قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    مأساة في ذمار .. انهيار منزل على رؤوس ساكنيه بسبب الأمطار ووفاة أم وطفليها    أول جهة تتبنى إسقاط طائرة أمريكية في سماء مارب    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من منفاه بالقاهرة عبد الله سلام الحكيمي: السلطة القائمة سقطت ..وإعلان السقوط بات قريباً
نشر في الوحدوي يوم 20 - 05 - 2008

يعتبر عبد الله سلام الحكيمي أحد قادة الحركة الناصرية في اليمن الذي فشل مع رفاقه عام 1978م تنفيذ ما تعتبره السلطة انقلاب عسكري على نظام الرئيس علي عبدا لله صالح الذي يحكم اليمن حالياً..
وتلك الفترة التي اغتيال الرئيس اليمني إبراهيم الحمدي لازال غموض الاغتيال ومحاكمة رفاق الحكيمي الناصريين الشباب في اليمن محل تكتم،وتحفظ الحكيمي الحديث عن تلك المرحلة وفضل الحديث عن المشهد السياسي في اليمن خلال هذه المرحلة والذي وصفه بإنه مشهد السلطة السياسية مأزومة أوصلت البلاد إلى طريق مسدود.
وقال الحكيمي أن هذا المشهد السياسي المخيف ناتجٌ أساسًا عن السياقات الخاطئة التي درجت السلطة على إتباعها منذ سنوات طويلة استفحل فيها الفساد وعلى نحو غير مسبوق في تأريخ اليمن، وأثارت هذه السلطة الفتن والمنازعات بين فئات الشعب وغذتها وشجعتها،مضيفاً أن السلطة السياسية في اليمن سلطتان: سلطة هي الحاكمة فعلاً والممسكة بمصير البلاد والعباد وهي سلطة الهيمنة «الطائفية - المناطقية» على الحكم، وسلطة شكلية ديكورية هي ما نراه في أجهزة الإعلام على أنه سلطات الدولة.
وتحدث من منفاه في جمهورية مصر العربية وبعد إن سلبت منه الخارجية اليمنية جوازه الدبلوماسي ومنحته الأمم المتحدة لجوء عبر مفوضية شؤون اللاجئين للأمم المتحدة في مصر عن مشكلة صعدة والحرب الدائرة بين جماعة الحوثيين والقوات الحكومية وأشاد بالوساطة القطرية وقال : وساطة قطر منطلقها خيرة وحريصة على وقف نزيف الدماء في صعدة وتجنيب البلاد ما قد يترتب على استمرارها من عواقب وخيمة وخطيرة.
كما تحدث عن أحداث الجنوب وأسباب الأزمة الخفية بين اليمن والولايات المتحدة الأمريكية، وحدثنا عن جذور الأزمة، دعانا إلى رؤية الحل،حذَّر .. وبشر،تشاءم وتفاءل
وقضايا أخرى:
حوار:وهيب النصاري
لولا التشاؤم لانعدم التفاؤل بالأمل، وهذه هي الواقعية من وجهة نظري.
-العرب: أستاذ عبد الله: أسعد الله صباحاتك المنفية عن الوطن لكني أسألك الآن: كيف تصف المشهد السياسي الراهن؟ من أين جاء هذا المشهد؟ وإلى أين يسير باليمن؟!
الحكيمي: يُمكن وصف المشهد السياسي الراهن في اليمن بأنَّهُ مشهد سلطة سياسية مأزومة وصلت وأوصلت البلاد معها إلى طريق مسدود. وبوضع سياسي وشعبي بالغ الاضطراب والخطورة، ففي شمال البلاد تدخل المواجهات المسلحة الدامية والمدمرة في صعدة عامها الخامس ملحقة خسائر بشرية ومادية فادحة، دون أن تلوح في الأفق أية مؤشراتٍ لإمكانية حلها.
وفي الجنوب تشتعل الاحتجاجات والرفض الشعبي وتتصاعد يومًا بعد يوم اتساعًا وعمقًا، وما بين الشمال والجنوب مظاهر التململ والاختلالات تزداد اتساعًا في عدد من المحافظات تتمثل بالمظاهرات والاحتجاجات وقطع الطرق في تعز ومأرب وحجة والجوف وصنعاء والحديدة وإب وغيرها.
