كتب/ نبيل الصوفي مالذي يفرق بين القاعدة والحوثيين في آخر صورهم التي وصلوا لها؟ ألايتحدث كلهم بمنطق المدافع عن المعتقدات في مواجهة عدوهما الذي قررا إنه الغرب دولا ومعتقدات. هاهو مسلسل قتل الجنود اليمنيين يعود نشيطا من مارب الى صعده؟ وبخطاب واحد. وهاهي دولتنا غير الرشيدة تزيد من حشد قدراتها الأمنية والعسكرية في معركة لن يكسب المجتمع من نهايتها لأي طرف كانت، وبخاصة لأن طرفيها ضد الدولة هما في الأساس جذور فكرية، وحتى الآن لم يعرف التاريخ أي نصر عسكري قضى على أي جذور فكرية لأي انشقاق. ومايثير الأسف أن المجتمع مسترخ في مواجهة هاتين الظاهرتين، خلافا مثلا لمدى اهتمامه بالصراع مع مايسمى الحراك الجنوبي. لست هنا اتفق ومنطق لقاء أبين المشترك والذي توافق بيانه بشأن خميس زنجبار الدامي مع بيان الرئيس علي سالم البيض في تعريضهما بعدم قسوة الدولة في صعدة. بل أعتقد أن حروب صعدة ومأرب -التي أعلنتها القاعدة رسميا هذا الأسبوع منطقة قاعدية بل وحذرت قبائلها مما أسمته "الخيانة" والتي تعني التعاون مع الدولة. تستحق الإهتمام الاجتماعي والثقافي حتى، وأهمل السياسي لأن بلادنا لم يعد فيها أدوات سياسية راشدة تؤمن بحقها وقدرتها، والسلطة لاشيئ تنشط في مكافحته كحركات سياسية تهتم بقضايا البلد بشكل حقيقي. القاعدة صارت تعلن من خلاياها في كل مأرب وتنتظر الإشارة، والحوثي كخطاب وحركة عاد لممارسة ذات اللعبة من احتلال أماكن ومؤسسات عامة. وهما معا لايعنيهما أي جدل يدور في الساحة الوطنية، لأنهما مهما تحدثا بأي لغة سياسية ليسا أكثر من مليشيات السلاح أقوى وأنشط أعضائها. ولن يقبلا بأي تواصل اجتماعي مالم تكن معتقداتهما هي القاطرة له. وفي القتال معهما تخسر اليوم أرواحا اضعافاً مضاعفة ممايحدث في محافظات جنوبية وشرقية. إن الإهمال العام لايعني إلا افتقاد المنظومات التي تأسست لخدمة البلاد من مؤسسات السلطة الى الأحزاب، ومنها المنظومات الفكرية التي يلخصها الدستور والقوانين واللوائح والنظم، فقدت مكانتها كأطر تشد الناس للاتفاق والاختلاف حولها ومعها. حين تجلس في مقايل المعنيين بالقضايا تصاب بالذهول، مجرد سجالات لامعنى لها، ذات الأمر تجده على صدر الصحف التي برصدها يتم التعرف على أهم مؤشرات السلامة الوطنية في الدنيا كلها، إلا في اليمن فلاينظر لها إلا كإحدى أدوات الصراع والسلام. حين وصلت المجتمعات العربية الى مثل هذا المستوى شهدت تحولات عاصفة كالثورات والانقلابات وللأسف كلها لم تفعل أكثر من تعميق أزماتنا. وكلها لم تتعرض لأي نقد وتحليل يقينا شر عودتها، وهاهو القاعدة الذي غيرت الحرب الدولية عليه أهدافه من كونه منظمة تعمل خارج الحدود الوطنية لمواجهة خصومه الى منظمات للعنف المحلي، والحوثيون الذين انتقلوا من ضحايا القمع الرسمي الى مشروع سياسي لايهدأ حتى يعود للقتال، وفي كل مراحله يظل ملتزما لخطاب ثوري يسترخص