"سرقة كنز بنغازي" قد تكون واحدة من أهم السرقات المتعلقة بالأثريات في العالم، وقد رصدت الحدث صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية وعادت به الى مقالات قديمة للعثور على صور لهذا الكنز وهذا ما حصل عبر مقالة هي أقرب الى التحقيق نُشرت عام 1958 في العاشر من تشرين الأول في صحيفة ايطالية هي "ايطاليا نوميسماتيكا". وكانت قد أُطلقت "صفارة الإنذار" قبل نحو شهر من قبل الانتربول الى 188 دولة من الدول الأعضاء بأن "كنز بنغازي" الذي تمت سرقته مباشرة بعد تحرير بنغازي معرّض الى خطر الاندثار وعدم العثور عليه لأن الانتربول لا يملك صوراً رسمية وواضحة لهذا الكنز. كما جاء في البيان الإنذار: "يجب التوجه فوراً الى المصرف الوطني للتجارة" في بنغازي حيث كان الكنز موضوعاً في حراسة مشددة وقيمته 8 آلاف قطعة نقدية من الذهب والفضة والبروز، ويجب التأكد إذا أمكن العثور على بعض القطع (...) لأنها تقود الى الأخرى المسروقة (...)". وقد جاءت أيضاً تصاريح البروفسور سيرينيللا إنسولي مديرة البعثة الأثرية الايطالية الى سيرانا في ليبيا، التي وبعد اجتماع عقد في 21 تشرين الأول الجاري، صرّحت بأنه في الواقع "تم العثور على صور واضحة وكافية لهذه القطع الأثرية". والصور الرئيسية هي لأربعة أنواع من القطع النقدية من الجهتين. وتعود أهمية هذه القطع الى أمرين: أولهما انها قديمة جداً وتاريخ تصنيعها ينحصر بين العامين 375 و570 ق.م. وثانيهما انها تمثل في رسومها نبتة تدعى "سيلفيوم" التي انقرضت نهائياً وليس من دليل اليها سوى رسوم القطع هذه، وقد أعلن هذا الخبر العلمي قبل أكثر من نصف قرن ولم يكن لأحد ان يمتلك هذه الأثريات أو شيئاً منها وقد سعى الى ذلك عدد كبير من متاحف العالم. وكانت تعتبر نبتة "سيلفيوم" بمثابة "الهبة المقدسة من الطبيعة" بالنسبة الى الحضارة اليونانية القديمة. ويحكى ان الشعب اليوناني كان يؤمن ان "عصير هذه النبتة مقدس وله فضائل كثير على الإنسان..." وذلك حسب معتقداتهم ودياناتهم القديمة"، وكان القيصر يمتلك دائماً صناديق موضبة من هذه النبتة ويكافئ عناصر جيشه بكميات منها، حتى اعتبر المؤرخون ان هذه النبتة ثروة "سيرانا" القديمة والجوار الممتد من "حدائق اسباريد" الى مدينة سيرت، لكن اعتبار هذه النبتة انتهى منذ قدوم نيرون الى الحكم وبعدها خفت الطلب عليها وانقرضت اليوم. وأولى قطع "سيرانا" المؤرخة تقريباً بتاريخ 570 سنة ق.م. تظهر نبتة السيلفيوم على جهة من القطعة النقدية، وعلى الجهة الثانية رأس جيوف (وجوبيتر أو رأس آريستي ابن أبولون وسيرانا وهو أشهر من عرف كيف يحضر "عصير هذه النبتة". وحين أصبحت هذه القطع النقدية ذهبية ابتداء من العام 37وحين أصبحت هذه القطع النقدية ذهبية ابتداء من العام 375 ق.م.، لم تعد هذه النبتة موجودة بل اعتمدت واحدة أخرى لترافق رسوم الانتصارات الوطنية. والمعروف أن ايطاليا التي دخلت ليبيا فترة الانتداب لها لسنوات طويلة امتلكت هذه المجموعات النقدية من العام 1940 الى العام 1961 ومن ثم أعادتها الى البلاد حين حصلت ليبيا على استقلالها. وقد تشكل رحلة البحث عن هذا "الكنز المفقود" موضوعاً مشوقاً لهذا العام أو لسنوات مقبلة إذ تسجل لدى "الانتربول الدولي" هدفاً مهماً قد يسجل مفاجآت كثيرة وعلى أكثر من صعيد.