فوزية النعمان قامة وطنية وتربوية قديرة وخير نصيرة ومدافع عن المرأة و مشجعة إياها لكسر حاجز الجهل والتخلف بالعلم، وللدفاع عن حقوقها واحتلال مكانة مرموقة في المجتمع . هي ابنة المناضل الكبير والجسور والمستنير من أحرار اليمن الشرفاء احمد محمد نعمان رئيس وزراء ما كان يعرف بالجمهورية العربية اليمنية في1965م. ترك رحيلها فراغا كبيرا لكل من عمل معها أو عرفها . عاشت في مدينة عدن في بيئة مفعمة بالعلم ، وترعرعت في المدينة التي غرست فيها تقدير العلم والدعوة لتحرير المرأة من الأمية الأبجدية . سيرتها العطرة تلف أي مكان عملت به أو سكنته أو مرت عليه والحديث يطول عن الأستاذة فوزية النعمان التي اختطفتها يد المنون فجر يوم الاثنين الأول من نوفمبر في العاصمة التونسية عن عمر 62 عاما و أثناء مشاركتها ضمن وفد إتحاد نساء اليمن والإتحاد النسائي العربي العام في المؤتمر الثالث لمنظمة المرأة العربية في تونس . وحتى أخر لحظة من حياتها ظلت تعمل ، ولم يقصر الإخوة في تونس رئاسة وحكومة في أداء واجب الإجراءات الطبية لإسعافها إلا انه القدر ، ورتبت الرئاسة التونسية عودة جثمانها بمرافقة وزيرة المرأة والطفل والمسنين التونسية تقديرا لمكانتها الكبيرة ، والحديث يطول عن سيرتها العطرة وهنا أورد كلمات طيبة وبسيطة غالية بالمعنى ممن زاملوها وعملوا معها. من الرعيل الأول لنشاط المرأة السياسي لطفية حمزة وكيل قطاع تعليم الفتاة بوزارة التربية والتعليم بحرقة وألم تحدثت عن الأستاذة فوزية قائلة : "صادف ذكرى الأربعينية الجمعة الماضية فاجتمعنا في بيتها عدد من الأخوات والزميلات والأهل والأقارب قرانا الفاتحة على روحها وتلاوة آيات من الذكر الحكيم ،اجتمعنا لأجل السيدة والأم والأخت والمربية الفاضلة والقدوة الحسنة في حياتنا. تعرفت عليها منذ أكثر من ثلاثين عاما جمعني معها العمل السياسي في إطار اتحاد نساء اليمن ، فهي القامة في التربية والتعليم والحركة النسائية اليمنية، ناضلت من اجل المرأة وسعت لان تصل إلى مواقع القرار وهي تعتبر من الرعيل الأول لنشاط المرأة السياسي في إطار ( جمعية الأسرة اليمنية ) النواة الأولى لتأسيس اتحاد نساء اليمن في( الشطر الشمالي)سابقا من يمننا ،وعملت مديرة لمدرسة سالم الصباح ، وجاهدت للقضاء على الأمية ،فأوجدت إستراتيجية محو الأمية ، وحرصت على تأسيس قطاع تعليم الفتاة ، ولم تكل العمل أبدا رغم انشغالاتها السياسية كونها عضو لجنة دائمة في المؤتمر الشعبي العام ومن الرائدات في الحركة السياسية ولها أنشطة متنوعة ومتعددة في إدماج النوع الاجتماعي في المناهج الدراسية وجذب البنات للتعليم ليزيد عددهن في الصفوف الدراسية وللحد من عملية تسربهن، وكما لها كتابات متعددة ومتنوعة وبعض المقالات السياسية والتربوية. وهنا لا استطيع اختزال ما احمله واعرفه عنها فبعد أن تقاعدت تحملت أنا مهام وكيلة القطاع لتعليم الفتاة ورفضت هذا المنصب لتقديري لها ،إلا أنها أقنعتني بان أتحمل قيادة القطاع أو سيحل شخص أخر قائلة: ليس لي مكان هنا أنا عملت وأسست اللبنات الأولى وعليكم مواصلة المشوار . هي أخت غالية وصاحبة قلب كبير أم وصديقة، الجميع يذكرها بالخير وأين وما جدت نجحت وهذا ليس بغريب عن ابنة رجل عظيم ومحنك وربطتني بأسرة النعمان علاقة قديمة ببنات أخوها محمد وأنا طالبة في المدرسة.. وأحب أن أشير هنا إلى أنها رشحت نفسها عن الدائرة الحادية عشر في أمانة العاصمة في أول انتخابات برلمانية بعد الوحدة في ابريل 1993م لأجل تشجيع المرأة لخوض الانتخابات وتفتح المجال لأخريات لخوض هذه التجربة ،كانت نبراسا وداعمة للمرأة ، وكما لا أنسى موقفها الشجاع وما يعنيه حجاب الرأس للمرأة ذا قامت برميه لحث و دعوة الرئيس علي عبدالله صالح للعدول عن قراره بعدم ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية 2006م . وكم تألمت لفراقها عند سماعي الخبر من احد الزملاء ولم أتمالك نفسي هزني الألم كثيرا وأغلقت على نفسي باب مكتبي ،واتصلت بالوزير وتحركت بعدها إلى مقر الاتحاد لنواسي أنفسنا بفراقها وسنظل نبكيها حتى نلحقها .. إنا لله وإنا إليه راجعون ". تقبلها الله بنفحة طيبة الأستاذة فاطمة مريسي رئيسة اتحاد نساء اليمن في محافظة عدن قالت : "حقيقة نحن نعزي أنفسنا وأسرتها بوفاة الفقيدة فوزية النعمان تلك العلم المعروف على مستوى اليمن والوطن العربي ، فهي أعطت للمرأة وضحت بصحتها ووقتها لتمكين المرأة وتأهيلها ،عملت في أطراف المدن والقرى لدعم تعليم المرأة ،فهي دافعت عن حقوق المرأة ، وهنا لا أنسى اللحظات الصعبة وأنا أشارك في تشييع جثمانها الطيب وكانت فاجعة عند سماعنا نبا وفاتها في تونس ، وحسب علمي أنها كانت متوجهة للقاهرة لمواصلة علاج شبكية عينها من معاناتها بمرض السكر ، ورغم معاناتها الصحية إلا إنها أحبت العمل وخدمة اليمن و أسست قاعدة تعليمية لم تؤسس في بلدان أخرى . كانت تعطي الأفكار و ترسم الخطط وأسست قطاع الفتاة ، وأقول بحرقة إن المرأة اليمنية خسرت علما كبيرا أعطت لها الكثير، وأنا واثقة إنها تركت نساء قائدات يسرن على خطاها إن شالله بقوتها وشجاعتها ، وأتذكر عند لقاءاتنا العملية في عدن في إطار اتحاد نساء اليمن تقول:( أنا أعطيتكم وقت كافي والآن سأتوجه لدائرة تعليم الفتاة بمكتب التربية والتعليم –عدن). أدعو الله أن يتقبلها بنفحة طيبة ". دعت لتربية أجيال يحملون الفكر لا السلاح ابتسام صالح علي : مديرة إدارة تعليم الفتاة بمكتب التربية والتعليم/ عدن . " في أربعينية الأستاذة الفقيدة الغالية فوزية نعمان يصعب الحديث عن الأم والأخت والمعلمة والمربية والمناضلة ، فعند الحديث عنها لا يمكن فصل جانب من حياتها على حدة بل نتناولها من كل هذه الجوانب التي برزت وعملت وعرفناها بها . فوزية نعمان عملت الكثير لهذا الوطن وجسدت فينا إلى أخر لحظة من حياتها روح العمل الهادف ، تعرفت عليها وهي تعمل وتلقيت نبا وفاتها وهي تعمل . فهي الرائدة الأولى في تعليم الفتاة وهدفها إيلاء اهتمام خاص بتعليم الفتاة التي اضطرتها الظروف لترك مقاعد الدراسة ، ومن خلال عملي معها طيلة الأربعة السنوات لقيادتها هذا القطاع غرست فينا مبادئ العمل التربوي السليم علمتنا كيف ننشئ فتاة اليوم أم