الثورة لا تعني السلطة ولا تعني الأغلبية ضد الأقلية ولا تعني الصراع ولا تعني الحروب فالمفهوم السياسي للثورة هو رفض الاستبداد والظلم وإقامة العدل وترسيخ حقيقة المساواة ومنع أي خط أو قناة تسمح بالمساس بمبدأ المساواة بمعناه العام فالثورة بمفهومها العام تعني استئصال الفساد باستئصال أسبابه وأدواته وهم المفسدون. وحين الثورة تعلن عن نفسها في بلد جمهوري فتكون تلك الثورة أكثر شرعية من النظام الذي تنكر للجمهورية مثل ما هو حاصل في بلادنا فالجمهورية حسب فلسفة أفلاطون هي جمهور يتكون من عدة طوائف وقبائل وأعراق مختلفة ونتج عقد بين الحاكم والمحكوم يحدد صلاحيات السلطة بأقسامها في نصوص الدستور والقانون باعتبارها خادمة للجمهور وليس سيداً عليه ولا مستبداً به والديمقراطية لا تبتعد عن الجمهورية وتصب في ذات المفهوم مع إضافة معايير الانتخابات والاختيار للسلطة بالأغلبية بتكليف من اختارته لتطبيق الدستور والقانون حماية للأمة بجميع طوائفها ولكل فئاتها وأن لا تطبق هوى الأغلبية أو من اختارته الأغلبية على فرض سلامة هذا الاختيار من أي مطاعن وقد اندلعت ثورة الشباب في اليمن في ظل مشروعية دستورية قوية بعد أن انغمس النظام في الفساد بصورة تسقط مشروعية وكذلك تخرس كل الأصوات التي تنادي له أو تدافع عنه ليس من جانب ممارسة الفساد ولكن أيضا من خلال من تم تصعيدهم للمناصب والذين كان أغلبهم من أرذل القوم إخلاصا لمفهوم الجمهورية والديمقراطية مما أكسب صوت ثورة الشباب نبرة قوية عند بداية اندلاعها أجبرت العديد من القوى السياسية والقبلية والعسكرية أن تؤيدها ضمنيا وليس رسميا في بداية الأمر حتى تضغط على الحاكم الذي كان قد اتخذ قرارا بتحييد كل من يخالفه والذهاب إلى الانتخابات منفردا وكون لجنة عليا للانتخابات ورغم غليان الثورة الشبابية التي كانت تواجه القمع إلا أن أحزاب اللقاء المشترك كانت تعتبر الثورة الشبابية مجرد احتجاجات على تردي الوضع الاقتصادي وهذا ما أوضحه المسئول الإعلامي لحزب الإصلاح عندما قامت السلطة باعتقال الناشطة توكل كرمان حينها أوضح المسئول الإعلامي (العزب) أن المطالبة بإسقاط النظام هي احتجاج على البطالة والتوزيع غير العادل للوظيفة وغيرها وقد قوبل ذلك التصريح باستياء بالغ من الشباب الثوار الذين استمروا بالتصعيد حتى تمكنوا من تحديد مكان اعتصامهم في العاصمة صنعاء بعد أن سبقهم العديد من الشباب في المحافظات الأخرى في تحديد أماكن اعتصامهم حينها أعلنت أحزاب اللقاء المشترك انضمامها لثورة الشباب ولكن تركت باب الحوار موارب رغم أن الثورة لا تعني الحوار حسب ما أسلفنا الحوار وقد كان خيار الشباب الثوار النضال السلمي لثورتهم ولكن سياسة أحزاب اللقاء المشترك انعكست على توجهات الثوار وأثرت فيهم فطال أمد الاعتصام الثوري خاصة وأن بعض الشخصيات من الأحزاب أبهرت الشباب وتمكنت من السيطرة على حماسهم وأشعرتهم أن نضالهم السلمي بحاجة إلى حماية وبحكم قلة خبرة الشباب وتدني الوعي الثقافي لدى الأغلبية شعر الشباب أن نضالهم السلمي قد فشل ولم يتم التوضيح لهم أن النضال السلمي ليس شكلا واحدا بل أشكال متعددة والمصيبة