تمسك رئيس تكتل الثورة اليمنية عبدالرقيب منصور، بمحاكمة نظام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح ورموز نظامه الذين افسدوا الوضع السياسي في اليمن «حتى لو كانت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تفلت صالح من العقاب»، وقال إن الثورة اليمنية تطالب بمحاكمة صالح «لأن هناك نحو 1250 شهيداً ونحو 22 ألف جريح نسبة كبيرة منهم تعرضوا لإعاقة دائمة». وقال - في حواره مع «الراي» - إنهم «ملتزمون بالمبادرة الخليجية التي تنص على أن يترك صالح السلطة في شهر فبراير المقبل وبعدها تجرى انتخابات رئاسية». وأضاف منصور: «حتى لو كانت المبادرة الخليجية جعلت صالح يفلت من المحاكمة أو العقاب فلن يتنازل الشعب اليمني لأن هذا يخالف الشرع والقانون وحتى منطق أولياء الدم». وأوضح أن الرئيس اليمني «لم يعد قادرا على حكم اليمن وهو محاصر في منطقة صغيرة بالعاصمة صنعاء وانفض أنصاره من حوله (...) وقوته تكمن في أنه رئيس منذ 33 عاما»، مشيرا إلى أن «هناك غرف عمليات في السفارتين السعودية والروسية لمراقبة تسليم السلطة في اليمن». وشدد على ان الثورة اليمنية «تمسكت بسلميتها في بلد به نحو 60 مليون قطعة سلاح وتوقع المراقبون أن تكون هناك حرب أهلية في اليمن، ولكن الشعب اليمني ترك السلاح في المنازل ونزل إلى الميادين ليتظاهر سلميا ضد النظام». وقال إن حركة التغيير في العالم العربي «حققت مكاسب كثيرة أهمها اختفاء منطق تأبيد الحكم أو توريثه، واستعادة سلطة الشعب وهو ما يظهر في الدول التي نجحت فيها الثورات حاليا»، معتبرا انه «لن يستطيع الحاكم أن يتجرّأ على هذا الشعب بعد الآن وسيظل خادما ومراعيا وليس متكبراً متجبرا». وفي ما يلي نص الحوار: • كيف تقيّم الوضع في حركات التغيير في العالم العربي؟ - لا شك أن ما حدث من تغيير في المنطقة العربية، بدءا مما حدث في تونس ثم مصر، وامتد إلى بقية الدول العربية، ومنها اليمن يمثل تغييرا في المنطقة مهما كانت العراقيل والصعوبات والمعوقات التي تظهر هنا أو هناك... ويبقى أن العالم العربي يتغير إلى الأفضل والأحسن بالرغم مما يبدو في ظاهر الأمر من مشاكل. • كيف ترى مشاهد الإيجابية في التغيير حتى الآن؟ - لم يعد هناك أحد يتحدث عن تأبيد السلطة أو توريث الحكم. • أي أن الأمر أصبح في إرادة الشعوب؟ - جميع الدساتير تتحدث عن أن الشعب هو مصدر السلطات، لكن النظم السياسية كانت تمارس قمعا ضد الشعوب، وما يحدث حاليا هو مراعاة للشعوب وللشارع ولن يستطيع الحاكم أن يتجرّأ على الشعب بعد الآن وسيظل خادما ومراعيا وليس متكبرا متجبرا كما كان يحدث، وهذا تغيير للأفضل مهما كان هناك ما يشوب هذه التجربة لأنه قد يصل فصيل للبرلمان وهو ليس معبرا حقيقيا عن الشعب في ظل الفترة الانتقالية الحرجة التي تمر بها الثورات العربية، ولكنه في النهاية سيراعي أبناء الشعب ولن يخالفهم. • بالنسبة للثورة اليمنية التي بدأت منذ شهر فبراير ولم تحقق أهدافها حتى الآن لماذا في رأيك؟ - الثورة اليمنية حققت أهدافا كبرى على صعيد الواقع اليمني المعقد بالإضافة إلى المحيط الاقليمي المحبط والمناهض لأي ثورة تقوم في المنطقة، ويكفي أن نشير إلى أن الشعب اليمني أظهر سلمية لم تكن معهودة، حيث إن الجميع كان يتوقع بلدا فيها قرابة 60 مليون قطعة سلاح أن تشهد حرباً أهلية، لكن الجماهير اليمنية خرجت من بيوتها تاركة سلاحها في البيوت وظلت في الميادين قرابة 10 أشهر بصدور عارية ومن دون سلاح. وبالرغم من محاولة النظام لأن يجرها إلى مربع العنف لكنها ستظل سلمية وستبقى، الأمر الآخر هو المرأة اليمنية التي شاركت بقوة في الثورة، وخرجت بعشرات الآلاف في كثير من المدن اليمنية حتى المدن