يتجه الحراك الجنوبي نحو مزيد من التشظى، خاصة في ظل عدم توصل تكويناته المتعددة إلى اتفاق حول طريقة معينة للتوحد ، فضلاً عن تفرد حضرموت بموقف خاص عن بقية المحافظات الجنوبية في أنشطتها الاحتجاجية. التفويض الذي حصل عليه حسن باعوم لتوحيد كيانات الحراك بدا وكأنه لم يكن ، فبعد أن أصدر أولى قراراته تفاجأ باصطدامها بالرفض، رغم أنها ليست ذا قيمة لنشاطهم وهو ما يؤكد الانقسام الحاد ويوسع مساحة الخلافات داخل أطر الحراك. لقد رفضت مجالس الحراك الجنوبي في محافظة لحج (الحوطة – تبن – طور الباحة - المسيمير – كرش- العارة والمضاربة) دعوة باعوم بالاستقالة من العضوية الحزبية. وكان القيادي في الحراك الجنوبي, ورئيس ما يسمى ب"المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحريرالجنوب" حسن باعوم قد أعلن في بيان له في ال10 من الشهر الجاري, عن تقديم استقالته من الحزب الاشتراكي اليمني, داعيا "جميع قيادات وكوادر وأعضاء المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب في القيادة والقاعدة ممن يحملون العضوية الحزبية أن يقدموا استقالاتهم من أحزابهم المنتمين إليها خلال فترة أقصاها شهر من تاريخ دعوته" مشيرا إلى أن "هذا قرار ملزم لكل منتسبي المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب". وفي أول رد فعل على دعوة باعوم قالت مجالس الحراك الجنوبي في محافظة لحج في بيان لها"إن بيان باعوم يفرق ولا يوحد ويشتت ولا يجمع الحراك الجنوبي وهذا هو ما سعت له السلطة من زمان". وقالت: "نشك أن هذا البيان من صنع الزعيم المناضل حسن أحمد باعوم أحد رجالات ثورة 14 أكتوبر المجيدة, وصاحب الرصيد النضالي الكبير, أن يكون معول هدم". وأضافت "من هنا فإننا نعبر عن رفضنا لما جاء به البيان, إذ ينبغي الوقوف أمامه من قبل جميع قيادات الحراك الجنوبي (قيادة المجلس الأعلى للحراك, ورؤساء مجالس المحافظات ونوابهم, ورؤساء المناطق ورؤساء المديريات) لمناقشة ما ورد في البيان وتنقيح ما يحتويه من تناقضات, ومنها تقديم استقالات من الأحزاب التي تتناقض مع مشروع البرنامج الذي يؤكد على مسألة التعددية الحزبية والديمقراطية وكذلك اقتراح عدد من الهيئات التي لا أهمية لها وتحديد مرجعية من قوى وفئات محددة واستثناء قوى وفئات أخرى. وطالبت قيادات المجلس الأعلى للحراك ورؤساء المحافظات ونوابهم بتحمل مسئوليتهم "ولا تترك المناضل حسن باعوم فريسة لقوى تسعى إلى تفكيك الحراك". وجاءت استقالة باعوم من الحزب الاشتراكي اليمني ضمن قرارات اتخذها للفصل في آراء متباينة ظهرت داخل المجلس الأعلى للحراك أواخر نوفمبر المنصرم بسبب وثائق للمجلس قسمته إلى ثلاثة تيارات تتنازع شرعيته. وتضمن البيان 10 قرارات للفصل في القضايا التي سببت انقسام قيادات الحراك وأثارت لغطا كبيرا داخل المجلس وخارجه ، حيث أقر ما تم إنزاله من مشروعي البرنامج السياسي وميثاق الشرف اللذين أقرتهما لجنة صياغة الوثائق المكلفة من قبل المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب في اجتماعه المنعقد في الأول من نوفمبر 2009م في ردفان. وأكد على توسعة المجلس الأعلى بتمثيل متوازن لمحافظات الجنوب, والبحث في إيجاد مقر قيادة مؤقتة للحراك خلال شهر من صدور هذا البيان. وفصل باعوم في مسألة شائكة أثارت جدلاً واسعاً في أوساط الحراك الجنوبي داخل