الكبرى أن في خضم نضال الشباب واستبسالهم في الدفاع عن ثورتهم تم إجهاض مشروعها الثوري حسب المفهوم العام والسياسي للثورة وهو استئصال الفساد باستئصال أسبابه وأدواته وقد تمثل ذلك الإجهاض الذي جاء عبر المبادرة الخليجية التي تعفي الرئيس وأولاده وأقاربه ومنظومة حكمه وآخرين كانوا شركاءه من أي مساءلة أو ملاحقة قضائية فحجم ما تعرض له الوطن من اغتصاب وخراب وخيانة ودمار وبطش ونهب وقتل واستنزاف لثرواته واحتياطياته النقدية وإجهاض مشاريعه الوطنية في ثلاثة عقود وبالذات العقدين الأخيرين على يد حكم الرئيس صالح ومن شاركه في النهب والخيانة والإضرار بالشعب وسلامة الإقليم اليمني إضافة إلى الجرائم الجنائية في حق شباب الثورة والخيانات التي دبرت للإطاحة بالثورة كل هذه الجرائم ستكشف عن الكثير من الخفايا المذهلة وستزيل الأقنعة عن العديد من الوجوه الخائنة والسارقة وستعيد مليارات من الدولارات وليس الريال ولكن ما تم به من تعامل مع الثورة الشبابية من محاولات تطويعها وإخضاعها تحت مبرر الحفاظ على المكاسب التي حققها الشباب للأحزاب أولا ولكن أسلوب الاستفراد بهم وإرهابهم كل ما حاولوا إثارة نقطة مهمة أنهم ضد الثورة دفع بالكثير من اللصوص والفاسدين والخونة ليركبوا موجة الثورة فالمساءلة القانونية عن كل من نهب أصبحت بحكم المعدوم لأن فتح سجلات هذا الباب سيؤدي إلى اقتياد العديد من المخضرمين في العمل السياسي وحتى العلماء والمشايخ إلى السجون ومزبلة التاريخ من كافة ألوان الطيف وسيكشف إلى أي مدى تم الاستهانة بالإنسان اليمني في كرامته ودمه وأرضه لصالح دولة الجوار السعودية وكيف تم ترسيخ نظام الجهل والهمجية والفوضى وتدمير الجيش اليمني وسلبه قوته وتماسكه وإخلاصه للوطن. فقد أشارت المعلومات الأولية إلى أن أكثر من ستمائة شخص هم من يمثلون الركيزة فقد أشارت المعلومات الأولية في البلاد وجميعهم من كبار عتاولة الفوضى ومسئولي الدولة عسكريين وسياسيين وغيرهم وهم من أكبر الأثرياء في اليمن جميعهم شركاء في سلب وسرقة اللقمة من أفواه هذا الشعب الفقير غصبا عنه. جميعنا نتفق أن الفساد هو من دمر الحياة وشوه كل شيء جميل في هذا البلد ورسخ الفقر والجهل. فلهذا أن على الثورة أن لا تتحول إلى آلة لتمهيد الطريق لمجموعة سلطوية أخرى لتصل الحكم وتمارس نفس أسلوب النظام الفاسد وإنما على ثورة الشباب أن تجهز ملفات الفاسدين ليتم محاكمتهم وعلى الثورة أن تفتح ملفات كيف تمت عملية بيع صفقة الغاز وكيف تمت عملية ترسيم الحدود وبيع نجران وجيزان وكيف تمت عملية تأجير ميناء عدن وكيف تمت عملية اغتيال الحريبي وكيف تمت عملية تصفيات القيادات الجنوبية بعد الوحدة وكيف تمت عملية قتل الشباب في ساحات الحرية والتغيير. وعلى الثورة أن تكافئ الشرفاء وتعيد الاعتبار لأصحاب المواقف النضالية والشرفاء الذين رفضوا مشاركة صالح في جرائمه وعلى شباب الثورة أن يعلنوا صراحة أي ضمانات تعطى لأي شخصية سواء كانت في السلطة أو خارج السلطة مارست الفساد وأثرت بطريقة غير مشروعة أن على الثورة أن لا تسقط مشروعها الثوري في المحاسبة والمحاكمة للفاسدين كل الفاسدين بدون رحمة أو هوادة.