باتت السلطة عاجزة عن اتخاذ أي إجراء إزاء تصاعد حالات العنف في بعض المحافظات الجنوبية باستثناء مايدفع نحو مزيد من التعقيد . حملة الاعتقالات مركزة على الناشطين سلمياً ، في حين يتم تجاهل قيادات الجماعات المسلحة وقطاع الطرق والمعتدين على المواطنين وممتلكاتهم ، كما أن افتقاد السلطة لرؤية واقعية لمعالجة القضية الجنوبية جعلها مربكة في تصرفاتها . ومطلع الأسبوع الحالي بدت أكثر ارتباكا ، حيث أعلنت فرض حالة الطوارئ في محافظة الضالع ، ومن ثم نفت أن تكون قد فعلت ذلك ، معتبرة ما قامت به مجرد إجراءات احترازية.لكن ما لوحظ على الواقع يثبت عكس ذلك فحالة الطوارئ فرضت على مدى يومي السبت والأحد الماضيين وقالت السلطة إنها اتخذت عدداً من الاجراءات لمنع وقوع هجمات واحتجاجات بالتزامن مع اجتماع الرياض الذي خصص لبحث دعم اليمن. وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها حالة الطوارئ في محافظات الجنوب منذ اندلاع احتجاجات شعبية في 2007 للمطالبة بمنح مناطق الجنوب حقوقها السياسية وتضمن قرار الطوارئ في الضالع إغلاق كل مداخل المدينة ومنع دخول المحتجين وكذا منع تنظيم مظاهرات أو اعتصامات ، كما تم قطع خطوط الهاتف في المدينة وبحسب مدير أمن محافظة الضالع فإن الأجهزة الأمنية طوقت المحافظة من جميع الاتجاهات وأغلقت كافة المداخل الرئيسة والفرعية المؤدية إلى المديرية تحسبا لدخول عناصر مسلحة إلى داخل المحافظة بغرض زعزعة الأمن والاستقرار بالمنطقة . وأضاف غازي الأحول لموقع نيوز يمن " إن محافظة الضالع تعيش اليوم حراكاً مسلحاً وليس حراكاً سياسياً سلمياً"، وهو ما استدعى تطويق المنطقة خاصة بعد معلومات بوجود مسلحين يعتزمون دخول المحافظة . وكان اجتماع طارئ للهيئة الادارية لمحافظة الضالع الجمعة الفائته اتخذ فيه قرار باغلاق كافة المنافذ والمداخل المؤدية إلى مديرية الضالع الرئيسية والفرعية وكذلك منع اي مظاهرات او مسيرات او اعتصامات او ما شابه غير مرخصة حسب النظام والقانون . كما شمل قرار اعلان حالة الطوارئ رفع درجة الجاهزية والاستعداد واليقضة لدى جميع الجهات الرسمية واقر ايضا قيام المسئولين في المحافظة بنزول ميداني الى كافة المرافق للتأكد من سير العمل بالشكل المطلوب دون غياب او تهاون كما شمل القرار منع الخارجين عن القانون من دخول المديرية ما لم فيتحملون نتيجة مخالفتهم لهذا القرار .وبعد ساعات من بث موقع وزارة الدفاع لخبر يتضمن إعلان حالة الطوارئ في مديرية الضالع وتناقلته وسائل الاعلام بمختلف أنواعها ، نشر خبر آخر ينفي ما كان تضمنه الخبر الأول وقال على لسان مصدر مسؤول : إن هذه مزاعم لاأساس لها من الصحة وتندرج في إطار الأكاذيب التي تروج لها العناصر التخريبية الخارجة على النظام والقانون وعبر مراسلي بعض القنوات الفضائية لإثارة البلبلة وتضليل الرأي العام وقال المصدر إن ما اتخذ من إجراءات هي إجراءات أمنية احترازية عادية لحماية المواطنين وممتلكاتهم من أعمال التخريب والفوضى التي تثيرها تلك العناصر التخريبية المأجورة والخارجة على النظام والقانون. غير أن مظاهرات عدة سيرت في مناطق مختلفة من محافظات الجنوب لشد اهتمام اجتماع لمانحي اليمن في العاصمة السعودية الرياض إلى القضية الجنوبية. فقد سير آلاف المواطنين في لحجوأبين وحضرموت والضالع مظاهرات منذ الساعات الأولى لصباح يوم السبت حتى