسلمة سنقاتلكم حتى تنطقوا بالشهادتين وتعصموا دماءكم وأموالكم منا مثلما يقول المنظر العقائدي لتنظيم القاعدة أيمن الظواهري في كتابه ( فرسان تحت بيارق النبي ) والذي زعم فيه ان المجاهدين في تنظيم القاعدة مأمورون بالجهاد في سبيل الله وان يسيروا على خطى النبي وتحت بيارقه ويقاتلوا الناس الكفار حتى ينطقوا بالشهادتين ، فان قالوها عصموا من أتباع النبي دماءهم واموالهم !!!؟؟؟
* هناك نوعان من الجهاد، جهاد طلب وجهاد يسمى جهاد الدفع؟
** هذا اسمه دفاع عن النفس أو المقاومة المشروعة ضد الاحتلال والعدوان.. وإذا كنت تفهم الجهاد على أنه غزو وعدوان على الناس حتى ينطقوا بالشهادتين.. إذن فمن حق الآخرين أن يقاومونا ويدافعوا عن أراضيهم وحياتهم وأموالهم ومصالحهم ، ولذلك يجب إعادة تعريف بعض المصطلحات، وليس شطبها.
* إذن نسميه دفاعاً عن النفس وليس جهاداً؟
** تمام، سمِّه جهاداً، ولكن إذا كان الجهاد هو كما قال الشيخ عبدالله صعتر أو أيمن الظواهري : ( لا يجوز أن يبقى شبر على وجه الأرض لا يحكمه الإسلام، ولا يجوز أن يبقى إنسان على وجه الأرض لا يدين بالإسلام، وأن الله قال لرسوله ولأتباعه “وقاتلوهم” )، إذا أردت أن تفهمه بهذا المعنى فأنت حر ولكن أنا أقول لك إن هذا انتحار وسيعرض بلداننا وسيادتها للاحتلال والخراب، مع أن الله قد قال لرسوله (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين).. هناك في القرآن الكريم (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، بمعنى ان كل البشر من مؤمنين ويهود ونصارى وحتى صابئين سواسية عند الله في الدنيا .. و المقياس عند الله هو العمل الصالح، فلا خوف على من يعمل عملاً صالحاً بشرط أن يؤمن بالله واليوم الآخر، لأنه بذلك سيخاف الله في الدنيا وسيحرص على أن يكون عمله صالحاً.. فكيف ألغي عقلي وألغي هذه الآية وأقول أجاهد الناس حتى يكونوا مؤمنين.. هذه قضايا تحتاج إلى نقاش وحوار.
* نعم للحوار والنقاش، ولكن دعني أسألك سؤالاً أخيراً: عندما يكتب فيصل الصوفي يسأل الشيخ المهدي “من الذي وسع مؤخرة العسيري”، هل تعتقد أن هذا أسلوب حوار يرتقي إلى مستوى النخبة؟
** لا لا، هو المهدي قال إن “العلمانيين وسّعوا الحرب ضد كل فضيلة”، وأنا بالمناسبة أتحفظ على تعبير “علمانيين” لأن العلماني لا يوجد إلا في دولة علمانية، فالعلمانية هي صفة للدولة التي تفصل بين الدين والسلطة السياسية.. وعليه فان من يقبل بالعيش والعمل في ظل قواعد الدولة العلمانية فهو بالضرورة علماني .. فحزب العدالة والتنمية في تركيا حزب علماني لأنه يعترف بالعلمانية ويعمل وفق قواعدها، فهو حزب علماني حتى إن كانت هويته إسلامية.. وبالتالي لا يوجد علمانيون في اليمن لسبب بسيط هو أنه لا توجد دولة علمانية، وبالتالي هذا التعبير غير دقيق من الناحية العلمية، فالمهدي قال “إن العلمانيين في اليمن وسعوا الحرب على كل فضيلة” ، ومن جانبه رد الاخ فيصل الصوفي عليه، وسأله “من وسع مؤخرة العسيري” ويقصد بذلك الانتحاري الذي حاول اغتيال الامير محمد بن نايف فتطايرت أشلاؤه بعد أن أدخل تنظيم القاعدة في دبره أكثر من 500 جرام متفجرات من اجل اغتيال نائب وزير الداخلية السعودي، وهو من باب المقاربة.. صحيح أن المهدي كان أكثر تأدباً، لكن دلالة ومعاني التعبير الذي أورده تدل على جوانب أخلاقية وعلى أن الصوفي ومن وصفهم المهدي بالعلمانيين ينشرون الفسوق والانحلال ويبيحون المحرم، وهو رد عليه، وعموماً هذا شأن الصوفي، ولكن أنا أحاول أن أفهم دوافع الصوفي إلى استخدام هذا التعبير.
