بعد إجازة نيابية طويلة فاقت الشهرين استأنف مجلس النواب جلساته مطلع الأسبوع الجاري بنصاب لم يكتمل، لقد كان الأمر مخزيا لرئاسة المجلس التي ظلت حتى الساعة الثانية عشرة من ظهر السبت الفائت وهي تنتظر مجيء النواب واكتمال النصاب غير أنها اضطرت في الأخير إلى عقد جلسة غير قانونية كمفتتح لفترته الأولى من دور الانعقاد السنوي الثامن الأخيرة، وكالعادة فقد أقر المجلس جدول أعمال هزيل للفترة القادمة لا يتضمن أياً من القضايا الوطنية الحساسة، وكما استمع إلى تقرير موجز عن أعماله خلال الفترة الماضية. وفيما كانت كتل المشترك النيابية قاطعت جلسات البرلمان في دورة انعقاده السابقة احتجاجا على عدم تنفيذ اتفاق فبراير الذي بموجبه تم التمديد سنتين لمجلس النواب فقد واصلت تعليق حضورها جلسات الدورة الحالية. وقال رئيس كتلة الحزب الاشتراكي عيدروس النقيب في تصريحات صحفية إن كتل المشترك لن تعود إلا في حال الرد على أسألتها التي كانت بعثتها لرئاسة المجلس بشأن خطوات تنفيذ اتفاق فبراير. وفيما أعلن مؤخرا عن توقف الحوار بين الحزب الحاكم والمشترك لتنفيذ اتفاق فبراير فإن رسالة كتل الأخيرة تدور حول ذات الموضوع، حيث طالبت بإلغاء كافة الإجراءات المخالفة لاتفاق فبراير 2009م وبينها الانتخابات التكميلية التي أجريت مؤخرا في عدد من الدوائر التكميلية. رئيس مجلس النواب في الجلسة الافتتاحية قال إن رؤساء كتل المعارضة حضروا أواخر العام المنصرم برسالة تحوي شططا" إلا أنه اعتبر حضورهم خطوة إيجابية، مشيرا إلى أنه تم تحديد موعد للجلوس معهم لمناقشة الرسالة غير أنهم تخلفوا عن الحضور أكثر من مرة. معتبرا مقاطعتها الجلسات قراراً سياسياً من قياداتها خارج البرلمان. وأمس الأول التقت الكتل البرلمانية لمناقشة تفعيل دور المجلس في تفعيل اتفاق فبراير غير أن اجتماعها لم يخلص إلى شيء حيث طلبت كتلة المشترك فرصة للعودة إلى أحزابها في هذا الجانب. خلال السبع السنوات الماضية لم يحقق البرلمان شيئاً يمكن التفاخر به بسبب حالة الضعف التي يعيشها والعائد إلى تركيبته المختلة، وبالرغم من ذلك فإنه يحاول إثبات إنجازاته من خلال تقارير غير واقعية. وفيما ينتظر من المجلس إجراء انتخابات داخلية لهيئة الرئاسة بحسب اللائحة الداخلية والتي بدأ صراع خفي في أوساط السلطة يدور حولها، تفيد المعلومات بسعي الشيخ حمير الأحمر الذي يتولى حاليا منصب نائب رئيس مجلس النواب إلى الترشح لرئاسة المجلس وهو ما ترفضه أطروحات في المؤتمر الشعبي العام ذي الأغلبية النيابية. ويواصل مجلس النواب عقد جلساته وسط استمرار مقاطعة كتل المعارضة، حيث استمع في جلسة أول أمس الاثنين إلى مداخلات النواب حول مشروع تقدمت به وزارة الصحة لتعديل وإضافة بعض المواد في القانون رقم 25 لسنة 2005م بشأن مكافحة التدخين ومعالجة أضراره، وقوبل برفض أغلبية الحاضرين على اعتبار أن القانون لم ينفذ بعد. رئيس كتلة المؤتمر البرلمانية سلطان البركاني عبر عن أسفه لهذا الطلب "لأن قانون مكافحة التدخين لم يطبق بعد أربع سنوات من اعتماده" داعيا جميع الوزراء إلى احترام القوانين الصادرة عن البرلمان. كما طالب وزارة الصحة بتطبيق القانون أولا ومن ثم التقدم إلى المجلس للتحدث عن صعوبات التنفيذ" في حين اعتبر نبيل الباشا طلب الحكومة تعديل القانون بمثابة سخرية من النواب كونهم "لا عمل لديهم" مشيرا إلى أن الحكومة عندما تعجز عن تنفيذ قانون معين تبحث عن مبررات للتعديل. وفيما رأى سنان العجي أن القانون بحاجة إلى تعديل بعد تفعيله ليتوافق مع الاتفاقية الدولية لمكافحة التبغ التي وافق عليها البرلمان في وقت سابق وتتعارض بعض نصوصها مع نصوص القانون، فقد دافع ممثل وزارة الصحة عن تطبيق الوزارة للقانون منذ إقراره موضحا قيامها بعدد من الإجراءات بحسب الموارد المتاحة. وفيء ذات الجلسة تعرضت هيئة مكافحة الفساد لانتقادات برلمانية تتصل بأدائها في محاربة الفساد وذلك إثر تقدمها بمذكرة إلى المجلس بشأن تعديل بعض مواد قانون مكافحة الفساد حيث قوبل طلبها بجدل واسع