بعد ثبوت تورطه بالعبث بسوق الوقف واختلاس أموال المواطنين في خطوة وبادرة وصفت بالجيدة والمتناغمة مع برنامج الإصلاح المالي والإداري الشامل المعلن من قبل الحكومة وكذا قانون مكافحة الفساد أحال مكتب الأوقاف والإرشاد في محافظة إب ملف قضية الفساد في سوق مركزي العدين (أحد مشاريع الأوقاف الاستثمارية الحيوية) مع المتهم فيه المدعو أحمد يحيى القاضي إلى نيابة الأموال العامة لاستكمال بقية الإجراءات القانونية وإحالته إلى المحكمة للبدء بإجراءات المحاكمة القضائية العادلة، وهو ما حدا بالنيابة طلب المتهم وإحضاره قهريا بعد تخلفه عن الحضور والامتثال للتحقيقات. بادرة أوقاف إب التي قوبلت بارتياح شعبي ورسمي واسع النطاق جاءت بعد ثبوت تورط مستأجر دكاكين السوق المدعو أحمد القاضي بالعبث بعين الوقف المؤجرة (السوق) واستغلالها لرغباته وأطماعه في جباية الملايين من الباعة وأصحاب البسطات والمفارش والصنادق والاكشاك والماسات الحديدية وأصحاب الدكاكين في المباني الأربعة والقائمين على عملية التحصيل في أسواق المواشي والقات والدجاج والخضروات في صورة مخالفة للوائح والنظم والقوانين ساعده في ذلك بعض المنتفعين ممن يغدق عليهم الأموال والهدايا الغلول الذين لا يقدرون أمانة الوقف والمسئولية كما أشار إلى ذلك تقرير رسمي، بالإضافة إلى ارتكابه العديد من المخالفات والاستحداثات المخلة بعقد الإيجار المبرم بينه وبين مكتب الأوقاف، الأمر الذي يجعل من هذا العقد -بنظر القانون- ملغيا في الوقت الراهن لإخلال المستأجر بشروط العقد ولا يعطي أحمد القاضي أي صلاحية للقيام بالتحصيل أو إلزام أحد بدفع ريال واحد إليه كما أوضح ذلك قانونيون ومسئولون في مكتب الأوقاف. وكان تقرير رسمي ميداني -حصلت "الوسط" على نسخة منه- أوصى بالقيام بإجراءات ضبطية وقانونية ضد مستأجر السوق لما ثبت عنه ارتكاب مخالفات خارجة عن القانون وعقد الإيجار، وإعادة النظر بالقيمة الإيجارية للسوق الذي حسب التقرير يشهد حاليا حركة نشطة وأصبح يمثل مجمع أسواق متعددة موضحا أن أقل متوسط للقيمة الإيجارية للسوق تصل 450 ألف ريال شهريا بما يعادل 5 ملايين و400 ألف ريال سنويا كأقل قيمة مستحقة يمكن أن يتبينها ويلحظها أي زائر للسوق.. فيما يدفع القاضي لمكتب الأوقاف وفقا لعقد الإيجار (المختل) 95 ألف ريال شهريا، وهو ما يعني أن 4 ملايين و260 ألف ريال تذهب من الأوقاف باطلا لمصلحة المستأجر بدلا من الوقف. في حين تؤكد مصادر مطلعة محلية أن ما يتم تحصيله من سوق مركزي العدين يفوق الأرقام المذكورة أعلاه بكثير، مؤكدين استعداد البعض لدفع أضعاف ما يدفعه المستأجر (المتهم) لمكتب الأوقاف. واقترح التقرير إخضاع السوق للمزاد العلني بعد عمل محضر بالإخلال بشروط عقد التأجير، كما أوصى بتكليف لجنة من المكتب للنزول إلى السوق وأخذ بيانات ووثائق أصحاب البسطات وصنادق (الزنك) والأكشاك الحديدية الواقعة في ساحات السوق ومرافقه وجوانبه وعمل عقود تأجير لهم من المكتب مباشرة تقديرا ومراعاة لمصلحة الوقف وصونا للمستأجرين من الاستغلال والابتزاز وضمانا لسلامة إجراءات تأجيرهم. توصيات التقرير المعد من قبل اللجنة المكلفة من مكتب الأوقاف بالمحافظة برئاسة إبراهيم الشعيبي بالنزول إلى سوق مركزي العدين التابع للأوقاف لتقييم وضع السوق والقيمة الإيجارية واستقصاء الحقائق والمعلومات من الواقع جاءت بعد كشفه جملة من الاختلالات والمخالفات التي ارتكبها المستأجر بحق الوقف وقيامه بالعديد من الاستحداثات العشوائية في ساحات السوق الداخلية والخارجية ومرافقه وممراته وجوانبه من قبل من أسماهم التقرير بالمستغلين من أصحاب البسطات والأكشاك والعربيات الثابتة والمتحركة وصنادق الزنك المقوى بعد سماح مستأجر السوق لهم بذلك وتشجيعهم مقابل دفع مبالغ مالية له تتراوح حسب التقرير من (30.000-70.000 ريال) لم يتم توريد منها أي ريال إلى خزينة الأوقاف وذهبت إلى جيبه الخاص في صورة مخالفة للقانون من حيث مبدأ أخذها ناهيك عن ابتلاعها، ومن ثم فرض إيجارات شهرية عليهم تصل -وفق المعلومات التي حصلت عليها اللجنة بعد التدقيق والتحري- إلى 24 ألف ريال شهريا