عاد التوتر إلى محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان التابعة لمحافظة عمران إثر وقوع عدد من الاشتباكات بين أنصار الحوثيين وقبائل موالية للسلطة وأعقبها اتهامات متبادلة بين الأخيرة والحوثيين بخرق اتفاق وقف الحرب. ومطلع الأسبوع الحالي عقد اجتماع موسع للسلطة المحلية بمحافظة صعدة ورئيس اللجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ شروط وقف الحرب بحضور رئيس أركان المنطقة الشمالية الغربية اللواء الركن الظاهري الشدادي ومدير أمن المحافظة العميد عبدالحكيم الماوري وجاء هذا اللقاء عقب لقاءات مكثفة لقيادات الجيش لمناقشة تحركات الحوثيين الأخيرة ومدى استعداداتهم لخوض حرب جديدة. واتهمت اللجنة المكلفة بالإشراف على تنفيذ الشروط الستة بمحور صعدة عناصر الحوثي بممارسة العديد من الخروقات تمثلت بتدخلهم في شؤون السلطة المحلية بالمديريات وتواجد مجاميع مسلحة تابعة لهم في مراكز المديريات والطرقات وإعاقة تسلم السلطة المحلية بالمديريات لمهامها وممارسة عملها. وفيما أكدت اللجنة أن تلك الخروقات تتعارض مع مبدأ الاتفاق وتعرقل سير عمل اللجان ، أوضح رئيس اللجنة منصور عبدالجليل أن لجنته بذلت جهودا كبيرة في الإشراف على إحلال السلام ومعالجة الاعتداءات المتكررة التي يفتعلها المتمردون وتدخلهم المستمر في شؤون السلطة المحلية بالمديريات . وبين أن تواجد " المتمردين في مراكز المديريات والطرقات أمر لافت للأنظار ويوحي بعدم المصداقية والتلكؤ في تنفيذ النقاط الست التي مهمتها الأساسية الإشراف عليها حسب التزام الحوثي السابق بتنفيذها". لكن هذه الاتهامات ينفيها الحوثيون ويقولون إن السلطة هي من تنصلت عن تنفيذ الاتفاق وخاصة ما يتعلق بالإفراج عن أتباعهم ، فضلاً عن دعمها لمجموعات قبلية بافتعال الأزمات معهم وذلك كمقدمة لشن حرب جديدة عليهم. وفي إطار التصعيد المتبادل اتهم القائد الميداني للحوثيين السلطة بممارسة المزيد من الاعتقالات في صفوف أتباعه. وقال الحوثي في بلاغ صحفي بينما ينتظر المجتمع من السلطة الإفراج عن المعتقلين بناء على خطاب 22 مايو، اتجهت السلطة إلى ممارسة حملات الاعتقالات من جديد. وذكر أن السلطة اعتقلت السبت الفائت اثنين من أتباعه هما غالب وعلي عيسى الجرادي في منطقة المزرق بحرض مع سيارتهما التي كانا يستقلانها، إضافة إلى قيامها بنصب الكمائن وقطع الطرقات وممارسة حملات الاغتيالات . وعلق البلاغ على الحادثة بأنها تأكيد أن السلطة "لم تتجاوز مراحل الخطابات إلى التنفيذ على أرض الواقع بل تكرر نفس الأخطاء" في إشارة إلى قرار من الرئيس علي عبدالله صالح بإطلاق سراح المعتقلين في قضيتي الجنوب وصعدة عشية الاحتفال بذكرى الوحدة العشرين لكن القرار لم ينفذ سوى بالإفراج عن بعض معتقليهم فيما الأغلبية لا يزالون في السجون. وأضاف البلاغ: إن معالجة مخلفات الحروب لن تحلها الخطابات التي لا ترقى إلى مستوى التنفيذ ولا الادعاءات التي تفتقد المصداقية والحقيقة ولا الميليشيات العسكرية التي ستدمر البلد وتخلق الثارات وهمها المال وتنفيذ مشاريع الخارج، ولن يحلها التقاعس في إعمار ما خلفه العدوان على مدى ست سنوات ولن يحلها إبقاء المعتقلين في السجون واعتقال المزيد من المواطنين في الطرقات والنقاط العسكرية". وعن المليشيات القبلية التي يقول الحوثيون إن السلطة تمولها بالمال والسلاح لمقاتلتهم أوضح المكتب الإعلامي للحوثي أن ما بات يسمى بتحالفات قبلية هو أمر ليس بجديد على الإطلاق، مؤكدا أن هناك ميليشيات تتبع السلطة قاتلت إلى