رحل أمس الكاتب الكبير محمود السعدني عن عمر يناهز ال 83 عاماً، بعد صراع مع المرض دام أكثر من خمس سنوات، عانى خلالها من جلطات أصابت المخ، فأقعدته عن الحركة والكلام . كان السعدني من رواد الكتابة الساخرة في العالم العربي، وكان يلقب ب”الولد الشقي”، وقد شارك في تأسيس عدد من الصحف والمجلات في مصر والخارج، ومارس العمل السياسي بفاعلية في عثد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وسجن في العصر الملكي، وفي هعد الرئيس السادات . ولد السعدني في العام 1927 في إحدى قرى محافظة المنوفية، وتلقى تعليمه في محافظة الجيزة، التي عاش فيها طوال حياته، وفي أحد مقاهيها “مقهى عبد الله” ارتبط بصداقات عديدة مع كتاب وأدباء مصر، ومنهم أنور المعداوي، وعبد القادر القط، وزكريا الحجاوي، ومحمد عودة، وهو المقهى الذي كان يتردد عليه أنور السادات، أثناء فصله من الجيش المصري ومطاردة السلطات له . التحق السعدني في بدايات شبابه بالعمل الصحافي، وعمل في صحف القاهرة، في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وارتبط بثورة يوليو وصحافتها إلى أن أصبح رئيساً لتحرير مجلة “صباح الخير”، كما تولى مسؤولية التعليم الطليعي في الاتحاد الاشتراكي بمحافظة الجيزة . ألقى السادات القبض عليه ضمن من سماهم “الضالعين في مؤامرة مراكز القوى لقلب نظام الحكم” عام ،1971 وحكم عليه بالسجن لعامين، ثم خرج ليجد نفسه ممنوعاً من الكتابة، فقرر مغادرة مصر إلى بيروت، ليعمل في جريدة “السفير” . وقبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، غادر بيروت إلى ليبيا . وفي العام 1976 سافر السعدني إلى الإمارات ليعمل في “أبوظبي” مسؤولاً عن المسرح المدرسي في وزارة التربية والتعليم، لكنه سرعان ما انتقل لإدارة تحرير جريدة “الفجر” الإماراتية، وبعد فترة غادر الإمارات للعمل في جريدة “السياسة” الكويتية، وهناك لاحقته “ضغوط ما”، آثر أن ينتقل بعدها إلى العراق، ومنها إلى لندن، ليعمل على إصدار مجلة “23 يوليو” بالاشتراك مع محمود نور الدين، زعيم “تنظيم ثورة مصر” الذي اتهم بملاحقة الصهاينة في الأراضي المصرية، والقيام باغتيالات ضدهم . عاد السعدني إلى مصر بعد اغتيال السادات في حادث المنصة الشهير عام ،1981 ليكتب في أكثر من صحيفة مصرية إلى أن توقف عن الكتابة تماماً، واعتزل الحياة العامة، بداية من العام ،2006 وكان الراحل من أصدقاء “دار الخليج” التي كرمته خلال مؤتمرها السنوي العام قبل الماضي . أصدر السعدني عدة كتب، منها “الولد الشقي في السجن” في ثلاثة أجزاء، و”الولد الشقي في المنفى”، و”مسافر على الرصيف”، و”رحلات ابن عطوطة”، و”مصر من تاني”، وكان السعدني يمتلك موهبة فنية تؤهله لأن يكون أحد كتاب القصة العظام في العالم العربي، ظهر ذلك من خلال مجموعته القصصية “السماء السوداء” وروايته “قهوة كتكوت”، ومسرحيته “عزبة بنايوتي”.