أمريكا تمدد حالة الطوارئ المتعلقة باليمن للعام الثاني عشر بسبب استمرار اضطراب الأوضاع الداخلية مميز    4 إنذارات حمراء في السعودية بسبب الطقس وإعلان للأرصاد والدفاع المدني    الرقابة الحزبية العليا تعزي رئيس اللجنة المركزية برحيل شقيقه    فنانة خليجية ثريّة تدفع 8 ملايين دولار مقابل التقاط صورة مع بطل مسلسل ''المؤسس عثمان''    منذ أكثر من 40 يوما.. سائقو النقل الثقيل يواصلون اعتصامهم بالحديدة رفضا لممارسات المليشيات    أثناء حفل زفاف.. حريق يلتهم منزل مواطن في إب وسط غياب أي دور للدفاع المدني    بينها مطار صنعاء .. اتفاقية لتفويج الحجاج اليمنيين عبر 5 مطارات    الاحتلال يواصل توغله برفح وجباليا والمقاومة تكبده خسائر فادحة    في عيد ميلاده ال84.. فنانة مصرية تتذكر مشهدها المثير مع ''عادل إمام'' : كلت وشربت وحضنت وبوست!    صعقة كهربائية تنهي حياة عامل وسط اليمن.. ووساطات تفضي للتنازل عن قضيته    حصانة القاضي عبد الوهاب قطران بين الانتهاك والتحليل    انهيار جنوني للريال اليمني وارتفاع خيالي لأسعار الدولار والريال السعودي وعمولة الحوالات من عدن إلى صنعاء    نادية يحيى تعتصم للمطالبة بحصتها من ورث والدها بعد ان اعيتها المطالبة والمتابعة    فودين .. لدينا مباراة مهمة أمام وست هام يونايتد    انهيار وافلاس القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين    باستوري يستعيد ذكرياته مع روما الايطالي    اكتشف قوة الذكر: سلاحك السري لتحقيق النجاح والسعادة    فضيحة تهز الحوثيين: قيادي يزوج أبنائه من أمريكيتين بينما يدعو الشباب للقتال في الجبهات    مدرب نادي رياضي بتعز يتعرض للاعتداء بعد مباراة    الحوثيون يتكتمون على مصير عشرات الأطفال المصابين في مراكزهم الصيفية!    الطرق اليمنية تبتلع 143 ضحية خلال 15 يومًا فقط ... من يوقف نزيف الموت؟    رسالة حاسمة من الحكومة الشرعية: توحيد المؤتمر الشعبي العام ضرورة وطنية ملحة    خلافات كبيرة تعصف بالمليشيات الحوثية...مقتل مشرف برصاص نجل قيادي كبير في صنعاء"    الدوري السعودي: النصر يفشل في الحاق الهزيمة الاولى بالهلال    في اليوم ال224 لحرب الإبادة على غزة.. 35303 شهيدا و79261 جريحا ومعارك ضارية في شمال وجنوب القطاع المحاصر    منظمة الشهيد جارالله عمر بصنعاء تنعي الرفيق المناضل رشاد ابوأصبع    الحوثيون يعلنون إسقاط طائرة أمريكية MQ9 في سماء مأرب    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    السعودية تؤكد مواصلة تقديم المساعدات والدعم الاقتصادي لليمن    مسيرة حاشدة في تعز تندد بجرائم الاحتلال في رفح ومنع دخول المساعدات إلى غزة    المطر الغزير يحول الفرحة إلى فاجعة: وفاة ثلاثة أفراد من أسرة واحدة في جنوب صنعاء    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمنيون العائدون من سورية.. قصص مأساوية لم يكترث لها أحد!
