يحاول الحراك الجنوبي جاهداً لملمة صفوفه ، غير أن تعدد كياناته والسباق المتطلع نحو الزعامة يقفان أمام نجاح محاولات توحيده بل ويدفعان به نحو دوامة من الصراع الجنوبي- الجنوبي. مطلع الأسبوع الجاري جدد فصيل في الحراك دعوته إلى "إضراب شامل في كافة مناطق ومدن الجنوب في أول يوم اثنين من كل شهر ، غير إنه لم يتمكن من تنفيذ ما دعا إليه في أول اختبار لحضوره إلا في مناطق محددة من محافظتي لحج والضالع وقاطعته بقية المحافظات. وكان بيان صادر عن المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب (تيار النائب الأول صلاح الشنفرة): قال"لنجعل من يوم الاثنين إضراباً نموذجياً باعتبار هذه الفعالية هي الفعالية الأولى التي ندشن بها فعاليات العام الجديد 2011م ، ونجدد من خلالها العزم على التحرير والاستقلال واستعادة الدولة". في حين كان تيار آخر داخل مجلس الحراك قد دعا الشهر المنصرم إلى تعليق الإضراب بعد أن انقسم المجلس إلى ثلاثة تيارات يتزعم أحدها النائب الأول صلاح الشنفرة محتفظاً باسم المجلس فيما يتزعم النائب الثاني طارق الفضلي تيار (قوى الاستقلال), ويتزعم عدد من رؤساء فروع المجالس بالمحافظات التيار الثالث والذي يعتقد أنه مدعوم من الرئيس الجنوبي السابق"علي سالم البيض" المقيم في المنفى بحسب إشارات إعلامية من قيادات هذا التيار. وعلى ما يبدو فإن الفضلي سعى لإفشال دعوة تيار الشنفرة في أبين رداً على عدم تفاعل الأخير مع دعوة سابقة له في الإضراب . وكان طارق الفضلي أول من دعا لإضراب شامل في الجنوب في ديسمبر من العام 2009 لكن الإضراب نفذ فقط في زنجبار عاصمة محافظة أبين معقل "الفضلي" بعد أن أخفق في الحصول على تأييد قادة الحراك في باقي المحافظات الذين التقطوا الفكرة بعد نجاها في زنجبار ونفذوها في محافظاتهم. وحقق الإضراب نجاحاً جغرافياً واسعاً مطلع العام المنصرم شمل محافظات الجنوب السبع لكن تكراره أسبوعياً تسبب في تململ الناس وانحسار رقعته الجغرافية ما دفع بتيار النائب الأول في المجلس لجعله شهرياً فقط. وواصل الإضراب خلال العام المنصرم انحساره الجغرافي، حيث اقتصر نجاحه الشهر المنصرم على مديريات الضالع التي حقق فيها نسبة عالية, فيما نجح جزئياً فقط في مديريات ردفان بمحافظة لحج وفشل في بقية المناطق. ويقول ناشطون في الحراك الجنوبي إن الضرر من الإضراب بات أكثر من النفع المتحقق منه, مشيرين إلى خسائر مادية يتكبدها التجار الجنوبيون وأصحاب المحال الصغيرة والمتوسطة. ويعتقد التيار الرافض للإضراب أن تنفيذ هذه الوسيلة الاحتجاجية في المناطق المحاذية للشمال تحقق مكاسب تجارية واقتصادية للتجار في الأسواق الشمالية المتاخمة لبعض مدن الجنوب فيما تعود بالضرر على التجار الجنوبيين الذين يجبرون على إغلاق محالهم. ويسعى المتمسكون بالإضراب -رغم إخفاقهم في تمديد رقعته الجغرافية- إلى الوصول إلى عصيان مدني شامل كخطوة تسبق هدفاً معلناً في إسقاط المدن والمحافظات الجنوبية سلمياً وفرض الاستقلال عن الشمال كأمر واقع. غير أن قيادات الحراك في ست محافظات جنوبية كانوا قد دعوا في اجتماعهم الأخير بردفان إلى تعليق الإضراب لما له من تأثير على جماهير الحراك وعلى حركتهم التجارية. وعلى ما يبدو فإن انقسامات الحراك عادت بالفائدة على السلطة في تحجيم فعالياتهم وملاحقة ناشطيهم. ويقود فصيل من الحراك هجوماً ضد الحزب الاشتراكي اليمني وهو ما قد يؤدي إلى تصاعد التباينات في أوساط قيادات الحراك، خاصة أن بعضهم ممن ينتمون إلى عضوية الحزب. هذا الهجوم يقوده طارق الفضلي وعبدالرب النقيب ،حيث أكدا في بيان مشترك لهما وجود مشكلة مع ما وصفاها ب"العقلية المريضة" وقالا "حاولنا دائماً أن نكون مع كل انتماءات الحراك في صفٍ واحد يسعى للحرية وبناء دولة تقبل الكل وتحمل كل