تتجه خيارات الشرعية اليمنية والأطراف المؤيدة لها نحو الحسم العسكري٬ في معظم جبهات القتال التي صعد فيها المتمردون الحوثيون وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح٬ مؤخرا٬ على الرغم من استمرار المساعي للتوصل إلى حلول سياسية٬ وفقا لما قاله مصدر رفيع في المقاومة اليمنية ل«الشرق الأوسط»٬ وذلك في ظل مرحلة فتور تمر بها العملية السياسية٬ جراء الغموض الذي يكتنف التحضيرات التي يجريها مبعوث الأممالمتحدة لانعقاد الجولة المقبلة من المفاوضات بين الأطراف اليمنية في ال18 من الشهر الحالي في دولة الكويت. ومنيت الميليشيات الحوثية في شرق وشمال اليمن٬ بخسائر فادحة في الأرواح والمعدات وخسرت كثيرا من المواقع الاستراتيجية التي كانت تسيطر عليها منذ فترة طويلة٬ وشهدت محافظة الجوف احتفالات غامرة بمناسبة تحرير أجزاء جديدة من المحافظة من قبضة الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح٬ وفوجئ المتمردون بتطورات ميدانية متزامنة٬ تمثلت في تقدم كبير لقوات الجيش الوطني والمقاومة في محافظة مأرب. وكان قد عبر الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي عن أهمية الحسم العسكري٬ وقال إن الحكومة الشرعية ودول التحالف حولت ميزان القوى على الأرض٬ في إطار المواجهات مع المتمردين الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح٬ وذلك من خلال تحرير ما يقرب من 75 في المائة من الأراضي التي كانت تحتلها ميليشيات الحوثي وصالح٬ وذلك ما دفعها للمشاركة في مشاورات السلام المقرر انعقادها في دولة الكويت٬ وأكد أن انتصارات قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية أجبرت الحوثيين على الخضوع للحوار بعد عام من انطلاق «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية. وأضاف هادي٬ في مقال كتبه٬ أول من أمس٬ في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية: أستطيع أن أقول لأبناء شعبنا اليمني بكل ثقة إننا نعمل بجد لاستعادة السلام٬ ولقد ضعف الموقع العسكري للمتمردين الحوثيين٬ وسوف تستأنف مشاورات السلام الشهر المقبل٬ ومن المقرر أن يبدأ وقف إطلاق النار يوم 10 أبريل (نيسان)٬ للوصول إلى المحادثات والذي يجب على الحوثيين احترامها». وذكر الرئيس هادي أن الحكومة عملت كل ما هو ممكن لتجنب اليمن حرب شاملة٬ وذلك قبل أن يتصاعدُعنف المتمردين الحوثيين وصالح أثناء عملية الانتقال السياسي السلمي٬ وقد خرجت تلك العملية عن مسارها تماما في وقت كانت البلاد تضع مقررات مؤتمر الحوار الوطني٬ وهو منتدى تم إنشاؤه من قبل اليمنيين وبدعم من المجتمع الدولي وكان الحوثيون أنفسهم طرفا في مناقشات المؤتمر على الرغم من تكثيفهم للعنف. وفي الوقت الذي تتداخل جبهتا القتال في مأربوالجوف٬ فقد مني الحوثيون بخسارة كبيرة٬ وذلك بتحرير أهم موقعين بيد قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية٬ وهما موقع «الصفراء» ومدينة «براقش» التاريخية٬ وهما يتبعان مديرية مجزر (قبائل الجدعان) في محافظة مأرب. وقد استكمل الجيش الوطني٬ أمس٬ تمشيط مدينة براقش بالكامل من جيوب المتمردين. وقال مصدر رفيع في المقاومة بمأرب ل«الشرق الأوسط» إن التطورات الهامة في مأربوالجوف «تعد ردا عمليا من التحالف والجيش الوطني والمقاومة٬ في