نشر في التغيير يوم 10 - 11 - 2013

عُرف الإنسان اليمني منذ القدم بأنه مولع بالهجرة, فقد كانت أكبر هجرة في تاريخ اليمن والعالم, وذلك بعد واقعة انهيار سد مأرب, وتذكر المصادر التاريخية أن قبائل (لخم وجذام والغساسنة والمناذرة) من أوائل القبائل اليمنية التي استقرت في بلاد الشام, وفي العصر الحديث هاجر عدد كبير من اليمنيين إلى سورية بحثاً عن لقمة العيش، ويصل عددهم أكثر من (15,000) شخص, لم ينتبه احد لعددهم إلا بعد أن كثُر الحديث عن التزايد الملفت لأعداد القتلى والجرحى والمعتقلين في ذلك البلد المنكوب بحرب أهلية لاتبقى ولا تذر.. في هذا التحقيق أجرينا لقاءات مع عدد من المغتربين اليمنيين العائدين من سوريا إلى القاهرة وصنعاء، شرحوا لنا معاناتهم ومشاكلهم, كما التقينا القائمين على مشكلات وقضايا المغتربين من الجانب الحكومي ومنظمات المجتمع المدني.
وشاية
بدأت رحلة التحقيق في موضوع المغتربين اليمنيين في سورية عندما كنا في العاصمة المصرية وشد انتباهنا وجود عشرات اليمنيين في إحدى شوارع المحروسة وفي وجوههم علامات الإرهاق والإعياء والتعب, بعضهم قد بلغ من العمر عتياً والبعض الآخر مازال يصارع من اجل البقاء, وكل منهم يسرد لنا حكايته منذ أن وطأت قدماه الأراضي السورية حتى غادرها..
- يقول جميل الدالي –43عاماً-عامل: أكره اليوم الذي فكرنا فيه بالخروج من بلادنا, ونحن خرجنا من بلادنا بحثاً عن الرزق في سورية إلا أننا كنا سنحبس في غياهب السجون القذرة, تركت أموالي وممتلكاتي التي جمعتها لأكثر من 14عاماً هرباً من القتل وخوفاً على أولادي الذين مازالوا في سورية, حُبست في السجون بوشاية كاذبة من بعض الجيران الذين كنت مختلفاً معهم وقد استغلوا الفرصة, وقد تم سجني وعذبت دون ذنب , وجئت إلى القاهرة باحثاً عن حياة كريمة وللأسف جئت في فترة أزمة كبيرة يعاني منها المصريون يبدو أن حال كل العرب كحالي!!
القلب المفتوح
أما سالم عرفان 71عاماً وهو أحد التجار الذين كانوا يتنقلون بين سورية و اليمن فيقول: كنت أتنقل ما بين اليمن وسورية ودول الخليج لأكثر من 24عاماً, أبيع العسل اليمني لتلك الدول واستورد الزيتون وبعض المنتجات الجلدية والصوفية من سورية, وفي بداية الثورة السورية كنت في دمشق وكانت لديّ بضاعة في إحدى المخازن التي استأجرتها لكنها نهبت وتم اعتقالي أثناء تواجدي في دمشق كوني مشتبه، وبالرغم من إبلاغ السلطات أنني مصاب بمرض القلب واني تاجر ولا علاقة لي بالسياسة لا من قريب ولا من بعيد, والحمد لله استجيب لي وتم الإفراج عني بعد أن تأكدوا من صدق قولي, بعد ذلك سافرت إلى القاهرة وأجريت عملية القلب المفتوح, والآن سأعود إلى اليمن, والحمد لله الذي نجاني من القتل فالوضع في سورية لا يسر عدواً ولا صديقاً تفجيرات وقتل وحرب ضارية بكل ما تعنيه الكلمة.
