مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    الزندان أحرق أرشيف "شرطة كريتر" لأن ملفاتها تحوي مخازيه ومجونه    شاهد لحظة اختطاف الحوثيين للناشط "خالد العراسي" بصنعاء بسبب نشره عن فضيحة المبيدات المحظورة    الصين توجه رسالة حادة للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.محمد حيدرة مسدوس : الخلاف المبدئي في الحزب الاٍشتراكي !
نشر في التغيير يوم 09 - 04 - 2006

" التغيير" خاص : هذه الوثيقة تبين التناقض الأساسي في الحزب الاٍشتراكي اليمني، وهو تناقض مبدئي عميق ينذر بإنقسام الحزب أو إضمحلاله. فبموجب هذه الوثيقة ليس أمام الحزب غير أن يعود إلى حزبين كما كان
عليه قبل إعلان الوحدة، لأنه بهذا فقط يمكن له أن يضمن مستقبله السياسي. فقد قال الأخ د. محمد حيدره مسدوس نائب رئيس الوزراء في حكومة حيدر العطاس الأولى والثانية لدولة الوحدة اليمنية عضؤ المكتب السياسي للحزب الاٍشتراكي اليمني حالياً في مقابلته مع قناة المستقلة، قال إن الحزب الاٍشتراكي مكوّن من حزبين، هما: الحزب الاٍشتراكي المنحدر من الجنوب الذي كان يمثل دولة الجنوب، وحزب الوحدة الشعبية المنحدر من الشمال الذي كان يمثل المعارضة في الشمال. حيث تم إعلان التوحيد الرسمي بينهما بعد التوقيع على إعلان الوحدة بين دولة اليمن الجنوبية ودولة اليمن الشمالية، وقال إن قيادة الحزب الذي كان يمثل الجنوب قد ضربت في حرب 1994م وشتت في الخارج وفي الداخل، بينما قيادة الحزب الذي كان يمثل المعارضة في الشمال قد ظلت باقية وأصبحت هي القيادة الفعلية للحزب بعد الحرب. ولهذا قال مسدوس بأنه قد ظهر تيارين داخل الحزب بعد الحرب، أحدهما تيار إصلاح مسار الوحدة وكل عناصره منحدره من الجنوب ويرى بأن قضية الحزب هي قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة ويحضى بتأييد منظمات الحزب في الجنوب ويمثل ضمير الحزب الذي كان يمثل الدولة في الجنوب، والتيار الآخر هو تيار الأغلبية وعناصره منحدرة من الشمال ويرفض قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة رغم أنها مقره في أدبيات الحزب ويرى بأن قضية الحزب هي قضية المشاركة في السلطة عبر المشاركة في الاٍنتخابات. وهذا الخلاف المبدئي داخل الحزب هو ما تناوله مسدوس في الوثيقة التي أراد أن يقدمها إلى دورة اللجنة المركزية ولم يسمح له بتقديمها، مما أضطره إلى نشرها في حلقات ثلاث عبر صحيفة الطريق، وهي على النحو التالي:
يقول مسدوس: نحن منذ ما بعد الحرب، أي قبل 12 عاماً ونحن مختلفون حول قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة إلى أن حسمت نظرياً في وثائق المؤتمر العام الخامس للحزب، والخلاف حالياً هو حول العمل من أجلها، لأن الذين كانوا ضدها نظرياً هم حالياً رافضين العمل من أجلها، وأعتقد بأن المشكلة تكمن في التالي :
1- عدم الفهم السياسي والقانوني للوحدة اليمنية ذاتها، وعدم الفهم لعلاقة الحرب بالوحدة، لأن هناك من يسمي الوحدة اليمنية بالوحدة الوطنية، وهناك من يعتقد بأن الحرب حافظت على الوحدة، والبعض يظن بأن الحرب كانت بين المسؤولين ولم تمس الوحدة ذاتها...إلخ. ولهذا ظل الخطاب السياسي والإعلامي للحزب متعارض مع قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة ويساعد على دفنها، وظل يجيز الباطل ويشرعه زوراً بإسمنا حتى الآن، وظل أيضاً ومازال من لون جغرافي واحد، وهذا هو ما جعل الحزب يتآكل فيما بينه ويكون حبيس نفسه وغير قادر على الخروج إلى الناس.
2- إن الوحدة اليمنية ليست وحدة وطنية بين أطراف من دولة واحدة وإنما هي وحدة سياسية بين دولتين، كما أن الحرب لم تحافظ على الوحدة،
إن هذه النقاط هي التي كنت أريد طرحها في دورة اللجنة المركزية ولم يسمح لي، وأدعو أعضاء اللجنة المركزية إلى الإجابة عليها في الدورة القادمة
إنما أسقطت شرعية إعلانها وحولتها إلى ضم وإلحاق قائم على القوة وفاقد الشرعية بالضرورة.
3- إن حرب 1994م لم تكن مثل سابقاتها في الشطرين سابقا كما يعتقد البعض، وإنما هي حرب إسقاط الوحدة السياسية بين الشطرين وتحويلها إلى ضم وإلحاق كما أسلفنا، وقد خلقت واقعا إنفصالياً جديداً لم يسبق له مثيل في تاريخ الشطرين سابقاً، حيُث أحدثت فرزاً شطرياً وكراهية عميقة لا حدود لها بين سكان الشطرين، وبالتالي فإن الملاءمة بين الشطرين غير ممكنة موضوعياً إلا بإزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة فقط ولا غير.