صفها وظلت ترفض وقف الحرب باستمرار وتسعى إلى إذكائها من جديد كونهم تجار حروب في الأساس ونسب موقع المنبرنت التابع للحوثيين إلى المسئول في المكتب الإعلامي ضيف الله الشامي قوله إن ما نسمعه بين الحين والآخر عن تكتلات قبلية هي عبارات فضفاضة لا يمتلكون من ورائها أي تواجد شعبي أو تأثير اجتماعي على الإطلاق بل البعض منهم خارج المنطقة بالكامل . واضاف : إن هذه المليشيات التي تنصب الكمائن وتستحدث الخروقات وتمارس الاعتداءات وتقطع الطرق العامة والفرعية تمارس عملها بضوء أخضر وتواطؤ مباشر من قبل السلطة . ونفى الشامي أن يكونوا نصبوا كمينا لأحد من مشايخ المنطقة في سفيان في الأسبوع المنصرم قائلا إن تلك المجاميع تمركزت في طريق سفيان برط وقطعت الطريق الفرعي إضافة إلى قطع طريق صنعاء صعدة وقد أدى ذلك إلى مواجهات مباشرة معهم وسقط قتلى وجرحى من الطرفين وتم فتح الطريق على إثرها فورا . وقال لا يوجد لدينا أي معتقل لا من هؤلاء ولا من غيرهم، كما انه لا يوجد لدينا أي نقطة في أي طريق واصفا ذلك بالخداع والتضليل كون المليشيات هي من تقطع الطرقات وتختطف الناس من الأسواق والأماكن العامة وخارج إطار الدستور والقانون، مؤكدا أن تفريط السلطة يأتي في دفعها لهؤلاء بممارسة ابتزاز الناس واعتقالهم حتى في نقاط الجيش. وتابع "إن هذه الدعوات تؤكد مدى الإفلاس لدى السلطة ولدى هؤلاء العناصر الذين لفظهم المجتمع منذ أن وقفوا مع "البشمرجة" لتنهب منازل المواطنين أمام مرأى ومسمع منهم مما جعل هؤلاء الذين حرصوا على مصالحهم يقفوا ضد أبنائهم وقبائلهم وضد المجتمع فكانت النتيجة أن أصبح هؤلاء خارج الساحة ولم يعد لهم أي تواجد فاعل في المجتمع . وقال الشامي إن السلطة تعالج المشكلة بمشكلة وتخلق لها المزيد من المشاكل والعقبات غير مستفيدة من تجارب كثيرة وسابقة حاولت من خلالها إنشاء ميليشيات عسكرية للاقتتال الداخلي لكنها سرعان ما تثبت فشلها وتنعكس آثارها سلبا على السلطة والمنطقة والمجتمع كون هؤلاء يجدون أنفسهم في الأخير أشبه بنازحين أو فارين خارج المنطقة . وأكد الشامي أن هناك الكثير من المشائخ البعض قاتل إلى صف السلطة لكنه بعدما وقفت الحرب احترم القرار وتوقف فعلا وهناك مشايخ آخرون لم يشاركوا مع السلطة من الأساس وهؤلاء جميعهم يتواجدون في وسط مجتمعاتهم وفي أماكن تواجدنا ولهم احترامهم وحضورهم ولا توجد أي مشكلة معهم، مؤكدا أنهم يواجهون أي اعتداء من أي طرف في وقته وحينه ولا يوجد هناك استهداف لأحد". من جهة أخرى لا تزال الدولة تدفع ثمن خطئها في إشراك القبائل حربها ضد الحوثيين، حيث تحولت تلك المجاميع القبلية إلى أعداء للدولة خاصة تلك التي لم تحصل على نصيبها من غنيمة الحرب. وفي هذا السياق قتل الأحد الماضي ثلاثة جنود وأصيب خمسة أشخاص بينهم جنديان خلال اشتباك بين مسلحين قبليين في نقطة تقطع قبلي وطقم عسكري يتبع اللواء المرابط في منطقة المطار مديرية العشة محافظة عمران. وقال موقع "الصحوة نت" إن مسلحين من قبائل "ذو خيران" قاموا بنصب نقطة تقطع قبلي في منطقة "الدرجة" في مديرية العشة مطالبين بمستحقات لهم لدى السلطات مقابل مشاركتهم إلى صف الدولة في حرب صعدة ، وأصيب احدهم بشلل نصفي خلال الحرب وتعرضت سيارته بعد ذلك للاحتجاز في العاصمة صنعاء ولا تزال إلى اليوم . وذكرت المعلومات إن طقما عسكريا حاول منعهم من إقامة التقطع ما أدى إلى نشوب الخلاف بين الطرفين وتطور إلى اشتباك أسفر عن مقتل ثلاثة من أفراد الطقم وأصيب خمسة آخرون بينهم جنديون و3 من المسلحين القبليين.