* أنتم متهمون بأنكم تدافعون عن “الإرهاب” وتنظيم “القاعدة”، وأنه تملككم الغضب جراء الضربات المتلاحقة التي وجهتها الدولة لتنظيم “القاعدة”، لماذا تدافعون عن تنظيم “القاعدة”؟
** بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم تسليماً. وبعد، أشكر القائمين على صحيفة (الغد) كما أشكرك أخي محمد. أما الجواب: أخشى أنها انتقلت إليكم العدوى من بعض الصحف التي فيها يعتبرون كل من عاداهم شخصيا بأنه عدو للدولة وأنه متعاون مع “القاعدة”. والحقيقة أنهم ليسوا صادقين لا مع الدولة ولا مع الشعب في هذا الطرح.. والصحيح أن يكونوا منتقدين للخطأ بعلم ومعرفة. فالغرب له توجه محدد وهو القاعدة بينما هؤلاء الكتاب شغلوا أنفسهم بكل عالم وشاب ملتزم..ونحن إنما ننكر هذه المشكلة، وقد كتبنا عن القاعدة وأفتينا ووقعنا بيانات من قبل، ولا يضر أن يجهلها هؤلاء فكأنهم يريدون أن نعرض عليهم كل ما نكتبه؟!..والذي نخطئكم أنتم الصحفيين بأننا ضُربنا بضرب القاعدة.. والصحيح أننا ننتقد نظرة بعض الصحفيين بأن تدريس العلم الشرعي والجمعيات الخيرية ومدارس القرآن وتعليم الناس الإسلام.. بأنه الخطر فيطالبون بضربه.
أما الخروج فقد رفضناه ممن كان سواء القاعدة أو الحوثيين أو السلفيين.. فكل من خرج بالسلاح فنحن ننكره.
* كيف تنكرون على الدولة حربها ضد تنظيم “القاعدة” وأنتم (أعني السلفيين) تستميتون في الدفاع عن طاعة “ولي الأمر”، هل تخليتم عن هذا المبدأ أم تناقضتم مع أنفسكم؟
** الآن ذكرتنا بماضي أصحابكم الذين أمطرونا بمقالاتهم بعد الملتقى السلفي منذ تسعة أشهر بأننا ذيل بغلة السلطان.. والآن جاءت الصحوة من بعض الكتاب بأننا لسنا مع الدولة على طول الخط. لأننا مع الحكومة في الصواب، ومع من أنكر الظلم بالحكمة. لكن بعض الكتاب لا يريدون أن يفهموا الفقه الإسلامي لأنه يمنع دخول الغزاة بلاد المسلمين، وهم يرون العراقيين الذين يدافعون عن أنفسهم بأنهم إرهابيون.. وأرى أن أمريكا عندها تدقيق أكثر منهم.
وأما البيان فهو واضح ففيه إنكار على “القاعدة”، ودعوة إلى مواجهتهم في نطاق المشروع والقانون. والنهي عن التدخل الخارجي.. وهذا قول وسط والعلماء أدرى بالوسطية وطبيعة الشريعة الإسلامية.. ولا نرى أن يملي البيانات علينا أحد ممن ليسوا من العلماء، ولا يرى العلماء أن الوسطية هي ما يتكلم عنها من لا يعرفها..
