– الراية القطرية – نبيل الكميم : يطرح آراء صادمة ويتحدث عن أوهام شعارات وتضحيات قدمت في سبيل إنهاء التشطير وتحقيق الوحدة اليمنية. ويعتبر أن الوحدة التي تحققت في 22 مايو 1990 قد غدر بها ولم تعد قائمة، وأن حرب الدفاع عن بقاء الوحدة اليمنية ومواجهة مؤامرة الانفصال التي تبنتها قيادات في الحزب الاشتراكي ليست حرباً للدفاع عن الوحدة بقدر ما هي تحذير لما يصفه بالاحتلال الذي وقع فيه جنوباليمن من قبل نظام حكم الجمهورية العربية اليمنية. في هذا الحوار مع القيادي الاشتراكي اليمني حسن باعوم يتحدث الرجل عن قضايا صادمة تتعلق بالوضع اليمني الداخلي متهماً قيادات حزبية بخيانتها لما يعتبرها بقضية الجنوب. ويطرح الرجل في سياق إجابته على أسئلة الراية الأسبوعية جملة من الأفكار التي تجسد رؤية شخصية يدافع عن صوابها! فإلى نص الحوار.. عودة للساحة بعد فترة اعتقال وسجن والمحاكمة.. بسبب تزعم ما صار يعرف بالحراك الجنوبي في اليمن- هذه المحطات ماذا يقول عنها حسن باعوم؟ - عملية اعتقالي وسجني ومن ثم تقديمنا أنا وزملائي للمحاكمة.. أنا اعتبرها كانت محاولة لضرب الحراك الجنوبي بدرجة أساسية.. ولكن إطلاق سراحي ومعي بقية الإخوة الذين قادوا الفعاليات والاعتصامات الجماهيرية السلمية منذ منتصف العام 2007 في جنوباليمن- المحافظات الجنوبية والشرقية- يعتبر انتصاراً للحراك الجنوبي وللقضايا التي رفعها وطالب بها.. وخاصة أن الاعتقالات وأعمال التعسف والسجن والمحاكمة التي تعرضنا لها أنا وزملائي قد فشلت في أن تقضي على الحراك الجنوبي. ضربات السلطة .. وجهت لكم اتهامات بالدعوة للانفصال والاساءة لدولة الوحدة من خلال ما يسمى بالحراك الجنوبي. - أقول لك إنني على قناعة أكيدة أن أي ضربات توجهها السلطة للحراك الجنوبي لن تزيده إلا قوة واتساعاً في كل مناطق الجنوب.. لأن القضية أمامنا واضحة. الدعوة للانفصال.. قاطعته.. لكنه وصل اجابته.. قائلاً: - نحن نعرف أننا ما دمنا قد اخترنا أن نعمل من أجل تحرير الجنوب من احتلال الجمهورية العربية اليمنية فإننا قد اخترنا مواجهة كل ما نتعرض له من قبل سلطة الاحتلال. مقاطعاً.. ماذا تعني أستاذ؟! - فأجاب... احتلال الجنوب من قبل الجمهورية العربية اليمنية؟! عدت مقاطعاً.. ماذا تقصد تحديداً بالجنوب هل تعني احتلال جمهورية اليمن الديمقراطية؟ - أنا أتحدث عن احتلال الجمهورية العربية اليمنيةلجنوباليمن.. فعندما تم إعلان الوحدة بين شطري اليمن عام 1990م تم التوقيع على اتفاقية الوحدة بعد اتفاق الشطرين على دستور دولة الوحدة.. لكن هذا الدستور وتلك الاتفاقية تم إلغاؤها بعد ذلك حيث ألغي الدستور الذي تم الاستفتاء عليه شعبياً وقامت عليه دولة الوحدة كما ألغيت الاتفاقية التي وقعتها قيادتان الشطرين وبموجبها تمت الوحدة اليمنية وذلك بعد حرب الغدر والخيانة التي شنت عام 1994 على الجنوب.. حيث أصبح الجنوباليمني منذ ذلك الوقت محتلاً من قبل الجمهورية العربية اليمنية! غدر وخيانة .. لكن حرب صيف 1994 كانت للدفاع عن بقاء الوحدة اليمنية.. ومواجهة مشروع الانفصال؟ - لا.. لا.. أنا اعتبرها حرب غدر وخيانة.. هدفت إلى إلغاء اتفاقية الوحدة بين شطري اليمن وإلغاء دستور دولة الوحدة الذي تم استفتاء الشعب عليه. كيف هي حرب غدر وخيانة وقيادة الحزب الاشتراكي هي من تبنت مشروع الانفصال عن دولة الوحدة؟ - أنا لا أعرف أن الحزب الاشتراكي أو قياداته هي من تبنت مشروع الانفصال.. وإنما أعرف أن الجنوباليمني احتل من قبل الجمهورية العربية اليمنية التي شنت الحرب على الجنوب.. والمسألة واضحة. كيف ذلك؟ - هناك حرب شنت ضد الجنوب وهي حرب خداع وخيانة.. وبعد الحرب عام 94م ألغيت فعلياً اتفاقية الوحدة وألغي الدستور الذي قامت عليه دولة الوحدة وهذا الأمر واضح كل الوضوح. طيب أستاذ حسن.. ومن يتحمل مسؤولية الحرب.. هل من دافع عن بقاء الوحدة اليمنية أم من تبنى ووقف خلف مشروع الانفصال عن دولة الوحدة. - أنا لا أقول لك ما هو دور أو مسؤولية الحزب الاشتراكي أو قياداته في اتخاذ قرار الانفصال عن دولة الوحدة.. ولكن أقول لك إن الوحدة اليمنية التي تحققت بين شطري اليمن طواعية عام 1990م تم الغدر بها من خلال التنصل من الاتفاقية التي قامت عليها ومن خلال إلغاء الدستور المستفتى عليه. طيب كيف يمكن تجاوز هذا الوضع الذي تتحدث عنه؟ - لا يمكن إعادة شيء تم هدمه؟ نوايا مسبقة .. تقول لي إن حرب 1994 التي أؤمن جازماً بها وأنها لم تقم إلا للدفاع عن بقاء الوحدة.. إن تلك الحرب قد ألغت اتفاق وحدة شطري اليمن؟ - أجاب.. على كل حال.. الحرب قامت لضرب الوحدة اليمنية التي تمت طواعية في 22 مايو 1990 وتلك الحرب استهدفت الجنوب وإلغاء الدستور المستفتى عليه.. ويعني ذلك أن تلك الحرب لم تكن للدفاع عن الوحدة اليمنية كما يقال.. وإنما كانت معبرة وكاشفة لنوايا مبيتة.. تم ترجمتها إلى حرب بهدف إلغاء الاتفاقية التي قامت عليها الوحدة بين شطري اليمن وإلغاء الدستور الذي قامت عليه دولة الوحدة! تتحدث عن نوايا تصفها بالمبيتة لدى الرئيس علي عبدالله صالح والشماليين حسب وصفك؟ - أنا أقول لك إن تلك النوايا كانت مبيتة ومؤشرات هذه النوايا يمكن إبرازها في عدد من الأحداث التي جرت خلال الفترة الانتقالية ما بين عام 1991م وعام 1993 وحتى اندلاع حرب الغدر والخيانة. مقاطعاً.. ما هي هذه المؤشرات.. - هناك عدد من الممارسات التي حدثت خلال الفترة الانتقالية.. ومنها عمليات الاغتيالات التي استهدفت قادة وكوادر الحزب الاشتراكي.. ومنها محاولة اغتيال أمين عام الحزب السابق علي صالح عباد ومحاولة اغتيال وزير العدل الأسبق والقيادي الاشتراكي عبدالواسع سلام.. وخلال تلك الفترة تم اغتيال وتصفية 150 من القيادات في الأمن وجيش جمهورية اليمن الديمقراطية.. وكان ذلك مؤشراً على أن هناك شيئاً يدبر.. وهنا أريد أن أشير إلى أن ذلك كان استهدافاً للحزب الاشتراكي ولقيادة دولة الجنوب وأن الحرب في صيف 1994 جاءت كآخر مرحلة من تلك النوايا. مجرد أحلام .. أنت الآن تتحدث عن احتلال حسب قولك وقيادة الحزب الاشتراكي هي من سعت للانفصال عام 1994م.. فأين هدف تحقيق الوحدة من توجهاتكم كقيادات اشتراكية. - الذي حصل أنه تم