الأمين المساعد لإصلاح المهرة: الاحتفاء بأعياد الثورة تأكيد على واحدية النضال اليمني    مصلحة الهجرة تعلن انتهاء أزمة دفاتر الجوازات بعد وصول أولى الدفعات إلى عدن    وقفات نسائية بمديريات أمانة العاصمة بالذكرى الثانية لعملية طوفان الأقصى    السيد القائد يعزي باستشهاد القائد اللواء الغماري ويشيد باسهاماته في اسناد غزة    الدكتور بن حبتور يعزي وزير الدفاع في وفاة عمّه    صنعاء.. البنك المركزي يوقف شبكة تحويلات مالية    مدير هيئة المواصفات يطلع على سير العمل في الشركة اليمنية لتصنيع وتعبئة التمور    أمن العاصمة عدن يكشف عن آخر المستجدات حول جريمة اغتيال الشيخ مهدي العقربي    الأرصاد: أجواء باردة إلى باردة نسبياً على المرتفعات وأدنى درجة حرارة سُجِّلت في ذمار    عن ايقاف معجب من قناة الساحات    قطع الكهرباء في عدن: جريمة تعذيب جماعي ووسيلة لإذلال شعب بأكمله    بينها العفو الدولية وهيومن رايتس.. 17منظمة تدعو للإفراج الفوري عن المحامي عبد المجيد صبره    غزة.. هيروشيما الحيّة التي أعادت القضية الفلسطينية إلى صدارة العالم    لماذا في عدن فقط: حراسة العليمي بين المظهر الأمني والرسائل السياسية    بأي حال عدت يا عيد؟    أقصى فرنسا.. المغرب إلى نهائي مونديال الشباب    سعودي الناشئات يتعادل مع لبنان    الفرنسي رينارد يقود السعودي في المونديال وآسيا    القيادة العسكرية والأمنية فن وعبقرية وأمانة    تقرير أمريكي يكشف عن حجم أضرار (ترومان)    اليمن انموذجا..أين تذهب أموال المانحين؟    السقلدي: من يترحم على الاحتلال البريطاني يهين دماء الشهداء ويشكك بمشروعية الثورة    جدولة معلّقة.. خلاف خفي بين اليمنية وإدارة مطار المخا    من قتل الحمدي قتل أمين؛ ومن قتلهما قتل اليمن    قراءة تحليلية لنص "فضاءٌ ضاق بطائر" ل"أحمد سيف حاشد"    تعز.. قوة أمنية تعتدي على المعتصمين وتعتقل بعضهم    يوفنتوس يخطط للتعاقد مع سكرينيار    عدن تغرق في الظلام مع ارتفاع ساعات انقطاع الكهرباء    صنعاء: ضبط 2,957 دراجة نارية خلال 5 ايام    انتقالي يهر والسلطة المحلية يكرمان أوائل طلاب ثانوية الشهيد عبدالمحسن بالمديرية    دي يونغ يجدد عقده مع برشلونة حتى عام 2029    هل نشهد قريبًا تحركًا حقيقياً لإعادة تشغيل مصفاة عدن.!    ابتكار قرنية شفافة يقدم حلا لأزمة نقص التبرعات العالمية    معهد امريكي: شواء اللحوم يزيد خطر الاصابة بالسرطان    جنيه الذهب يخترق حاجز ال 500 الف ريال في اليمن    انجاز امني: ضبط عصابة خطف التلفونات بالدراجات النارية    ذمار.. مقتل مواطن برصاصة طائشة خلال خلاف عائلي    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع شركة ومنشأة صرافة    منع صيد الوعول مؤقتاً في حضرموت    صعود الذهب إلى قمة تاريخية جديدة    قراءة تحليلية لنص "الأمل المتصحر بالحرب" ل"أحمد سيف حاشد"    مبابي يتصدر قائمة أفضل مهاجمي العالم ومرموش يتفوق على رونالدو    أصبحت حديث العالم ...فأر يقتحم مباراة بلجيكا وويلز في إطار تصفيات كأس العالم .!    اندلاع حريق في مخيم للنازحين بأبين    عدن.. ضبط سائق باص حاول اختطاف فتاة    اليمن يقترب من التأهل لكأس آسيا 2027 بعد اكتساح بروناي    شبام.. القلب النابض في وادي حضرموت يرفع اليوم صوت الجنوب العربي عالياً    الضالع بعيون ابينية    متى يبدأ شهر رمضان 2026/1447؟    