4- إن حرب 1994م قد ألغت موضوعياً كل أعمال الحركة الوطنية تجاه الوحدة اليمنية، وألغت موضوعياً أيضاً وبالضرورة شرعية الوحدة بين الشطرين، وأسقطت موضوعياً وبالضرورة كذلك المبرر الموضوعي لوجود المنحدرين من الشطرين في إطار سياسي واحد ما لم تزل آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة.
5- إن الحرب ونتائجها قد خلقت تناقضاً موضوعياً بين مصالح الشطرين لايمكن حله إلا بإزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة فقط ولا غير... أما بدون ذلك فإن القضية الجنوبية ستأخذ منحى آخر نحو الاٍنفصال بالضرورة، وحينها سيدرك الجميع بعد فوات الأوان بأن الحرب قد ألغت أعمال الحركة الوطنية تجاه الوحدة اليمنية وقد ألغت شرعية الوحدة وأسقطت المبرر الموضوعي لوجود المنحدرين من الشطرين في إطار سياسي واحد.
6- إن إعلان الحرب في 27/4/1994م من ميدان السبعين بصنعاء قد ألغى شرعية إعلان الوحدة، ومن لم يصدق ذلك عليه أن يسأل خبراء القانون الدولي. كما إن الحرب ونتائجها قد حالت دون تحقيق الوحدة في الواقع من الناحية العملية.
7- إننا منذ إنتهاء الحرب ونحن نعمل داخل الحزب لاٍقناع قيادة الحزب بهذه القضية وبشرعيتها وعدالتها ومسئولية الحزب تجاهها، لأن الحزب نصب نفسه كممثل للجنوب في إعلان الوحدة وليس ممثلاً للشمال فيها. وبالتالي فإن تخلي الحزب عن الجنوب وهو في محنته الذي الحزب هو ذاته أوصله إليها، يفصله عن الجنوب وعن تاريخه في الجنوب وعن علاقته بالوحدة ويسقط شرعية ما فعله مع الشمال بشأن الوحدة, والأهم من ذلك بالنسبة للحزب أن تخليه عن الجنوب وهو في محنته الذي الحزب هو ذاته أوصله إليها هو بمثابة الخيانة الوطنية العظمى للشعب في الجنوب بالضرورة.
8- إن الرأي الآخر في الحزب لم يقرأ الواقع، لأنه لو كان يقرأ الواقع لما ظهر رأيان في الحزب بكل تأكيد، فالرأي الآخر في الحزب يكون على صواب لو لم تحصل الحرب، ولكن بعد أن حصلت الحرب وخلقت واقعا إنفصالباً جديداً، فإننا نطلب من أصحاب الرأي الآخر في الحزب بأن يفكرون بعقلية ما بعد الحرب وليس بعقلية ما قبل الحرب وسوف نتفق بكل تأكيد.
9- لقد حدد برنامج الحزب آلية العمل من أجل قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة بالدعوة إلى الحوار حولها وليس حول غيرها بإعتبارها قضية وطنية تخص الجميع في السلطة والمعارضة، وقد جاء في البرنامج بأن هذه القضية هي القضية الملحة والعاجلة أمام الجميع، وهي المدخل الطبيعي لاٍستعادة وحدة 22 مايو 1990م والمدخل الطبيعي لإصلاح النظام السياسي. هكذا حدد برنامج الحزب أولوية عمل الحزب وآلية عمله.
10- إننا ندرك بأن السلطة لن تستجيب لدعوة الحوار حول قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، ولكن مثل ذلك هو عمل سياسي تراكمي لصالح هذه القضية، وهو رسالة إلى الرأي العام الداخلي والخارجي بعدم إعترافنا بشرعية الحرب ونتائجها، لأن الطعن في شرعية الحرب ونتائجها لا يملكه إلا الحزب الاٍشتراكي وحده بإعتباره كان ممثلاً للجنوب وكان طرفاً في الأزمة والحرب.
11- لقد كان يفترض بأن يسخر الخطاب السياسي والاٍعلامي للحزب لصالح قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة كتمهيد للعمل الميداني من أجلها، وكان يفترض أيضاً بأن يكون شعار المؤتمر عنواناً دائماً لصحيفة الحزب بإعتباره المرجعية السياسية لنشاط الحزب اليومي حتى بتم تحقيقه... ولكنه للأسف بدلاً عن ذلك حصل تعتيم إعلامي على شعار المؤتمر وعلى قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة ودشن الخطاب السياسي والاٍعلامي للحزب بعدم فهمه لها، وسار في حوارات سياسية خارجها وتوجت بمشروع اللقاء المشترك النافي لها.
12- إن مشروع اللقاء المشترك قد شكل إنقلاباً على نتائج المؤتمر العام الخامس للحزب وبالذات على قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، لأن برنامج الحزب يقول إصلاح مسار الوحدة بإعتبارها عاطلة، ومشروع اللقاء المشترك يقول تعزيز الوحدة بإعتبارها صالحة، والأخطر من ذلك أنه أجاز ضمنياً الحرب ونتائجها من حيث المبدأ، لأنه يقول إزالة الآثار السلبية للحرب فقط دون أن يذكر حتى نتائجها، وهذا يعني بأن المطلوب من الطرف الآخر هو الحوار حول سلبيات الحرب فقط بإعتبارها شرعية من حيث المبدأ.
13- إن رفضنا لمشروع اللقاء المشترك هو دفاع عن قضيتنا، لأنه سيفهم من السكوت بأنه قبول للمشروع الذي يشكل بديلاً ضمنياً لها.