هذا المشهد السياسي المخيف ناتجٌ أساسًا عن السياقات الخاطئة التي درجت السلطة على إتباعها منذ سنوات طويلة استفحل فيها الفساد وعلى نحو غير مسبوق في تأريخ اليمن، وأثارت هذه السلطة الفتن والمنازعات بين فئات الشعب وغذتها وشجعتها، واستبعدت وأزاحت القيادات والشخصيات الكفؤة والمؤهلة والنزيهة والمؤثرة عن المشاركة واستبدالها بشخصيات هزيلة ومطواعة مأمونة الجانب في كونها لا تشكل أي تأثير على السلطة والممسكين بها، وأطلَقَت لها العنان للفساد والإثراء غير المشروع دون حسيب أو رقيب مقابل التزامها بشرطين رئيسين هما:
الأول: إعطاء نسبة من أرباح ودخل مؤسساتها وهيئاتها للرئاسة «بشكل غير قانوني».
الثاني: تنفيذ ما يُملى عليها من قرارات وتوجيهات دون اعتراض.
لقد جاء هذا المشهد، وتَكوَّن وترسَّخ بفعل نهج السلطة وسياستها القائمة على الفساد منذ اليوم الأول، عبر إشاعة الفوضى المنظمة والمخططة لتدمير كل شيءٍ في المجتمع ولأن تلك السلطة مفتقدة تمامًا لأي رؤية موضوعية أو استراتيجية أو مشروع وطني هادف لبناء المجتمع وتأسيس دولة حديثة حقيقية.
لقد كان هم السلطة الأساس يتمثل بضمان السيطرة المطلقة لصيغة «الحكم الطائفي - المناطقي» وضرب وتدمير كل ما قد تشعر السلطة بأنه يهدد بصورة مباشرة أو غير مباشرة صيغة «الحكم الطائفي - المناطقي» الممسكة بزمام الأمور بالبلاد.
وفي ظل هذا الوضع غير الطبيعي فإن هناك مخاوف حقيقية وجدية من أن يدفع اليمن إلى هاوية حرب أهلية مدمرة.
-العرب : أشرت في الجواب السابق إلى صيغة «الحكم الطائفي - المناطقي» وبدت هذه الإشارة وكأنها رؤيتكم الجديدة لتاريخية الأزمة، هل يمكن إيجاز تفاصيل هذه الرؤية؟ وهل تتضمن حلاً مستقبليًا للأزمة؟!
الحكيمي: ما هو قائم الآن، هو في الحقيقة امتداد لعصور خلت، إن السلطة السياسية في اليمن سلطتان: سلطة هي الحاكمة فعلاً والممسكة بمصير البلاد والعباد وهي سلطة الهيمنة «الطائفية - المناطقية» على الحكم، وسلطة شكلية ديكورية هي ما نراه في أجهزة الإعلام على أنه سلطات الدولة، وهذه السلطة بجميع أشكالها لا تعدو كونها مجرد موظفين أو «قل» خبراء يديرون ولا يقررون لأن القرار كله بأيدي السلطة «الطائفية- المناطقية» الممسكة بالحكم من خلال قوة الجيش أساسًا.
منذ ما بعد القرن السادس عشر الميلادي وعندما سيطر البرتغاليون على خط التجارة العالمية وحولوه إلى رأس الرجاء الصالح، بعد أن كان اليمنيون يسيطرون عليه من قبل ارتباطًا بالمصريين الذين كانوا ينقلون التجارة إلى أوروبا، أقول منذ هذا التاريخ سقطت دولة الساحل باليمن لانتفاء مبرر بقائها الموضوعي المتمثل بالتراكم الرأسمالي الناتج عن السيطرة على خطوط التجارة العالمية، وجاءت بعدها دولة الجبل في شمال اليمن وهي دولة قامت بحكم طبيعتها القبلية العشائرية على اقتصاد الغزو والحرب والنهب لعدم توفر مصادر وموارد اقتصادية تقوم عليها.
عملت دولة الجبل منذ نشأتها على تأمين سيطرتها على الحكم عبر جيش أو قل جيوش مكونة أساسًا على أساس «طائفي - مناطقي» ومنذ ذلك الحين وحتى اليوم لا تزال تلك الصيغة «الطائفية - المناطقية» تسعى وتستميت في المحافظة على سيطرتها واستمرارها في ظل وضع سكاني وجغرافي اقتصادي يتناقض مع تلك الصيغة.
