دعا عدد من السياسين والحقوقين ومسؤولي منظمات المجتمع المدني السلطة إلى رفع يدها عن النقابات والجمعيات، ووقف ممارسات التضييق والتهميش بحق المنظمات غير الموالية للحكومة. كما طالبوا في حلقة التشاور الوطني حول (واقع منظمات المجتمع المدني) وزارة الشؤون الاجتماعية إلى إطلاق تراخيص مزاولة المهنة للنقابات والاتحادات والجمعيات التي تقدمت للحصول على تصاريح بموجب الدستور الذي يعطي الحق للمواطنين بتنظيم أنفسهم سياسياً ومهنياً ونقابياً، والحق في تكوين المنظمات والاتحادات دون قيد. وقال رشاد سالم- عضو الهيئة العليا للجنة التشاور أن على منظمات المجتمع المدني مسؤولية كبيرة في استنهاض قوى المجتمع المختلفة لإنقاذ البلد مما يعانيه جراء الأزمة الخانقة. وأكد سالم الذي رأس لجنة التشاور التي عقدت الأحد بمقر الحزب الاشتراكي بصنعاء- أن المشترك يضع منظمات المجتمع المدني في أولويات برامجه وتوجهاته، لفعالية دورها وقدرتها على التصدي لكل أشكال الظلم والانتهاك. من جانبه تناول أحمد الرباحي- رئيس لجنة منظمات المجتمع المدني في اللجنة العليا للتشاور الوطني الدور الذي تلعبه المنظمات في المجتمع والمقاصد والمهام المناطة بها، والقائمة على التعاون والتكافل ومواجهة الفساد والظلم والتعسف وأشكال الهضم والدعوة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواه كخدمة اجتماعية لها مكانتها في الشريعة الإسلامية. وقال الرباحي في ورقة قدمها عن المشترك أن منظمات المجتمع المدني بمختلف توجهاتها لاتزال جديدة العهد على المجتمع اليمني من المنظور الزمني، والتي بدأت في الشطر الجنوبي من اليمن بإصدار الحاكم البريطاني عام 2491م قانوناً نقابياً بقي محصوراً بين العمال الأوروبين قبل أن يتطور الأمر إلى تشكيل نقابات للعمال في ميناء عدن، ومن ثم تشكلت النقابات في المجالات الأخرى حتى وصل عدد النقابات في عام 6591م إلى 03 نقابة شكلت مؤتمر عدن للنقابات. وأشار الرباحي إلى الدور البارز الذي لعبته النقابات في النضال ضد الاستعما ر البريطاني حتى الاستقلال عام 7691م، وضحت بخيرة أبنائها وقياداتها في سبيل تحرير الشطر الجنوبي من اليمن، كما تناول بداية ظهور النقابات والجمعيات في الشطر الشمالي في ميناء الحديدة، ومشاريع الطرقات الكبيرة، كطريق الحديدةصنعاء، والمخاء كنقابات عمالية فاعلة، ليظهر أول تجمع عمالي غير معلن عام 1691م نقابة الأشغال العامة قبل أن يعترف النظام الجمهوري بشرعية الحركة النقابية بإصدار قانون رقم (11) لسنة 3691م تشكلت على إثره عدد من النقابات والجمعيات. وتطرقت ورقة المشترك إلى التضييق الذي مورس على الحركة النقابية من قبل نظامي الشطرين قبل الوحدة، واعتبرت الفترة ما بعد الوحدة 09- 49م من أزهى الفترات الانتقالية للحركة النقابية في اليمن قبل أن تتراجع بشكل كبير عقب اندلاع حرب صيف 49م. وأكد الرباحي أن سياسة الهيمنة السلطوية تمثل أبرز مظاهر أزمة المنظمات، بعد أن برزت سياسة الفيد لعدد كبير من الاتحادات والنقابات التي كان للحزب الاشتراكي وحلفائه نفوذ عليها كاتحاد العمال، ونقابة الأطباء والصيادلة، ونقابة المهندسين، ونقابة المهن التعليمية، وغيرها من النقابات والاتحادات، وامتدت هذه السياسة إلى عدد آخر من المنظمات في الشمال كاتحاد الطلاب ونقابة المعلمين التي رفضت السلطة الاعتراف بشرعيتها، إلى جانب استحواذ السلطة على عدد آخر من المنظمات وتعطيل دورها كاتحاد نساء اليمن، واتحاد العمال، والاتحاد التعاوني السمكي والزراعي، واتحاد الشباب. كما تطرقت الورقة إلى إعاقة السلطة للمنظمات بحيث تكون شريكاً حقيقياً في التنمية، وتكريس سياسة التفريخ والتمزيق للنقابات والاتحادت والمنظمات، وعدم الالتزام بالدستور والقوانين النافذة التي تنص على حرية التنظيم النقابي وممارسة الأنشطة النقابية، الى جانب ضعف النبية التحتية للنقابات