وسط مقاطعة كبيرة في مناطق التمرد الحوثي بالشمال واضطرابات عدة بالجنوب حيث أغلق "الحراك الجنوبي" الانفصالي بالقوة مراكز اقتراع عدة, أقبل الناخبون اليمنيون على التصويت بكثافة للمرشح التوافقي والوحيد عبد ربه منصور هادي للرئاسة ضمن استحقاق تاريخي يطوي صفحة حكم الرئيس علي عبدالله صالح الذي استمر 33 عاما. وأشرف على العملية الإنتخابية التي انطلقت منذ الثامنة صباحاً حوالي 89 ألف شخص فيما تولى نحو 103 آلاف ضابط وجندي من الجيش والأمن حماية اللجان والمراكز الانتخابية, وسجلت صنعاء ومحافظات إب وتعز وذمار إقبالا كبيرا للناخبين على صناديق الاقتراع. وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات, التي دعي إليها حوالي 12 مليون ناخب, أن عملية الاقتراع جرت بصورة طبيعية في 292 دائرة انتخابية بين 301 دائرة, مشيرة إلى أن الإقبال على الاقتراع فاقت المتوقع في ساعته الأولى, ولافتة إلى أن بطاقات الاقتراع نفدت في بعض المراكز الانتخابية. وقال عضوا اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء القاضي سبأ الحجي, مشرف اللجنة الأمنية, والقاضي سهل حمزة, رئيس قطاع الإعلام والتوعية الإعلامية, خلال مؤتمر صحافي, إن عملية الاقتراع توقفت في تسع دوائر انتخابية منها خمس في محافظة لحج وثلاث في الضالع ودائرة واحدة في أبين وتم نقلها إلى عواصم المحافظات. وأوضحا أنه تم تسجيل عدد من الحوادث الأمنية في بعض الدوائر منها حادثة قنص من منزل مجاور لمركز انتخابي تابع للدائرة 142 استهدف أحد أفراد الأمن المكلفين حراسة اللجنة وتم ضبط أربعة من الجناة وحادثة أخرى في الدائرة 25 ", مؤكدين أن العملية الانتخابية سارت بشكل عام بصورة طبيعية ومطمئنة. من جانبه, أكد الرئيس اليمني المقبل, خلال إدلائه بصوته في صنعاء وسط تدابير أمنية مشددة, أن استحقاق الانتخابات هو "إغلاق لصفحة الماضي وفتح لصفحة جديدة ناصعة البياض نكتب عليها مستقبل اليمن الجديد". من جهتها, قالت الناشطة المعارضة وحائزة جائزة نوبل للسلام توكل كرمان, إن الانتخابات "يوم عيد بالنسبة لليمنيين لأنه يوم رحيل علي عبد الله صالح وانهاء حكم المستبد والظالم وإنهاء فترة من الزمن عبث بها صالح واستمرت 33 عاما". ودعت الرئيس الانتقالي الجديد إلى أن "يعمل من أجل الشباب والا فان ساحات الاعتصام موجودة وستظل كلجان مراقبة على حكومة الوفاق وعلى الرئيس المنتخب". أما اللواء النافذ علي محسن الأحمر الذي شكل انشقاقه عن صالح وانضمامه للمحتجين تحولا كبيرا في المشهد السياسي اليمني, فقال لدى ادلائه بصوته في صنعاء, "أنا سعيد جدا بهذا اليوم لأنه يوم انتقال السلطة سلميا وهذا يبشر بعهد جديد وبمستقبل باهر". في المقابل, تمكن مسلحو "الحراك الجنوبي" من إفشال الانتخابات في مدينة المعلا التابعة لمحافظة عدن بالجنوب بعد اقتحام المراكز الانتخابية فيها وفي حي القلوعة بالتواهي ومديرية المنصورة وعطلوا الانتخابات في منطقة الشيخ عثمان وصادروا الصناديق الانتخابية وطافوا بها في شوارع عدن رافعين علم الإنفصال. وقال شهود عيان ل¯"السياسة" إن عناصر الحراك انتشروا على أسطح شوارع المعلا وعماراتها وأخذوا يطلقون النار بشكل عشوائي, واشتبكوا مع قوات الأمن في المنصورة والشيخ عثمان وحي عبد العزيز وريمي وحي نجوى مكاوي بعد اقتحامهم مركزين انتخابيين وإغلاق مقر لجنة الانتخابات في معهد أمين ناشر للعلوم الصحية في خور مكسر ما أدى إلى إصابة 4 جنود. ولفتوا إلى أن عناصر "الحراك" اقتحموا مقر لجنة انتخابية في الشيخ عثمان واحرقوا صناديق الاقتراع, وقتلوا طفلا كان يرافق والدته أثناء ذهابها إلى أحد المراكز الانتخابية, مشيرين إلى أن 18 شخصا بينهم 15 مدنياً أصيبوا في منطقة التواهي, كما قتل جنديان وأصيب ستة آخرون على أيدي مسلحي "الحراك" في منطقة كريتر, مؤكدين أن عدداً من الناخبين اضطروا للإدلاء بأصواتهم في المركز الانتخابي المخصص للنازحين من محافظة أبين بملعب 22 مايو. ونجت رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي البارونة ايما نيكولسون من محاولة اغتيال على يد مسلحين من "الحراك" وهي برفقة وزير الدولة جوهرة حمود ووزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور أثناء زيارتهن لمركز انتخابي في منطقة صيره, عندما فوجئن بإطلاق نار كثيف وتفجير قنابل قبل أن تتدخل قوات الشرطة العسكرية وتتبادل إطلاق النار مع المهاجمين وتفرقهم. وكانت انفجارات عدة وإطلاق رصاص كثيف سبق عملية الاقتراع بساعات في مناطق مختلفة من محافظة عدن وتعرضت بعض المنشآت الحكومية ومراكز انتخابية لإطلاق رصاص, وقتل جندي من الحرس الجمهوري وأصيب آخرون في اشتباكات مع مسلحي "الحراك" بمدينة المكلا بمحافظة حضرموت لمحاولتهم اقتحام مراكز انتخابية. وفي محافظة الضالع, أكد مسؤول حكومي ل¯"السياسة" أن الانتخابات لم تجر في خمس مديريات هي الضالع وجحاف والأزارق والشعيب والحصين بسبب قيام مجاميع مسلحة من "الحراك" بقطع الطرق إلى هذه المناطق ومنع وصول اللجان الانتخابية إليها وفرض حظر التجوال فيها منذ أول من أمس وحتى السادسة من مساء أمس وأغلقوا الأسواق والمطاعم بالقوة, وأصابوا مواطنين اثنين في منطقة سناح, فيما شهدت مديريات قعطبة ودمت وجبن والحشا إقبالا ضعيفا من قبل الناخبين. وفي محافظة لحج, قال مصدر محلي إن الانتخابات لم تجر في مديريات ردفان الأربع وهي الحبيلين وحبيل جبر والملاح وحالمين ومديرية يافع العليا بسبب سيطرة "الحراك" عليها. وفي محافظة صعدة, أفادت مصادر محلية أن الانتخابات تعطلت في الدائرة 269 بمديرية ساقين عقب قيام عناصر من الحوثيين بإغلاق خمسة مراكز انتخابية, ومنع وصول الناخبين إلى ستة مراكز أخرى, كما أوقف الحوثيون بالقوة الانتخابات في مركزين انتخابيين بمنطقة حرف سفيان بمحافظة عمران.