بعد قيام الجمهورية بثورة 26سبتمبر 1962م وبفعل اشتعال المعارك بين الجمهوريين والملكيين انخرط كثير من أبناء الجنوب، وهم يشكلون الأكثرية الساحقة من السكان في الجيش، وكادت الهيمنة «الطائفية - المناطقية» على الجيش الذي هو من الأول أداة السيطرة على الحكم أن تختل، فكانت أحداث أغسطس 1968م الدامية أحداث طائفية بامتياز بدأت بالصراع على أحقية أي جهة في الجيش بالاستحواذ على صفقة سلاح سوفياتية وصلت ميناء الحديدة وكانت النتيجة الوحيدة لتلك الأحداث أن تم تطهير الجيش طائفيًا لضمان السيطرة عليه واستمرار السيطرة «الطائفية - المناطقية» على الحكم أساسًا.
بعد قيام حركة 13يونيو التصحيحية 1974م التي قادها الرئيس الشهيد/ إبراهيم الحمدي والذي كان يملك مشروعًا نهضويًا وطنيًا شاملاً، ومن خلال استيعابه وإدراكه لحقيقة المشكلة «الطائفية - المنطقية» في البلاد وكان في طريقه إلى إنهاء صيغة هذه السيطرة على الحكم.
لقد سعى الرئيس الشهيد الحمدي خلال فترة حكمه القصيرة (ثلاث سنوات وبضعة أشهر) إلى تحقيق هدفين رئيسين:
الأول: إعادة بناء الجيش على أسس وطنية وليست طائفية.
الثاني: إعادة بناء الحكم على ذات الأسس الوطنية.
وكان أول تحد واجهه هو الصدام مع مراكز قوى السيطرة «الطائفية - المناطقية» على الجيش بسبب صفقة الدبابات الفرنسية «بينهارت» وهي دبابات معروف أنها أساسًا تصلح لحرب المدن ومعارك الشوارع حيث كان رأي الشهيد الحمدي أن تضم هذه الدبابات إلى سلاح المظلات لتعزيزها آليًا، لكن قرار مراكز قوى السيطرة العسكرية «الطائفية - المناطقية» رفضت الفكرة؛ لأن المظلات كانت تتكون في معظمها من أبناء المناطق الجنوبية مما اضطر الرئيس الحالي المشير علي عبد الله صالح، وكان آنذاك قائد محافظة تعز عند وصول تلك الدبابات إلى ميناء الحديدة إلى قطع رحلته العلاجية في لندن، والعودة فورًا إلى البلاد للمشاركة في تلك المواجهة، عندها اضطر الشهيد الحمدي إلى إلغاء الفكرة، وتأسيس اللواء السابع مدرع كقوة جديدة تكونت على أسس وطنية ومن أفراد تم انتفاؤهم وفق تلك الأسس من مختلف وحدات الجيش.
غير أن المشروع التحديثي النهضوي الوطني للشهيد الحمدي أدى في النهاية إلى اغتياله في 11 أكتوبر 1977م وعندما قامت الوحدة كان مقتضاها انضمام جيش كامل حديث التسليح ومُسيس تابع لدولة الجنوب إلى جيش الدولة الوحدوية الجديدة، وهذا كان يعني بوضوح اختلال وتهديد السيطرة «الطائفية - المناطقية» على الجيش مما هدد مباشرة السيطرة على الحكم. ولهذا عملت قوى الهيمنة «الطائفية - المناطقية» ومنذ اليوم الأول للوحدة على إزاحة الطرف المتعاقد الآخر في دولة الوحدة وكانت الاغتيالات والتصفيات الدموية موصلة إلى حرب صيف 1994م ولم يكن هدف تلك الحرب سوى تصفية وتسريح جيش الجنوب لضمان استمرار السيطرة «الطائفية- المناطقية» على الجيش أولاً والحكم ثانيًا وتلقائيًا وهذا ما حصل للأسف الشديد.
ولهذا يتضح جليًا أن كل ما شهدته اليمن وتشهده حاليًا وستشهده في المستقبل لا يعدو كونه مشكلات وأزمات تتراقص على إيقاع الأزمة «الطائفية - المناطقية» المسيطرة على الجيش والحكم.