والمنظمات، مشيراً إلى ما عكسته كل هذه المعوقات التي هدفت من ورائها السلطة إلى إفراغ العملية الديمقراطية من محتواها. وتطرق الرباحي إلى مواقف المشترك حيال ممارسة السلطة بحق منظمات المجتمع المدني ودعواته المتكررة لتهيئة المناخ العام للمنظمات المدنية لممارسة نشاطها بحرية والقيام بالدور المنوط بها دون معوقات وضمن ذلك في مشروعه للإصلاح السياسي والوطني الشامل. بدوره أكد سعيد عبدالمؤمن على غياب الدور الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني الذي يقوم في الأساس على تخفيض الضغط على الحكومة وتكثيف عملية الرقابة الشعبية، مشيراً إلى أن الوضع الحالي للمنظمات يستدعي التكاتف والمساندة لدفعها إلى آفاق رحبة تمكنها من أداء عملها بشكل صحيح في البناء والتطوير والتحديث. ودعا عبدالمؤمن في تعقيبه إلى تفعيل نص المادة (85) من الدستور التي تعطي الحق للمواطن في تكوين المنظمات والاتحادات، ولا يعطي الحق لأي مشرع بوضع القيود على ذلك، وطالب بتشكيل هيئة من المختصين لإزالة المعوقات الحالية بتطبيق النصوص الدستورية، كما طالب أيضاً ببناء المنظمات بشكل تنظيمي وإيجاد ثقافة مجتمعية مؤيدة لمنظمات المجتمع المدني، والتزام القائمين عليها بالشفافية والحرية والتداول الإداري الدوري والديمقراطي عليه، إلى جانب وضع البرامج الجادة والنافعة واستخدام الموارد بشكل جيد. واختتم حديثه بالدعوة إلى إيجاد تكتل واحد يضم منظمات المجتمع المدني ويدافع عنها. من جانبها اتهمت الإعلامية والدبلوماسية السابقة جميلة علي رجا الأحزاب السياسية في اليمن بالتدخل في شؤون منظمات المجتمع المدني، وقالت إن المنظمات انقسمت بين موالية للسلطة وأخرى للمعارضة، وهو ما جعل هذه المنظمات تفتقر للاستقلالية. وفيما قالت إن وجود المنظمات المدنية ارتبط بالديمقراطية بعد تحقيق الوحدة، قالت أيضاً إن هذا الوجود ارتبط بالأجندة الدولية، بعد ظهور الإرهاب، وإنه بعد أن فشلت الدول الكبرى الدخول إلى الدول الصغيرة بشكل مباشر بحجة انتهاك السيادة، تحاول الآن الدخول عبر نوافذ منظمات المجتمع المدني. واستدركت بالقول أن هناك منظمات مجتمع مدني تعمل بأجندة وطنية واقعية لكنها قليلة جداً. ومن بين أكثر من 0005 منظمة مجتمع مدني في اليمن اعتبرت رجاء أن أقل من عشر منظمات هي الفاعلة، وتساءلت عن دور بقية الجمعيات. وأكدت أن هناك تحدي حقيقي أمام منظمات المجتمع المدني للقيام بدورها الحقيقي. وانتقدت تركيز أنشطة المنظمات على المركز بصنعاءوعدنوتعز وغيابها عن بقية المحافظات والأرياف التي تسجل أعلى رقم من حيث السكان والمعاناة ونسب الفقر. من جهته عرض نقيب الصحفيين السابق عبد الباري طاهر لمحة تاريخية عن بداية تأسيس منظمات المجتمع المدني والتي أرجعها إلى الثورة الصناعية الكبرى في أوروبا، ثم انتقل إلى الحديث عن بداية نشأتها في اليمن، وقال إنها أسست للحركة القومية واليسارية والإسلامية. واختلف طاهر مع ورقة الرباحي حول بعض الأرقام والتاريخ الخاص بنشأة المنظمات في شمال اليمن، وقال إنها بدأت في تعز نهاية الخمسينيات، والحديدة منتصف الستينيات. وذكَّر طاهر بتوقيع الأحزاب السياسية مذكرة استقلالية العمل النقابي عام 49م التي لم تعد غائبة اليوم. وقال إن الحزب الحاكم والسلطة لا تحترم استقلال النقابات، وأحكمت سيطرتها على اتحاد نساء اليمن، واتحاد العمال التي صارت مملوكة للدولة، وأشار إلى أن معظم الأحزاب السياسية تشترك في هذه الخطيئة. وقال إن العمل الحزبي يفسد العمل النقابي ولا يؤسس لعمل سياسي صحيح. من جانبه ناشد المهندس حاتم أبو حاتم القيادي في التنظيم الناصري أجهزة الأمن برفع يدها عن النقابات والاتحادات وعدم تغييبها عن الساحة. وذكَّر حاتم في مداخلة له بتأييد اتحاد التعاونيات للجرعة السعرية التي نفذتها الحكومة في السابق ورفعت بموجبها سعر مادة الديزل مع انه ممثل للزراعيين.