وأما أننا نستميت في الدفاع عن ولاة الأمر فمبدؤنا واضح لم يتغير وما علينا إذا لم يفهم موقفنا هؤلاء، فنحن مع الدولة في الخير، ونختلف معها في ما فيه معصية. ولا نجيز الخروج عليها، ولا نرى التدخل الخارجي في بلادنا. ولعل هؤلاء هم المتناقضون فهم تارة مع الدولة ومرة أخرى ضد الدولة.. وهم يعرفون أنفسهم.. وإذا كان الرئيس قد اتسع صدره لكل المذاهب وحتى خصومه، فهم يتكلمون باسم الدولة وصدورهم أضيق من سَمّ الخياط.
* أنت تقول بما معنى كلامك إن العلمانيين في اليمن، وذكرت أسماء ثلاثة منهم، أحمد الحبيشي وفيصل الصوفي وعبد الباري طاهر، يقفون مع الغرب لمحاربة أهل السنة والقاعدة، لماذا لم تذكر صراحة الرئيس والحكومة والأمن القومي وقوات مكافحة الإرهاب، كما يتساءل هؤلاء؟
** أولاً: أسال الله أن يعافي الأستاذ عبدالباري طاهر.. وأتمنى أن تتيسر لي زيارته.
ثانياً: ذكرتُ هؤلاء وهذا ليس للحصر فهناك آخرون ممن يواجه أهل السنة وهم مستعدون أن يكونوا مع الغرب، أو الاثني عشرية.. لأنهم يرون عدوهم الوحيد هم السلفيون.. لهذا لم يحاربوا الهندوس ولا المناهج الإيرانية التكفيرية، ولا خرافات الشيعة في العراق، ولا الصهاينة.. وكأننا أشد أعدائهم. وعليهم أن يفهموا أننا لن نفتح جبهة عشوائية ضد أحد. وإن كانوا متفاوتين في عداوتهم، لكن الحبيشي هذا هو منهجه من زمان فهو مشغول بالغائبين عن مهرجان الفنانة أصالة في عدن، وقد انتقد الحكام والوزراء بأنهم لم يحضروا المهرجان، ويطالب الواحد والعشرين مليون يمني بالحضور إلى عدن حتى وإن لم تسعهم عدن!!!، وله إلى الآن 26 حلقة كلها تحريض للحكومة بفتح جبهات أكثر مما هو حاصل، وتحريضه على الشيخ الزنداني وعلينا، وأنا الآن مهدد بأن أكون عُرضة لأي استهداف لهذا فهو المسؤول عن ذلك.. فهو لم يكن مشغولاً بالحوثية ولا الانفصال وإنما أعداؤه هم حزب الإصلاح والسلفيون.. وهذا حرب على جُلّ الشعب اليمني باسم السلفيين والإصلاح وغيرهم.. ولو كانت الحكومة تسير على سياسة الحبيشي والصوفي منذ زمان لفتحت على نفسها مشاكل هي في غنىً عنها، ولن يحلوا لها مشكلة. وأنا الآن ذكرتهم بكلمة فقط. ولم أنتقل إلى القضاء لأطلبهم، وهذا من حقي. وأما الحكومة فثقتي وبمعرفتي أنها لا تصدقهم ولا تثق بآرائهم. وإلا كنا في السجون..
وذكري لهم لأنهم يتدخلون فيما لا يعنيهم، ويشغلون أنفسهم في شؤون غيرهم، ولأنهم يحرضون علينا كذباً وزوراً.
* ذكرتهم بأنهم علمانيون ولا يوجد في اليمن علمانية؟.
** ماذا نقول فيهم؟ وهم الذين يركبون موجتهم في التشويه بالعلماء ومحاربتهم، ووضعوا أنفسهم بموقع الدفاع عنهم، ويطالبوننا بالاقتداء بهم، ويحاربون تدخل الدين بسياسة البلاد، وأن العلماء لا دخل لهم بشؤون الدولة!! فليبينوا لنا مَنْ هم؟! وهم يصفوننا بألقاب وأوصاف لا وجود لها إلا في مخيلتهم ورؤوسهم.. فتارة يقولون بأننا (وهابية) وتارة (تكفيريون) و(أصولية) (وإرهابيون) وهذه هي نغمة العلمانيين والحداثيين.
