الانتهاكات الحقوقية تزيد صورة اليمن قتامة في التقارير الدولية باتت صورة اليمن أكثر قتامة في تقارير المنظمات والجهات الدولية المعنية بمتابعة حالة حقوق الإنسان وواقع الديمقراطية في البلدان النامية ، بما في ذلك التقارير الصادرة عن الدول التي تعتبر اليمن نفسها حليفة لها . الأسبوع الجاري ، كانت الحكومة اليمنية وكعادتها جاهزة بتبريراتها لما تضمنه تقرير أمريكي حول حقوق الإنسان في اليمن ، والتي سارعت للقول بأنه استقى معلوماته من أطراف في المعارضة دون أن يتحرى الحقيقة . التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية يتهم الحكومة اليمنية بارتكاب أعمال قتل غير شرعية وعشوائية. واعتبر التقرير أن الانتهاكات المروعة لحقوق الإنسان تفاقمت، متهماً الحكومة باستخدام حملات قصف جوي في صعدة وعمران أدت إلى تدمير الكثير من القرى وقتل مئات المدنيين. مشيراً إلى تقدير المنظمات الدولية الإنسانية بأن هناك أكثر من 175 ألف شخص تم نقلهم من أماكن سكنهم إلى أماكن أخرى بسبب نزاع "صعدة". واستمرار التمييز ضد النساء مثلما هو الحال مع فرض الزواج المبكر وعمل الأطفال وتهريبهم. كما تقلصت حقوق العمال لتنظيم أنفسهم في نقابات. وتحدث التقرير عن حالات اختفاء مدفوعة لأسباب سياسية، جرت لأشخاص على علاقة بالاحتجاجات التي جرت في الجنوب ومع النزاع في صعدة. مشيراً في السياق ذاته إلى اختطاف الصحفي والقيادي في الحزب الاشتراكي محمد المقالح في 17 سبتمبر 2009م – لايزال رهن الاعتقال والمحاكمة - على يد عدد من رجال أمن يرتدون ملابس مدنية، وذلك إثر انتقاده الحكومة على أعمالها في صعدة، وإخفائه لأكثر من 4 أشهر قبل اعتراف المسئولين في أواخر ديسمبرالماضي أنه محتجز لديهم. لافتاً أيضا إلى اختطاف المحامي والناشط وعضو المجلس المحلي محمد مسعد ناجي. ورأى التقرير أن النظام القضائي ضعيف وفاسد ويفتقد الاستقلالية ، وقال إن الحكومة زادت بشكل ملحوظ من تقنين حرية التعبير والصحافة والتجمع و تستخدم عنفا مفرطا في مواجهة المتظاهرين والصحافيين. وقال تقرير الخارجية الأميركية إنه في الوقت الذي يمنع فيه القانون اليمني الممارسات المسيئة كشفت منظمات حقوق الانسان غير الحكومية عن أن السلطات قد عذبت وأساءت إلى الأشخاص المحتجزين. وعلى الرغم من تأكيد جهازي الأمن السياسي والقومي، ذوى العلاقة المباشرة بالرئيس -عدم وجود ممارسات من هذا النوع ، أشارت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي لعام 2009 إلى وقوع ممارسات وحشية ضد المحتجزين وأنها تجري ضد أولئك الذين يشاركون في نشاطات سياسية معارضة. وبحسب التقرير " تتضمن أساليب التعذيب استخدام القبضات والعصي وأعقاب البنادق والرفس والتعريض للماء الساخن والمبالغة في تقييد الأطراف ومنع المعتقلين من الحصول على الماء أو الذهاب إلى دورات المياه وحرقهم بالسجائر وتعريتهم وحرمانهم من الطعام وتهديدهم بالاعتداء عليهم جنسيا وبالقتل. وأكدت المنظمات غير الحكومية