إن المشكلة الجوهرية تتمثل في أن حوالي ربع سكان البلاد لا يزالون مصممين ومستميتين على استمرار تحكمهم وسيطرتهم على البلاد والعباد، وما لم تتجه القوى السياسية والاجتماعية بكل شرائحها واتجاهاتها إلى التوجه رأسًا صوب معالجة وإنهاء الصيغة «الطائفية - المناطقية» في الحكم وسيطرتها على الجيش قبل أي شيء آخر، فلا مستقبل مزدهر وآمن ومستقر لليمن على الإطلاق، ولا أمل يرتجى لليمن الآن إلا بدولة اتحادية لا مركزية تحقق التداول السلمي للسلطة الفعلية والمشاركة الحقيقية لا الشكلية في الحكم والإدارة بعد إعادة بناء الجيش على أسس وطنية.
ولكي نتبين بوضوح عمق تلك المشكلة لا بأس أن نعود إلى الكتب التي أصدرها الأستاذ الشهيد/ محمد أحمد نعمان وخاصة كتب: «حوار خلف الأسوار»، و«الأطراف المعنية»، و«أزمة المثقف اليمني»، و«رؤى وأفكار زعماء الأحرار»، بعد ثورة 1948م حول عمق وإشكالية المسألة «الطائفية - المناطقية» في اليمن.
-العرب : أزمة صعدة، كيف تفسر ما جرى ويجري؟ وهل من أفق للحل؟!
الحكيمي: كشفت أزمة صعدة ومأساتها بالدرجة الأولى عمق مشكلة السيطرة «الطائفية - المناطقية» على الحكم، وهي سيطرة تقلصت منذ ربع قرن لتصبح سيطرة أسرية ضيقة ضمن نطاق «الطائفي - المناطقي» هذه السيطرة في سياق سعيها المجنون للتشبث بالسلطة وضمان استمرارها بنقلها عبر التوريث من الأب إلى الابن، وهكذا أقول هذه السلطة يتملكها اعتقاد بأن الهاشميين وإطارهم الشعبي في إتباع المذهب الزيدي هم العقبة الكأداء لإتمام التوريث وضمان السيطرة «الطائفية - المناطقية» على الحكم التي أصبحت اليوم أسرية بحتة ولهذا توجهت إلى القضاء عليهم عسكريًا وأمنيًا.
الهاشميون ظلوا معرضين للتهميش والإقصاء والاضطهاد ومنذ قيام الجمهورية في 26سبتمبر 1962م، وأيضًا جرت محاولات مكثفة لاجتثاث وجود المذهب الزيدي في المناطق الشمالية والشمالية الغربية عبر حملة التطهير المذهبي بالتسنن قسرًا وبقوة الدولة وسلطتها وإمكانياتها.
ما يجري في صعدة هو رد فعل لهذا الذي ذكرناه كله وغيره، وعيني لا ترى في الأفق إلا سوادًا فليس هناك بصيص أمل لوضع حل أو معالجة شاملة تضع حدًا أو نهاية لهذه الأزمة - المأساة؛ لأن هدف السلطة واضح وجلي ولا يمكن أن تتنازل عنه لأنه مسألة حياة أو موت بالنسبة لها، والحوثيون وأنصارهم أثبتوا خلال أكثر من أربع سنوات أنهم لن يخضعوا وهم في كل مرحلة يظهرون أقوى مما كانوا عليه في مرحلة سابقة وليس أمامهم سوى المقاومة.
ويستحيل إيجاد حل لما يجري في صعدة بمعزل عن الإطار الوطني الأشمل بتغيير الصيغة «الطائفية- المناطقية» والأسرية المسيطرة على الحكم نحو دولة يمنية اتحادية لا مركزية لا مجال فيها لفئة أو طائفة أو منطقة أو أسرة للاستئثار والهيمنة الأبدية التي ما أنزل الله بها من سلطان ولم تعد مقبولة في عالم اليوم إطلاقًا.
وستتحمل السلطة «الطائفية- المناطقية» الأسرية المسيطرة على الحكم كامل المسئولية عن جريمة الدفع بالبلاد في أتون حرب أهلية شاملة، ولعل من مصلحتها اليوم قبل الغد أن تترك الحكم سريعًا وترحل لتترك لليمنيين إعادة صياغة كيانهم السياسي العادل والحر من جديد على أسس وطنية ديمقراطية كاملة.
-العرب : ما هي رؤيتك للوساطة القطرية وما مستقبلها؟
الحكيمي: وساطة دولة قطر الشقيقة منطلقاتها خيرة وحريصة على وقف نزيف الدماء في صعدة وتجنيب البلاد ما قد يترتب على استمرارها من عواقب وخيمة وخطيرة، وهو جهد مشكور ومقدر بكل المعايير.
