تجاوزت حكومة الوفاق الوطني، المشكلة مناصفة بين حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقا وبين تكتل أحزاب المعارضة اليمنية، كل عقبات تشكيلها وتجاوزت كل الخلافات بشأن تقاسم الحقائب الوزارية وتسمية الوزراء، غير أنها قوبلت باستياء كبير من قبل شباب الثورة إثر التجاهل التام لمطالبهم بإسقاط النظام خاصة مع تسليم وزارات الدفاع والنفط والخارجية لحزب المؤتمر الحاكم سابقا. وعبّر العديد من شباب الثورة اليمنية ل(القدس العربي) عن استيائهم الشديد جراء تشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة في اليمن محمد سالم باسندوه، إثر ما اعتبروه (انتصارا) لنظام الرئيس علي عبد الله صالح بهذا التشكيل الحكومي الذي 'أعطاه الكثير من مكامن القوة بعد أن كان فقدها بسبب الفعل الثوري' وفي مقدمة ذلك منح حزب المؤتمر الذي يرأسه صالح حقائب سيادية من الدرجة الأولى وهي وزارات الدفاع والنفط والخارجية. وأوضحوا أن 'منح وزارة الدفاع لحزب المؤتمر في هذا التشكيل الحكومي يعني سحب القوة الداعمة للثورة الشعبية وإعادتها لنظام صالح بعد أن كان فقدها خلال شهور الثورة، والمتضمنة إعادة ألوية الجيش المؤيد للثورة الشعبية إلى قوام وزارة الدفاع تحت قيادة حزب صالح'. وشددوا على ان تشكيل حكومة الوفاق الوطني بهذه الصورة يعدّ 'تراجع كبير للثورة وتقدّم لصالح النظام'، خاصة في ظل فقدان الثقة بنظام صالح وفي جديته بمنح قوى المعارضة سلطة فعلية، وان الصراع ظل خلال الفترة السابقة من عمر الثورة اليمنية صراع قوة وليس صراعا سياسيا، كما أن تشكيل حكومة الوفاق الوطني لا يحقق التغيير المنشود للنظام برمته. وأكد بعضهم أن التشكيل الحكومي الجديد برئاسة قوى المعارضة لا يخلو من (مناورة) إذا لم يكن (فخا جديدا) يراد به اصطياد قوى الثورة والمعارضة و'حشرهم في دائرة ضيقة تفقدهم مكامن قوتهم وتتسبب في إضعاف ثورتهم بعد أن كانت حققت الكثير من التقدم على الصعيد العسكري والسياسي'. مشيرين إلى أن منح وزارة الداخلية لقوى المعارضة لا يعني شيئا، نظرا لعدم وجود قوة عسكرية ضاربة في يدها، كما أنها ستظل مقيّدة بالقادة الميدانيين للأجهزة الأمنية الموالين لنظام صالح، ولن تكون قوة مؤسساتها بمستوى القوة الكبيرة التي تملكها ألوية الجيش التابعة لوزارة الدفاع الممنوحة لحزب المؤتمر. وذكروا ان منح وزارة المالية للمعارضة قد يكون وسيلة ل(إفشال أدائها) بعد أن سحب نظام صالح أغلب أرصدة الدولة خلال الشهور الماضية وتصديرها لصالحه في الخارج، كما أن المورد الرئيس للميزانية العامة للدولة يأتي من عائدات صادرات النفط والتي غالبا لا تدخل في حسابات وزارة المالية، خاصة في ظل التشكيل الحكومي الجديد الذي منحت فيه وزارة النفط لحزب المؤتمر. وبشكل عام لم يحقق تشكيل حكومة الوفاق الوطني في اليمن أي طموحات لشباب الثورة بقدر ما اسهم فقط في اخماد فتيل الحرب الأهلية التي كان يلوّح بها نظام صالح في أكثر من منطقة وهدد في اللجوء إليها كوسيلة للضغط على قوى المعارضة من أجل إجبارهم على توقيع المبادرة الخليجية والقبول ببنودها وفقا لشروطه والتعديلات التي طرأت عليها من قبله. وكان نائب رئيس الجمهورية في اليمن عبدربه منصور هادي أصدر مساء الأربعاء قرارا جمهوريا بتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة، رئيس المجلس الوطني لقوى الثورة، مكونة من 34 حقيبة وزارية، احتفظ حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقا منها ب 17 حقيبة، فيما شغل تكتل أحزاب المعارضة 17 حقيبة وزارية أخرى، من بينها خمس وزارات سيادية لكل طرف منهما، واشتملت الحكومة على ثلاث حقائب وزارية للمرأة، اثنتين منهن للمعارضة. ونص القرار الجمهوري على أنه 'بناء على قرار رئيس الجمهورية رقم 24 لسنة 2011 بشأن تفويض نائب الرئيس بالصلاحيات الدستورية اللازمة لإجراء حوار مع الأطراف الموقعة على المبادرة الخليجية، وبناء على مبادرة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية الموقعتين في مدينة الرياض بتاريخ 23/ 11 / 2011 وبناء على ترشيح المؤتمر الشعبي العام وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائه، قرر تشكل الحكومة'. وفي الوقت الذي احتفظ فيه حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم سابقا بأغلب وزرائه السابقين في الحقائب الوزراية التي كانت من نصيبه، عيّن تكتل أحزاب اللقاء المشترك وزراءه من الكفاءات بينهم سيدتين. واعتمدت التشكيلة الحكومية برئاسة محمد سالم باسندوه على التوزيع الجغرافي والكفاءات العلمية والخبرات العملية وحظي حزب التجمع اليمني للإصلاح، ذو التوجه الاسلامي المعتدل، بنصيب الأسد من بين الحقائب الوزارية التي منحت لتكتل المعارضة.