لأول مرة وجود أطفال مع راشدين في السجون ، كذلك وجد في حالات كثيرة أن المحتجزين قد وضعوا مع مجرمين صدرت أحكام ضدهم . وفي الوقت الذي يضمن فيه الدستور اليمني قضاء مستقلا فإن الفساد وتدخل السلطات التنفيذية يعرقلان الإبقاء على هذه المعايير القضائية. ووفقا للتقرير اعترفت الحكومة بأن الأواصر الاجتماعية التي تربط القضاة بقبائلهم إضافة إلى الارتشاء أحيانا، تؤثر في الأحكام الصادرة بحق المتهمين إضافة إلى أن الكثير من القضاة لم يتلقوا تدريبا كافيا ولهم علاقات مع الحزب الحاكم. كذلك يلعب تقاعس الحكومة أحيانا في تنفيذ الأحكام دورا في تقويض نزاهة القضاء . و لاحظ التقرير أنه وخلال العام المنصرم زاد عدد السجناء والمعتقلين السياسيين بين صفوف حركة الاحتجاج الجنوبية وتجدد النزاع في صعدة. وأفادت منظمات حقوق الانسان أن آلاف السجناء والمعتقلين تم حجزهم واعتقالهم وإطلاق سراحهم في اليوم نفسه في حين أن مئات آخرين تم احتجازهم لأسابيع وأشهر، لكنه من الصعب تحديد أعدادهم لأن الحكومة تفرض إجراءات مشددة على ذلك وتمنع الوصول إليهم بواسطة منظمات حقوق الانسان المحلية والدولية. وفيما يتعلق بالتدخل العشوائي في خصوصيات الأفراد ، قال التقرير إنه على عكس القانون اليمني الذي يمنع ممارسات من نوع التدخل في خصوصية الأفراد وبيوتهم ومراسلاتهم فإن قوات الأمن والمخابرات المحلية تراقب بشكل منتظم الهواتف وتقرأ الرسائل الشخصية والرسائل الالكترونية وتتدخل في القضايا الشخصية لأسباب تزعم أنها أمنية. لكن قيادتي قوات الأمن والمخابرات وفقا للتقرير رفضت هذه المزاعم وقالت إنها لا تستطيع القيام بذلك إلا بعد الحصول على إذن من وكيل النيابة ، غير أن منظمة "هود" أفادت بوقوع هجمات غير شرعية على 20 بيتا في صنعاء بعد الهجوم الذي وقع ضد السياح الكوريين الجنوبيين في مارس من العام الماضي. كما ظلّ طوال العام الماضي الناشطون في حقوق الانسان والصحفيون يشيرون إلى تسلمهم تهديدات هاتفية نهارا وليلا من قبل السلطات لتخويفهم بما يخص النزاع في صعدة وحالات الغضب السائدة في جنوباليمن وفي أول رد رسمي على تقرير الخارجية الأمريكية ، قللت الحكومة اليمنية من أهميته كونه بحسب مسئول حكومي " لم يتحرى الموضوعية والحياد واعتمد على تقارير للمعارضة اليمنية وما يرد في بعض صحفها التي تتجنى على الحقيقة ". ونقلت وكالة الأنباء "يونايتد برس انترناشونال " عن المسئول الحكومي قوله :إن اليمن اثبت انه مع التوجهات الديمقراطية الناشئة في المنطقة وكفل حق التعبير لكل القوى السياسية بشتى توجهاتها ،ويسعي لتحقيق الاستقرار في الشمال والجنوب على حد سواء " ، مؤكداً أن الكثير مما ورد في التقرير" لم يراع أدنى حدود معايير الاستقصاء والتحري حول المعلومات الواردة فيه وجانب الصواب فيها ". وشدد على أن الجهات الرسمية اليمنية "مفتوحة أبوابها لكل من يريد الاطلاع على الحقيقة كاملة غير منقوصة وبما يعطي لتلك الحقائق الكثير من المصداقية".