وهناك من أعلن عبر الصحف بأن المشروع هو المقياس لبرامج أحزاب اللقاء المشترك، بحيث ترفع سقف الأدنى وتخفض سقف الأعلى إلى مستوى المشروع، ولهذا فإننا في تيار إصلاح مسار الوحدة قد أعلنا رفضنا للمشروع وعدم إعترافنا به ما لم يستوعب قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، وما لم يتم إشتراط المشاركة في الإنتخابات بقبول المشروع كآلية لتنفيذه.
14- إننا لا نرفض العمل المشترك مع الآخرين، ولكننا يجب أن ننطلق من وثائقنا وأن يكون عملنا مع الآخرين في خدمتها ولا يتعارض معها، كما إن قاعدة العمل المشترك مع الآخرين هي وثيقة العهد والاٍتفاق التي أسقطها مشروع اللقاء المشترك وأسقط شرعية المطالبة بها.
15- إننا لم نعترض قط ولن نعترض على مطالب المظلومين في الشمال، بل وقد ضحينا بدولة وأرض وثروة من أجلهم، ولكنهم منذ إنتهاء الحرب وهم يتصدون لمطالبنا العادلة قبل السلطة ويحاولون معاقبتنا عليها أكثر من السلطة ذاتها.
16- لقد أستخدمت كل الوسائل لخنق صوتنا داخل الحزب وخارجه وتم منعنا من إيصال صوتنا إلى الرأي العام الداخلي والخارجي، ولولا ذلك لكنا خلال السنوات الماضية قد أقنعنا الرأي العام بشرعية القضية وعدالتها وبضرورة حلها لصالح اليمن ككل من صعدة إلى المهرة.
17- إن خنق صوتنا داخل الحزب وخارجه هو أصلاً خنق لقضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، لأننا لو نغير موقفنا ونسير معهم، لفتحت لنا كل وسائل الاٍعلام داخل الحزب وخارجه، وسوف نصبح من أفضل الناس عندهم كما كنا سابقاً، فعلى سبيل المثال حاولنا بأن ندعو عبر صحيفة الحزب إلى العمل من أجل هذه القضية، ولكنه تم إيقاف هذه الدعوات ومازالت محجوزة في الصحيفة منذ شهر رمضان حتى الآن
إن إعلان الحرب في 27/4/1994م من ميدان السبعين بصنعاء قد ألغى شرعية إعلان الوحدة، ومن لم يصدق ذلك عليه أن يسأل خبراء القانون الدولي
حجة أن الدعوة إلى العمل من أجل القضية هي دعوة للعمل ضد الحزب.
18- إن الذين يقولون بأن العمل من أجل القضية هو عمل ضد الحزب، هم أصلاً يريدون أن يقولوا بأن الوحدة صالحة ولا تحتاج إلى إصلاح ولكنهم غير قادرين بأن يقولوا ذلك علناً بسبب قوة شرعية القضية.
ولهذا فإننا للمرة الألف ندعوهم إلى الحوار حول هذه النقطة، بحيث يقنعونا بأن الحرب أصلحت مسار الوحدة وأن الوحدة صالحة ولا تحتاج إلى إصلاح ونسير معهم أو نقنعهم بأن الحرب عطلت مسار الوحدة وأنها بحاجة إلى إصلاح ويسيروا معنا ونوحد الحزب، لأن الكلام العاطفي والأدبي الجميل حول وحدة الحزب لايمكن أن يصمد أمام الواقع.
19- إن الواقع يقول بأن الحرب قد ألغت المبرر الموضوعي لوجود المنحدرين من الشطرين في إطار سياسي واحد ما لم تزل آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، ومن لم يصدق ذلك عليه أن يجيب على السؤالين التاليين وهما:
أ- إذا لم تزل آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، فما هو المبرر الموضوعي لوجود المنحدرين من الشطرين في إطار سياسي واحد؟
ب- بما أن وحدة الحزب هي إنعكاس لوحدة الوطن، فكيف يمكن أن تكون وحدة الحزب صالحة إذا كانت وحدة الوطن عاطلة؟
20- إن الإجابة الموضوعية عن هذين السؤالين فقط هي الحل، لأنه بدون الاٍعتراف بالمفهوم الجغرافي للوحدة، وبدون العمل من أجل إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة يستحيل توحيد رؤية الحزب، وبالتالي يستحيل توحيد الحزب بالضرورة.
21- إن المفهوم الجغرافي للوحدة هو دليل على وجودها، لأنه بدون مفهوم الجنوب والشمال في الوحدة يسقط مفهوم الوحدة أصلاً ويتحول إلى إحتلال وما يترتب على ذلك من شرعية لحق تقرير المصير. كما إنه من غير الممكن فهم الوحدة ومعرفة الخطأ والصواب فيها إلا من خلال المفهوم الجغرافي لها فقط ولاغير... ولهذا كله فإنه من الضروري تكريس وترسيخ مفهوم الجنوب والشمال في الوحدة من أجل ذلك.
22- إن مشكلة الوحدة اليمنية ليست مشكلة حقوقية، وإنما هي مشكلة سياسية تتعلق بالوحدة السياسية بين دولة اليمن الجنوبية ودولة اليمن الشمالية التي عطلتها الحرب. فالأغلبية في قيادة الحزب قد ظلت ومازالت تنظر إلى القضية الجنوبية بنظرة حقوقية وتساوي بينها وبين القضايا الحقوقية للمظلومين في الشمال، وهذه النظرة الخاطئة هي السبب في المشاكل الداخلية للحزب، ولايمكن تجاوز هذه المشاكل إلا يتجاوز هذه النظرة الخاطئة بكل تأكيد.