الغد التي من شانها تربية أجيال يحملون الفكر والعلم لا حمل السلاح والفكر الإرهابي . وكانت أقوال الأستاذة لا تخرج عن هذا الإطار كيف ننشئ فتاة تعتمد على ذاتها لخلق امرأة سوية تشارك أخيها الرجل في عملية التنمية المستدامة مساهمة في الدفع بعملية التطور ، وبصماتها فينا كثيرة وجسدت قول ( حي على الفلاح حي على خير العمل ) وهنا أجدها فرصة لأطالب وربما تكون جرأة مني بان يسمى صرح تربوي بعدن باسمها في المدينة التي تلقت فيها الأستاذة فوزية تعليمها الابتدائي . ووسط الدموع والعبرات تواصل الأستاذة ابتسام عن القامة التربوية الكبيرة التي عملت معها قائلة : " لا ادري ماذا أقول احمل لها الحب الكبير في قلبي وادعوا لها بالرحمة فهي علمتنا الكثير والكثير وأنا في محافظة عدن كنت المدللة عندها ، وهزني خبر وفاتها الذي تلقيته من إحدى زميلاتي وفوجئت بعدها الجميع يعزيني بوفاتها من الزملاء في محافظة عدن وخارجها لمعرفتهم بارتباطي الكبير بها فهي الصدر المتسع للجميع وبفراقها بالأمانة أقول شعرت باليتم ومكانتها كأحد أفراد أسرتي ألف رحمة عليها وليسكنها الله فسيح جناته " . إحدى ثمار شجرات الأستاذ النعمان أمان البعداني مدير عام دعم تعليم الفتاة في ديوان وزارة التربية والتعليم قالت: " فوزية النعمان أستاذة جليلة وتربوية قديرة و لها إسهامات سياسية في المجتمع المدني ومبادرة وطنية وإنسانة بمعنى الكلمة ،بصماتها واضحة في إطار تعليم الفتاة طول مشوار حياتها حيث عانت هي الكثير في سبيل العلم وحتى تخرجها من التعليم الجامعي ،ولهذا شعرت بمعاناة الفتاة اليمنية في الحصول على العلم وخصوصا في المناطق النائية. فهي الأم والأخت والمربية والداعية لتعليم الفتاة و ومتفاعلة مع قضاياها ، ولإيمانها الراسخ بان فتاة اليوم هي من يعول عليها تربية نشئ الغد تربية صحيحة بأفكار نيرة والعمل مع الفتاة هو العمل مع المستقبل" . وتضيف الأستاذة أمان: " تركت فينا فوزية النعمان حب العمل والتعاون والتضحية والعمل في أي مكان جوا برا بحرا ولها بصمات وادوار ومساهمات فاعلة للحد من العادات والتقاليد التي تحط من شان المرأة ، وصنعت فينا الإرادة وكيف نواجه الصعوبات والدور البارز للمرأة في عملية التنمية . وكم كان قلبها يتسع للجميع وكانت مرجعي في أموري الشخصية والعملية هي أخت وصديقة وعند علم أمي بوفاتها تألمت وشدت شعرها لانها تعرف معزتها عندي رغم إنها لم تلتقي بها أي يوم ودعت لها بالرحمة . وختاما أقول هي رمز العطاء عملت دون كلل ومرات كثيرة على حساب صحتها وفي أيامها الأخيرة لم تتوانى عن طرح ما عندها من قوة لدعم عمل المرأة وتعليم الفتاة وهذا ليس غريبا عن ابنة تربت في كنف أسرة وطنية أبوها المناضل المستنير والسياسي المحنك احمد محمد النعمان وهي ثمرة من شجرة طيبة عمودها الأستاذ النعمان يرحمه الله . وكنت أتمنى مع نهاية خدمتها العملية وإحالتها للتقاعد أن يتم اختيارها في مجلس الشورى وهو ابسط تقدير لامرأة أحبت وعملت الكثير لليمن وللمرأة خاصة ،فألف رحمة عليها " . نشر بالتزامن مع صحيفة ( الأمناء ) بموافقة الكاتبة