يبدو التساؤل بديهياً عن دور منظمات المجتمع المدني الذي أصبح باهتاً رغم أن عددها "5" آلاف منظمة حسب ما هو مسجل لدى وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ولعل هذا ما دفع الأخت جميلة علي رجاء للتساؤل عن دور تلك المنظمات التي قالت أن عملها يركز على صنعاء دونالهوامش حد وصفها "رجاء" في الحلقة النقاشية التي نظمتها اللجنة العليا للتشاور الوطني أمس بمقر اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي بصنعاء شددت على أهمية تنمية هذه المنظمات وصرف التفكير عن الدعم الخارجي من أجل تحقيق الاستدامة لها، فيما طالب المشاركون في حلقة " واقع منظمات المجتمع المدني في اليمن" السلطة والأجهزة الأمنية إلى رفع يدها عن العمل النقابي ومنظمات المجتمع المدني وتفعيل النصوص القانونية التي تسمح لها بمزاولة مهامها بحرية واستقلالية. أستعرض نقيب المعلمين اليمنيين أحمد الرباحي في الورقة الرئيسية للحلقة المراحل التاريخية لتأسيس منظمات المجتمع المدني التي اعتبرها حديثة عهد في المجتمع اليمني مشيراً إلى أنها تشكلت في عهد الاستعمار البريطاني للشطر الجنوبي سابقاً في عدن وحضرموت عندما أصدر الحاكم البريطاني لعدن عام 1942م قانوناً نقابياً بقى محصوراً بين العمال الأوربيين، ثم تطور الأمر إلى تشكيل نقابات وصل عددها إلى 30 نقابة في العام 1956م والتي قامت بتشكيل مؤتمر عدن للنقابات. وقال الرباحي أن الاهتمام بالنقابات ومنظمات المجتمع المدني في الشطر الشمالي سابقاً جاء متأخراً حيث بدأ الاهتمام بها في أوساط الخمسينات من القرن المنصرم ولا سيما في ميناء الحديدة وبعض مشاريع الأشغال العامة كطريق الحديدةوصنعاء والمخاء التي أسس عمالها أول تجمع عمالي في عام 1961م واعترف النظام الجمهوري حينذاك بشرعية الحركة النقابية حيث صدر القانون رقم "11" لعام 1963م شأن الجمعيات مستدركة أن تشكيل النقابات ظلٍ محدوداً نظراً لطبيعة النظام الحاكم الذي كان يضيق بالحريات النقابية في ظل تحريم الحزبية والعمل السياسي المعارض، وأكد الرباحي إن النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني شهدت انتكاسة كبيرة بعد حرب صيف 94 على الرغم من الطفرة الكبيرة التي شهدها هذا القطاع في الفترة الانتقالية من عام 90 وحتى اندلاع الحرب عام 1994، وعلل ذلك بسياسة الحزب الواحد والتوجهات الشمولية عبر الأجهزة الأمنية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل التي كانت تعمل بأمر الحاكم والأجهزة الأمنية وبتوجيهات عليا. من جانبه أوضح سعيد عبد المؤمن في مداخلته ثلاثة محاور لتطوير منظمات المجتمع المدني وتتمثل في تفعيل النص الدستوري في المادة "53" الذي ينص على إعطاء المواطنين الحق في تنظيم أنفسهم وتكوين المنظمات بما يخدم الدستور وإزالة أهم المعوقات الحالية بالذات التي لا تسمح بالتعددية، إلى جانب الاهتمام بالبناء التنظيمي بحيث يكون لكل منظمة دستور ونظام داخلي يحدد مهامها والدفع بعملها لتحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها، والعمل على إيجاد ثقافة معينة مساعدة لمنظمات المجتمع المدني، وقال عبد الباري طاهر إن العمل النقابي عمل مطلبي اجتماعي وليس عمل سياسي منتقدا بشدة الورقة الرئيس للحلقة التي قال إنها أدلجت وركزت على الجانب الديني في سرد نشأة ومهام منظمات المجتمع المدني بدلاً من التركيز على تجربة من أسس لها سواءً كان ذلك عن طريق أفراد أو مجتمعات أو نظم إقليمية ودولية، مؤكداً على ضرورة استقلالية العمل النقابي كنتيجة حتمية لابد من تحقيقها، وأشاد محمد غالب أحمد عضو المكتب السياسي ورئيس دائرة العلاقات الخارجية للحزب الاشتراكي اليمني بالدور الذي كانت تلعبه الجمعيات في الثورة المسلحة كجمعية أبناء ردفان وجمعية أبناء الضالع، إلى جانب الدور الذي قدمته المرأة كفدائية وناشطة وقائدة نقابية مثل البطلة نجوى مكاوي. وقال غالب أنه لم يتم تغيير النقابات وحدها بعد الحرب بل تم تدمير كل من له علاقة بمنظمات المجتمع المدني في الجنوب وأضحت تابعة للحكم العسكري الذي يخضع له الجنوب منذ ذلك الحين مشيراً إلى نهب ممتلكات الجمعيات والنقابات في الجنوب وأرشيفاتها وملفاتها بشكل علني وواضح في ذات السياق إلى أن النهابين حد وصفه هم أناس كانوا اشتراكيين في الجنوب وآخرين ممن يدعون أنهم من أصحاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حمل أحمد الكبسي كل التنظيمات السياسية من سلطة ومعارضة السبب في تدهور النقابات العمالية ومنظمات المجتمع المدني، كما ناشد حاتم أبو حاتم أجهزة الأمن رفع يدها عن هذه المنظمات، متهما إياها بإعاقة كل الحريات والمنظمات بما فيها الأحزاب.