23- إن القضية الجنوبية التي أوجدتها الحرب تختلف من حيث المبدأ عن القضايا الحقوقية للمظلومين في الشمال، لأن قضايا المظلومين في الشمال هي ما قبل إعلان الوحدة، وهي تتعلق بالعدل والمساواة في إطار دولتهم التي أعيد إنتاجها عبر الحرب، أما القضية الجنوبية فهي قضية سياسية تتعلق بالهوية الجنوبية التي يجري تذويبها في الهوية الشمالية وتتعلق بالتاريخ السياسي للجنوب الذي يجري طمسه... ولذلك فإن أي إصلاح للنظام السياسي وأي تداول سلمي للسلطة سيظل شطرياً على مقاس الشمال بالضرورة ما لم تزل آثار الحرب و إصلاح مسار الوحدة. كما أن حل هذه القضية يؤدي تلقائياً وبالضرورة أيضاً إلى إصلاح النظام السياسي وحل قضايا المظلومين في الشمال.
24- لقد نظر مشروع اللقاء المشترك إلى القضية الجنوبية ليس فقط بنظرة حقوقية، وإنما أيضا بدونية، لأنه وضع حرب 1994م رقم إثنين على الصراعات السابقة في الشمال ولم يطالب بإزالة نتائجها كما طالب بإزالة نتائج الأحداث السابقة في الشمال، وهذا يعني بأن المشروع قد أستهدف إسقاط البعد السياسي لحرب 1994م وشكل إنقلاباً على نتائج المؤتمر العام الخامس للحزب، وبسبب ذلك فإن كل هيئات الحزب قد أكدت بأن مشروع اللقاء المشترك ليس بديلاً لوثائقنا. ولهذا وطالما وهو لا يخدم وثائقنا وليس له علاقة بها فإنه لا يعنينا ونحن غير ملزمين به بكل تأكيد.
25- إن مشروع اللقاء المشترك من الناحية الموضوعية قد فصل القضية الجنوبية عن قضايا المظلومين في الشمال، وهو بذلك يكون مشروعاً شطرياً صغيراً على مقاس الشمال فقط دون الجنوب، وبالتالي ليس فيه أي جديد، وإنما هو إمتداد للسياسة الشطرية التي تمارسها السلطة وأطراف اللقاء المشترك منذ إسقاط الوحدة في 7 يوليو 1994م.
26- إنه من البديهي بأن السلطة وحزب الإصلاح يسعون إلى الحصول على الشرعية للحرب ونتائجها عبر الحزب الإشتراكي، ومن البديهي أيضاً بأنهم يسعون إلى إسقاط الشرعية الدولية للقضية عبر الحزب الاٍشتراكي بإعتباره كان ممثلاً للجنوب وكان طرفاً في الأزمة والحرب. والسؤال المطلوب الإجابة عليه هو لماذا الأغلبية في قيادة الحزب تسير معهم في هذا الاٍتجاه؟؟؟!!!.
27- لقد سار مشروع اللقاء المشترك في هذا الإتجاه، وهو ما رفضناه منذ البداية. فقد ناقش المكتب السياسي في البداية المسودة لمشروع اللقاء المشترك وطرح عليها ملاحظات جوهرية كادت أن تكون بديلة لها، وقد قدمت ملاحظاتي عليها مكتوبة لكل أعضاء لجنة الحوار من الحزب وأكدت فيها بأن المشروع لن يكون مقبولاً إذا لم يستوعب قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة بإعتبارها قضية وطنية تخص جميع أطراف اللقاء المشترك، ولكن كل ذلك أصبح دون جدوى، وبالاٍمكان العودة إلى محضر إجتماع المكتب السياسي.
28- لقد كان يفترض بأن تعرض الصيغة النهائية للمشروع على هيئات الحزب قبل التوقيع عليها كما فعل الآخرون، لأن حاجتنا لمثل ذلك
إن الخلاف داخل الحزب ليس خلافاً تنظيمياً يتعلق بالنظام الداخلي للحزب، وإنما هو خلاف سياسي يتعلق بالبرنامج السياسي للحزب.
كثر من حاجة الآخرين، خاصة وأن المشروع تجاهل قضيتنا وأسس لدفنها، وقد أخبرت الأخ/أحمد بن دغر، بإعتباره أحد المحاورين من الحزب بأن يخبر الأمين العام بضرورة الاٍطلاع على الصيغة النهائية للمشروع قبل التوقيع عليه، وذلك بعد أن عرفت من أعضاء المكتب السياسي بأنهم لم يعرفوا شيئاً عن ذلك.
29- بعد التوقيع على المشروع تم عرضه على المكتب السياسي، وقد رفض من قبلي ومن قبل حسن باعوم من حيث المبدأ مالم يستوعب قضيتنا، وأعتبره ثمانية أعضاء بمن فيهم نائب الأمين العام بأنه ناقص بدونها، وبالاٍمكان العودة إلى محضر إجتماع المكتب السياسي. وبعد ذلك جرى تصويت على تلخيص الحديث وليس على المشروع، وهذا كان إستهبال للمتحفظين على المشروع، لأنهم قالوا لنا فيما بعد نحن صوتنا على التلخيص وليس على المشروع.
30- إن الخلاف داخل الحزب ليس خلافاً تنظيمياً يتعلق بالنظام الداخلي للحزب، وإنما هو خلاف سياسي يتعلق بالبرنامج السياسي للحزب.