مأرب٬ على حشود الحوثيين والمخلوع صالح عشية تهديدات أطلقها المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام٬ على خلفية مواجهات في ميدي». وأضاف المصدر أن ما جرى في الجوفومأرب هو «عملية خاطفة٬ حرر خلالها الجيش الوطني والمقاومة أكثر مواقع الميليشيات تحصينا وأقدمها٬ فموقع الصفراء الاستراتيجي أول مواقع الحوثيين في أطراف مأرب من جهة حدودها الإدارية مع الجوف٬ ويقع فيما يعرف بمنطقة أشراف مجزر الواقعة في إطار مديرية مجزر وسقط في يد الحوثيين منذ أحداث الغيل بالجوف في ٬«2011 مشيرا إلى أن هذا الموقع «ظل خنجرا في خاصرة مأربوالجوف»٬ وإلى أن الحوثيين ظلوا لسنوات يؤمنون٬ من خلال هذا الموقع٬ عملية «مرور قواتهم وتعزيزاتهم من وإلى محافظة صعدة (المعقل الرئيسي للمتمردين الحوثيين)٬ ويتحكمون في حركة التجارة المقبلة من الربع الخالي٬ من حدود اليمن مع السعودية وعمان٬ وضموا إليه مدينة براقش الأثرية وهي من أهم المدن التاريخية وعاصمة دولة معين٬ إلى جانب عدة قرى للإشراف٬ بينها قرية الدرب وآل صالح من أشراف مجزر المتداخلين مع قبيلة الجدعان جغرافيا في مأرب. كل هذه سقطت في عملية تحرير صادمة نفذتها المقاومة وبعض وحدات الجيش الوطني وحررتها بالكامل». وأشارت مصادر ل«الشرق الأوسط» إلى مقتل العشرات من عناصر الميليشيات الحوثية في العمليات العسكرية التي دارت٬ خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية٬ في محافظتي الجوفومأرب٬ وإلى أن المقاومة والجيش الوطني خسرا نحو 10 من المقاتلين في عملية تحرير موقع الصفراء ومدينة براقش التاريخية٬ التي حولها الحوثيون إلى معسكر ومخزن للأسلحة ومنطقة عمليات عسكرية نحو المناطق المجاورة. إلى ذلك٬ أكدت مصادر قبلية رفيعة ل«الشرق الأوسط» أن كثيرا من الأطراف القبلية المنضوية في إطار المقاومة الشعبية والمؤيدة للمقاومة الشعبية٬ بدأت في اتخاذ خطوات عملية والتنسيق الواسع مع قيادات الجيش الوطني بخصوص عملية تحرير العاصمة صنعاء٬ وقالت تلك المصادر إن «التفاعل الإيجابي المعهود من قبل الشرعية مع طروحات المبعوث الأممي إلى اليمن٬ إسماعيل ولد الشيخ أحمد٬ لا يعني أن لا يتم التحرك والاستعداد٬ فقد عهدنا الحوثيين وحلفيهم صالح ناكثي عهود٬ وقد لاحظنا أن خطابهم حمل كثيًرا من التحدي والتصعيد خلال الأيام الماضية». وردا على تصريحات للعميد هاشم الأحمر٬ قائد «اللواء 141» الموالي للشرعية٬ والتي أشاد فيها بجهود قبائل الجدعان في المعارك٬ قال مصدر قبلي في الجدعان ل«الشرق الأوسط» إن «شهادة العميد هاشم الأحمر كرما منه نعتز بها٬ وجهوده وجهود اللواء 141 مشاة واضحة وملموسة٬ ومحل احترام المقاومة. وقال: نعده أن نردها لهم بالوقوف معهم٬ كما وقفوا معنا٬ في صنعاء وعمران إن شاء الله». وأضاف المصدر الذي رفض الإشارة إلى اسمه٬ أن «هذا اللواء وكل الألوية المشاركة في معارك مأربوالجوف وبتوجيهات ومتابعة قيادة الجيش والقيادة السياسية كلها جهود مشكورة ومحل الاحترام والتقدير وكلنا في سفينة واحدة». ومنذ نحو أسبوعين٬ أخذت قوات الشرعية والمقاومة الشعبية زمام المبادرة في مأربوالجوف وشبوة٬ وهي ثلاث محافظات شمالية وجنوبية متجاورة٬ حيث حررت أجزاء من مديريات بيحان وعسيلان في شبوة٬ فيما حررت مديرية حريب في مأرب والمتون في الجوف.