لكن المشكلة، في رأيي، أن الوساطة القطرية اتجهت بالأساس إلى العمل على إسكات لعلعة الرصاص ودوي المدافع أو قل بمعنى أو بآخر وقف إطلاق النار، وهذا جهد جزئي على أن الجهد الرئيسي كان ينبغي أن يتجه إلى استكشاف الأسباب والدوافع والأوضاع التي أدت إلى اندلاع حرب صعدة ومعالجتها من جذورها.
إن حرب صعدة نتجت بفعل تراكم سياسات وممارسات خاطئة تهدد النسيج الوطني للبلاد وتزعزع الوحدة الوطنية تمامًا، لقد ظل الهاشميون في اليمن بعد قيام الجمهورية معرضون للاستهداف والإقصاء وعوملوا كمواطنين من الدرجة الثانية أو قل الثالثة بعد أولئك المنتمين إلى ما يسمى ب «اليمن الأسفل»، وأقصد بالهاشميين المستهدفين أولئك الفاعلين والناشطين، أما الخائفين والمداهنين للنظام فلا خوف منهم ماداموا قبلوا لأنفسهم بالمقسوم.
المشكلة أن السلطة الحاكمة، وهي تسعى حثيثًا إلى نقل الحكم من الأب إلى الابن كانت تعيش ولا تزال هاجسًا يؤرقها وهي أن الهاشميين هؤلاء خاصة إذا ما تلاقوا يومًا بسائر فئات الشعب يشكلون التهديد الرئيسي الأول المعيق لانتقال الحكم توريثًا! بحكم استنادهم إلى نوع من المشروعية الدينية وتعاطف كثير من شرائح المجتمع معهم، ولهذا فجرت السلطة الحرب للقضاء على مركزهم وقاعدتهم النشطة الحيوية في صعدة والمحافظات المحيطة بها.
هذه هي حقيقة دوافع وأسباب الحرب في صعدة ولا أعتقد على الإطلاق بإمكانية الخروج من هذه الأزمة وغيرها من الأزمات التي تعصف بالبلاد وستعصف بها سوى بالعمل الجاد والسريع على وضع حد نهائي لسيطرة الصيغة «الطائفية- المناطقية» على الجيش والحكم بإقامة دول اتحادية لا مركزية «فيدرالية» تضمن إنهاء الصيغة المختلفة وتعيد بناء الجيش على أسس وطنية حديثة وتداول الحكم الحقيقي الفعلي بين سائر أبناء الشعب من المهرة حتى صعدة دون إقصاء أو استبعاد، ولن يتحقق هذا الحل الوطني التاريخي وتتوفر أمامه ضمانات استمراره وفاعليته إلا بالتفكير في نقل عاصمة البلاد إلى أي مدينة أخرى تكون بعيدة عن مناطق الهيمنة «الطائفية- المناطقية» التي تهدد العاصمة صنعاء دائمًا بالاجتياح وتفرض منطقها وخيارها غير الوطني على النظام والمجتمع.
-العرب : معذرة استاذ عبد الله دائمًا ما تكثرون من الحديث حول قرب سقوط النظام، وهناك من قال أن اليمن تسير في نفق مظلم، ما هي حقيقة الوضع، وما هو مستقبل النظام؟
الحكيمي: إن السلطة القائمة قد استهلكت نفسها ووصلت إلى نهاية المطاف وأوصلت البلاد والعباد إلى أسوأ أوضاع الفقر والإفقار والفساد والإفساد ونجحت في نهب أموال الشعب وكدست الثروات الشخصية غير المشروعة وتعيش حالة من الترف والعبث والشعب يتضور جوعًا وتعصف بحياته ومعيشته معاناة لم يسبق لليمن أن عاشتها طوال تاريخها.
ولو استقريت نسب البطالة والفقر ومستويات الأجور والغلاء المتصاعد ونظرت إلى ما يجري في البلاد من حروب وصراعات وتمردات ورفض شعبي واسع، ستتبين فورًا أن السلطة القائمة آيلة إلى السقوط حتمًا، وهي في واقع الأمر قد سقطت سياسيًا وأخلاقيًا منذ سنوات ولم يبق سوى الإعلان عن سقوطها رسميًا وواقعيًا وهذا ما أصبح قاب قوسين أو أدنى.
-العرب : ماذا يجري في الجنوب وإلى أين يمضي؟!