العوض على الله
لم يكن حال بقية الأشخاص الذين التقينا بهم أفضل من حال التاجر سالم عرفان الذي يعتبر محظوظاً نوعاً ما, فالمقاول حسين احمد موسى-75عام- يقول: كنت اعمل في إحدى شركات المقاولات الخاصة ببناء العمارات والفلل الخاصة في سورية وقد تنقلت في عدد من المحافظات والمدن السورية خلال الثلاثة والعشرين عاماً التي قضيتها هناك وأنا أؤدي عملي بكل أمانة وإخلاص, ومع بدء الحرب كنت في منطقة دير الزور التي اندلعت فيها معارك شرسة بين الحكومة السورية والمعارضة ولم نسلم نحن اليمنيين من تلك المعركة فسُرقت أموالنا وهربت أنا ومن معي من المدينة حتى ننفذ بجلدنا, انتقلنا إلى دمشق واخبرنا الشركة التي كنا نعمل بها بما حصل لنا من ضرر لكن القائمين على الشركة أنكروا أي حقوق لنا وقالوا البلد في حالة حرب والعوض على الله, المهم عشنا أياماً صعبة في سورية وتخيل أننا كنا نعيش أياماً وليالي بدون طعام أو شراب أو مأوى, تواصلنا مع أهل لنا في اليمن وأرسلوا لنا مبلغاً من المال استطعنا بموجبه السفر إلى القاهرة وكان هذا الشيء اضطراراً لأنه لم تكن هناك رحلات جوية من دمشق إلى صنعاء مباشرة, المهم وصلنا القاهرة وتوجهنا إلى السفارة اليمنية وشرحنا لهم ظروفنا وما حصل لنا من ضيم, لكننا لم نجد أي تجاوب أو تعاون من قبل القائمين على السفارة اليمنية في مصر, طلبنا منهم المساعدة والعون في توفير تذاكر سفر أو توفير فرص عمل على الأراضي المصرية لكنهم لم يعيرونا ادنى اهتمام؛ واكتفى احد العاملين فيها بتقديم مبلغ 100جنيه مصري كمساعدة, ولم تكن ال100 جنيه تكفينا ليوم واحد كوننا بلا سكن أو حتى مكان نرقد فيه , وحلمي اليوم العودة إلى بلادي أعيش فيها على الحلو والمر.
رحلة قاسية
كلمات الحنين إلى الوطن التي ذكرها المقاول حسين موسى ظلت حاضرة في وجدان كل من التقيناهم ولسان حالهم نريد العودة إلى أوطاننا فبلادنا وان جارت علينا عزيزة وأهلنا وان جاروا علينا كرام، ومن الأشخاص الذين هربوا من سورية إلى القاهرة احمد محمد العنسي –66عام–يقول العنسي: كنت أعيش في مدينة حلب السورية وكنت اعمل في أحد أكبر المطاعم في تلك المدينة الجميلة, وكنت مرتاحاً مادياً ومع الأيام استطعت أن اعمل مطعماً خاصاً بي وعمل فيه عدد من العمال اليمنيين والسوريين, استمر الوضع بشكل جيد حتى منتصف العام 2011 الذي اسميه عام النكبة، وخلال يوم اعتيادي تفاجأنا بسقوط قذيفة على مطعمي واستشهد عدد من العمال السوريين الذين كانوا متواجدين, ومن حسن حظي أنني كنت أنا وعامل يمني في احد أسواق الخضار في المدينة, وصلت والمطعم رماد، وكل ما فيه من أدوات قد انتهت والحمد لله على كل حال, ومنذ ذلك الحين تطورت الأحداث وازدادت سوءاً وهاجر أكثر من في تلك المنطقة وانا خسرت كل ما أملكه فقررت العودة إلى اليمن, لكني لم استطع بسبب عدم وجود سيولة مالية لدي, انتقلنا إلى دمشق وابلغنا السفارة اليمنية بمشكلتنا لكن القائمين عليها لم يقوموا بواجبهم وقالو لنا انتظروا حتى نجد لكم حلاً, انتظرنا وطال الانتظار لكن دون جدوى, بعض أهل الخير من اليمنيين المتواجدين في دمشق ساعدونا بما كتبه