لا يزال التوتر في مديرية دماج بصعدة بين الحوثيين والسلفيين آخذاً في التصاعد خاصة في ظل استمرار التحريض بين الطرفين ودخول متحمسين جدد للمواجهات وإقرار السلفيين في مؤتمرهم الدعوة لحماية اهل السنة وهو ما يثير القلق من نشوب حرب مذهبية وطائفية في البلاد. وساطات عدة قبلية وحقوقية بذلت مساعي لتهدئة الأوضاع لكن التحريض والتضخيم الإعلامي عمل ولا يزال يعمل على تفتيت هذه الجهود. وعلى مدى الأسابيع الماضية لم يلتق إعلام حزب الإصلاح مع السلطة إلا في شن حملة مناصرة للسلفيين ضد الحوثيين وهو ما يثير التساؤل حول هذا التداخل في ظل حكومة الائتلاف . وفي ظل هذا التصعيد اتهمت وزارة الداخلية الحوثيين بالتخطيط للتوسع إلى محافظة المحويت.وقالت عبر موقع الداخلية الاخباري إنها رصدت اتصالات وتنسيق ضالعي بها عدد من الشخصيات القبلية في المحويت لاستقدام عناصر حوثية مسلحة عن طريق منطقة الكدن بمحافظة الحديدة لتقوم بالتمركز والتواجد على جبل ملحان الذي يمتد من سواحل تهامة حتى منطقة حفاش بمديرية الخبت. وسارع المكتب الإعلامي للحوثي لابداء استغرابه ما نشر في بيان الداخلية حول مزاعم كاذبة تدعي ما أسماها نوايا التمدد العسكري إلى (محافظة المحويت) .. وقال "نعتبر هذا يأتي ضمن الحملة الإعلامية التي تثار ضدنا لتمرير مشروع يحاول إيجاد مبررات وذرائع لاستهداف تواجدنا الطبيعي تحت مظلة هذه الأكاذيب الواهية ". وأضاف" إن هذا التضليل الإعلامي هدفه تغطية استهدافنا في كل مكان كشرعية للعدوان علينا وبصورة شاملة ". وفيما يتعلق بأحداث صعدة قال بيان للحوثي إن مجاميع من المرتزقة وتجار الحروب والمحششين في (مديرية كتاف - منطقة القطعة) تواصل عدوانها على المنطقة مدعومة من جهات خارجية وداخلية معروفة ضمن المؤامرة الأمريكية لمواجهة الثورة الشعبية. وكانت لجنة من منظمات المجتمع المدني وحقوقيين وكتاب وصحفيين زاروا المنطقة للاطلاع على حقيقة ما يجري وتقييم الأوضاع في دماج.. وبحسب اللجنة فقد عملت وفق منهجية المقابلات والزيارات الميدانية والملاحظة، مع طرفي النزاع والسلطة المحلية. استهلت اللجنة تقريرها بالاشارة إلى التركيبة الديموغرافية للسكان في صعدة ذات المذهب الزيدي الشيعي ويتعايش إلى جانبهم جماعات من أبناء صعدة في منطقة دماج يتبعون المذهب السني، ويوجد في دماج مركز تعليمي للعلوم الشرعية وفقا للمنهج السلفي، والمنتظم للدراسة فيه عدد من أبناء المنطقة وطلاب يمنيون من مختلف محافظات الجمهورية علاوة على دارسين من جنسيات مختلفة ( بحدود 120 جنسية حسب إفادة أحد السلفيين). وعن بداية النزاع بين الحوثيين والسلفيين في دماج قالت اللجنة في تقريرها إن واقعة اعتداء السلفيين، على "فتى" عمره ما بين 14 إلى 18 عاما ، ينتمي للحوثيين،شكلت السبب المباشر الذي اندلعت على اثره المواجهات المسلحة بين الطرفين ( مع عدم إغفال الخلفية السياسية والمذهبية المتوترة بين طرفي النزاع خلال الفترة السابقة، وتحديدا مع الحرب الخامسة بين الحوثيين والقوات