الحكيمي: إن أكثر ما يخفيني وأنا أتابع مجريات الأحداث في الجنوب أن مؤشراتها تتجه للأسف الشديد نحو عودة الانفصال من جديد وهناك اعتبارات في القانون الدولي والمحيط الدولي والإقليمي قد تسند وتدعم مثل ذلك التوجه، أنا شخصيًا لا أتمنى أن يحدث ذلك وسيكون أسوأ يوم في حياتي لو حدث الانفصال، لكنني بالمقابل لا أجد مبررًا واحدًا يجعلني أحمل الأخوة في الجنوب مسئولية ذلك إن حدث، حيث عاشوا مراحل طويلة في ظل الاحتلال البريطاني لعدن وحكم السلاطين والأمراء والمشايخ في محمياتها، إلا أنهم في ظل ذلك الانحطاط من الحكم لم يجدوا ما هو أسوأ وأفظع وأمر عليهم من السلطة الحاكمة في ظل الوحدة وخاصة بعد حرب عام 1994م حيث سادت الفوضى والنهب والسلب والفساد والقهر والإذلال وهو أمر لم يعهدوه في سابق عهدهم، إن المسئولية كاملة تتحملها السلطة «الطائفية - المناطقية» الأسرية الحاكمة والمهيمنة.
وأعود مجددًا لتأكيد القول بأن ما يجري في الجنوب وفي صعدة وفي سائر المحافظات، وما سوف يجري ما هي إلا أزمات ومشاكل واختلالات متفاقمة تتوالد وتتعقد حول مشكلة السيطرة «الطائفية- المناطقية» الأسرية على الحكم، أي أنها ليست ولن تكون سوى انعكاس ومخرجات لمدخلات تلك المشكلة التاريخية المستحكمة.
ولعل أكثر ما لفت انتباهي وشدني كثيرًا كتيب صغير في حجمه عظيم في فائدته وهو كتيب «نحو دولة يمنية لا مركزية» كتبه الأستاذ المفكر زيد بن علي الوزير بعد حوالي شهر من قيام الوحدة في 22مايو 1990م في هذا الكتيب كان المؤلف كأنه يتنبأ بما ستئول إليه مسيرة الوحدة منذ وقت مبكر جدًا فهو في الجزء الأول يتحدث عن مسئولية الفردية والعشائرية عن تدمير وإفشال المساعي الوحدوية السابقة وعمومًا واليمنية خصوصًا وفي الجزء الثاني يورد وقائع وحقائق من التاريخ العربي الإسلامي عمومًا واليمني خصوصًا تبرهن على فرضيته وفي الجزء الثالث يطرح صيغة الدولة الاتحادية اللامركزية «الفيدرالية» باعتبارها الحل الأنجح للفردية والعشائرية مقارنًا أوضاع اليمن وخصائصه بأوضاع وخصائص الوضع السويسري.
ولو أن القائمين على الوحدة آنذاك قرأوا واستوعبوا ذلك الكتيب الرائع وأخذوه بعين الاعتبار لكنا اليوم في وضع مثالي لكن المشكلة أن العقلية الطائفية المناطقية الأسرية لا يمكن أن ترى الوجود كله إلا من ثقب إبرة تسلطها وتحكمها وهيمنتها هي وحدها دون سواها وعلى الغالبية الساحقة من الشعب أن تقبل بأن تكون خادمة ومطيعة لها دون نقاش، وإلا فالحروب والصراعات والتصفيات والإبعاد والاغتيالات مصيرها إن هي تململت واحتجت.
غير أن الأكثر خطورة حقًا ليس فقط عودة انفصال الجنوب ذلك أنه لو انفصل الجنوب فلن يقبل الشمال بالعودة إلى ما كان عليه مطلقًا وستحدث الثورات والصراعات على نحو أوسع وأخطر.
إن معالجات السلطة المتحكمة لما يجري في الجنوب لا تعمل إلا على صب الزيت على النار، فقد قادت عقلية أجهزتها الاستخباراتية إلى القيام بأعمال نهب وسطو لمحلات ودكاكين بعض الشماليين في الجنوب والباعة المتجولين وتحميلها لحركة الاحتجاجات الجنوبية بقصد تشويه صورة الحراك الجنوبي وبقصد تأليب الرأي العام الشمالي ضد الجنوب وأهلها باعتبار ذلك من وجهة نظره وسيلة ناجحة لضمان استمراره في الحكم غير أنه مخطئ في ذلك إلى أبعد الحدود فالناس أصبحوا أقدر على كشف الخداع والمكائد فالشعب في غالبيته الساحقة بات مقتنعًا أن السلطة الحاكمة الطائفية المناطقية الأسرية هي أساس البلاء ومصدر الشر عليه وعلى أجياله من بعده.