الله من مال وتخيلوا أننا كنا نقطع مسافات شاسعة سيراً على الأقدام من مدينة إلى أخرى, حتى نوفر المال, كانت أقدامنا تتفطر من كثرة المشي, جعنا وعطشنا حتى وصلنا إلى لبنان وكانت اكبر مشكلة واجهتنا عندما اردنا الدخول إلى الأراضي اللبنانية هو رفض السلطات اللبنانية الدخول إليها إلا بتأشيرة فقلنا لهم أن سفارتنا في لبنان ستقوم بالواجب وان هذا ظرف استثنائي والحمد لله وافقوا لنا على دخول الأراضي اللبنانية، وأول مكان ذهبنا إليه السفارة اليمنية هناك وللأمانة لم تقصر السفارة اليمنية في لبنان وساعدتنا بمبلغ من المال، وتم ترحيلنا إلى القاهرة, وصلنا القاهرة بحثاً عن عمل ومكثنا أشهراً وأشهراً حتى التقينا رئيس الجالية اليمنية في القاهرة العيسائي الذي تكفل بتوفير مصاريفنا عدة أشهر و أخيراً أوجد لنا عمل والحمد لله أنا أعمل حالياً في احد المطاعم اليمنية في القاهرة, وعلى الرغم أن هناك نماذج سيئة لبعض المسئولين اليمنيين خارج اليمن, إلا أن هناك من يستحقون الإشادة والاحترام لأنهم يمنيون أصيلون لا يتركون إخوانهم وأبناء جلدتهم يتعرضون للعبث والذل من الآخرين.
ترحيل قسري
انتقلنا بعد ذلك إلى العاصمة صنعاء استمراراً لرحلة البحث عن العائدين من سورية فوجدنا مئات المغتربين والطلاب الذين فروا من جحيم الحرب إلى حضن الوطن.
الحاج جمال المشهري 68عاماً أكثر من عانى من الأحداث التي تمر بها سورية يقول: أعيش في منزل صغير أنا وزوجتي وبناتي وانا عاطل عن العمل وكما ترون أعاني من أمراض مزمنة، كنت مغترباً في الكويت وسافرت إلى سورية في العام 1990ولأول مره ادخل هذه البلاد وتعرفت على أشخاص هناك ومن ثم ذهبت إلى مدينة درعا السورية واشتغلت تاجراً وكنت اذهب إلى عدة محافظات سورية وارجع إلى مدينة درعا ومن ثم أغادر البلاد إلى الكويت والسعودية وهكذا حتى العام 94 م، تزوجت من فتاة سورية وخلفت لي أولادي الستة، ومن ثم كنت اذهب وارجع لهم في السنة مرة وأمارس نشاطي التجاري بكل هدوء والحمد لله استطعت أن اجمع مبلغاً من المال وعيشت أولادي على اعلى مستوى ومن ثم قررت أنا وزوجتي أن اشتري منزلاً فاشترينا المنزل وكتب المنزل باسم زوجتي لأن القانون السوري يمنع تملك غير السوري أي منزل أو قطعة ارض في البلاد، والمهم عشنا أنا وأسرتي عيشاً رغيداً وسعيداً واستطعت أن اعمل بقاله متوسطة تباع فيها مختلف الحاجيات وهكذا استمرت حياتي وأولادي جميعهم يدرسون في المدارس السورية, حتى بداية الثورة السورية تم قصف منزلي وقصف محلي وشردت أسرتي ولم نستطع العيش في الحي الذي كنا فيه، حتى انتقلنا إلى حي آخر واشتدت ضراوة المعارك بين الجيش الحر والجيش النظامي, وتم الإبلاغ عني بأني مشتبه كوني غير سوري وتم اعتقالي ومكثت في السجون السورية اكثر من 5 أشهر وتم ترحيلي من البلاد عنوة، فرحلوني براً عن طريق لبنان ومن ثم جواً إلى القاهرة ومكثت في القاهرة عدة أشهر حتى رجعت إلى اليمن بعد عناء, وقلبي على أولادي كيف سيعيشون ويأكلون ويشربون من أين ولا يوجد لهم معيل, وقد تم تسفير أولادي وبقيت ثلاث من بناتي في سورية يجلسن مع خالهن, أتمنى أن يأتين إلى اليمن.
