تجري الحكومة اليمنية استعدادات كبيرة لإنعاش بيئة الاستثمار في البلاد بعد أن تعرضت لاهتزازات كبيرة خلال الفترة الماضية. ووضعت الجهات المختصة بالحكومة اليمنية، إستراتيجية وبرامج مكثفة لتهيئة بيئة الاستثمار وتطوير القطاع بخطط جديدة ومغايرة في محاولة لإعادة الحياة لهذا القطاع الاقتصادي المهم. وشهد العام الماضي، تعثر عشرات المشاريع الاستثمارية الكبرى في البلاد بسبب تدهور الأوضاع الأمنية، التي رافقت الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام. وقال صلاح العطار رئيس الهيئة العامة للاستثمار في اليمن إن الهيئة لديها إستراتيجية واضحة وخطط واقعية وعملية لإعادة إنعاش بيئة الاستثمارات بعد أن تعرضت لاهتزازات خلال الفترة الماضية. وأوضح العطار، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن هناك عددا من المعوقات التي تقف عائقا أمام الاستثمار إلا أن الهيئة تعمل جاهدة على تذليلها والحد من الحيلولة دون تأثر القطاع الاستثماري بتلك المعوقات بالتعاون والتنسيق مع الوزارات والجهات الحكومية ذات العلاقة وأيضا الكيان المؤسسي للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية من أجل تطوير بيئة الاستثمار في اليمن، وجذب المشاريع الاستثمارية العملاقة ورؤوس الأموال الأجنبية للبلاد خلال المرحلة القادمة. وأكد أن إجراءات حاليا يقومون بها لإعادة النظر في القوانين ذات العلاقة بالاستثمار التي تؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات وتقديم حزمة المزايا والحوافز المشجعة لبيئة تنافسية، بالإضافة إلى الترويج للقطاعات الواعدة والمحددة بين أوساط المستثمرين المحتملين في الدول المستهدفة لإقامة مشاريع إستراتيجية كبيرة ومعينة تحقق أهداف إحلال للواردات وتدعم الصادرات. وتابع العطار "ستقوم الهيئة خلال المرحلة القادمة بتفعيل لجنة المشاريع المتعثرة بهدف إيجاد الحلول والمساعدات اللازمة وتذليل المعوقات المسببة لتعثر تلك المشاريع". وأضاف " سنعمل على إيجاد بيئة استثمارية نقية تسهم في جذب المزيد من الاستثمارات في القطاعات المستهدفة، وإعادة الثقة لدى المستثمرين عن أهمية الاستثمار في اليمن باعتبارها محطة جذب واعدة للاستثمارات". من جانبه، يرى الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية في اليمن أن الأوضاع حاليا "مطمئنة" وان حركة استثمارية نشطة ستشهدها البلاد الفترة القادمة. وقال محمد قفله، القائم بأعمال المدير العام للاتحاد العام الغرف التجارية الصناعية في الجمهورية اليمنية، إن البيئة إمام المستثمرين والمشاريع الاستثمارية حاليا تبشر بالخير، وهناك أخبار جيدة ومطمئنة في هذا الاتجاه. وأوضح قفله ل((شينخوا)) اليمن تزخر بفرص استثمارية متميزة وكبيرة، في كافة المجالات الصناعية والزراعية وفي مجال السياحة والمعادن، ولذلك فان الفرص متاحة حاليا أمام المستثمرين المحليين والأجانب، خاصة مع التوجهات الحكومية الجديدة في تهيئة البيئة الاستثمارية وتطوير القطاع. وأضاف " الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد، بالإضافة إلى سواء الإدارة من قبل الجانب الحكومي آنذاك، أدت إلى ضعف النشاط الاستثماري، لكن هناك توجهات حالية مع استقرار الأوضاع، تبشر بالخير ، وتبعث روح التفاؤل والأمل لدى المستثمرين ". وتابع " مع التحولات السياسية في البلاد أتوقع بان تشهد المرحلة القادمة، تطور كبير وتحسن في بيئة الأعمال بما يسهم في جذب الاستثمارات ورؤوس الأموال الأجنبية للبلاد". وأشار قفله إلى أن " الحكومة اليمنية تعاني من أوضاع صعبة ، لكنها وبالتنسيق مع القطاع الخاص، ومن خلال البرامج المطروحة حاليا يمكن أن تعمل نقلة كبيرة في قطاع الاستثمارات، خاصة وان البلاد مليئة اصلا بالفرص، وهو ما يسهم في عودة المشاريع الاستثمارية التي توقفت اثناء الأزمة وكذا افتتاح مشاريع استثمارية جديدة وعملاقة في البلاد". وأكد المسئول في الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية في اليمن أن العديد من المشاريع الاستثمارية التي توقفت اثناء الأزمة عادت عدد منها أخيرا لنشاطها، كما عاد النشاط التجاري في البلاد، وبدأت عدد من القطاعات كقطاعات النقل والمقاولات وغيرها باستعادة أنشطتها وبعزيمة اكبر ". ونقل الموقع الرسمي على شبكة الانترنت للهيئة العامة للاستثمار في اليمن ، بان الهيئة تستعد لإطلاق خطة عمل جديدة بهدف تطوير العمل الاستثماري في البلاد وجذب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال. وأكدت الهيئة أن الخطة تقع ضمن الإستراتيجية الحكومية المطروحة للعشر سنوات القادمة والتي وضعت في العام 2008 وترتكز على أربعة مسارات وأهداف لخلق بيئة استثمارية جاذبة للاستثمارات. وتهدف الخطة إلى نشر ثقافة الاستثمار والوعي الاستثمار ي داخل البلاد وخلق بيئة استثمارية مناسبة وواعدة، وكذا الترويج للقطاعات التنافسية والفرص الاستثمارية الإستراتيجية داخل تلك القطاعات بهدف جذب شركات مرموقة لإقامة مشاريع إستراتيجية محددة. وأشارت إلى أن القانون الاستثماري الجديد أبدى ضرورة إشراك القطاع الخاص بشكل أكثر ورفع درجة تمثيلها إلى 40 في المائة، داعية القطاع الخاص إلى شراكة حقيقة من أجل النهوض بالاقتصاد الوطني وزيادة دوران عجلة التنمية. بدوره، قال عبدالقوي العديني رئيس تحرير مجلة (الاستثمار)، مجلة شهرية تعنى بشئون الاستثمار في اليمن والمنطقة، إن التوجهات الحكومية تجاه ملف الاستثمار في اليمن تدعوا " للتفاؤل". وأوضح العديني أن التحولات السياسية التي شهدتها البلاد أخيرا سيكون لها اثر ايجابي كبير في تحسين بيئة الأعمال والاستثمار، مشيرا إلى أن الاستقرار السياسي هو الضامن المهم بالنسبة للمستثمرين. وتابع " الدولة كشفت عن خطط حديثة لتهيئة بيئة الاستثمار، وهذا يدعوا للتفاؤل بان تشهد المرحلة القادمة استقطاب مشاريع استثمارية عملاقة للبلد". وأشار العديني إلى أن "مؤتمر المانحين الذي سيعقد في مارس القادم في الرياض سيكون له دور كبير في الدفع بالاستثمارات الأجنبية لليمن ". ودعا العديني الحكومة اليمنية إلى سرعة البت في قضايا المستثمرين العالقة كأولوية ، وكذا إيجاد الحلول المناسبة وإعادة تفعيل المشاريع التي تعثرت خلال الفترة السابقة، وإعادة الثقة للمستثمر بالتركيز على كيفية التقليل من المخاطر. وكانت كشفت مصادر في الحكومة اليمنية عن إنشاء محكمة متخصصة للبت في قضايا الاستثمار وحل المنازعات المتعلقة بالأعمال الاستثمارية في البلاد. وقال مصدر حكومي في الهيئة العامة للاستثمار ل((شينخوا)) في وقت سابق اليوم إن وزارة العدل اليمنية ستصدر خلال الفترة القادمة قرارا بإنشاء محكمة متخصصة للبت في المنازعات في قضايا الاستثمار في البلاد، مؤكدا أن تنسيق يجري حاليا بين الهيئة ووزارة العدل بهذا الشأن وان هناك تقدما كبيرا بهذا الشأن، مشيرا إلى أن إنشاء المحكمة جاء بناء على متطلبات المرحلة ومن اجل تهيئة كامل المناخات الآمنة والضامنة أمام المستثمرين. وتأثرت بيئة الاستثمار في اليمن خلال العام الماضى بسبب الاضطرابات التي شهدتها البلاد مما أدى إلى توقف عشرات المشاريع الاستثمارية في البلاد. وسجلت اليمن في العام 2011 (( 97 )) مشروعا استثماريا اقتصاديا وخدميا وإنتاجيا ، بقيمة 181 مليارا و 810 ملايين، 400 ألف ريال يمني (الدولار الأمريكى الواحد يعادل نحو 220 ريالا). وتشهد اليمن حاليا تحولا سياسيا مهما، حيث تمت عملية نقل السلطة في البلاد بتسوية سياسية وفقا للمبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية والتي يدعمها قرار مجلس الأمن الدولي 2014. ومع إجراء انتخابات نقل السلطة التي جرت الأسبوع الماضي بمرشح توافقي عبدربه منصور هادي، بدأت ملامح الهدوء تسود في البلاد، بعد أكثر من عام من الاضطرابات التي أنهكت الاقتصاد اليمني بكافة قطاعاته. المصدر: وكالة أنباء الصين الجديدة " شينخوا "