-العرب : هناك من يرى أن القوى السياسية اليمنية بأحزابها ومجتمعها المدني لا تملك مشروعًا وطنيًا، ما رأيك بهذا؟ وكيف يمكن العودة إلى امتلاك المشروع الوطني؟!
الحكيمي: الواقع أن القوى السياسية كلها وكذا منظمات المجتمع المدني، باختلاف توجهاتها ومنطلقاتها، لم تستطع حتى الآن الوصول إلى تشخيص حقيقي وعميق لطبيعة المشكلة التاريخية لليمن والمتمثلة أساسًا بالسيطرة الطائفية المناطقية الأسرية على الحكم من خلال سيطرتها على الجيش، وظلت في كل أطروحتها تدور من بعيد حول أعراض المشكلة دون أن تقترب من جوهرها، فكل برامجها ورؤاها للإصلاحات عبارة عن طروحات نظرية بعيدة عن الواقع، فالصيغة الطائفية المناطقية الأسرية هي التي تحكم سيطرتها على الحكم، من خلال سيطرتها على الجيش وهي الحاكم الفعلي للبلاد، وليست الحكومة ولا مجلس النواب ولا مجلس الشورى إلخ، ولهذا فإن أطروحات القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني تتجه أساسًا إلى معالجة أوضاع السلطة الشكلية وليست السلطة الفعلية وتصبح مغردة خارج السرب!
لا بد للقوى السياسية أن تطرح برنامجًا واضحًا محددًا جذريًا يهدف إلى إعادة صياغة النظام السياسي من جديد على أسس فيدرالية ديمقراطية تحقق التداول السلمي للسلطة بحق وحقيقة وترسي مبدأ المشاركة الشعبية الجادة، أما إذا استمرت هذه القوى على نهجها الحالي فهي لن تتعدى العيش على هامش الحياة السياسية دون تأثير أو دور حاسم وستكون من خلال برنامجها الحالي وأساليب عملها مانحة بطريقة غير مباشرة الشرعية لسلطة لا تملك أي شرعية وإن ادعت ذلك لأنها قائمة على الغلبة والهيمنة والسيطرة اعتمادًا على القوة العسكرية.
- العرب : إذًا بهذه السوداوية للمشهد السياسي ما هو المخرج؟ وما هو مشروع الإنقاذ الوطني؟ هل لديكم تصور أولي لهذا المشروع؟
الحكيمي: ليس هناك مخرج عملي يمكن تصوره إلا بالتجاوز التاريخي الإيجابي لما هو قائم ولا يمكن أن يتحقق ذلك التجاوز التاريخي الإيجابي إلا بإنهاء السيطرة الطائفية المناطقية الأسرية على الجيش والحكم وإعادة صياغة النظام السياسي من جديد على أسس اتحادية ديمقراطية تنهي الاحتكار الطائفي المناطقي الأسري للقوة والحكم والثروة، وتضمن عملاً لا قولاً التداول السلمي للحكم بين أقاليم البلاد الاتحادية وتحقق المشاركة الشعبية الواسعة في السلطة والقرار نريد أن يتحول اليمنيين من رعايا إلى مواطنين يتمتعون جميعهم بمواطنة وحقوق متساوية دون احتكار أو تفرد أو إقصاء أو تهميش، لماذا يا سيدي كتب علينا منذ قرون أن لا نرى رئيسًا من عدن أو حضرموت أو تعز أو مأرب أو الحديدة أو البيضاء أو المهرة أو إب أو صعدة أو الضالع أو لحج أو ريمة وغيرها مع أنها وغيرها تمثل أكثر من ثلاثة أرباع السكان والمساحة والثروة؟؟
ولقد طرحت مشروعًا إنقاذيًا في برنامجي الانتخابي عندما كنت «أمزح» بترشيح نفسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة! أقول «أمزح» لاستحالة ذلك في ظل هيمنة القوى الطائفية المناطقية الأسرية على كل القوة والثروة والسلطة وتحكمها بالبلاد والعباد، في ذلك البرنامج وضعت تفصيلاً لنظام اتحادي وديمقراطي يتم فيه «انتقاليًا» تداول السلطة المركزية من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة إلى رئيس البرلمان دوريًا بين الأقاليم الاتحادية الأربعة التي تصورتها للفيدرالية ثم بعد ذلك التداول الانتقالي للسلطات المركزية الملزم بمعنى كل إقليم يتولاها لفترة، يصار إلى تكوينها أي السلطات المركزية بالآلية الانتخابية المتفق عليها، لكن قبل ذلك لا بد أن يتم تداولها دوريًا بين الأقاليم الأربعة حتى نكسر الحاجز التاريخي النفسي ويعتاد الناس على إمكانية التداول السلمي الديمقراطي.