وأفضت إلى مطالبة النواب بعقد جلسة خاصة مع الهيئة لتقييم أدائها خلال الفترة الماضية. وقال رئيس الكتلة البرلمانية لحزب المؤتمر الشعبي العام الشيخ سلطان البركاني إن الهيئة لا تعرف من القانون شيئا "مشيرا إلى أن النص الدستوري يحصر اقتراح القوانين وتعديلاتها بأعضاء مجلس النواب والحكومة" وأضاف "إن الهيئة تحولت إلى دولة داخل دولة بإصدار تعليمات بإغلاق هذه المنشأة أو تلك ومحاكمة شخصيات" مؤكدا عدم قيام الهيئة بشيء منذ إنشائها. وأيده في ذلك النائبان عبده بشر ومحمد الشائف، مشيرين إلى أن القضاء كسلطة مستقلة تطرح تعديلاتها للنواب عبر الحكومة ممثلة بوزارة العدل. وتحدى الشايف الهيئة تقديم موظف "فراش" ومحاكمته بتهمة الفساد ناهيك عن وزراء، لافتا إلى أن الهيئة فيها كثير من الفساد والصراعات. من جانبه دافع صخر الوجيه عن الهيئة معتبرا إلقاء اللوم عليها وتجاهل بقية الجهات المخولة بمكافحة الفساد (القضاء، الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة ونيابة الأموال العامة) غير واقعي، موضحا أن محاربة الفساد تحتاج إلى سياسة عليا ودعم قوي للهيئة. النائب المؤتمري نبيل الباشا تفاجأ كما يقول بعدم قدرة الهيئة على حل مشاكلها الداخلية، منتقدا طلب الهيئة إلى النواب بتقديم إقرار بالذمة المالية. من جهة أخرى توصلت اللجنة البرلمانية المكلفة بالتحقيق في ملابسات الضربة الجوية على عناصر القاعدة في منطقة المعجلة بمديرية المحفد محافظة أبين في ديسمبر الماضي إلى حقائق جديدة تؤكد أن تلك العملية "لم تكن مبنية على معلومات دقيقة" ولذلك أوصت الحكومة بأن تعتذر بشكل معلن لأسر الضحايا من الأبرياء الذين سقطوا في الضربة. وطالب التقرير بفتح تحقيق "لتحديد المسئولين عن تلك الضربة بتلك الكيفية الخاطئة ومحاسبتهم وتقديم تقرير إلى المجلس خلال ثلاثة أشهر من تاريخ إقرار هذا التقرير". وحملت اللجنة البرلمانية التي نزلت إلى موقع الحادثة الحكومة المسئولية في سرعة تقديم التعويضات المجزية للأسر جراء ما لحق من ضرر بالأرواح والممتلكات بمن فيهم الضحايا الأبرياء الذين سقطوا في الأيام التالية للحادث بفعل مخلفاتها المتفجرة". وتبين للجنة أن الأجهزة المعنية المركزية والمحلية لم تأخذ بعين الاعتبار نتائج "تداعيات تلك الضربة بحيث لم تتمكن من القيام بواجبها فيما يتعلق بإسعاف الجرحى والمصابين وتحريز الموقع، مما سهل عملية وصول مجموعة مسلحة من المشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة إلى الموقع وأخذوا عددا من جثث القتلى والجرحى ممن يتبعونهم". وبشأن المطلوب للأجهزة الأمنية محمد صالح الكازمي، قالت اللجنة إنها اكتشفت أن الكازمي "كان يتحرك بين مديريات (المحفد- لودر- مودية- محافظة أبين- وعتق في محافظة شبوة) بشكل طبيعي وكان بالإمكان الوصول إليه باتباع أسلوب آخر". ونقلت اللجنة البرلمانية عن المواطنين قولهم بأن الكازمي الذي كان في السجن وخرج بضمانة من مشائخ آل كازم كان ينتقل من مودية إلى المحفد وشبوة بحرية. وأضافوا "إذا كانت الحكومة تريده فكان يمكن لها أن تجده في مكان آخر وتقتله في مكان بعيد، وإنما يقتل الجميع فهذا عيب وحرام في حقنا وحق أطفالنا". وأفاد آخرون بأن الكازمي كان قبل عشرين يوما من تاريخ القصف يتواجد هناك، ومعه ستة أفراد يساعدونه في حفر بئر ماء وأنهم كانوا يسكنون بالقرب من منزل الكازمي". وفي واقع معاينتها لمكان الحادثة قالت اللجنة إنها وجدت جميع المساكن قد احترقت مع محتوياتها وشاهدت عددا من القنابل التي لا تزال موجودة "والتي لم تنفجر بعد وهي مخلفات القصف وتشكل خطرا على حياة المواطنين". وضمنت اللجنة تقريرها إفادة محافظ محافظة أبين بأن عدد الضحايا الأبرياء من آل حيدرة 14 شخصا، ومن آل عنبور 27 شخصاً والبقية جرحى وعددهم سبعة من نساء ورجال وأطفال. وبحسب إفادة السلطة المحلية بالمحافظة فإن عدد القتلى من تنظيم القاعدة 14 شخصا منهم محمد الكازمي واثنان من آل عنبور وأن عدد الجرحى الذين تم أخذهم إلى جهة مجهولة سبعة أشخاص.