الأطياف، دولة لا تسعى لإعادة سلطنة أو مشيخة بل دولة نظام وقانون تحترم الكل وتقبل الكل لنواجه مشكلتنا مع مثل تلك العقلية المريضة. وأضاف البيان "لكننا فوجئنا -وبكل أسف- أن الماضي ما زال يلاحقنا وشبحه يتجه ضد نضالنا فأينما اتجهنا نجد الحزب الاشتراكي اليمني يترصد بقوة لكل توحد نضالي أو جمع يدفع بالنضال إلى رص الصفوف وذلك من خلال بعض العناصر التي تنتمي للحزب وتنتمي للحراك معاً". ويعد هذا الهجوم من الفضلي والنقيب هو الأول من نوعه بهذه اللهجة الحادة، حيث أشار البيان إلى وجود "تجاوزات على الساحة الجنوبية تريد القضاء على هذه الثورة الفتية" معيداً هذه التجاوزات إلى "الحزب الاشتراكي اليمني وبعض عناصره الذين ينتمون للحراك وللحزب معاً". واعتبر البيان أن "هذا التوضيح هو البداية الحقيقية لتصحيح مسار الثورة ودفعها إلى الأمام وهو الأمل الذي يجب أن يتمسك به أبناء الجنوب العربي لاستعادة الهوية والأرض وبناء دولة ديمقراطية". وأضاف "لابد أن نوضح لكم أننا لن نسمح بأية تجاوزات تجهض هذه الثورة أو تحولها عن أهدافها". وتابع "لابد من تصحيح مسار الثورة على أساس الصدق والوضوح من كل رفاق النضال، فنحن لسنا مستعدين أن نغدر بأحد أو يغدر بنا أحد". واتهم البيان الحزب الاشتراكي اليمني وأتباعه في الحراك الجنوبي بالوقوف خلف ما وصفها ب"انقلابات" قال إنها طالت المجلس الوطني وقيادة (حسم). وأضاف "ننادي إخواننا في نجاح بكل صدق وحزن ونقول لهم لقد آن الأوان أن تكونوا صادقين معنا ومع الشعب. وكان اجتماع احتضنه ديوان الشيخ طارق الفضلي في التاسع من مايو أيار 2009 قد خرج بإعلان ما سمي حينها بمجلس قيادة الثورة السلمية المؤقت والذي قال بيان صادر عن مؤسسيه إنه تشكل بعد دمج أربع فصائل بينها حركة نجاح والمجلس الوطني اللذان أشار إليهما البيان الأخير للفضلي والنقيب. وقالا "إن بعض عناصر الحراك الذين ينتمون للحزب الاشتراكي اليمني كانوا وما زالوا مصدر مشكلة تعرقل أي اتفاق أو أي رص للصفوف وهو ما يجعلنا نقول لكم إن الانقلابات التي حدثت في الداخل على المجلس الوطني بالأمس وعلى القيادة التي وحدت الحراك تحت مسمى (حسم) وعلى اجتماعات يافع الأخيرة هي مرحلة منظمة من قبل الحزب الاشتراكي اليمني وأتباعه في الحراك، المراد منها جر الحراك إلى الفيدرالية أو النزاع الداخلي. وأجرى الفضلي -حسب ماقال إنه تفويض ممنوح له- تعديلات موسعة في مجلس الثورة المؤقت في نوفمبر من العام المنصرم شملت التعديلات تغيير الاسم إلى مجلس الحراك السلمي ويعرف اختصاراً ب(حسم)، لكن الفضلي أخفق في الحصول على إجماع حول التعديلات التي قيل حينها إن قيادات اشتراكية وقفت ضدها بدعم من قيادات جنوبية رفيعة في الخارج. وخير البيان من يجمعون بين انتمائهم للحراك وعضوية الحزب الاشتراكي بترك إحداها " الذي يريد أن يكون مع الحزب الاشتراكي عليه أن يكون وبكل شجاعة أدبية معه نقول ذلك لأننا نرى بعض عناصر الحزب الاشتراكي اليمني المنتمين للحراك في الداخل والخارج يتعلقون بالقضية الجنوبية لكن وجهتهم الحقيقية وجهة الحزب الاشتراكي اليمني وأحزاب اللقاء المشترك". وفي اتجاه آخر عقد مجلس الحراك السلمي لتحرير الجنوب فرع محافظة شبوة لقاء السبت الفائت برئاسة الشيخ حسن محمد بنان رئيس المجلس بالمحافظة نائب رئيس المجلس الأعلى وبحضور عدد من نشطاء الحراك بالمحافظة من مختلف المديريات، وأكد اللقاء على ضرورة تجسيد مبدأ التصالح والتسامح لتعزيز اللحمة الجنوبية الجنوبية و مواصلة النضال السلمي بجميع مديريات محافظة شبوة حتى الاستقلال والتحرير واستعادة دولة الجنوب مع الاحتفاظ بحق الدفاع المشروع عن النفس. كما شدد اللقاء على "ضرورة النزول الميداني لجميع مديرات المحافظة لإفشال ما يخطط له نظام صنعاء من إجراء أي انتخابات في الجنوب .