448 مليون ريال إيرادات شباك التذاكر في السعودية    القلم الذي لا ينقل أنين الوطن لا يصلح للكتابة    موقف فاضح للمرتزقة في مصر    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    أبناء وبنات الشيباني يصدرون بيان ثاني بشأن تجاوزات ومغالطات اخيهم الشيباني    ورثة المرحوم " الشيباني " يجددون بيانهم ضد عبد الكريم الشيباني ويتهمونه بالاستيلاء والتضليل ويطالبون بإنصافهم من الجهات الرسمية    قطاع الحج والعمرة يعلن بدء تطبيق اشتراطات اللياقة الطبية وفق التعليمات الصحية السعودية لموسم حج 1447ه    الرمان... الفاكهة الأغنى بالفوائد الصحية عصيره يخفض ضغط الدم... وبذوره لها خصائص مضادة للالتهابات    ما فوائد تناول المغنيسيوم وفيتامين «بي-6» معاً؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صنعاء : وقفة احتجاجية أمام الامم المتحدة وحقوق الانسان تضامناً مع مسلمي بورما
نشر في التغيير يوم 14 - 08 - 2012

بمبادرة شبابية اطلقت عبر برنامج التواصل الاجتماعي فيسبوك انطلقت مسيرة شبابية من شارع بغداد مروراً بشارع الجزائر والستين وصولاً الى وزارة حقوق الانسان ومكتب الأمم المتحدة وفي المسيرة التي شارك فيها المئات من الشباب ومنظمات المجتمع المدني عبر المشاركون عن استنكارهم للصمت الاسلامي والدولي عن جرائم الابادة التي ترتكب ضد مسلمي اركان ومطالبين الامم المتحدة باتخاذ الاجراءات الازمة في محاكمة النظام الحاكم في بورما لممارسته اللاإنسانية ضد اقليات اركان وفي البيان الذي صدر عن المسيرة اكد الشباب المشارك على ان هذا التحرك يعتبر الاول ولن يكون الاخير حتى يتم اعطاء المسلمين كامل حقوقهم.
جذور المأساة
يبلغ عدد سكان بورما أكثر من 50 مليون نسمة, منهم 15% مسلمون, حيث يتركز نصفُهم في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة.
وقد وصل الإسلام إلى أراكان في القرن السابع الميلادي, وأصبحت أراكان دولة مسلمة مستقلة, حتى قام باحتلالها الملك البوذي البورمي (بوداباي)، في عام 1784م وضم الإقليم إلى بورما خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة, وعاث في الأرض فساداً فدمر كثيراً من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة.
ومنذ تلك الحقبة, والمسلمون يتعرضون لكافة أنواع التضييق التنكيل والإبادة, ففي عام 1942م تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قِبَل البوذيين الماغ بعد حصولهم على الأسلحة والإمداد من قِبَل البوذيين البورمان والمستعمرين وغيرهم, راح ضحيتها أكثر من مائة ألف مسلم, أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشردت مئات الآلاف خارج الوطن، ومن شدة قسوتها وفظاعتها لا يزال الناس وخاصة كبار السن يذكرون مآسيها حتى الآن.
كما تعرض المسلمون للطرد الجماعي المتكرر خارج الوطن بين أعوام 1962م و1991م حيث طرد قرابة المليون ونصف المليون مسلم إلى بنغلادش في أوضاع قاسية جداً.
ولا يزال مسلمو أراكان يتعرضون في كل حين لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي والثقافي ومصادرة أراضيهم، بل مصادرة مواطنتهم بزعم مشابهتهم للبنغاليين في الدين واللغة والشكل وذلك لإذلالهم وإبقائهم ضعفها فقراء وإجبارهم على الرحيل من ديارهم.
بداية المأساة الجديدة
مع حلول الديمقراطية في ميانمار (بورما) حصلت ولاية أراكان ذات الأغلبية الماغيّة على 36 مقعداً في البرلمان، أعطي منها 43 مقعداً للبوذيين الماغين و3مقاعد فقط للمسلمين, ولكن وبالرغم هذه المشاركة من المسلمين الروهنجيين لم تعترف الحكومة الديمقراطية التي ما زالت في قبضة العسكريين الفاشيين بالعرقية الروهنجيّة إلى الآن رغم المطالبات الدولية المستمرّة.