حلول العصر كما تم استئنافها في اليوم التالي فيما أغلقت المحال التجارية أبوابها في زنجبار والحوطة والمكلا تحت تأثير زعماء فصائل في الحراك بينهم طارق الفضلي وتجمع آلاف الأشخاص في ملعب الصمود بمدينة الضالع بالرغم من إعلان حالة الطوارئ في المدينة لمنع التجمعات والمواجهات. وأصيب خلال الاحتجاجات ثلاثة محتجين برصاص قوات الأمن حين حاول المحتجون إغلاق طريق بين أبين وعدن طبقاً لمصادر محلية . وفي يوم الاثنين الفائت قتل مايقارب 5 أشخاص بينهم 2 من أفراد الأمن بمدينة زنجبار اثناء محاولة الأمن اعتقال شخص اسمه علي صالح اليافعي والذي تتهمه السلطة بالإنتماء للقاعده وانتهت الملاحقة بقتله . وقالت مصادر محلية بالضالع إن مهرجاناً جماهيرياً حضره المئات من أنصار الحراك بساحة ملعب الصمود ورفعوا فيه أعلام الجنوب وشعارات انفصالية ورايات خضراء ، وصور علي سالم البيض. كما جاب المتظاهرون الشارع العام مرددين الشعارات الانفصالية ، والتزم الأمن المتواجد بشوارع المحافظة الهدوء ، باستثناء قيامه باعتقال 21 مشاركاً في التظاهرات . وألقيت في المهرجان كلمة للقيادي في الحراك شلال علي شائع، حيث أشار إلى أن المسيرات التي خرجت جاءت تلبية للدعوة التي وجهها البيض للخروج لإيصال رسالتهم لمؤتمر الرياض وللعالم أجمع، مؤكدا مضيهم خلف البيض حتى تحقيق المطالب العادلة لأبناء الجنوب.مطالبا دول الخليج الالتفات لمطالبهم المشروعة . وفي مدينة زنجبار أغلقت المحلات التجارية بشكل كامل اذعاناً لدعوة طارق الفضلي بتنفيذ عصيان مدني في المنطقة، حيث أقيم مهرجان جماهيري حضره المئات من المواطنين بالتزامن مع مؤتمر الرياض .وألقى الفضلي كلمة في المهرجان دعا فيها أبناء الجنوب إلى التلاحم . أمافي مدينة لحج فقد فرضت الأجهزة الأمنية طوقا أمنياً على المدينة تحسبا لخروج تظاهرات وقد أدى الانتشار الامني إلى تخوف مالكي المحلات والبسطات وقاموا بإغلاقها تحسبا لاي شغب وفوضى. وكان نائب الرئيس السابق علي سالم البيض دعا قوى الحراك الجنوبي الى تصعيد الفعاليات في يومي السابع والعشرين والثامن والعشرين من الشهر المنصرم- يومي انعقاد مؤتمر الرياض-.. مطالبا برفع العلم الاخضر الى جانب علم جمهورية اليمن الديمقراطية كتعبير عن الامل والاستقلال القادم . وقال البيض - في خطاب لابناء الجنوب : ان الجميع مدعوون في هذين اليومين لتوجيه رسالة الى الاشقاء العرب وممثلي المجتمع الدولي المجتمعين في الرياض يؤكدون من خلالها رفضهم ما اسماه بالاحتلال وتمسكهم بحقهم في تقرير مصيرهم .. مؤكدا ان صدى هذه الرسالة سيكون كبيرا ومعبرا مثلما كان في الرسالة التي بعثوها لمؤتمر لندن .. مشددا على وحدة الصف الجنوبي قبل اي شيء . واشار البيض في خطابه الى ان مصداقية الموقف الدولي من الرئيس علي عبدالله صالح اليوم على المحك ولكي تستجيب الارادة الدولية لمعاناة اهل الجنوب فإن المطلوب تحديد موقف من حق تقرير مصير شعب الجنوب .. مؤكدا عدم السماح لنظام صنعاء بالعربدة مثلما عربد طيلة السنوات الماضية في الجنوب وان سلاح الجنوب الوحيد هي وحدة الصف وتصميمه على استرجاع حقوقه مهما بلغ الثمن . وعلى مايبدو فإن إجتماع الرياض تجاهل مطالب الجنوب تماماً، إذ لم يشر في بيانه الختامي الى مايدور في المحافظات الجنوبية .