صحيح أنه قد يكون ناتجاًً عن سؤ فهم أو عن قصور فكري، ولكنه كذلك. وبالتالي فإنه قبل الحديث عن أية مخالفات تنظيمية مستندة إلى النظام الداخلي، لابد من الحديث أولاً عن المخالفات السياسية بالاٍستناد إلى البرنامج السياسي للحزب، لأن ما يوحدنا من مختلف مناطق البلاد في حزب واحد هو البرنامج السياسي وليس النظام الداخلي، أي أن البرنامج السياسي هو الذي يوحدنا، أما النظام الداخلي فهو فقط ينظم عملنا. فإذا لم تكن هناك وحدة سياسية داخل الحزب، فكيف يمكن أن تكون هناك وحدة تنظيمية وعلى أي أساس؟
31- إن إستخدام الأغلبية الجغرافية بالاٍستناد إلى النظام الداخلي خارج البرنامج السياسي وبمعزل عنه ليس له علاقة بالديمقراطية، وإنما هو تمرد على الخط السياسي للحزب، لأن الديمقراطية تعني أغلبية سياسية وليست أغلبية جغرافية كما هو حاصل عندنا في الحزب. فعلى سبيل المثال عقد المؤتمر العام الخامس للحزب تحت شعار إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة وأقرها المؤتمر وثبتت في وثائقه. ولكن المعارضين لها حصلوا على أكثر الأصوات. فكيف حصل ذلك لو لم تكن هناك أكثرية جغرافية لا علاقة لها بالديمقراطية، لأنه بموجب الديمقراطية كان يفترض أن يسقطوا.
32- لقد ظل ومازال يكرس في الحزب الرأي الواحد الداعي إلى المشاركة في السلطة خارج قضية الحرب ونتائجها التي أسقطت شرعية الوحدة ودمرت الجنوب، وظلوا يمارسون التصويت لتمرير رأيهم بالأغلبية الجغرافية في قضايا خلافية لا يجوز مبدئياً أن تخضع للتصويت.
صحيح أن رأي الأغلبية هو القرار في المسائل التكتيكية، ولكنه ليس قراراً في الأهداف. فقضايا الخلاف المتعلقة بالأهداف هي من حيث المبدأ تحل بالحوار وليس بالتصويت، لأن التصويت في قضايا الخلاف يؤدي بشكل حتمي إلى فقدان الوحدة التنظيمية بالضرورة.
33- لقد أعترف الأمين العام في كلمته التي ألقاها في اللجنة المركزية والتي كان يفترض عرضها على المكتب السياسي قبل تقديمها للجنة المركزية، أعترف فيها بأن مشاكل البلاد ناتجة عن حرب 1994م، وهذا صحيح، وهو بذلك يرجح صواب ما يطرحه تيار إصلاح مسار الوحدة. كما إن التوازن السياسي المفقود منذ حرب 1994م الذي أشار إليه الأخ الأمين العام هو الآخر يؤكد صواب موقف التيار، لأن التوازن السياسي المفقود منذ حرب 1994م هو تحصيل حاصل لفقدان التوازن الوطني المفقود منذ ذلك التاريخ. فهناك قضية جنوبية أوجدتها الحرب ويؤكدها الواقع، وقد أعترف بها أحد زعماء الطرف الآخر عبد الوهاب الآنسي في منتدى (الأيام) في عدن، وهي التي تشكل التوازن الوطني، فكيف يمكن إيجاد التوازن السياسي بدونها إذا ما فهمنا بأن التوازن السياسي هو بالضرورة إنعكاس للتوازن الوطني؟ وكيف يمكن حل القضية الجنوبية بدون إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة؟ وكيف يمكن إصلاح النظام السياسي بدونها؟.
34- إننا نشكر الأستاذ/عبد الوهاب الآنسي على هذا الاٍعتراف، وهو أول واحد من الشطر الشمالي يعترف بالمشكلة قبل الذين عاشوا في عدن، وأول واحد من الطرف الآخر بدأ يفهم الوحدة ويعترف بها، لأنه بدون ذلك وبدون إزالة آثار الحرب ونتائجها وإصلاح مسار الوحدة لا توجد شرعية لها، ولأنه بدون ذلك لا يوجد أساس موضوعي لإصلاح النظام السياسي غير الأساس الشطري الخاص بالشمال فقط ولاغير وبالضرورة أيضاً.
35- لقد قام مشروع اللقاء المشترك على أساس شطري لإصلاح النظام السياسي وليس على أساس وحدوي، لأنه تجاهل القضية الجنوبية وهي القضية الأساسية والجوهرية في اليمن التي لها شرعية دولية. ولهذا فقد كان مشروع اللقاء المشترك محور نقاش الدورة الثانية للجنة المركزية وأدى إلى فرز شطري واضح.
36- لقد طلبنا في بداية الدورة بأن يكون مشروع اللقاء المشترك نقطة في جدول أعمال الدورة ولكنهم رفضوا ذلك وأصروا على مناقشته في إطار التقرير السياسي، ومع ذلك كان 90% من المتحدثين متحفظين على المشروع ورافضين له ما لم يستوعب قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، وقد كان عدد المناقشين (140) من أصل (170) الذين حضروا الدورة من أعضاء اللجنة المركزية. كما أن اللجنة المركزية قد رفضت فكرة الأمين العام الخاصة بتداول المناصب القيادية. ولكنه مع كل ذلك جاء مشروع البيان الختامي والقرارات مخالفاً تماماً للنقاشات. حيث ورد في البيان الختامي والقرارات بأن اللجنة المركزية تشيد بمشروع اللقاء المشترك وأنها تكلف المكتب السياسي بدراسة فكرة الأمين العام الخاصة بتداول المناصب القيادية. وهذا ما جعل القاعة تضج وتطالب بمناقشة مشروع البيان الختامي والقرارات. وعند فتح باب النقاش تم تسجيل (140) من أعضاء اللجنة المركزية كانوا طالبين الحديث، وكانوا معارضين لما جاء في البيان الختامي والقرارات حول مشروع اللقاء المشترك وحول فكرة التداول للمناصب القيادية. ولكن رئاسة الاٍجتماع غيرت موقفها ورفضت النقاش ودعت إلى التصويت بدون نقاش. وهذا ما أدى إلى الفوضى والاٍنسحاب الذي تم الإعلان عنه.