وقبل انفجار الأزمة في 18/7/1433ه الموافق 8/6/2012م بأيام, أعلنت الحكومة الميانمارية البورمية بأنّها ستمنح بطاقة المواطنة للروهنجيين في أراكان فكان هذا الإعلان بالنسبة للماغين بمثابة صفعة على وجوههم, فهم يدركون تماماً معنى ذلك وتأثيره على نتائج التصويت – في ظلّ الحكومة الجمهورية الوليدة – ويعرفون أن هذا القرار من شأنه أن يؤثر في انتشار الإسلام في أراكان, حيث أنّ الماغين يحلمون بأن تكون أراكان منطقة خاصة بهم لا يسكنها غيرهم.
بدأ الماغيون بعد ذلك يخططون لإحداث أي فوضى في صفوف المسلمين، ليكون ذلك مبرّراً لهم لتغيير موقف الحكومة تجاه المسلمين الروهنجيين فيصوروهم على أنهم إرهابيون ودخلاء، ويتوقف قرار الاعتراف بهم أو يتم تأجيله, وأيضاً لخلق فرصة لإبادة الشعب الروهنجي المسلم مع غياب الإعلام الخارجي كلّيّاً، وسيطرة الماغين على مقاليد الأمور في ولاية أراكان.
البداية المفبركة
عمد الماغيون في بلدة تاس ونجوك البوذيّة التي يندر وجود المسلمين فيها، والواقعة في الطريق المؤدّي إلى العاصمة رانغون برصد تحركات المسلمين، فاتجهت -قدراً- حافلة تقلّ مجموعة من العلماء والدعاة المسلمين منهم من عاصمة بورما "رانغون" و من عاصمة ولاية أراكان "إكياب - سيتوي" وحين وصلوا إلى البلدة المذكورة هاجمهم مجموعة من الماغيين البوذيين وأمسكوا بهم. فوقعت المأساة والمذبحة البشعة فاجتمع على ضربهم وقتلهم قرابة ال 466 من الماغيين الحاقدين في صورة تنعدم عندها كلّ معاني الإنسانيّة.
والمتأمل لصور شهداء المذبحة يدرك تماماً أن هؤلاء الدعاة– رحمهم الله - تمّ ربط أيديهم وأرجلهم, ثمّ انهال الجميع بضربهم ضرباً مبرحاً بالعصي على وجوههم ورؤوسهم. فلا ترى إلاّ وجوهاً محتقنة بالدماء والنزيف الداخلي للدماغ والوجه واضح جدّاً. وقد فقئت أعينهم وكسرت جماجمهم وخرجت أدمغتهم .. وسحبت ألسنتهم فلا يعلم إلاّ الله كم عانوا من الألم قبل أن تخرج أرواحهم ..
التبرير الساذج للمذبحة
وحتّى يثير الماغيون الفتنة, ويخلقوا موقفاً للتبرير جريمتهم ادّعوا أنّهم فعلوا ذلك انتقاماً لمقتل فتاة بوذيّة زعموا أن أحد المسلمين اغتصابها وقتلها, مع العلم بأنّ حادثة الفتاة - إن صدقوا فيها - فقد حصلت في بلدة يندر فيها وجود المسلمون . كما أن هؤلاء الدعاة ليسوا من تلك البلدة وإنّما كانوا مارّين بها إضافة إلى أنهم مواطنون أصليون من العاصمة رانغون وليسوا من مقاطعات أراكان ويتكلمون لغة الماغ بطلاقة وهم من كبار السنّ وقد علاهم الشيب وغطّت وجوههم اللحى.
موقف الحكومة
وبالطبع كان موقف الحكومة مخجلاً ومتواطئاً مع البوذيين ضدّ المسلمين, حيث قامت بالقبض على 4 من المسلمين بدعوى الاشتباه بهم في قضية الفتاة, وتركوا ال466 الذين شاركوا في قتل هؤلاء الأبرياء, مما يوضح بجلاء أنّ القضيّة ليست قضيّة فتاة إنما هي دعوى ترويجيّة لإحداث الفوضى وإبادة المسلمين بمباركة من الحكومة وإعادة ما حصل قبل ستة عقود.