- وتستمر حكايات المعاناة والحسرة على ألسنة من كانوا في قلب المعارك تاركين أعمالهم وأموالهم ، يقول عفيف الحجري 32عاماً: كنت اعمل في تجارة المساحيق التجميلية النسائية في دمشق خلال 18عاماً, وفي نهاية العام 2012 طلب مني أن اترك العمل بسبب الأزمة الاقتصادية التي يعانيها المواطن السوري, لكني طالبت بحقوقي في العمل فرفض صاحب العمل إعطائي وهددني بالسجن اذا استمررت في المطالبة, ولم اجد نفسي إلا مضطراً للرجوع إلى اليمن وفعلاً عدت إلى تعز باحثاً عن عمل مناسب لكنني لم أجد فتوجهت للعاصمة صنعاء لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارة الخدمة المدنية لإيجاد حل لمشكلتي فانصدمت من معاملة القائمين على تلك الوزارتين الذين تهكموا عليَّ, ولكنني لم أيأس ولن أيأس.
حال الطلاب
كما أن المأساة تشمل عدداً من الطلاب اليمنيين العائدين من سورية فهناك من تعثروا في استكمال دراستهم.
الأخ علي الشامي طالب في كلية الهندسة جامعة دمشق يقول: نعاني معاناه شديدة بسبب تردي الأوضاع الأمنية وازدياد عمليات الاغتيال ومما زاد الأمر سوءاً هو توقف وصول طائرات الخطوط الجوية اليمنية إلى دمشق، ولدينا الرغبة للعودة إلى ارض الوطن فنضطر للسفر إلى لبنان فنقوم أولاً بالذهاب إلى السفارة اليمنية في دمشق التي تقوم بإرسال مذكرة إلى سفارتنا في ببيروت ونرفق مع المذكرة صورة عن تذكرة السفر وعن جواز السفر وكل ذلك قبل السفر بمدة لا تقل عن 72 ساعة وذلك حسب طلب الجهات اللبنانية وننتظر رد سفارتنا ببيروت بالقبول، وبعد ذلك وعند وصولنا إلى الحدود اللبنانية تم إيقافنا لمدة لا تقل عن 4ساعات بانتظار موافقة جديدة من السلطات الأمنية اللبنانية، وذلك لعبور الأراضي اللبنانية خلال مده 24 ساعة, وهكذا نصل إلى مطار بيروت ثم العودة والرجوع إلى الوطن, رحلة معاناة نتكلف فيها المال الذي يصرف من جيوب أهالينا, وهكذا نحن منكوبون من كل الجهات حسبنا الله ونعم الوكيل.
- يؤيد الطالب على العارضي ما ذكره الشامي, ويضيف: يقال شر البلية ما يضحكُ وقد سمعنا احد الوزراء يقول إن الكثير من الطلاب اليمنيين الذين كانوا يدرسون في المعاهد والكليات التقنية والمهنية بسوريا والذين انقطعوا عن دراستهم ولم يكملوها بسبب الأحداث يرغبون بإلحاح في العودة إلى سوريا لإكمال الدراسة خاصة بعد انفراج الأوضاع وتحسنها في هذا البلد الشقيق, وأنا اسأل ذلك الوزير كيف تصف الأوضاع في سوريا بالمنفرجة؟!!.