37- إنه بالرغم من أن البيان الختامي والقرارات لم تناقش، وإنما تم التصويت عليها كما هي من قبل الذين لم ينسحبوا إلا أنه مع ذلك قد تم شطب أهم نقطة فيها، وهي دعوة السلطة إلى الحوار حول قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة ... وهذا دليل على الخصومة السياسية لهذه القضية. وبعد إكتشاف عملية الشطب والمعاتبة عليها تمت إعادتها في القرارات الداخلية ولم تنفذ حتى الآن. كما إن اللائحة التنظيمية الخاصة بعمل اللقاء المشترك لم تناقش في أي من هيئات الحزب، ومع ذلك جاء في الوثائق بأنها نوقشت وأنه تم إقرارها. وهكذا أصبحت الأمانة الحزبية غائبة في إدارة التوثيق، وبالإمكان العودة إلى محاضر الإجتماع حول كل هذه الوقائع التي أوردناها.
38- إن الأسباب في كل ذلك تعود إلى عدم القناعة بقضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، وأعتقد أن هذا يهدد وحدة الحزب ويهدد وجوده، لأنه من الصعب ضياع سنوات طويلة أخرى تجاه هذه القضية. فأما أن يسخر الحزب خطابه السياسي والإعلامي لصالح هذه القضية ويعمل من أجلها كما جاء في برنامجه السياسي وفي شعار المؤتمر وقراراته، وأما أن يعلن تخليه عنها. حيث أن العمل من أجلها أو التخلي عنها سيجعلها تأخذ طريقها إلى الحل بالضرورة.
39- إن الغموض الذي تمارسه قيادة الحزب تجاه هذه القضية منذ إنتهاء الحرب حتى الآن قد منع هذه القضية من أن تأخذ طريقها إلى الحل. وهذا ما أدى إلى ضياع الوقت والدفع بها نحو الحل الاٍنفصالي بالضرورة أيضاً. فبسبب هروب قيادة الحزب من قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة تحولت أطراف جنوبية من حركات معارضة إلى حركات تحرير ... وهذه هي النتيجة الحتمية التي لامفر منها مالم تزل آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة ... وهذه النتيجة الحتمية هي التي جعلت تأثير حركة "تاج" في الجنوب يتجاوز تأثير الحزب الاٍشتراكي بكثير.
40- إنه بحكم أن الحزب الاٍشتراكي هو الذي مثل الجنوب في إعلان الوحدة وكان طرفاً في الأزمة والحرب، فإنه لايجوز لأي قوى سياسية جنوبية بأن تتبنى قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة بدون الحزب الاٍشتراكي، ولكنه يجوز لها موضوعياً ويجوز لها منطقياً بأن تتبنى الاٍنفصال بالإستناد إلى عدم الاٍستفتاء على الوحدة قبل إعلانها، وبالاٍستناد إلى آثار الحرب ونتائجها التي أسقطت إتفاقيات الوحدة قبل تنفيذها وأستبدلت دستورها، وبالإستناد كذلك إلى قراري مجلس الأمن الدولي أثناء الحرب وإلى تعهد صنعاء للمجتمع الدولي بعد الحرب. وهذا ما هو حاصل بسبب الموقف الغامض لقيادة الحزب من قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة.
41- إنه بدون أن يسخر الحزب خطابه السياسي والإعلامي لصالح هذه القضية ويعمل بإخلاص من أجلها فإن أفضل ما يقدمه الحزب لهذه القضية هو أن يعلن عن تخليه عنها حتى تأخذ طريقها إلى الحل، لأن هذا الموقف الغامض لقيادة الحزب من هذه القضية قد شجع الطرف الآخر على المزيد من الخطأ تجاه الوحدة وجعله يتهور أكثر ويمارس تذويب الهوية الجنوبية في الهوية الشمالية وطمس التاريخ السياسي للجنوب بدلاً عن الوحدة السياسية بينهما.
42- إن إقدام الطرف الآخر على حل المؤسسات العسكرية والمدنية الجنوبية وتسريح العاملين فيها هو تحصيل حاصل لسياسة طمس الهوية وطمس التاريخ السياسي للجنوب. وكل ذلك يهدف إلى إيجاد شرعية للسيطرة على الأرض والثروة في الجنوب، لأنه بدون إسقاط الوحدة السياسية بين الشطرين وبدون تذويب الهوية الجنوبية في الهوية الشمالية وطمس التاريخ السياسي للجنوب تظل السيطرة على الأرض والثروة في الجنوب بمثابة إغتصاب فاقد للشرعية بالضرورة، وأي عمل فاقد للشرعية لابد له من زوال بالضرورة أيضاً.
43- إن فقدان الشرعية لأي عمل غير شرعي تساوي زواله بالضرورة، وتبقى المسألة هي مسألة وقت فقط قد يطول وقد يقصر. فحرب 1994م ونتائجها هي عمل غير شرعي، ولذلك فإن معركتنا السياسية منذ إنتهاء الحرب حتى الآن هي معركة الشرعية لحرب 1994م من عدمها، وإذا ما نجحنا في إسقاط شرعيتها فإن ذلك يساوي الحل بكل تأكيد، بل وبالضرورة كذلك. وهذا هو ماندعو إلى إدراكه من قبل دعاة المشاركة في الاٍنتخابات من الحزب الاٍشتراكي.