وفي السياق قال الدكتور ناصر الخبجي- رئيس مجلس قيادة الثورة السلمية بمحافظة لحج, إن المظاهرات التي انطلقت مطلع الاسبوع الحالي ما هي إلا استجابة لدعوة الرئيس السابق علي سالم البيض بتصعيد الاحتجاجات السلمية خلال انعقاد مؤتمر الرياض. وأضاف في كلمته التي ألقاها في المظاهرة التي تمت بمدينة الحبيلين "إننا لسنا عاجزين وغير قادرين على خيارات أخرى لكن ذلك من اختيار أبناء الجنوب الذين سيقررون المكان والزمان والانتقال إلى خيار آخر في الوقت المناسب". وقال "إن الذي كان في الأمس مفروضا كأمر واقع وفاقد مشروعية البقاء لم يعد اليوم مقبولا ولن يستمر؛ لأن القوة لن تدوم ولن تستطيع أن تضيع الحق, ولكن الحق والإرادة هما من يصنعان القوة الحقيقية لمواجهة الباطل". ووجه الخبجي رسالته إلى مؤتمر الرياض الدولي وإلى المجتمعين العرب ودول الخليج وممثلي المجتمع الدولي "إن شعبنا الجنوبي يمتلك الإرادة والحق في تقرير مصيره, وأي تجاهل لقضيتنا لا يخدم السلم الاجتماعي ولا يضمن الأمن والاستقرار ولا يحمي المصالح الإقليمية والدولية في المنطقة, وإن التفكير بمساعدة النظام الحالي ودعمه للحرب ضد الإرهاب يعني الحرب ضد الجنوب". وخاطب المؤتمرين في الرياض "أنتم ترتكبون أكبر خطأ عرفته البشرية" في حالة دعم نظام صنعاء؛ "لأن ذلك الدعم والمساعدة سوف يستخدم لضرب مصالحكم وإبادة شعب الجنوب". واضاف " إذا أردتم تفادي الكارثة والمخاطر على المنطقة والشأن الدولي فعليكم الوقوف إلى جانب شعبنا الجنوبي بدعم نضاله السلمي الحضاري". وجدد الدكتور الخبجي الدعوة إلى "الهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن والجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي أن تضطلع بدورها للضغط على السلطة الحالية بإطلاق سراح جميع المعتقلين القابعين في السجون دون قيد أو شرط والكف عن ارتكاب المجازر الجماعية والرحيل سلمياً وفقاً لقرارات الشرعية الدولية رقمي (924-931)". لكن مؤتمر الرياض الذي أنهى أعماله الأحد الماضي تجاهل مطالب ورسائل قيادات الحراك الجنوبي . وفي إطار ردود الأفعال على رفع الفضلي للعلم الأمريكي قالت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها إن طارق الفضلى تحول من أحد أخلص الجهاديين فى أفغانستانواليمن إلى حليف للولايات المتحدةالأمريكية فى جنوباليمن، مشيرة الى انه ليس من المعتاد أن يرفع أحد من التابعين ل"بن لادن" العلم الأمريكى خارج منزله، ولكن نشرت لقطات فيديو يظهر فيها الفضلى، بطل الحملات الجهادية فى أفغانستانواليمن، وهو يحمل العلم الأمريكى. وأضافت الصحيفة "إن هذه اللقطات قد أعادت تعريف شخصية عامة لرجل بات مركزا يدور حوله تاريخ اليمن الحديث والمضطرب، فبعد أن كان أكثر الجهاديين ولاءً، يريد الآن أن يصبح حليفا لواشنطن، وهو الأمر الذى أثار حفيظة الحكومة اليمنية، التى تصنف الفضلى باعتباره أحد أخطر الإرهابيين الذين عرفهم اليمن. وأشارت الصحيفة الى أن الفضلى لم يُتهم قط بالإرهاب حتى العام الماضى، عندما التحق بصفوف حركة يمنية احتجاجية ، ليصبح بعدها معارضا للرئيس على عبد الله. ونقلت نيويورك تايمز عن الفضلى قوله "كنت فى الحزب الحاكم لهذه الدولة لما يقرب من 15 عاما، بل كنت السلطة العليا، لدرجة أننى كنت قادرا على الدخول إلى قصر الجمهورية دون موعد، ولم يتهمنى أحد بتهمة مثل هذه قط، ولكن بسبب انضمامى للحركة الجنوبية، فهم يقولون هذا، وهو افتراء .