الغدر بالوحدة من قبل نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية.. وهذا يعني أن هدف تحقيق الوحدة التي كان الحزب الاشتراكي يرفعها كشعار نضالي له.. ويرددها الطلاب في المدارس أثناء قيادته وتوليه مقاليد الحكم في الجنوب ما هي إلا ترهات وأن نضال الحزب الاشتراكي من أجل تحقيق الوحدة وإزالة التشطر كانت مجرد أحلام وردية. نحن في الحزب الاشتراكي خدعنا حتى رفعنا شعار تحقيق الوحدة. يعني ذلك أنك كنت معارضاً لتحقيق الوحدة اليمنية منذ البداية.. على الرغم من أنك أحد قيادات الحزب الاشتراكي ومازلت. - لا.. لا.. أنا عملت من أجل أن ينتهي التشطير وأن تتحقق الوحدة اليمنية بين الشمال والجنوب وقد ناضلت بكل ما وجد في من قوة وعزم من أجل تحقيق هذا الهدف.. وذلك من قلب وإيمان صادق.. ولكن مع الأسف أن الغدر والخيانة الذي تعرضت له الوحدة جعلني أعيد النظر في تلك المواقف!. إن ما تعرض له الجنوب هو ظلم لنظام الحكم القائم قبل الوحدة في الجمهورية العربية اليمنية.. حيث اعتبرت أن ما تم وما أسفرت عنه حرب 1994 هو احتلال! هذه مواقفي .. لكن هناك من عارض موقفك هذا ووجهت له انتقادات حادة من داخل الحزب؟ - أنا لا أريد أن أتحدث عن مواقف الآخرين.. وإنما عن مواقفي حيث سعيت بعدها إلى تشكيل تيار داخل الحزب ومعي عدد من قيادات الحزب من أجل الدفاع عن قضية الجنوب وقد نجحنا كتيار يدعوا إلى إجراء مصالحة وطنية وإصلاح مسار الوحدة اليمنية في جعل الحزب يتبنى قضية الجنوب..!!. الحزب وقيادته لم تكن متبنية لما أسميته بقضية الجنوب وإنما دعت إلى معالجة آثار حرب صيف 1994م.. وكان من بين ذلك التقارب ومن ثم التحالف مع حزب الإصلاح؟!. - لن أخوض معك في تفاصيل حول هذا الأمر.. ولكن أقول لك إن قيادة الحزب سواء الأمين العام السابق عليِ صالح عباد أو الأمين العام الحالي للحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان لم يكن موقفها مشرفاً وبالشكل المطلوب - وسبق لي أن قلت هذه القيادات أسهمت بخيانة قضية الجنوب!. بسبب تحالفها مع الإصلاح..!! - نعم.. أنا شخصياً لم أكن مرتاحاً منذ البداية للتقارب الذي تم بين الحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح والذي تحول بمثل خيانة من قبل قيادة الحزب السابقة والحالية لقضية الجنوب ومعاناة أبناء الجنوب التي خلفتها حرب العام 1994م وشارك فيها الإصلاح!!. استمرار الحراك .. أعلنتم قبل أيام عن تشكيل مجلس أعلى للحراك الجنوبي - حيث كان ملاحظاً أن شخصيات بارزة ممن قادت الفعاليات المطلبية للمحالين إلى التقاعد في المحافظات اليمنيةالجنوبية والشرقية لم تشارك فيه..!!. - لهم حرية الاختيار..!! هناك من اعتبر ذلك بأنه ينهي ما يسمى بالحراك الجنوبي خاصة بعد أن بادرت السلطات اليمنية الحكومية الى معالجة الأوضاع التي أدت إلى وجود هذا الحراك..!! - نحن لدينا قضية وهي خروج الاحتلال ونيل استقلالنا - وهذه هي القضية الأساسية لنا.!! ونحن أكرمنا الله بالحراك الجنوبي والذي حدد موقفه من الوضع إلي يعانيه أبناء الجنوب - الذي عليهم كأحزاب وشخصيات