اليمني صيد سهل
منظمات المجتمع المدني لم تقف متفرجة على حال أبناء اليمن في سورية فقد كشفت منظمة “يمانيو المهجر” عن انتهاكات يتعرض لها اليمنيون في دمشق وتتمثل في تحرشات متعمدة من قبل رجال المخابرات الغرض منها التضييق على اليمنيين، وإجبارهم على العودة إلى صنعاء.. وقال نجيب العديني - رئيس المنظمة: لا يخفى على أحد أن عدد المغتربين في سورية يتجاوز ال15 الف نسمة وهذا العدد تم إحصاؤه بواسطة مكاتبنا وأشخاص كانوا يعملون في السفارات ولدينا مندوبون في عدد من المناطق السورية، الطلاب اليمنيون لوحدهم عددهم يتجاوز ال6 آلاف طالب وهم متواجدون في سورية بمنح مختلفة، سواء عن طريق المنح التي تقدم من حزب البعث, وهناك طلاب مبتعثون عن طريق جماعة أنصار الله أو ما يعرفون بالحوثيين, وهناك منح عن طريق الدولة بواسطة التبادل الثقافي، والمواطن اليمني في سوريه بشكل عام وللإنصاف يعامل مثله مثل المواطن السوري في الحقوق والواجبات وتوفير كافة الخدمات التي تقدم في سورية سواء في الصحة والتدريس والتطبيب , وظلت المعاملة هكذا حتى قيام الثورة السورية ومن ثم وجدت إشكاليات والإشكاليات وجدت بسبب إيعاز بعض اليمنيين لإخوانهم اليمنيين بوشاية لأسباب عدة قد تكون بسبب الخلافات السياسية الموجودة في اليمن بين الأحزاب والجماعات المختلفة، واحياناً تكون عبر الضباط السوريين أنفسهم الذين يبحثون عن امتيازات وترقيات فيتم رفع تقارير مغلوطة عن اليمنيين بالرغم أن اليمنيين دائما ما يلتزمون بقوانين البلاد التي يعيشون فيها،
وأين ما ذهب اليمني يكون مثابراً وملتزماً بأنظمة ولوائح وقوانين البلاد التي يعيش فيها.
- وأضاف: موضوع المغتربين اليمنيين في سورية فرض علينا الاهتمام به كون البلد تعاني ظروف أمنية واقتصادية قاسية، كما أخبرتكم اليمني كان يعامل معاملة السوري فكانت الإقامة سهلة والتعليم سهل ودخول الأراضي السورية سهل وغير ذلك, وإذا لاحظتم قبل قيام الأحداث أن أكثر البضائع التجارية التي كانت تملأ الأسواق اليمنية هي البضائع السورية وهذا بسبب العلاقات التجارية المتينة التي كانت قائمة في تلك الفترة, وكثير من اليمنيين قتلوا في بدايات أحداث الثورة السورية وكثير منهم تمت تصفيتهم ولا نملك إحصائيات دقيقة حول اليمنيين الذين قتلوا في سورية حتى ألآن, إلا أننا نؤكد لكم أن اليمنيين موجودون وبأعداد كبيرة في عدد من المناطق السورية، والحقيقة أن سبب استهداف اليمنيين بالذات مؤخراً في سورية هو عدم اهتمام الجهات المعنية في اليمن برعاية وحماية مصالح رعاياها، الكثير من الدول التي لها رعايا في سوريه اتخذت إجراءات احترازية لحماية مواطنيها مثلاً الجزائر قامت باستئجار شقق خاصة وبعيدة عن أماكن وبؤر التوترات الأمنية , وكذلك السودان قامت بجمع رعاياها وإجلائهم وتونس قامت بنفس الشيء، اليمن للأسف لم تقم بأي دور سواء داخل اليمن أو السفارة اليمنية في دمشق.
, تخيل أن السفارة اليمنية في دمشق تدين المواطن اليمني, وان القائم بأعمال السفير في سورية يتهم بعض الطلاب اليمنيين أنهم يعملون لصالح مخابرات الجيش الحر وبالرغم أن التحقيقات التي أجريت في سورية مع مجموعة من الطلاب اليمنيين الذين تم القبض عليهم تقول انه تم القبض عليهم وفي أيديهم كاميرا تصوير فقط والسفارة اليمنية تدينهم ,ولو اطلع النظام السوري على مراسلات السفارة اليمنية لقام بإعدام أولئك الطلاب.