تطورات القضيّة
وفي يوم الجمعة 19/7/1433ه الموافق 3/6/2012م يوم اندلاع الثورة أحاط الجيش والشرطة البوذيّة بشوارع المسلمين تحسّباً لأيّ عملية مظاهرات وشغب في أراكان وبالتحديد في (مانغدو) ومنعوا المصلين من الخروج دفعةً واحدة, وأثناء خروجهم قاموا الرهبان البوذيين الماغ برمي الحجارة على المسلمين حتى أصيب عدد منهم, فثار المسلمون وقاموا بردة فعل, وقد احتقنت النفوس على قتل الدعاة العشرة وضياع حقوقهم طيلة العقود الماضية, فقاموا بأعمال شغب، وهذه الفرصة التي كان ينتظرها "الماغ" ليردّوا عليها بإبادة شعب طال تخطيطهم لها, وبعدها تدخّل الجيش والتزم المسلمون بالتهدئة ورجعوا لمنازلهم وتمّ فرض حظر التجوّل على الطرفين فتمّت محاصرة أحياء الروهنجيين المسلمين حصاراً محكماً من قبل الشرطة البوذية الماغيّة, وفي المقابل ترك الحبل على الغارب للماغ البوذيين يعيثون في الأرض الفساد, ويزحفون على قرى ومنازل المسلمين بالسواطير والسيوف والسكاكين, فبدأت حملة الإبادة المنظمة ضدّ المسلمين والتي شارك فيها حتّى كبار السن والنساء, أمّا المسلمون العزّل فكلّ ما كان يحملونه عند ثورتهم بعد الجمعة مجرّد عصيّ وأخشاب لدى بعضهم, وهكذا بدأ القتل في المسلمين وحرق أحياء وقرى كاملة للمسلمين بمرأى من الشرطة الماغية البوذية وأمام صمت الحكومة التي اكتفت ببعض النداءات لتهدئة الأوضاع.
تهجير المسلمين من أكياب/ سيتوي
ومما يدل أيضاً على أن المسألة هي مسألة تطهير عرقيّ وإبادة جماعيّة للروهنجيين المسلمين, ما قام به البوذيون الماغيون حيث استغلوا فرض حظر التجول في المناطق ذات الأغلبية المسلمة وضمنوا عدم استطاعة زحفهم تجاه عاصمة أراكان إكياب - وهي مدينة بعيدة عن تجمع المسلمين مثل: مانغدو وراثيدونغ وغيرها- فقاموا بحرق أحيائهم بالكامل, وبدأ النزوح الجماعي للمسلمين من إكياب ومانغدو بعد أن احترقت منازلهم وصاروا يهيمون على وجوههم في كلّ مكان, بأجساد عارية ليس عليها إلا خرق بالية, وبدأ تهجيرهم وطردهم والدفع بهم في عرض البحر على سفن متهالكة بلا طعام ولا شراب, وهكذا بدأت رحلة المجهول على قوارب الموت مسلمّين أمرهم إلى الله وقد علت أصواتهم بالاستغاثة والإلتجاء من الله ,وبحت أصواتهم وأصوات أطفالهم ونسائهم بالبكاء, وقد انتهى مصيرهم بالوصول إلى الدول المتاخمة وهم في حالة بين الحياة والموت والكثير منهم قد فارق الحياة.
وعلى الرغم من مناقشة قضية الأراكانيين الروهنجيين من قبل الأمم المتحدة ومنظمة آسيان, ومنظمة المؤتمرالإسلامي منذ عقدين؛ إلا أن شيءً لم يتغيّر ، بل ازداد سوءً. ففي ظل سكوت العالم اليوم عن هذه القضية كما سكت بالأمس فإن البوذيين لن يتوانوا عن إعادة مسلسل جرائهم من جديد الذي بدؤوه قبل 60 عاماً حين أيقنوا أن العالم في سبات عميق تجاه ما يقترفونه في حق المسلمين في إقليم أراكان , من أبشع صور القتل والتعذيب والتهجير وحرق للمنازل والأحياء على من فيها.