- العرب : أنت بهذه الرؤية متشائم جدًا.. أليس من أولويات السياسي الواقعية؟
الحكيمي: أنا يا سيدي على العكس من ذلك شديد التفاؤل دائمًا، بل وفي قمة تفاؤلي حين أشخص لك الوضع القائم المثير لأقصى درجات التشاؤم في توفر أية إمكانية لدى السلطة الحاكمة وانعدام أية قدرة أو إرادة لديها لإحداث إصلاحيات حقيقية ولو في حدها الأدنى لتلافي الكارثة، ولكني بالمقابل متفائل جدًا بل ومتيقن بحتمية التغيير وقدرة الشعب على فرض ذلك التغيير الجذري قريبًا جدًا فما تلاحظه من حراك شعبي متصاعد في الجنوب وما يجري في صعدة من أحداث وما تعيشه محافظات عديدة من حراك واحتجاجات إنما هي إرهاصات بالمخاض الصعب القريب جدًا، فالبطون الجائعة والمقهورة والمسحوقة هي التي ستفرض خيارها بالتغيير، وما على القوى السياسية إلا أن تواكب حركة الجماهير وتعبر عن تطلعاتها أو تنتقل إلى الهامش ويتم تجاوزها.
فالتشاؤم هنا هو محفز للتفاؤل والأمل، ولولا التشاؤم لانعدم التفاؤل بالأمل، وتلك هي الواقعية من وجهة نظري.
- العرب: تشهد العلاقات اليمنية - الأمريكية أزمة غير مرئية، ما هي رؤيتك لهذه العلاقات في الوقت الراهن؟
الحكيمي: العلاقات اليمنية - الأمريكية، كما هي الحال بالنسبة لسائر علاقات اليمن بدول محيطها الإقليمي والدولي، ليست قائمة على أسس متينة؛ لأن العلاقات بين الدول يحكمها ويحدد مسارها عادة طبيعة أوضاع الدولة الداخلية ومدى قوة تلك الدولة وتعبيرها عن شعبها، بالنسبة لعلاقات اليمن بأمريكا فيمكن القول أنها علاقات بين أمريكا وسلطة تعتبر من بين عدد من دول العالم المصنفة بالدول الفاشلة.
والولايات المتحدة الأمريكية لها ما يبرر اهتمامها باليمن من حيث وجود حركات ومنظمات متطرفة وإرهابية وشكوك أمريكا بحصولها على دعم وغطاء حماية من السلطة الحاكمة التي ترى من مصلحتها اللعب بورقة تلك الحركات والجماعات واستخدامها لما تتصور أنها قادرة على ممارسته من ضغط على أمريكا وغيرها لابتزاز موافقتها ودعمها للسلطة القائمة وهي لعبة هدامة وخطرة سوف تحرق أصابع النظام قبل غيره، خاصة إذا لم تكن تلك اللعبة التي يمارسها النظام مجرد دور تكتيكي يلعبه النظام لخدمة أمريكا أساسًا بموافقتها الضمنية، وهو ما أستبعده ولكن كل شيء جائز في الصراع الخفي ضد ما يسمى بالإرهاب العالمي.
- العرب : مقاطعاً وأنا أقترب من ظهيرة أحلامك المنفية في هذه القاهرة الدافئة بالحلم اليماني دائمًا وأبدًا، ماذا تقول؟
الحكيمي: أقول إنني رغم كل شيء متفائل إلى أقصى الحدود بمستقبل مشرق لليمن وأهله قريبًا جدًا، وإن رأوه بعيدًا فنحن نراه أقرب من تنفس الصباح وبسمة الجراح، فالليل عند اشتداد الظلمة يبشر بانبلاج الفجر. والسلام،،،


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.