- وأردف: هناك عشرات القتلى والجرحى والمعتقلين في السجون السورية لا ذنب لهم مثل رئيس اتحاد طلاب اليمنيين ذهب ليتابع قضية احد الطلاب اليمنيين المعتقلين في السجون السورية فألقي القبض عليه، وكثير من اليمنيين عذبوا في سورية وقد تم التواصل مع الكثير منهم إلا أنهم رفضوا أن نثير موضوعهم أو نشير اليهم ومعاناتهم للعلن عبر وسائل الإعلام بسبب الخوف على حياتهم حيث انهم لازالوا مقيمين هناك .
ازدواجية القرار
الأخ توفيق ذمران «مدير تفتيش العمل بوزارة الشؤون الاجتماعية» يؤكد: أن المغتربين اليمنيين في الخارج يعانون من أزمة نفسية فهم يحسون انهم بلا هوية وبلا وطن, لا احد يسأل عنهم، لا احد يحميهم ويحمي حقوقهم، وكأنهم مقطوعون من شجرة, لا دولة ولا وزارات ولا منظمات تلتفت اليهم, يفترض أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي المعنية في موضوع العمالة اليمنية خارج البلاد إلا أن ازدواجية القرار وتضارب الاختصاصات بين الوزارات المختلفة ومزاجية متخذي القرار وعدم التنظيم والتخطيط الجيد جعلت المغترب والمهاجر أو العامل اليمني في الخارج جعلته عرضة للمهانة والابتزاز دون بقية الجنسيات الأخرى, بعض الجنسيات الأسيوية البسيطة والتي تتواجد بالآلاف في دول الخليج العربي اذا حصلت أي مشكلة بسيطة لأحدهم تقوم الدنيا ولا تقعد, أما المواطن اليمني فيعذب ويقتل ويسحل ويتبهذل ولا احد يتكلم عنه حتى الإعلام, أقول للأسف الشديد إن وزارة الشئون الاجتماعية والعمل تخلت عن واجبها تجاه العمالة اليمنية في الخارج وبدون أي سبب أو مبرر معقول, واعتقد أن وزارة الشؤون الاجتماعية لم تتخل عن واجبها إلا وهي تركن على وزارات أخرى مثل وزارة المغتربين وبقية الجهات التي لا يمتلك القائمون عليها ادنى شيء من الخبرة والمعرفة, حتى لا توجد لديهم أي قوانين تنظم عمالة اليمنيين في الخارج، فوزارة المغتربين عملها تنظيم شؤون المغتربين وليس تنظيم العمالة ولم تفلح الوزارة في رعاية المغتربين ولافي رعاية العمالة، هناك قانون خاص بالعمل وعقد العمل بين طرفين والمفترض أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هي التي تصادق على عقود عمل اليمنيين, كل الناس يتحدثون عن تجاهل مشكلات العمالة اليمنية ونحن نراهم يتجرعون مذلة العذاب والمهانة، بالرغم أنهم لم يخرجوا من بلدهم إلا بعد أن عانوا بسبب الظروف السياسية والاقتصادية السيئة التي تمر بها اليمن, وهم للأسف يدفعون ثمن خروجهم من بلدهم.
- وأضاف ذمران: وقد تلقينا ومازلنا نتلقى آلاف الشكاوى من المغتربين، لكني أقول ما باليد حيله
كان لدينا أول ملحقية عمالية في الخارج في دولة الإمارات العربية المتحدة في عهد الوزير الطيب وكانت الباكورة الأولى لاستكمال الملحقيات العمالية في بقية الدول, لكن الموضوع لم يستكمل, والآن آلاف العائدين من سورية عادوا وهم يحملون معاناة ويحتاجون إلى مد يد العون لهم ونقف عاجزين وعن مساعدتهم لأن القائمين على اتخاذا القرارات في بلادنا عاجزون.
رد الجميل!!