المسلمون في أراكان بورما (ميانمار)
تقع دولة بورما (ميانمار حالياً) في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، ويحدها من الشمال الصين والهند، ومن الجنوب خليج البنغال وتايلاند، ومن الشرق الصين ولاووس وتايلاند، ومن الغرب خليج البنغال والهند وبنغلاديش، (ويقع إقليم أراكان في الجنوب الغربي لبورما على ساحل خليج البنغال والشريط الحدودي مع بنغلاديش). وتقدر مساحتها بأكثر من 261.000 ميل مربع، وتقدر مساحة إقليم أراكان قرابة 20.000 ميل مربع، ويفصله عن بورما حد طبيعي هو سلسلة جبال (أراكان يوما) الممتدة من جبال الهملايا. ويبلغ عدد سكان بورما أكثر من 50 مليون نسمة، وتقدر نسبة المسلمين ب 15% من مجموع السكان نصفُهم في إقليم أراكان ذي الأغلبية المسلمة حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى أكثر من 70% والباقون من البوذيين الماغ وطوائف أخرى. ويتكون اتحاد بورما من عرقيات كثيرة جداً تصل إلى أكثر من 140 عرقية، وأهمها من حيث الكثرة (البورمان) وهم الطائفة الحاكمة وشان وكشين وكارين وشين وكايا وركهاين الماغ والمسلمون ويعرفون بالروهينغا، وهم الطائفة الثانية بعد البورمان، ويصل عددهم إلى قرابة 5 ملايين نسمة).
وجود المسلمين في أراكان
يذكر المؤرخون أن الإسلام وصل إلى أراكان في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد (رحمه الله) في القرن السابع الميلادي عن طريق التجار العرب حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها 48 ملكاً مسلماً على التوالي وذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي 1430 م - 1784م، وقد تركوا آثاراً إسلامية من مساجد ومدارس وأربطة منها مسجد بدر المقام في أراكان والمشهور جداً (ويوجد عدد من المساجد بهذا الاسم في المناطق الساحلية في كل من الهند وبنغلاديش وبورما وتايلاند وماليزيا وغيرها) ومسجد سندي خان الذي بني في عام 1430م وغيرها.
الاحتلال البوذي
في عام 1784م احتل أراكان الملك البوذي البورمي (بوداباي)، وضم الإقليم إلى بورما خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاث في الأرض الفساد، حيث دمر كثيراً من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين الماغ على ذلك خلال فترة احتلالهم أربعين سنة التي انتهت بمجيء الاستعمار البريطاني. وفي عام 1824م احتلت بريطانيا بورما، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية. وفي عام 1937م جعلت بريطانيا بورما مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية آنذاك، وعُرفت بحكومة بورما البريطانية. وفي عام 1942م تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قِبَل البوذيين الماغ بعد حصولهم على الأسلحة والإمداد من قِبَل إخوانهم البوذيين البورمان والمستعمرين وغيرهم والتي راح ضحيتها أكثر من مائة ألف مسلم وأغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشردت مئات الآلاف خارج الوطن، ومن شدة قسوتها وفظاعتها لا يزال الناس وخاصة كبار السن يذكرون مآسيها حتى الآن، ويؤرخون بها، ورجحت بذلك كفة البوذيين الماغ، ومقدمة لما يحصل بعد ذلك. وفي عام 1947م قبيل استقلال بورما عقد مؤتمر عام في مدينة بنغ لونغ للتحضير للاستقلال، ودعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين الروهينغا لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير مصيرهم.
وفي عام 1948م وبالتحديد يوم 4 كانون الثاني منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أن تمنح لكل العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إذا رغبت في ذلك، ولكن ما أن حصل البورمان على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم، ونكثوا على أعقابهم، حيث استمرت في احتلال أراكان بدون رغبة سكانها من المسلمين الروهينغا والبوذيين الماغ أيضاً، وقاموا بالممارسات البشعة ضد المسلمين.
أهم مآسي المسلمين في أراكان
التطهير العرقي : منذ أن استولى العسكريون الفاشيون على الحكم في بورما بعد الانقلاب العسكري بواسطة الجنرال (نيوين) المتعصب عام 1962م تعرض مسلمو أراكان لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي والثقافي ومصادرة أراضيهم، بل مصادرة مواطنتهم بزعم مشابهتهم للبنغاليين في الدين واللغة والشكل.
- طمس الهوية والآثار الإسلامية: وذلك بتدمير الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس تاريخية، وما بقي يمنع منعاً باتاً من الترميم فضلاً على إعادة البناء أو بناء أي شيء جديد له علاقة بالدين والملة من مساجد ومدارس ومكتبات ودور للأيتام وغيرها، وبعضها تهوي على رؤوس الناس بسبب مرور الزمن، والمدارس الإسلامية تمنع من التطوير أو الاعتراف الحكومي والمصادقة لشهاداتها أو خريجيها.