* أنت اتهمتهم بأنهم وسعوا الحرب على كل فضيلة؟
** أي موقف يقوم به العلماء هم الذين يتولون مواجهته.. ومنها حربهم على هيئة الفضيلة، وموقفهم اليوم من بيان العلماء.. ولم يسلم منهم حتى العلماء الأموات كالشيخ مقبل رحمه الله، ولا علماء السنة خارج اليمن..
* هم يقولون في كتاباتهم إنك محق في الربط بين السلفيين والقاعدة، “فالسلفيون ينظرون ويحشون أدمغة تلاميذهم بالأفكار المفخخة وتنظيم القاعدة ينقل الإرهاب من منطقة الفكر إلى منطقة الحركة بوصفه الجناح العسكري للسلفية الوهابية، ويستقبل انتحاريين تم تجهيزهم عقائدياً في المدارس السلفية”، كيف ترد؟
** أرد بأن هؤلاء الذين يطرحون هذا الطرح لم يتكلموا عن الواقع ولأنهم يعتمدون على الطرح الغربي، ولم يعرفوا التاريخ الإسلامي جيداً ولو رجعوا إلى التاريخ لعرفوا ما هي مناهج التكفير والقتل بداية من الاثني عشرية والباطنية، وتاريخهم واضح، وكيف ينسون الشيوعية التي اشتهرت مقولتهم: (اقتلوا ثلثي من في الأرض لتحكموا الثلث الآخر)، ومبدؤهم الثوري؟!! بل هم بكتاباتهم التحريضية هم من يريدون أن يتحول العلماء من مسالمين إلى أعداء للحكومة..لكن هيهات!!.
وأما من أسماهم “الوهابية” فمنهجهم معروف، وعلماؤهم قائمون بتعليم الناس العلم النافع، ويدعونهم إلى التوحيد.. وهم محل ثقة حكوماتهم. فالعبرة بالمناهج لا بالأخطاء الفردية الشاذة.. وكأنهم يظنون أن السلفيين هم الذين يطالبون بالانفصال، وهم الذين خرجوا بالسلاح على الحكومة في صعدة!!!، فعلماء السنة هم الذين يدعون الناس إلى الألفة ويعلمونهم الخير..وماذا عليهم إذا كانوا متهمين عند الصحفيين؟.
وليعلم هؤلاء أننا نرى أن التربية تبدأ بالعلم والتربية الصحيحة ثم نعلمهم في كل موقف بما يناسبه من حكم شرعي كالنهي عن الخروج بالسلاح، والدعوة إلى التهدئة وعدم الاستعجال.. وأما من لم يثق بالعلماء وذهب بعيداً وتأثر بالآخرين فهذه مشكلته لنفسه، ولسنا مسؤولين عن كل شخص. بل يمكن أن تكون كتابات هؤلاء الصحفيين هي التي تثيرهم كونها تحرض عليهم فيخافون على أنفسهم.. لأنهم لا يرون لهم حقاً إلا القتل والموت، ولو رجع أحدهم وتاب فتوبته عندهم محل شك وغير مقبولة...فهذا هو الخطأ بعينه.
وإن كانوا يرون أننا على خطأ فليأتوا لنا بمثالية صحيحة نتعلم ونفهم الإسلام منهم. وما هي الطريقة التي نعرف بها الدين الصحيح؟ فقد قرأت للصوفي الدعوة إلى فتح المراكز للاثني عشرية والباطنية بينما يمنع السلفيين من ذلك لأنهم بنظره يمثلون خطراً على البلد، بل هو يريد أن يستورد لنا مناهج يرضاها على هواه كبعض الدول العربية!!، فكيف آخذ ديني على مثل هؤلاء الذين يتناقضون ولا يعدلون؟!، وهم متعصبون للغرب.. فلماذا أمريكا وبريطانيا لم تحاسبا الناس على الجزئيات لكن الصوفي والحبيشي يحاسباننا على الجزئيات؟!!.