لعدد 12 صندقة قديمة ومستحدثة كأقل متوسط للقيمة الإيجارية و30 ألف ريال شهريا لعدد 30 بسطة ومفرشاً بمتوسط ألف ريال للبسطة الواحدة و57 ألفاً و600 ريال لعدد 24 شباكاً وكشكاً حديدياً في سوق القات بمتوسط إيجاري 2400 ريال على الواحد. وكذا 18 ألفاً شهريا لعدد 18 عربية ثابتة ومتحركة ومفرشاً بمتوسط إيجاري ألف ريال على الواحد، إلى جانب وجود متعهدين بعملية التحصيل في أسواق القات والمواشي يقومون بتوريد عشرات الآلاف أسبوعياً وشهرياً كما بين وتضمن التقرير. وأشار التقرير إلى أن القيمة الإيجارية للسوق ما تزال هي القيمة القديمة وليس وفقا لحركة السوق التشغيلية، موضحا أن جميع الدكاكين في المباني الأربعة البالغ عددها 52 دكاناً، منها 45 دكاناً بيد القاضي مستغلة ومؤجرة وبقيمة إيجارية حسب الموقع تتراوح من 5000-8000 ريال شهريا، لافتا أن معظمها يقوم المستأجر بتأجيرها مخازن لبعض تجار المدينة بما لا يخدم حركة السوق وتطويره. كما أوردت اللجنة في تقريرها أن المستأجر رفض ويرفض المقترحات المقدمة من الأمين العام للمجلس المحلي ومدير الأشغال العامة ومدير الأوقاف بالمديرية بخصوص تنظيم وتطوير السوق، ويعارض بشكل دائم ذلك وفقا لتوضيحاتهم عند التقاء اللجنة بهم، مؤكدين جميعهم أن الاستحداثات العشوائية ستؤثر على الدور المرسوم للسوق في المستقبل وضرورة إجراء عملية إزالة للاستحداثات المخلة والعشوائية بعد حصرها والرفع بها لاتخاذ الإجراءات اللازمة. يذكر أن التقرير المشار إليه والذي أرفق ضمن وثائق الملف المحال من الأوقاف إلى النيابة يعول عليه المواطنون في سوق العدين في تخليصهم من عناء ثقيل واستنزاف مادي مستمر حتى كتابة هذا وأيضا تعول عليه الإدارات ذات العلاقة بمكتب الأوقاف في إنهاء حالة العبث بمال الوقف والبدء بأخذ اعتبار مصلحة الوقف فوق أي مصالح ضيقة ورخيصة. والجميع مواطنون وموظفون يعلقون الآمال على تنفيذ توصيات التقرير لما اتسم به من شفافية ومسئولية وطنية ومصداقية ودقة وتحرٍ في جمع المعلومات التفصيلية وجهد أثنى عليه المدير العام وأولاه اهتمامه الخاص بإحالة الملف والمتهم إلى النيابة والتوجيه بتنفيذ ما جاء في التقرير ومتابعته لذلك وارتكازه على أسس ومعايير تضمنتها الاستراتيجيات الاستثمارية لعقارات الأوقاف وتشخيصه للمشكلة والأضرار التي تلحق بالأوقاف المترتبة على بقاء الوضع كما هو عليه دون التعجيل بعملية التنفيذ. كما يعتبر الكثير من المتابعين تنفيذ ما جاء في التقرير مؤشرا لتوجه إدارة مكتب الأوقاف نحو إصلاح الاختلالات ونموذجاً لإرساء مبدأ في التعامل مع العديد من القضايا والإشكاليات التي يواجهها مكتب الأوقاف وكذا متابعة إجراءات المحاسبة والضبط القانونية عندما يتحقق وقوع ضرر بمال وعين الوقف. وكانت شكاوى عدة سبقت إجراءات الأوقاف الأخيرة بشأن الفساد والعبث في سوق مركزي العدين رفعها مواطنون إلى مكتب الأوقاف وإلى قيادة السلطة المحلية بمديرية العدين يشكون فيها قيام أحمد القاضي الذي يحتكر إيجار السوق منذ أكثر من عشر سنوات بفرض مبالغ باهظة وإتاوات عليهم مقابل تأجيرهم عرصات في ساحات ومرافق السوق دون امتلاكه لصلاحية تأجير ذلك وفقا لشروط وبنود عقد الإيجار الموضحة والذي تحتفظ الصحيفة بنسخة منه إلى جانب فرض إيجارات شهرية عالية عليهم من عقدين سري مرتفع وظاهر معقول، كما حدث مع أحد المستأجرين -تحتفظ الصحيفة باسمه- الذي كشف ذلك للوسط وتفيد بعض الشكاوى أن القاضي كان يقوم بتأجير العرصة الواحدة لأكثر من شخص مما يدخلهم في مشاكل وشجار مع بعضهم البعض تصل إلى حد العراك والضرب الجارح والنازف، وأيضا شكاوى أفادت بتدمير بضاعات وصنادق بعض المواطنين ممن يرفضون الاستجابة لاستغلاله. الظريف في الأمر أن مكتب الأوقاف في المحافظة نفسه وصل إلى درجة يستنجد بمدير عام مديرية العدين ومدير أمن المديرية لضبط أحمد القاضي وإيقاف اعتداءاته بحق السوق وإنصاف المواطنين كما هو واضح في المذكرات الموجهة من مكتب الأوقاف إلى السلطات في العدين بتاريخ 16/5/2009م وأخرى برقم (795) بتاريخ 10/6/2009م في الوقت الذي هي من منحته فرصة دخول السوق وتأجيره.