سياسية ودينية أن يتحركوا حتى انتهاء الاحتلال والقضية هنا ليست انفصالاً - ولكن لإنهاء المعاناة التي نمر بها في الجنوب!!. كيف ذلك.. ماهي هذه المعاناة التي يقتصر وجودها على أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية ولا يعرفها بقية أبناء اليمن في المحافظات الشمالية والغربية. - أنا في الحقيقة لم أكن أريد أن أتحدث معك أكثر.. لكن أقول لك مضطراً أننا أبناء الجنوب نعيش تحت وضع احتلال لم يترك أرضاً أو نسلاً أو حرثاً.. وما يحصل لأخواتنا في الشمال هو ظلم - لكن نحن نشعر أننا نعاني من غبن أكبر.. ومعاناة تختلف عن تلك التي يعاني منها أخواتنا في الشمال - قضيتنا في الجنوب واضحة ولا تحتاج الى رتوش - والمهم لدينا هو أن نوجه كل جهودنا من أجلها وأن لا ندخل في تفرعات قضايا أخرى..!! تعني ما تقوله أنه معاناة اليمنيين في المحافظات الشمالية والغربية.. لاتهمكم. - كما قلت لك معاناتنا أكبر - واكتفي بذلك..!؟؟ أطلق سراحك من السجن بعفو رئاسي في رمضان الماضي.. وأسألك فترة السجن والمحاكمة ماذا تقول عنها. - ضحك الرجل - وأجاب - اعتقلت في 31 مارس 2008م وقد نقلت من حضرموت إلى عدن في 11 إبريل حيث وضعت في زنزانة انفرادية في سجن جهاز المخابرات الأمن السياسي - ومساء اليوم الذي نقلت فيه إلى صنعاء جاء مجموعة من ضباط وأفراد المخابرات وأخذوني وأنا مكمم ومعصوب العينين لمقابلة من أخبروني بأنهم قيادات عليا في جهاز المخابرات - الأمن السياسي - وحين مثلت أمامهم كنت أعرف بأن من بين الحاضرين الرئيس علي عبدالله صالح وانه موجود شخصياً لحضور جلسة استجوابي ولسماع ما سأقوله!!.. وكيف عرفت أن الرئيس علي عبدالله صالح كان حاضرا جلسة استجوابك وأنت كما تقول كنت معصوب العينين..! - شعرت وقتها أن الرئيس علي عبدالله صالح كان موجوداً.. وأقول لك بأني واثق تماما بأني وقتها كنت أمام الرئيس. طيب كيف تم استجوابك والتحقيق معك وماذا..!! - قاطعني الرجل قائلاً - اسمح لي - قبل أن يسألوني - وقبل أن يوجه لي أي سؤال - قلت لمن كان حاضراً - انا لا أعترف بكم كمسئولين ولا أعترف بمسؤوليتكم، احتجاجاً على اعتقالي حيث تم منع الأكل والشرب عني ومنع عني تناول الدواء. هل وجهت لك أسئلة محددة - من قبل الرئيس!؟ - أضيف لك - بعد تجاهله الإجابة على سؤالي السابق - وأضاف قائلا: تكرر استجوابي في اليوم الثاني.. وفي اليوم الثالث نقلت إلى مستشفى الشرطة نظراً لتردي حالتي الصحية. وفي المستشفى اخبرني الأطباء الذين قاموا بالكشف علي بأن علي تعليق الإضراب عن الأكل والشرب الذي أعلنته وأنا في السجن وبدأت في أخذ العلاجات والوصفات الطبية التي نصح بها الأطباء. قدمت للمحاكمة أنت ومجموعة من الشخصيات التي تصدرت الفعاليات والمسيرات في المحافظات الجنوبية والشرقية - لكن هذه المحاكمة لم تستمر وتم الإفراج عنكم بعفو رئاسي - بعد مطالبة أحزاب المعارضة بالإفراج عنكم. قاطعني الإفراج عنا تم بسبب خشية السلطة من اتساع حالة السخط عليهم في أوساط الحراك الجنوبي وليس استجابة لمطالب أحزاب اللقاء المشترك للمعارضة.