ابتلت الأرض بالدماء قبل أن يذهب الظمأ٬ وعروق اليمنيين جفت وهي تنشد السلام الذي يرفضه الحوثيون وحليفهم المخلوع٬ ولم يراعوا حتى حرمة الشهر الكريم. عشرات القتلى والجرحى٬ أمس٬ في صفوف القوات الشرعية٬ وميليشيات الانقلاب أيضا. هذا ما شهدته مناطق الاشتباك باليمن٬ أمس٬ في باكورة أيام رمضان. استيقظت تعز٬ أمس٬ على وقع مقتل عائلة كاملة إثر تواصل القصف من قبل ميليشيات الحوثي والمخلوع على المحافظة؛ إذ صَّعد الانقلاب من عملياته العسكرية على ثالث كبرى المدن اليمنية (تعز). واستمر الانقلاب في ارتكاب مجازر جديدة جراء القصف المستمر بمختلف أنواع الأسلحة٬ وبشكل هستيري٬على الأحياء السكنية في مدينة تعز٬ خصوصا حي المطار القديم٬ غرب تعز٬ مخلفة وراءها سقوط أكثر من 30 شخصا بين قتيل وجريح. وأرجعت مصادر متعددة في قوات الشرعية التصعيد إلى انتقام الميليشيات الانقلابية من وفد الشرعية المشارك في مشاورات الكويت٬ وذلك بعد ساعات من تقديم وفد الحكومة اليمنية خطة لتطبيع الأوضاع في محافظة تعز٬ تتضمن 8 نقاط ومقترحات٬ أبرزها خروج مقاتلي الميليشيات الانقلابية من المحافظة٬ ووقف العمليات العسكرية٬ والتوقف الفوري عن الاعتداءات على المدنيين. وطالب الوفد الحكومي اليمني بتسليم خرائط الألغام المزروعة حول تعز وتشكيل فريق متخصص لنزعها وتأمين الطرق لوصول المساعدات إلى المدينة. وقالت مصادر عسكرية إن المقاومة نجحت في ردع هجوم مكثف للميليشيا على تعز منذ صباح الاثنين٬ وتمكنت من ردع الميليشيا ودفعها للتراجع على عدد من الجبهات الجنوبية والغربية للمدنية٬ موضحة أن الميليشيا تستغل هذا الشهر بتنفيذ عدد من الهجمات لأشغال المدنيين عن الأعمال المعتادة في هذا الشهر الكريم. وقال أيمن المخلافي٬ القيادي في قوات الشرعية في تعز٬ في تصريح ل«الشرق الأوسط»: «إن ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية مستمرة في ارتكابمجازرها بحق الأبرياء من المدنيين في الحالمة تعز وبشكل جنوني وهستيري». وأضاف: «في أول أيام شهر رمضان المبارك استيقظنا على مجزرة بحق أسرة كاملة وما جاورها في حي المطار القديم٬ غرب مدينة تعز؛ حيث (استشهدت) أم و5 من أطفالها٬ وكذلك أصيب 24 آخرون في جريمة تؤكد أن هذه الميليشيات لا تحترم أي شعائر دينية أو مواثيق دولية ولا تلقي لذلك أي حساب». «الميليشيات الانقلابية قد تعودت ولا تعيش إلا بعد سفكها لدماء الأبرياء٬ وكل تلك المجازر تؤكد أن نهاية هذه الميليشيات الانقلابية باتت قريبة٬ وما هذه المجازر إلا دليل واضح على الإفلاس»٬ يقول المخلافي: «لقد وصلت الميليشيات إلى حالة من الإحباط واليأس من مدينة ظلت صامدة شامخة خلال أكثر من عام٬ ولقنت تلك الميليشيات الانقلابية دروسا في البطولة والصمود». واعتبر القيادي أن هذه المجازر التي ترتكبها ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع صالح جاءت بعدما «تلقت الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد٬ وكذلك اندحار في كثير من المواقع المهمة في جبهات القتال خصوصا الجبهة الشرقية٬ وذلك بعدما حاول الحوثيون التقدم إلى مواقع للمقاومة وتحول إلى هجوم معاكس حققت من خلاله قوات الشرعية تقدما كبيرا في جبهة ثعبات٬؛حيث سيطر أبطال قوات الشرعية على كثير من المواقع التي كان يتحصن فيها قناصو ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح». إلى ذلك٬ أكد رئيس المجلس الأعلى للمقاومة في تعز٬ حمود المخلافي٬ عودته قريبا إلى المحافظة٬ بعدما غادر اليمن قبل أيام متوجها إلى الرياض وتركيا. وقال: «إننا في قوات الشرعية بتعز لن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الحرب الوحشية والمجازر المتكررة»٬ ودعا قادة قوات الشرعية وقادة الألوية العسكرية وكل الفصائل إلى التلاحم ورفع الجاهزية القتالية والاستعداد الكامل. ونقل المكتب الإعلامي للشيخ المخلافي قوله: «لن ننتظر الازدواجية الأممية والصمت العالمي القائم على المصالح والابتزاز أن ينصفنا٬ فأهلنا في تعز يقتلون على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي منذ أكثر من عام بمختلف الآليات والمعدات العسكرية الثقيلة والمتوسطة والخفيفة٬ الذي لم يحرك ساكنا في ظل الخذلان والتواطؤ على التنكيل بهذه المدينة المسالمة». من جانبها٬ دعت اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان إلى الوقف الفوري للأعمال العسكرية في محافظة تعز والسماح لفرق الإغاثة بالوصول إلى مواقع الأحداث؛ لانتشال الجثث٬ ونقل الجرحى٬ وإدخال المساعدات الطبية والإنسانية٬ وتسهيل أعمال اللجنة وفريقها الميداني الذي يقوم بعملية المعاينة للمناطق المتضررة والتحقيق فيها. وقالت في بيان صادر عن اللجنة٬ حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إن اللجنة يؤسفها الانتهاكات التي طالت المدنيين العزل في الأحياء السكنية التي تعرضت للقصف٬ التي راح ضحيتها قتلى وجرحى حتى الآن من بينهم 14 طفلا و9 نساء». وأضافت: «نظرا إلى الوضع الخاص الذي تعيشه محافظة تعز والوقائع المؤسفة والأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة في الأيام السابقة من 2 يونيو (حزيران) وحتى 5 يونيو الحالي فقد كلفت فريقا من القانونيين والمختصين للنزول الميداني لمواقع الأحداث للرصد وجمع البيانات الأولية ومقابلة الضحايا وأسرهم والشهود»