* أنتم يا شيخ تتهمون أحمد الحبيشي وفيصل الصوفي بالعلمانية، وهل تعني اللادين، هل يعني أنكم ترون تكفيرهما؟
** يا أخي الكريم الحكم بالكفر له وصفه الشرعي المعروف، لكن رغبة بعض الصحفيين بالإثارة هي التي تجعلهم يحرفون الكلام. فأنا لم أكفر أحداً، ولكن انتقدهم بأنهم يشغلون أنفسهم ويسخرون صحفهم في الدفاع عن الغرب، وحرب أهل السنة والسلفيين. أما التكفير عندنا فنرى أنه ليس كل من وقع في الكفر صار كافراً على الإطلاق، ولا نكفر أحداً بعينه مطلقاً. لأننا ننظر هل هو عالم أم جاهل، وهل هو مختار أم مكره، ومتأوّل أم لا؟ وهكذا. والتكفير باللازم ليس مذهب أهل السنة. والذي أطلب منهم أن يكتبوا فيما يحسنون.. فكيف يجوز لهم أن ينتقدوا العلماء، وينتقدوا الجماعات داخل اليمن وخارجها وكأنهم مطلعون على كل شيء، وكأن الإسلام والفقه هو الذي يرونه هم، والعلماء يجب أن يتابعوهم.
والخلاصة أننا لا نكفر الحبيشي وأحمد الصوفي وغيرهما.. وإن كانوا يعتبرون كل نقدٍ يُوجّه إليهم تكفيراً فهذه مشكلتهم!!.
* أنت ترى أن “الحرب ضد الإرهاب أو تنظيم القاعدة هي حرب بين الأمة ويجب إطفاؤها وإخمادها”، بينما هؤلاء الذين يختلفون معك يرون أن “الحرب هي بين العالم كله والأمة بأسرها وبين تنظيم القاعدة الذي بدأ الحرب على الجميع”، كما يقولون، كيف ترد؟
** يكفي أننا نرفض أسلوب “القاعدة” في نقل المعركة إلى بلاد المسلمين. والمرجع فيها العلماء أهل الاختصاص وليس غيرهم. والحكومة اليمنية مسلمة و”القاعدة” مسلمون. وأنكرنا التدخل الأجنبي. وهذا واضح.
* العلماء الذين أصدروا مؤخراً بياناً يحرم التدخل الأجنبي في اليمن، وأنت منهم، أين كنتم طيلة الفترة الماضية من العمليات «الإرهابية» التي يتبناها تنظيم «القاعدة» في اليمن، ولماذا لم تصدروا بياناً يستنكرها، هكذا تساءلت حتى افتتاحيات الصحف الرسمية، كيف تجيبون عن هذه التساؤلات؟
** لا نحتاج في كل حدث إلى بيان وقد بينا موقفنا من خروج الحوثيين و «القاعدة»، ولا نحتاج في كل حدث إلى بيان مستقل. لكن هل حصلت موافقة من العلماء لهم؟ هذا ما ينبغي أن يتساءلوا حوله, لكن هذا أسلوبهم لأنهم لا يريدون أن يفهموا، والعلماء هم الذين يعرفون المصالح والمفاسد أكثر ممن هو مشغول بحركاتهم وسكناتهم. وقد حضر الرئيس مع العلماء عدة ملتقيات ومؤتمرات، وآخر بيان لنا في الملتقى السلفي، وهذا هو البيان الأخير.
وأما التدخل الأجنبي فالدولة ترفضه، وما ضرنا ما يكتبه من يخالف منهج الرئيس.. فهم يكتبون عن كل من عفا عنه الرئيس، وقد شمل العفو أحد هؤلاء الكتاب وقد كان ممن يسبّه، وهو الآن لا يكتب عن الرئيس وسياسته وعفوه وإنما يحرض الرئيس ضد خصومه.