الدماء ويفرح بالانجازات الصغيرة دون اكتراث لمايعنيه ذلك مستقبلا. ويقف "طماح" الذي يتحدث باعتزاز عن دمويته في بعض مناطق المحافظات الجنوبية تحديدا ضد مواطنين او جنود أمن أو شرطة قريبا من هذا المربع.. وفي حال استمر عجز الأدوات الأخرى عن الحضور فإننا نسير بذات الخطى التي أنتجت الكارثة بأيدي من يقولون إنهم يعملون على تجنبها. لست أحمل غيرنا ولا أنظر أبدا لأي "يد خارجي" لأن الله يحاسبنا نحن على ماوسوس به الشيطان لنا، فنحن من نفعل.. ولكن مايحدث اليوم هو في النهاية يصب لصالح اسوأ مايقول القاعديون والحوثيون إنهم يواجهونه، وهو الاستكبار الخارجي. إنا تكرارنا لماضينا القريب لايعني إلا أننا مجتمعات لاتستحق أن تعيش حرة مستقلة، وأن الأفضل لها هو الوصاية الخارجية التي تجبرها على الانشغال بواجباتها. هل يمكن أن نتجنب ذلك.. أن نمنع تحويل أعزة بلادنا الى أذلة، فهذه البلاد تستحق حياة أخرى.. والله خير حافظ. ضريبة المبيعات تقول دولتنا المباركة إن القلق السياسي يؤثر على "الاستثمار" المنتظر في البلاد.. السؤال: ماذا يعمل تباطؤها هي في إنجاز أجندة الإصلاحات وبخاصة مايتعلق بهذا الاستثمار.. وصلت الكهرباء الى منزل نجل مسئول أمني على الشواطئ الغربية في ايام فيما مستثمر جاء من قطر تجاوز هذا القلق السياسي اضطر للعودة الى بلاده هربا من الحكومة؟ سؤال آخر، كم يضيع علينا استمرار القطاع التجاري في القطاع الخاص التهرب والتحايل والضغط ضد ضريبة المبيعات.. ضريبة المبيعات صارت هي هوية وجنسية مواطني هذا العالم، ونحن -والمصيبة أن الحكومة تعلم كل ذلك، لايزال تجارنا يقيمون الدنيا ولايقعدونها ليس لمواجهة مايقولون إنه آثار سلبية سترافق تطبيق ضريبة المبيعات، بل لمواجهة هذه الضريبة. لدى الحكومة كشوفات تظهر أن الأستاذ القدير حسن الكبوس -مثلا- يسجل شاهيه باقل من نصف مايبيعه للمستهلك، ومثل ذلك مئات الآلاف من المستوردات تسجل في منافذ الدخول بأقل من ربع قيمتها، وبالتراضي بين المنافذ وهؤلاء التجار يدفع تجارنا الأشاوس مثل هذا الربع مما يجب للدولة، ويزيدون بالقول إنهم يخسرون بسبب أموال الفساد السياسي والاداري، وحين يكون الحل ضريبة المبيعات يفضلون التحالف مع الفساد ضدنا مواطنين وبلداً.. خمسة أعوام ودولة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عاجزة عن تطبيق ضريبة المبيعات التي بسبب غيابها تضيع مليارات على الخزينة العامة، وبتطبيقها ستضبط السوق ونشهد نقلة كبرى في إدارة الحياة في هذه البلاد المرهقة. القضية صارت أعصى من قضية السلام في الشرق الأوسط، ولن نتورط في تسمية من الفلسطينيون ومن هم الاسرائليون في حالتنا، لكننا سنكتفي بالقول: كنا سنفهم القطاع الخاص لو أنه وافق على الضريبة ولو حتى بواحد في المائة.. لكنه يقاتل ليبقي هذا البلد بقرة حلوباً لهم وللفساد كوجهين لعملة واحدة. [email protected]