44- لقد كان اليمن قبل إعلان الوحدة يمنين ، هما: اليمن الجنوبية، واليمن الشمالية، وجاءت الحرب وأرجعتنا إلى يمنين، أي إلى شمال وجنوب في الواقع وفي النفوس. وبالتالي فإن من يعتقد بأن اليمن واحد بعد الحرب هو لايقرأ الواقع ولا يفهمه. كما أن اليمن لم يكن واحداً في التاريخ القديم ولم يكن واحداً في التاريخ الحديث. ولو كان اليمن واحداً في التاريخ القديم لما كان له أكثر من تاريخ سياسي وأكثر من دولة في وقت واحد. ولو كان اليمن واحد في التاريخ الحديث لما كان له تاريخان سياسيان منفصلان ومختلفان وثورتان منفصلتان ومختلفتان، ودولتان وطنيتان مختلفتان ومعترف بهما دولياً إلى يوم 22 مايو 1990م.
45- إنني أشفق على الذين يطرحون حالياً واحدية الثورتين، وواحدية اليمنين سواء كانوا من الشمال أو من الجنوب، لأنهم ذاتهم أعترفوا بدولة اليمن الشمالية وبدولة اليمن الجنوبية وشاركوا فيهما، أشفق عليهم لأنهم لم يعد يدركون بأن إعترافهم بالدولتين ومشاركتهم فيهما تعني إعترافهم بيمنين وبهويتين وطنيتين، وأنه لا يجوز لهم بعد ذلك الحديث بواحدية اليمنين أو بواحدية الثورتين. فهم مازالوا مخدرين بالفكر القومي الذي قد تجاوزه الزمن، لأن الفكر القومي من الناحية الموضوعية هو ملازم لوحدة السوق القومية، وهذه المرحلة قد تم تجاوزها بالسوق العالمية. وبالتالي فإن الفكر القومي قد فقد مبرر وجوده موضوعياً بعد ظهور السوق العالمية ولم يعد وارداً بعد ذلك بالضرورة.
إن كل هذه النقاط هي تحت بند أولاً الخاص بمشروع اللقاء المشترك وموقفنا منه. أمّا موقفنا من الاٍنتخابات، فهو تحت بند ثانيا، وهو كما يلي:
ثانياً حول الإنتخابات
إن النضال من أجل قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة يبدأ بعدم الاٍعتراف بشرعية الحرب ونتائجها وحرمان نظام 7 يوليو 1994م من صفة الشرعية. ولهذا فقد حاولنا السير في هذا الاٍتجاه منذ البدايه، أي أثناء الاٍنتخابات النيابية عام 1997م، ولكنه بدأ الخذلان من داخل الحزب بدعوة الناس إلى القيد والتسجيل وإلى أخد البطاقة الاٍنتخابية، لأن مثل ذلك يعني القبول من حيث المبدأ بالمشاركة في الاٍنتخابات، وهو ما يخدم شرعية الحرب ونتائجها ... صحيح أن اللجنة المركزية فيما بعد أتخدت قرار المقاطعة، ولكنها للأسف ربطته بعدم نزاهة الإنتخابات وليس بالحرب ونتائجها هروباً من قضية الجنوب، وبالتالي أفرغت المقاطعة من مضمونها السياسي المتعلق بالحرب ونتائجها، وأصبحت المقاطعة بالقياس إلى الديمقراطية الناشئة خاطئة، وقد لامنا العالم عليها، ولكن المقاطعة بالقياس إلى الحرب ونتائجها صحيحة وكان سيؤيدنا العالم عليها بكل تأكيد.
إنه بالرغم من الجهود التي بذلها تيار إصلاح مسار الوحدة للحيلولة دون إستخدام الحزب لصالح شرعية الحرب ونتائجها، إلا أن السلطة قد نجحت منذ البداية في إستبدال قيادة الحزب الهاربة بقيادة جديدة في الداخل ونجحت في جر الحزب إلى القبول من حيث المبدأ بالمشاركة في الإنتخابات، بدءاً بالتحضير للإنتخابات النيابية عام 1997م ومروراً بالإنتخابات المحلية والرئاسية، وإنتهاء بالإنتخابات البرلمانية عام 2003م التي شارك فيها الحزب، وأصبح تواجده في مجلس النواب يشكل إعترافاً ضمنياً بشرعية الحرب ونتائجها ويمنح صفة الشرعية زوراً لنظام 7 يوليو 1994م على حساب قضية الجنوب، ويقدم شهادة زور ضد قضية الجنوب في كل ثانية ودقيقة من تواجد أعضاء الحزب في المجلس. ولهذا فإنه لا يجوز مواصلة الخطأ التكتيكي الذي وقع فيه الحزب في الإنتخابات السابقة، وإنما يجب مراجعته من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
1- إذا كان الحزب يرى بأن الوحدة صالحة ولا تحتاج إلى إصلاح، فما هو الخلاف السياسي مع حزب المؤتمر الشعبي العام حتى نكون ضده وهو شريكنا في هذه الوحدة الصالحة التي لا تحتاج إلى إصلاح؟؟؟.
2- إذا كان الحزب يرى العكس، أي يرى بأن الوحدة عاطلة وبحاجة إلى إصلاح فكيف يمكن أن يشترك في الاٍنتخابات ويعطي صفة الشرعية لنظام 7 يوليو 1994م وهو يعلم بأن الوحدة عاطلة وبحاجة إلى إصلاح؟؟؟.