مجلس الحراك وخارجه تتعلق بالعضوية في الأحزاب, حيث أقر في بيانه "عدم الازدواجية الحزبية والسياسية" وأضاف "على جميع قيادات وكوادر وأعضاء المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب في القيادة والقاعدة ممن يحملون العضوية الحزبية أن يقدموا استقالاتهم من أحزابهم المنتمين إليها ". ودعا البيان "أبناء كل محافظات الجنوب للتعبير عن تأييدهم لقرارات رئيس المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب خلال الفعاليات والمهرجانات القادمة". وعلى عكس ما كان يؤمل من أن تؤدي قرارات باعوم إلى توحيد كيانات الحراك فقد زادت من انقساماتها، حيث تباينت الآراء حولها بين مؤيد ورافض. وكانت القيادات العليا للحراك الجنوبي السلمي من كافة فصائله بالمحافظات الجنوبية أنهت الجمعة قبل الماضية سلسلة اجتماعات ولقاءات استضافتها لبعوس بيافع محافظة لحججنوباليمن، هدفها حلحلة الخلافات والتباينات بين القادة على طريق التوحيد. وخلصت تلك اللقاءات إلى تفويض باعوم بحسم كافة القضايا والمسائل العالقة التي كانت أثارت خلافات واضحة بين قادة الحراك الجنوبي، خصوصاً بعد لقاء يافع الذي عقد الشهر الفائت وكان له الأثر البالغ على انشقاق الحراك. وكرد فعل آخر على دعوة باعوم للاستقالة من الأحزاب ، عقدت ندوة بمقر منظمة الحزب الاشتراكي في محافظة عدن تحت شعار "تعزيز قيم التصالح والتسامح " ودعت مكونات الحراك السلمي الجنوبي إلى نبذ الفرقة والاختلافات والجلوس إلى طاولة حوار واحدة. وأكد البيان الصادر عن المشاركين في الندوة على ضرورة العمل صفاً واحداً لتحقيق الهدف الذي يتطلع إليه الجميع والعمل الجاد على تعزيز تلك القيم الأصيلة التي كانت الانطلاقة الفعلية للحراك السلمي الجنوبي. خارجياً استغلت المعارضة الجنوبية زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لتوجه لها رسالة تطالبها بالضغط على الرئيس على عبدالله صالح للاعتراف بالقضية الجنوبية والدخول في مفاوضات سياسية فورية مع الحراك تحت رعاية إقليمية ودولية. وقال المعارضون اليمنيون في رسالتهم لوزيرة الخارجية الأمريكية عقب زيارتها لليمن الأسبوع الفائت "إننا نؤمن بأن اعتراف نظام الرئيس علي عبد الله صالح بالقضية الجنوبية وقبوله بإجراء مفاوضات سياسية فورية مع قادة الحراك السلمي الجنوبي، تحت رعاية إقليمية ودولية، سيكون خطوة أساسية لابد من تحقيقها أولا حتى يمكن الاتجاه لمعالجة المسائل الخطيرة الأخرى". وقالت الشخصيات الجنوبية المعارضة في الخارج– على رأسها المهندس حيدر العطاس "إن من المهم إدراك مدى ما يواجهه وما يتعرض له أبناء المحافظات الجنوبية من إجراءات تهميش وتمييز منهجية ومن إجراءات قمعية وحشية منذ شن نظام الرئيس علي عبد الله صالح الحرب الشاملة عام 1994 والتي استهدفت اجتياح الجنوب والسيطرة عليه وعلى موارده، وهي الحرب التي أنهت الوحدة السلمية". وأضافت الرسالة "إن من المهم الإشارة إلى أن كافة الوقائع تشير إلى أن التعديلات الدستورية وكذا الانتخابات البرلمانية المقررة في ابريل تم وضعها لتلبي ولتحقق هدفا واحدا هو تمكين الرئيس من الاستمرار في تسيّد المشهد السياسي ومن أجل دوام سيطرته واستئثاره بالسلطة، وإننا نؤمن أن هذه الترتيبات لن تؤدي إلا إلى تعميق الأزمة بما ينذر بعواقب خطيرة". ووقع الرسالة إضافة إلى العطاس، عبد