المواجهات التي اندلعت بين قبيلة همدان التي يقودها الشيخ عبدالله العراقي وقبيلة الشولان ذو حسين التي يقودها أمين العكيمي يوم الخميس المنصرم الموافق 20/1/2011م والتي أسفرت عن عدد أربعة جرحى من كلا الطرفين لا تعتبر خلافاً تم نشوبه فجأة لسبب ما. وإنما تلك المواجهات هي سلسلة لحروب متعددة تفوق خمسين معركة وعشرات الكمائن التي تستهدف بعضهم البعض منذ أكثر من ثلاثين عاما ذاق فيها الطرفان من القبيلتين المتنازعتين وحشية العنف والقسوة ومرارة الحزن على طابور طويل من القتلى فقدوا حياتهم وهم في عز الشباب بل إن ذلك الصراع فرض العزلة على المحافظة برمتها وأصبح الشماعة التي يعلق المسئولون الناهبون عليها إخفاقاتهم وعدم النهوض بالمنطقة جراء التركيبة الجغرافية التي حددت حينها قرية الحزم عاصمة للمحافظة. اليوم وقود المعارك ورجال القتال هم شباب ولدوا بعد تاريخ نشوب النزاع بين القبيلتين المتصاهرتين وخلال جيل من الزمان مر تربوا وترعرعوا على استباحة دمائهم حيث كل فرد من أفراد القبيلتين المتناحرتين يتربص بالآخر ويتسلل من أجل قتل شخص لا يعرفه من قبل ولم يلحق به أي أذى سوى أنه من القبيلة المعادية وسبب العداوة بئر ماء لعينة كانت الأجيال السابقة من الطرفين تشرب منها. وأوضحت المصادر من الجوف أن الصراع بين القبيلتين صراع ممول منذ بداية نشوبه، فقبيلة الشولان كانت تعمل لصالح السعودية حتى تعرقل شق الطريق الرئيس إلى الجوف تلبية لرغبة السعودية والتي ما زالت تلك الرغبة إلى اليوم بينما همدان كانت منحازة لصالح شق الطريق وتم اختيار عاصمة المحافظة أن تكون في قرية الحزم التي تقع في أراضي همدان لأن لواء العروبة العسكري رابط فيها ولهذا أهلت باقي المناطق التابعة للقبائل الأخرى التي تنحدر من ذو حسين التي تنحدر منها قبيلة الشولان وبحكم الرقعة الجغرافية التي تضع همدان بداية أرضي الجوف أهملت عمق الأراضي الأخرى وفي ذلك الزمن في الثمانينيات استحوذت همدان على الوظيفة العامة والامتيازات مما سبب حقدا عليها بعض الشيء ورغم ذلك الصراع الفظيع ما زال الخط الأسفلتي لم يكتمل حيث تم إيصاله إلى أطراف عاصمة المحافظة وتوقف شقه منذ عشرين عاما، فهناك جهات مسئولة عليا عملت على تعطيله ورغم الدماء التي سفكت بين طرفي القبيلتين لم ينل رجال القبيلتين سوى ذلك الإرث الثأري الذي يتأجج بين القبيلتين الذي لم يفرز سوى أطفال فقدوا آباءهم جراء نزاع لا يعرفون أسبابه ودوافعه وحكمه أخلاقيا وإنسانيا ودينيا فكبروا على تمجيد القتل وسفك الدم واحتضان البندقية أكثر من الحبيبة والولد. أما الشيوخ المتصاهرين والذين تنكروا للنسب وأترفوا بالأموال التي لا يتذوقون حلاوتها وإنما العناد وبريق الجاه تمكن منهم فأصبحوا في غيهم يعمهون وهم لا يعلمون أي منقلب سينقلبون وأوضحت المصادر أنه رغم وجود شيوخ مقربين من الشيخ الزنداني وآخرين من حزب الإصلاح ذات التوجه الديني ويدركون ماذا يعني سفك دماء المسلمين ولكن لم تظهر منهم مساع للصلح وإعلان التسامح والسعي من أجل أن يتعانق أبناء القبيلتين والعيون تذرف دموع الأسف على ما فرطوا في جنب الله ولكن أولئك المتدينين لا هم لهم سوى الاهتمام بكيفية تقصير الثوب ولبس السروال إلى تحت الركبة والدعوة إلى اعتناق السلفية الوهابية القادمة من نجد وإن كان هناك بعض من المشائخ يتحركون نادرا للصلح الذي تبطله التوجيهات القادمة من خلف الحدود المتلازمة مع رنين الدرهم فينحاز الجميع لذلك الرنين حتى الجهات المسئولة من سلطة محلية وغيرها من الأجهزة فهي تخوض مع الخائضين. وقد كانت الاشتباكات بدأت مساء الثلاثاء قبل المنصرم حين قامت مجاميع مسلحة تابعة لقبائل همدان بمهاجمة موقع للخدمات النفطية تابع لإحدى الشركات الأجنبية وتديره شركة من الباطن شركة يمنية تدعى (مهيان). وأوضحت المصادر أن قبيلة الشولان التابعة لذو حسين وقبيلة بني نوف تقومان بحماية موقع الشركة القائم في أرضها، موضحة أن قبائل همدان هاجمت ذلك الموقع الذي تحرسه قبيلة الشولان وبني نوف فيما تدخلت قبائل أخرى للوساطة وفض الاشتباك بين المتقاتلين. وقالت مصادر من محافظة الجوف أنه سيبقى حال الجوف مضطرباً قبليا ما لم تحل مشكلة سلسلة الحروب التي تندلع بين همدان والشولان بين كل فترة وأخرى على مدى ثلاثين عاما حيث تعتبر عملية الصلح بينهما قضاء على 60% من الصراعات القبلية في الجوف والتي لا يمكن تحقيق أي تنمية في المحافظة ما لم يتم حلها.