3- إذا ما طبّع الحزب الوضع في إطار نظام 7 يوليو 1994م، هل يعني ذلك بأن قضية الجنوب قد حلت، أم أنها ستظل قائمة بقوة الواقع؟؟؟.
4- إذا ما ظلت القضية قائمة بقوة الواقع، هل حلها سيكون عبر الحزب الاٍشتراكي وفي إطار الوحدة، أم أن حلها سيكون خارج الحزب
إن النضال من أجل قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة يبدأ بعدم الاٍعتراف بشرعية الحرب ونتائجها وحرمان نظام 7 يوليو 1994م من صفة الشرعية.
لاٍشتراكي وخارج إطار الوحدة؟؟؟.
5- هل الحزب الاٍشتراكي هو معارضة من أجل المشاركة في سلطة نظام 7 يوليو مثل الآخرين، أم أنه معارضة من أجل إصلاح الوحدة اليمنية التي عطلتها الحرب كما جاء في برنامجه السياسي؟؟؟.
6- إذا كان هو معارضة من أجل الوحدة التي عطلتها الحرب كما جاء في برنامجه السياسي، فهل المشاركة في الاٍنتخابات تخدمها، أم أنها تسقط شرعية المطالبة بها؟؟؟ وهل منظمات الحزب في الجنوب ضامنة النجاح في ظل آثار الحرب ونتائجها؟؟؟.
7- هل يدرك الحزب بأن المشاركة في الاٍنتخابات بدون شروط تتعلق بالحرب ونتائجها تعني الإعتراف الضمني بشرعية الحرب ونتائجها؟؟؟.
8- إذا كان أطراف اللقاء المشترك صادقين مع مشروعهم ولم يكن إلتفافاً على قضيتنا، فلماذا هم ذاهبون إلى الاٍنتخابات بدون المشروع؟؟؟ ولماذا يشترطون المشاركة في الاٍنتخابات بتغيير لجنة الاٍنتخابات ولم يشترطوا المشاركة بقبول المشروع كآلية لتنفيده؟؟؟
إن الإجابة على هذه الأسئلة الثمانية هي التي تحدد الموقف الصحيح من الاٍنتخابات. أما الدخول في الاٍنتخابات بدون الإجابة عليها فهو إنتحار بكل تأكيد. فقد قلت في مقابلتي مع قناة المستقلة، بأن التناقض في اليمن ليس تناقضاً طبقياً بين أغنياء يحكمون وفقراء محكومين يمكن حله عبر صناديق الاٍقتراع، وإنما هو تناقض وطني بين مناطق تحكم ومناطق محكومة. وهذا التناقض الوطني لايمكن حله إلا بإيجاد نظام فيدرالي يجعل كل منطقة تدير نفسها في إطار السيادة الوطنية الواحدة كما هو حاصل في جميع البلدان الديمقراطية بما فيها إسرائيل ذات النظام اللامركزي.
لقد كان التناقض في الشمال سابقاً قبل إعلان الوحدة تناقضاً وطنياً بين مناطق تحكم ومناطق محكومة. وبعد إعلان الوحدة وإسقاطها بحرب 1994م أصبح التناقض شطرياً بين شطر يحكم وشطر محكوم، فكيف يمكن أن يحصل تبادل سلمي سليم للسلطة على واقع من هذا النوع؟؟؟
إن الواقع حالياً يقول بأن القرار السياسي لسلطة الدولة هو بيد اليمن الأعلى، وأن القرار السياسي في المعارضة هو بيد اليمن الأسفل، وأن الجنوب هو خارج هذه المعادلة منذ 7 يوليو 1994م، فإذا ما فازت المعارضة في الإنتخابات مثلاً، فإن ذلك من الناحية الواقعية يعني بأن اليمن الأسفل سيصبح سلطة، وبأن اليمن الأعلى سيصبح معارضة، وهذا ليس تبادلاً سلمياً للسلطة، وإنما هو تبادل مناطقي لها. أما الجنوب فسوف يظل خارج هذه المعادلة بالضرورة مالم تزل آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة. صحيح أن هناك أصواتاً شمالية تطالب بأن يكون الرئيس القادم من الجنوب كما حصل في ألمانيا، ولكن هذه الأصوات تهدف إلى موت القضية الجنوبية عبر وجود رئيس من الجنوب لمرة واحدة، وهذه الأصوات ناسية بأن إنضمام ألمانيا الشرقية إلى الغربية هو على شكل فيدرالي، وأن ألمانيا الغربية لم تنهب أراضي وثروات ألمانيا الشرقية وتجوع سكانها كما هو حاصل عندنا في الجنوب، وإنما رصدت المليارات لتطوير ألمانيا الشرقية سنوياً ولمدة (50) عاماً ورفع معيشة سكانها إلى مستوى ألمانيا الغربية.
إن هذه النقاط هي التي كنت أريد طرحها في دورة اللجنة المركزية ولم يسمح لي، وأدعو أعضاء اللجنة المركزية إلى الإجابة عليها في الدورة القادمة، خاصة وان هناك إصرار من قبل البعض على عدم وجود قضية تتعلق بالحرب ونتائجها ويروجون للمشاركة في الاٍنتخابات نيابة عن السلطة. وأنا أتساءل لماذا ظلوا عشر سنوات في الخارج إذا لم تكن هناك قضية تتعلق بالحرب ونتائجها وهم لم يكونوا ضمن المحكومين؟!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.