الحكومية،والتي أشار لها الطرفان). بعد واقعة الاعتداء شعر السلفيون بخطورة الحادثة، وقاموا بتحكيم المحافظ، والذي قال إن المحافظة والسلطة المحلية كانوا مقصرين في التجاوب مع الحادثة بشكل سريع، في ظل مطالب مقابلة من الحوثيين أيضا للتحرك. أعقبه تمترس من الطرفين في كل من جبل البراقة المطل على منطقة دماج ومعهد دار الحديث،ولحقه اندلاع المواجهات المسلحة بين طرفي النزاع، والذي ظهر فيه الحوثيون مهاجمين والسلفيون مدافعين عن موقع جبل البراقة، حيث كان جبل البراقة موقعا خاليا من أي إستحداثات مسلحة سابقا. وقد دفع هذا الأمر انتشار مسلح من طرفي النزاع حيث سيطر السلفيون على معظم جبل البراقة، والذي أصبح مركزاً رئيسياً للمواجهات المسلحة،وفيما تواجد الحوثيون على طرفه بالإضافة إلى نقطة الخانق( التي بجوارها مدرسة يمترس فيها الحوثيون)، وهو المدخل الرئيسي لمنطقة دماج. مع سيطرة للحوثيين على غالبية المناطق والجبال المحيطة بدماج ( يشير لها السلفيون ب الصمعات، العقر، قاهر الذيب، الأحراش، المشرحة). ويشير الحوثيون إلى وجود سيطرة سلفيين في ( النقوع– القصبة- جبل البراقة، جبل المدور، قرية في جنوب البراقة، مدرسة الشهيد علي ناجي، والتي لاحظت اللجنة في هذه المدرسة تمترس مسلحين سلفيين داخلها). ولاحظت اللجنة آثار النزاع المسلح بين الطرفين من خلال المشاهد التالية: أولا: منطقة دماج -وجود حالة إنسانية في قرية ومركز دار الحديث في دماج، تمثلت في نقص المواد الغذائية الأساسية، نتيجة حصار مفروض على المنطقة، تمثل في خلو المتاجر التي شاهدتها اللجنة من المواد الغذائية التي مكنا من زيارتها، علاوة على نقص بالأدوية، وأشار من ألتقت بهم اللجنة إلى نقص في إمدادات المحروقات ايضا. -شاهدت اللجنة في جامع معهد دماج جرحى من السلفيين عددهم 27 جريحاً، متفاوتي الإصابة، بعضهم أفاد بإصابته أثناء المشاركة الإشتباكات في جبل البراقة، والبعض الآخر أفاد بإصابته في القرية ( بينهم جرحى من جنسيات أجنبية)، وقد لاحظت اللجنة أن المركز الصحي مغلق ( لا توجد مفاتيح لمشاهدته من الداخل)، ويتم علاج الجرحى في جامع دار الحديث. كما أفاد السلفيون عن 32 قتيلا بينهم امرأة واحدة ( شاهدت اللجنة مقبرة لعدد 19 قبرا، قال السلفيون إن بعضها يضم جثامين لقتيلين). -شاهدت اللجنة مسلحين سلفيين أثناء تجوال اللجنة في دماج. -شاهدت اللجنة متاريس وخنادق دفاعية يشير السلفيون إلى استخدامها في الدفاع والتنقل داخل القرية. -شاهدت اللجة آثاراً مختلفة لقذائف لم تتمكن اللجنة من تحديدها، من بينها لقذائف على كل من : أحد أركان المركز الصحي العلوي في دماج، وسكن الطلاب، وأحد المنازل. كما شاهدت اللجنة آثاراً متفرقة لطلقات نارية مختلفة الأعيرة في كل من: الجامع، السوق، جدران بعض المنازل. -أفاد أحد من قابلتهم اللجنة في دماج إلى وجود 3 جثث لقتلى حوثيين، منذ ايام، في طرف جبل البراقة وبالقرب من موقع الحوثيين لم يتمكن الحوثيون من إنتشالها ( طلب أحد السلفيين من اللجنة إبلاغ الحوثيين والمساعدة في انتشالها). -أثناء مغادرة اللجنة دماج سمعت جزءاً من خطبة الجمعة وكان يدعو الخطيب فيها إلى جهاد الروافض، وكانت اللجنة قد سمعت أصواتاً لأناشيد حماسية قال السلفيون إنها للحوثيين وتبث من جبل البراقة. في اشتباكات دماج، عرضت بعض صور منهم على أعضاء اللجنة. ثانيا: الحوثيون -لاحظت اللجنة سيطرة الحوثيين على معظم المناطق التي زارتها اللجنة في صعدة أمنيا، مع تواجد ملحوظ للأمن المركزي والجيش، يؤمنون منشآت ومناطق مختلفة، بالتنسيق مع الحوثيين. -قامت اللجنة بزيارة مستشفى الطلح الريفي حيث شاهدت عدد 29 جريحا( افاد مدير المستشفى بمغادرة 5 آخرين) مصابين بإصابات متفاوتة، نتيجة لاشتباكات دماج. كما أفاد الحوثيون بسقوط 11 منهم - التقت اللجنة في 1 ديسمبر، بعضو المكتب السياسي لحركة الحوثيين (ابو مالك الفيشي)، وأطلعته على الوضع الإنساني في دماج، وطلبت اللجنة العمل على فك الحصار فورا عن دماج، والسماح بخروج الجرحى وإسعافهم. وقد تم إخلاء 8 جرحى في نفس اليوم، الساعة 8 ليلا، من قبل الصليب الأحمر، بسيارة إسعاف تابعة لوزارة الصحة، ووعد بتدارس أمر فك الحصار، وقد طرح "أبو مالك" مجموعة من الملاحظات المقابلة لما طرحته اللجنة، تناولت : إنصاف المعتدى عليه، ووقف العدوان والتحريض والفتوى بالقتل في جميع الاتجاهات، إنهاء الوجود العسكري والعودة إلى الوضع المدني، وأن يكون السلفيون في حماية السلطة أسوة ببقية ابناء المحافظة. -صدر بيان المكتب السياسي للحوثيين يستجيب لطلب اللجنة بفك الحصار في 3 ديسمبر. واعتبر تقرير اللجنة النزاع أهلياً، طائفياً وسياسياً، بين جماعتين مسلحتين، الحق ضررا بالسكان المحليين المدنيين في منطقة دماج، وبقية أطراف الصراع، وترتب عليه انتهاكات متعددة لقواعد القانون الدولي المنظمة للنزاعات المسلحة، واتفاقية جنيف، من قبل الطرفين. وضمنت اللجنة تقريرها عدداً من الاستنتاجات أهمها: - وضع إنساني ناجم عن الصراع المسلح بين الطرفين، والحصار الذي فرضه الحوثيون، وخاصة في نقطة الخانق التي يسيطر عليها الحوثيون، وانتهاكات لحقوق الإنسان يتحمل مسؤوليتها الطرفان . - مقدار هائل من التضخيم وأشكال مختلفة من التحريض الإعلامي من وسائل إعلامية محلية وخارجية، على غير حقيقة الوضع في دماج، تقود إلى مفاقمته، وتحقيق مصالح غير منظورة لجهات غير معروفة، وستقود إلى تعزيز الانقسامات الوطنية وتمزيق النسيج الاجتماعي. - ملاحظة اللجنة لخطاب تحريض وكراهية وتكفير يمارسه السلفيون يؤدي إلى التوتر، ويقابله إحساس بالخوف والقلق من قبل جماعة السلفيين، نتيجة سيطرة الحوثيين في محافظة صعدة، وخشية من هيمنة تجاههم، ولاحظت اللجنة عدم تناظر في القوة المسلحة، ويميل لصالح الحوثيين، الأمر الذي يرتب عليه مسؤوليات أعلى تجاه التبعات الإنسانية للصراع. -وشددت اللجنة على حكومة الوفاق الوطني أن تضع النزاع في دماج، وكافة النزاعات في البلد، ضمن أولوياتها وعلى وجه السرعة تلافيا لتوسع رقعة النزاعات وأخذها بعدا أكبر.