- المحاولات المستميتة ل (برمنة) الثقافة الإسلامية وتذويب المسلمين في المجتمع البوذي البورمي قسراً. - التهجير الجماعي من قرى المسلمين وأراضيهم الزراعية، وتوطين البوذيين فيها في قرى نموذجية تبنى بأموال وأيدي المسلمين جبراً، أو شق طرق كبيرة أو ثكنات عسكرية دون أي تعويض، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات الفاشية التي لا تعرف الرحمة.
-الطرد الجماعي المتكرر خارج الوطن مثلما حصل في الأعوام التالية: عام 1962م عقب الانقلاب العسكري الفاشي حيث طرد أكثر من 300.000 مسلم إلى بنغلاديش. وفي عام 1978م طرد أكثر من (500.000) أي نصف مليون مسلم، في أوضاع قاسية جداً، مات منهم قرابة 40.000 من الشيوخ والنساء والأطفال حسب إحصائية وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وفي عام 1988م تم طرد أكثر من 150.000 مسلم، بسبب بناء القرى النموذجية للبوذيين في محاولة للتغيير الديموغرافي. وفي عام 1991م تم طرد قرابة (500.000) أي نصف مليون مسلم، وذلك عقب إلغاء نتائج الانتخابات العامة التي فازت فيها المعارضة بأغلبية ساحقة انتقاماً من المسلمين، لأنهم صوتوا مع عامة أهل البلاد لصالح الحزب الوطني الديمقراطي (NLD) المعارض.
- إلغاء حق المواطنة من المسلمين، حيث تم استبدال إثباتاتهم الرسمية القديمة ببطاقات تفيد أنهم ليسوا مواطنين، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات وتحت التعذيب أو الهروب خارج البلاد، وهو المطلوب أصلاً.
- العمل القسري لدى الجيش أثناء التنقلات أو بناء ثكنات عسكرية أو شق طرق وغير ذلك من الأعمال الحكومية (سخرة وبلا مقابل حتى نفقتهم في الأكل والشرب والمواصلات).
- حرمان أبناء المسلمين من مواصلة التعلم في الكليات والجامعات، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية، ومن ثم يعتقل عند عودته، ويرمى به في غياهب السجون.
-حرمانهم من الوظائف الحكومية مهما كان تأهيلهم، حتى الذين كانوا يعملون منذ الاستعمار أو القدماء في الوظائف أجبروا على الاستقالة أو الفصل، إلا عمداء القرى وبعض الوظائف التي يحتاجها العسكر فإنهم يعيِّنون فيها المسلمين بدون رواتب، بل وعلى نفقتهم المواصلات واستضافة العسكر عند قيامهم بالجولات التفتيشية للقرى.
- منعهم من السفر إلى الخارج حتى لأداء فريضة الحج إلا إلى بنغلاديش ولمدة يسيرة، ويعتبر السفر إلى عاصمة الدولة رانغون أو أية مدينة أخرى جريمة يعاقب عليها، وكذا عاصمة الإقليم والميناء الوحيد فيه مدينة أكياب، بل يمنع التنقل من قرية إلى أخرى إلا بعد الحصول على تصريح.
-عدم السماح لهم باستضافة أحد في بيوتهم ولو كانوا أشقاء أو أقارب إلا بإذن مسبق، وأما المبيت فيمنع منعاً باتاً، ويعتبر جريمة كبرى ربما يعاقب بهدم منزله أو اعتقاله أو طرده من البلاد هو وأسرته.
- عقوبات اقتصادية: مثل الضرائب الباهظة في كل شيء، والغرامات المالية، ومنع بيع المحاصيل إلا للعسكر أو من يمثلهم بسعر زهيد لإبقائهم فقراء، أو لإجبارهم على ترك الديار.
ومن خلال العرض السابق يتبين لنا بجلاء المخطط البوذي البورمي لإخلاء إقليم أراكان من المسلمين بطردهم منه أو إفقارهم وإبقائهم ضعفاء لا حيلة لهم ولا قوة، ولاستخدامهم كعبيد وخدم لهم، حيث إنهم لم يُدْعَوْا حتى لحضور المؤتمر العام، لذلك ينبغي للمسلمين عموماً وعلى أهل الفكر والرأي والمشورة والعلم خصوصاً نصرة قضاياهم، وإعانتهم بكل السبل الممكنة في هذا العصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.