كان لابد وان نتلقى إجابات لعدد من الاستفسارات التي تختص الجانب الحكومي المعني بالقضية فالتقينا الأخ عبدالقادر عائض (وكيل وزارة المغتربين لقطاع الجاليات) فكان جوابه: في الوقت الذي لا توجد فيه أي إحصائيات تشير لوجود مغتربين يمنيين في سورية, اتضح لنا أن هناك اسراً يمنية كبيرة تعيش هناك بسبب توفر متطلبات الحياة المحترمة للموطن اليمني, أتمنى أن نكون نحن بمستوى السوريين في المعاملة, وذلك لرد جزء من جميل السوريين، والحقيقة أن هناك جهوداً كبيرة نقوم بها ولا نعلن عنها عبر وسائل الإعلام المختلفة، لان ما نقوم به واجبنا الوطني والإنساني بشكل دائم، نتواجد في مناطق التماس في سورية وقد رحلنا عدداً من اليمنيين في سوريا عبر الحدود السورية التركية والحدود السورية اللبنانية, وعن طريق مصر والأردن, واحب أن أنوه أن الجالية اليمنية في مصر تقوم بجهود عظيمة في اطار تفويج المواطنين اليمنيين الذين غادروا الأراضي السورية، وانا شخصياً كانت لي زيارة إلى القاهرة ولاحظت جهود الجالية، والتقيت في القاهرة مدير منظمة الهجرة الدولية في مصر واتفقنا على أن كل اليمنيين القادمين من سورية يتم ترحيلهم إلى اليمن فور وصولهم، وفعلاً تم ترحيل عدد كبير منهم, في الوقت الذي لم تسمح فيه تركيا بدخول عدد كبير من اليمنيين العالقين على الحدود التركية السورية, على الرغم من وجود اتفاقية مشتركة لإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين، والسبب أن بعض اليمنيين الخارجين من سورية دخلوا تركيا ولم يعودوا إلى اليمن.
وبالنسبة لبعض اليمنيين المتواجدين في القاهرة والذين جاءوا من سورية أقول السبب لأن بعضهم لا يرغب في العودة إلى اليمن، وعليه أقول إن من يرغب بالعمل في دولة بينها وبين اليمن تسهيلات متعددة عليه أن يمر عبر الجهات الرسمية في تلك الدول، ونحن في وزار ة المغتربين لمسنا أن بطاقة رسوم مزاولة العمل في مصر على سبيل المثال مرتفعة جدا بالنسبة لإمكانيات المواطن اليمني وعلى العكس فإن المصري يتمتع بكل التسهيلات في اليمن،
ربما تطرح هذه الموضوعات ضمن مناقشات اللجنة اليمنية - المصرية، ونحن بصدد معالجة تلك المشكلات, ومن يرغب بالعودة إلى اليمن كما أخبرتك يتم الاستجابة له وفعلاً تم ترحيل اكثر من 300يمني وقد وصلوا إلى اليمن، كما أننا الآن نقوم بتنظيم العمالة اليمنية في ليبيا حتى لا نقع في مشكلات يعاني منها المواطن اليمني اليوم في سورية وغيرها من الدول, وأؤكد أننا
نتابع قضايا المغتربين أولاً بأول و بصورة مستمرة.
- وأضاف عائض: قضايا المغتربين اليمنيين في الداخل ربما تتجاوز قضاياهم في الخارج، ومع ذلك نحتوي كل المشكلات والقضايا مع انه إلى الآن لا توجد ملحقيات عمالية في السفارات اليمنية في جميع أنحاء العالم وفقاً لقانون ولائحة شؤون المغتربين, كما أننا نعتب على القائمين على مؤتمر الحوار الوطني الذين لم يشعرونا انهم جادون في معالجة قضايا ومشكلات المغتربين اليمنيين، وتبقى مشاكل وقضايا اليمنيين في سورية واحدة من اهم المشكلات التي يعاني منها المهاجر اليمني في تاريخنا وفي حاضرنا، ولا يكتمل الحديث عن مرحلة استقرار أو صراع مرت بها اليمن إلا وذات المشكلة حاضرة في الذهن والواقع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.