في ظروف لا ترحم ومعاناة لا تنتهي وصراعات مستمرة ووطن لا تعرف عيناه طريقا للسلام، يستمر معدل النزوح في اليمن بالارتفاع، حيث توضح الإحصائيات إن ما يقارب 2,7مليوني نازح باتوا خارج ديارهم في ظروف بالغة القسوة، ولا يعرفون الى اين يقودهم المصير ؟! منذ مارس (آذار) 2015، بداية العمليات العسكرية في اليمن ضد جماعة انصار الله (الحوثيين) من قبل تحالف دول عربية بقيادة المملكة العربية السعودية، يعيش اليمنيين اوضاعا ماساوية في ظل تدهور الوضع الصحي والتعليمي والمعيشي وفقدان الالاف من العاملين في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، وظائفهم وانقطاع الرواتب. جهاد البعداني (30 ) عاما، مواطن يمني يحلم بحياة كريمة ومستقرة و لديه اسرة تتكون من زوجته واطفاله الثالثة شيرين، وجدان، سيرين، اضافة الى اخت زوجته ووالدتها، وحاله كحال آلاف لاسر اليمنية النازحية بسبب الحرب التي تشهدها اليمن بما فيها محافظة تعز. لم يكن جهاد او هذه العائله من العوائل الثريه ولم يكونون ممن ينعمون و يتمتعون بكل وسائل الراحه والرفاهيه لكن ربما، بل كانوا يعيشون حياة كريمة شعورهم بالامن والأمان في منزلهم اغناهم عن كل ذلك. يعيش جهاد واسرته الصغيرة في إحدى الاحياء السكنية في منطقة الجحملية إحدى مناطق مدينة تعز، شرقا، لكنه لم يكن يعلم وأسرته ما تكيد له الحرب وما تحمله لهم من حزن و معاناة، وحصلت الفاجعة الكبرى التي لم يستوعبها والتي آلمته ورمت بهم الى جوف المعاناة ليعيشوا ذكريات جميلة وواقع مرير. في 23من شهر اكتوبر (تشرين الاول) من العام 2015، استيقظ جهاد وزوجته على اصوات القذائف التي احرقت ودمرت منزلهم و لم تكتفي تلك القذائف بذلك وحسب فنيران شظاياها مزقت جسد فلذة كبده طفلته (سيرين) التي لم يتجاوز عمرها الثانية ربيعا، كما ان عمته والتي قد تجاوز عمرها الستينيات هي الاخرى لم تنجو من عبثية تلك المعارك و الاشتباكات الدائره في حي الجحملية، الذي بات معظم ابنائه مشردون يفترشون الارض ويلتحفون السماء. وفي 29من أكتوبر (تشرين الاول) 2015، اصبح جهاد مضطرا للنزوح وعائلته الى العاصمة صنعاء ليسكن في في منزل كريمته، فقد كان من ضمن المحضوضين الذين وجدوا منزلا يأويهم بينما المئات ان لم يكن الالاف لم يجدوا منزلا ينزحون اليه سوى افتراش الارض ولحافها السماء. وبعد ايام عاشها جهاد وعائلته في صنعاء، لكنه لم يكن مرتاح البال وهو ينظر الى اسرته الصغيرة ويتحسر عليهم انه لا يستطيع ان يوفر لهم متطلباتهم، كونه بدون عمل وبدون منزلا سوى انه ضيفا عند اخته؛ الامر الذي جعله يبحث عن عمل ويبحث عن منزلا صغيرا، وهو ما وجده فعلا وعمل جاهدا في محل مواد البناء، بعدما كان في السلك العسكري في أمن تعز، ويتقاضى راتبا شهريا كفيلا بان يقضي احتياجاتهم، وكان ينظر بانه عملا رائعا رغم انه شاق ولكنه يفي بالغرض ويسد جوع ابنائه ويمنعه من التسول, ويقول اقرباء جهاد، انه "يعيش معاناة كل يوم خاصة بعد توقف العمل الذي لم يستمر معه كثيرا، واغلقت جميع الابواب امامه، فصنعاء لم تعد لسكان صنعاء فقط، فالجميع نزح اليها من الحرب اضافة الى عدد من المحافظاتاليمنية التي نزحوا اليها بما فيها محافظة إب". ويتابع اقربائه القول ان "جهاد يعاني مشكلة بسبب توقفه عن العمل وتراكم ايجارات المنزل لعدة اشهر، ما جعل صاحب العقار بتهديده بترك المنزل وتسديد الايجارات، فتارة يغلق باب المنزل عليهم، وتارة اخرى يوجه الفاظ سيئة اليهم، ووصل به الامر ان يشكوهم الى قسم شرطة ويطالبهم بترك المنزل خلال فترة زمنية قليلة جدة". فهذه حياة احد النازحين الذي فقد منزله وعمله وطلفلته، وهناك الالاف منهم الذين وصلوا الى طريق مسدود ومجهول. ويتساءلون هل سيكون الشارع مأوى دائم لنا ؟! ام اننا سننجو!! ...