* لماذا لا تحرمون الانتماء إلى تنظيم «القاعدة» مثلما حرمه الشيخ السعودي العبيكان، وهو شيخ سلفي أيضاً، حتى يعرف الناس أن هناك فرقاً بينكم وبين «القاعدة»؟
** ما تعبدنا الله تعالى بتحريم الانتماءات للبلدان والأحزاب والجماعات.. لكن الواجب علينا أن نقول كل من يريد أن ينقل المعركة إلى بلاد المسلمين فهو مخطئ سواء كان في «القاعدة» أو الحوثية أو الشافعية أو السلفية أو أي حزب. والإرهاب لا نصنفه في أي بلد أو بأي دين أو جماعة.. وهل نقول يحرم على أهل اليمن أن يدافعوا عن أنفسهم؟، لأن هناك من يرى دفاع العراقيين عن أنفسهم إرهاباً كالاثني عشرية وغيرهم. ويكفي أن نقول إنه لا يجوز لأحد في أي مذهب أو شعب كان من كان أن يثير المشاكل ويؤذي المسلمين.
والعلامة ناصر الشيباني يقول الإرهاب هو نوعان مفروض ومرفوض. فالدفاع عن البلد مفروض، والفتنة في البلد مرفوضة. فكيف نقول في قوله تعالى (لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله)، فإذا كان اليهود يخافون منا فماذا نصنع لهم؟!، ونحن نرى أن الحرب الصليبية لا تفرق بين طالبان وغيرهم. والحرب ضررها يلحق الأبرياء كما في الأفغان وباكستان.
* إذن ما تفسيرك لهذه الاتهامات التي وجهت لكم شخصياً وتضمنتها بعض المقالات المنشورة في الصحف الرسمية، هل تعتبرها توظيفاً سياسياً لورقة «الإرهاب» للقضاء على الفكر السلفي في اليمن مثلاً، أم ماذا؟
** أصدقك القول إن قناعتي في منهجية بعض الكتاب انه منهج عدائي، ويرددون ما يردده الرافضة عن مسألة الوهابية والتكفيرية.. وأنا أجزم أن الرافضة الذين يدافع عنهم هؤلاء لن يحكموا لهم بالإسلام حتى يؤمنوا بالاثني عشر، وإذا كانت المسألة علمية فأهل السنة هم الذين يُعلّمون الناس الخير، وينشرون الفضيلة. فهل نرجع بالمسألة إلى البحث العلمي حتى نستفيد. أم نتبادل الاتهامات؟. أم نريد أن نحكم في كل من يخالفهم بأنه إرهابي. وقناعتي أن هناك كُتاباً إذا أصبح مسؤولاً على صحيفة كتب ما في رأسه وعقله.. ولا يتكلم بمنهج الحكومة. بدليل أن بعض المسؤولين استاؤوا مما كتبه هؤلاء حول العلماء وقد اتصل بي الكثير. فهي قضية شخصية بمحاربة خصومهم هم فقط. دون أن ينظروا إلى مصالح الحكومة.. وأغلب الصحف تعبر عن آراء إدارتها فقط.
* هناك دعوات تطالب العلماء بالحوار مع عناصر «القاعدة»، هل لديكم استعداد للحوار معهم؟
** هذا الذي أراه مع «القاعدة» ومع «الحراك» ومع «الحوثيين».. وهو حوار مشروع مع اليهود والنصارى بالرفق واللين وهم من باب أولى. ومن هنا أدعو هؤلاء الصحفيين إلى أن تكون كتاباتهم دعوة إلى الحوار حتى نكسب قطاعاً كثيرا من الناس والمعارضين. وقد رجع كثير من الشباب في «القاعدة» بسبب الحوار معهم لأنها هي الحكمة اليمانية. ولو أن الدولة تصدق هؤلاء المحرضين وتستعجل لتقتل كل من خرج عليها فستخسر الكثير.
ونحن إذ ندعو إلى الحوار كذلك نحذر من الخروج والتكفير للحكام والمسلمين، فالتثبت في التكفير أفضل من العجلة.. وقد قال بعض السلف (لأن أخطئ في الحكم بالإسلام على كافر، أهون من الحكم على مسلم بالكفر) وأنا مع الحوار، ولست مع الدمويين الذين يستبيحون دماء خصومهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.