النائية، ولعل حصول توكل كرمان على جائزة نوبل للسلام يمثل دعما للمرأة اليمنية والشباب العربي للمشاركة في التغيير، حيث كانت من أوائل الشباب الذين قادوا الثورة ضد النظام. الأمر الآخر أنه كل يوم يمر وعمر النظام اليمني يقل، ووفق مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي ستكون هناك انتخابات رئاسية مبكرة في 21 فبراير المقبل لإزاحة علي عبدالله صالح ونظامه عن حكم اليمن، وربما يكون هذا التغيير الجزئي الذي يعقبه تغيير كلي بإزاحة نظام صالح كاملا لأن هدف الجماهير ليس إزاحة صالح فقط وإنما نظامه ومحاكمة صالح ورموزه. • الشعار الذي رفعته الثورة اليمنية هو إسقاط النظام. هل ستنتظر الثورة حتى إجراء الانتخابات الرئاسية في فبراير أم ستعجل بإسقاط النظام؟ - عبدالله صالح لم يعد قادرا على حكم اليمن لأنه موجود في مربع صغير بمدينة صنعاء العاصمة التي أصبحت مقسمة إلى ثلاثة أجزاء، وفقد السيطرة على اليمن وحتى على المدينة، وقوته تكمن في أنه رئيس منذ 33 عاما والقوات المسلحة والمخابرات والأجهزة الأمنية لا تزال تحت قيادة أبنائه وأقربائه وبالتالي لا يزال متحكما في هذه القوى، بجانب الأموال والدعم الذي يأتي له من الخارج وهو ما يمكنه من البقاء في الحكم، ولكن يوميا ينفضّ أنصاره من حوله. الشيء الآخر، هناك مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي لإجراء الانتخابات الرئاسية في وقت مبكر واختيار رئيس توافقي هو عبدربه منصور هادي، وأعتقد أن هناك ضغطا إقليميا على عبدالله صالح وهو يحاول إعاقة هذا الاتفاق، وهناك غرفة عمليات في السفارة السعودية تمثل دول مجلس التعاون الخليجي وأخرى في السفارة الروسية تمثل الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لمتابعة تنفيذ الاتفاقية التي تنص على أن هناك مرحلتين، الأولى 3 أشهر ينتخب بعدها رئيس جديد والثانية لعامين يتم خلالهما وضع دستور جديد لليمن ومعالجة القضايا الداخلية، وبالتالي هناك اتفاق على إزاحة على عبدالله صالح خلال 3 أشهر. • لكن هناك ثمة انصاراً للرئيس علي عبدالله صالح خصوصا القبائل التي ينتمي اليها؟ - هناك من يحاول أن يصور أن هناك فريقين في اليمن، والواقع أن هناك فريق الحكم والسلطة ومن يعاونهم لاسباب مادية ومصلحية، وهناك جماهير الشعب الموزعة في حوالي 30 ساحة للحرية في انحاء اليمن ويسيرون التظاهرات يوميا وفي أيام الجمع، في الوقت الذي يستخدم صالح ميدانا واحدا وهو ميدان السبعين ومسجد الصالح الذي يحضر بعض المنتفعين الذين يأتون مدفوعي الأجر وهم يتناقصون وينفضون من حوله لأنهم عرفوا أن المستقبل لم يعد لهم. وبالتالي الثورة اليمنية ستستمر بسلميتها حتى إسقاط صالح ونظامه، ولن نتنازل عن محاكمة رموزه حتى لو كانت المبادرة الخليجية تجعل صالح يفلت من العقاب لأن هذا يخالف الشرع والقانون والعرف الدولي. • معنى ذلك أن الشعب اليمني لن يتنازل عن محاكمة النظام حتى في حال تخلية عن الحكم؟ - الجماهير تطالب بمحاكمة صالح لأن هناك شهداء سقطوا، فهناك 1250 شهيدا سقطوا وحوالي 22 ألف جريح نسبة كبيرة منهم معاقون وهم سقطوا في ميادين الحرية والتغيير، وبمنطق أولياء الدم لن يتنازل الشعب اليمني عن محاكمة صالح حتى لو كانت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تفلت صالح من العقاب، لذلك الجماهير اليمنية وقفت ضد المبادرة الخليجية بسبب هذه المادة التي تجعل صالح يفلت من العقاب. وهناك كثير من المنظمات الدولية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة ومنظمة هيومان رايتس كلها قالت إن ذلك مخالف للقانون الدولي بأن يفلت شخص من العقاب خصوصا في جرائم انتهاك حقوق الإنسان.