ساد التوتّر اجواء المباحثات بين الاطراف اليمنية المتصارعة ، والذي احتضنته العاصمة السويسرية جينيف يوم امس برعاية الاممالمتحدة من المتوقع أن تستمر ثلاثة أيام ، في وقت يشهد فيه الوضع الميداني تصعيدا خطيرا للاقتتال وتدهورا غير مسبوق للأوضاع الانسانية وسط مطالب دولية بضرورة معالجة الازمة قبل فوات الاوان. ولم تحمل الأطراف المتحاورة في أجنداتها سوى البحث عن توافق حول هدنة انسانية ووفقا للاقتتال قبيل دخول شهر رمضان ، الاّ أن الحديث عن هدنة في حدّ ذاته يعدّ امرا صعب المنال نتيجة تمسّك الطرفين بمطالب بعيدة كلّ البعد عن التوصل الى حلّ سياسي ينهي الصراع الدموي في البلاد . الحكومة الشرعية في اليمن أكّدت عدّة مرات ان مشاركتها في حوار جينيف هو فقط للتشاور وليس للتفاوض ، اذ اكد وزير خارجية الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي ، انّ الحكومة متمسكة بالقرار الاممي عدد 2216 القاضي بانسحاب الحوثيين من مؤسسات الدولة والمدن الواقعة تحت سيطرتها وهو مايقابله رفض من قبل «انصار الله» المعروفة اعلاميا باسم «الحوثيين». وقوبل قبول الحكومة الشرعية الى طاولة الحوار الى جانب الحوثيين برفض واسع النطاق ، في الشارع اليمني خاصة نتيجة مااعتبروه اعترافا ضمنيا وشرعنة لممارسات الحوثيين في البلاد. وخلال افتتاح المشاورات طالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وقف إطلاق النار بعد تدهور الوضع الانساني على ارض اليمن ، محذرا من «أن البلاد تقف على شفير انهيار لا يمكن للشرق الأوسط أن يحتمله».وقال بان إن الهدنة التي دعا إليها بمناسبة بدء شهر رمضان يجب أن تستمر لمدة أسبوعين على الأقل للسماح بدخول الإمدادات الأساسية للبلاد.وحصد الصراع اليمني ما يزيد عن 2600 شخص نصفهم مدنيون وذلك وفق احدث تقرير لمنظمة الصحة العالمية تعتبرها المنظمات الحقوقية اقل بكثير من الواقع . وقال وزير خارجية الحكومة الشرعية› إنه يمكن بحث هدنة محدودة، لكن يجب أن ينسحب الحوثيون من مدن بينها عدنوتعز، وأن يفرجوا عن أكثر من 6000 سجين ويلتزموا بقرار الأممالمتحدة'. يشار الى ان المبعوث الاممي التقى امس وفد حكومة عبد ربه منصور هاجي، بينما اُعلن أن 'ممثلي الحوثيين تأخروا في الوصول لأسباب تقنية'. 'محاولة للالتفاف على مخرجات الحوار' من جانبه اعتبر السياسي اليمني والناشط في مجال حقوق الانسان فهد العميري في تصريح ل»المغرب» أن حوار جنيف ليس إلا محاولة للالتفاف على مخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة باليمن وتحديدا القرار 2216 المتعلق بانسحاب مليشيا الحوثي من المؤسسات والمدن اليمنية وتسليم الأسلحة المنهوبة .مضيفا ان اليمنيين لاينتظرون شيئا من هذا الحوار سوى مزيدا من تمكين مليشيا الحوثي والمخلوع من سفك دماء الابرياء. واستبعد محدثنا التوصل الى هدنة انسانية في ظل استغلال مليشيا الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح كل فرصة وهدنة لقصف الأحياء السكنية وسفك المزيد من دماء المدنيين حتى أصبح الحديث عن الهدنة لدى كثيرين مثيرا للخوف والرعب جراء ما عايشوه في هدنة الأيام الخمسة الماضية من قصف عنيف وجرائم لا تحصى . وتابع القول : «إن الهدنة أصبحت بلا جدوى في ظل قيام هذه المليشيا الإرهابية بنهب المساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء لدعم ما يسمى بمجهودهم الحربي ولم يصل للمحافظات المنكوبة كتعز والضالع على سبيل المثال أي معونات». كارثة انسانيّة وحذّر العميري من كارثية الوضع الانساني في اليمن قائلا:» الوضع الإنساني في اليمن مأساوي للغاية فالكهرباء لا تصل إلى المدن لأسابيع بل إن مدينة تعز مثلا لم يصل إليها التيار الكهربائي منذ أكثر من شهر ونفس الحال مع المياه ، كما أن مليشيا الحوثي والمخلوع تفرض حصارا على المدن وتمنع وصول المواد الغذائية والمشتقات النفطية إلى المدنيين مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل قياسي ، كما تفتقد المستشفيات للأدوية والمستلزمات الطبية و90 % من مستشفيات محافظة تعز مغلقة بل ان المليشيا تقوم بقصفها بمختلف الأسلحة الثقيلة ، وتشهد الأحياء السكنية قصفا عشوائيا عنيفا وبشكل يومي مما يحيل يوميات المدنيين إلى رعب متواصل ناهيكم عن الافتقاد إلى أبسط الخدمات الأساسية ، اليمن وتحديدا المناطق المنكوبة في تعزوعدن والضالع الخ... تعيش أوضاعا إنسانية مريعة وضحايا قصف الحوثيين للأحياء السكنية في تزايد مطرد». دعم ولكن .. من جانبه قال اسماعيل الشامي ممثل المعارضة السورية في المهجر ل»المغرب» ، أنّ المعارضة تدعم حوار جينيف بين الأطراف اليمنيّة آملا ان يحقق انفراجا وحلحلة للازمة اليمنية ووقفا للحرب وفرضا لخيار السلام. واعتبر الشامي أنه من خلال متابعة المشهد الميداني لن يتمكن الحضور من التوافق حول حلول ملموسة ، مشيرا الى ان الحوار سيحقق مايراد تحقيقه فحسب ، وهو اخراج هدنة مؤقتة. هذا وستحتضن المملكة العربية السعودية اليوم اجتماعا طارئا لوزراء خارجية منظمة «التعاون الإسلامي» لبحث الوضع اليمني ، قالت تقارير اعلامية انه سيشهد مشاركة وفد ايراني وذلك بمقر المنظمة .يشار الى أنّ اجتماع جدة جاء بطلب من الحكومة الشرعية في اليمن لبحث مقترح يمني لتشكيل 'قوة مراقبة إسلامية' يتم الاستفادة منها لضمان أي هدنة. " جريدة المغرب "