الله عبد المجيد الأصنج ومحمد علي أحمد ومحمد أبوبكر بن عجرومة وصالح عبيد أحمد وسليمان ناصر مسعود وعبد الرب علي محمد مصطفى ومحمد عبد الرحمن العبادي وعبد الله محمد باعبّاد. وعلى صعيد التوتر المتصاعد بين قوات الأمن والجيش من جهة والمسلحين من جهة أخرى في المحافظات الجنوبية أصيب مطلع الأسبوع الجاري أربعة مدنيين إثر قصف الجيش لمناطق الملاح والحبيلين. وقالت مصادر طبية بردفان إن كلاً من "سعيد أسعد الوحدي" - 60 عاماً – و"محمد مهدي حسن" - 40 عاماً - أصيبوا إثر قصف الجيش لمواقع المسلحين والقرى المحيطة بتلك المواقع في منطقتي البويبين والرويد بالملاح، كما أصيب أحد المارة وهو عارف قاسم عبدالقوي 35 عاماً بشظية في الفخذ. حيث قام الجيش بقصف مكثف لمواقع المسلحين وقرى الرويد والسوداء القريبة من المنطقة وقد شوهدت طلقات من المدفعية والدوشكا تسقط في قرى الرويد والسوداء فيما سقطت طلقات أخرى في الجبال المحيطة تقدم خلالها الجيش إلى منطقة البويبين وقرب منطقة الرويد فيما انسحب المسلحون إلى منطقة الرويد التي شهدت نزوحاً شبه كامل للأهالي باتجاه القرى الأكثر أمناً في المنطقة وسط خوف ورعب شديدين بين الأطفال والنساء. وأفادت مصادر خاصة أن الجيش اكتفى بالتمركز في منطقة البويبين مساء السبت الماضي بعد انسحاب المسلحين منها. وفي مدينة الحبيلين قام القطاع العسكري المرابط شرق وغرب المدينة بقصف المدينة وسط رد بسيط من بعض المسلحين بالأسلحة الخفيفة وأصيب على إثر ذلك أحد المارة وهو محمد صالح محمد عوض 20 عاماً بطلق في الرأس وحالته خطيرة حيث تم نقله إلى مستشفى ردفان ثم إلى عدن فيما تضررت عدد من المنازل في المدينة وكذا تضرر سد سبأ التاريخي بطلقة مدفعية، كما قصف الجيش باتجاه قرية الجدعاء. وفيما تمكن الجيش من السيطرة على الحبيلين بعد مواجهات عنيفة مع المسلحين ،ذكرت المعلومات أن المدينة باتت خالية من السكان وأن عشرات الأسر نزحت من المدينة خلال الاشتباكات إلى القرى المجاورة وأماكن أخرى تحسباً لعملية الاقتحام التي كان يحاول الجيش القيام بها منذ الأسبوع الفائت. تأتي هذه الأحداث في الوقت الذي لازالت فيه خدمات الهاتف الثابت والمحمول متوقفة عن مناطق مديريات ردفان منذ أكثر من عشرة أيام، كما تم قطع خدمات المياه عن مدينة الحبيلين وضواحيها مع وجود أنباء عن قطع التيار الكهربائي عن المنطقة محافظة الضالع هي الأخرى امتدت إليها المواجهات بعد أيام من الهدوء النسبي وذكرت المصادر أن اشتباكات اندلعت في اتجاهات مختلفة من ضواحي المدينة - لم تعرف مصادرها - ما تزال مستمرة. ويشتكي عدد من سكان قرى ومديريات في الضالع من تعرض قراهم ومساكنهم لإطلاق نار متكرر من قبل مواقع ونقاط عسكرية مستحدثة. وفي مدينة المكلا اندلعت مواجهات بين أنصار ما تعرف بالحركة الشبابية الجنوبية ورجال من الأمن. و بحسب المصادر فإن المواجهات اندلعت بعد تشييع مسعدة بامقطوف التي قتلت دهسا تحت طقم في المكلا في مظاهرة نسوية الجمعة الفائتة والتي اعتقلت قوات الأمن خلالها ثلاثة عشر ناشطا على الأقل من الحراك الجنوبي، منهم القيادي عبد المجيد سعيد وحدين رئيس مجلس الحراك السلمي بمحافظة حضرموت، ووجهت له تهمة التحريض على الاضطرابات. وذكرت المصادر أن المواجهات أسفرت عن إصابة ثلاثة من أفراد الحركة بينهم ناشطة في الحراك الجنوبي