لماذا قررت السلطة التصعيد بعد كأس الخليج؟ وما هو المخرج من أزمة البرلمان؟ كتب/العميد/علي بن شنظور كان من المتوقع أن تندلع أزمة الخلاف مجددا بين السلطة من جهة والمعارضة في الداخل والخارج وقوى الحراك الجنوبي من جهة أخرى ولكن ما لم نكن نتوقعه أن تسارع السلطة بعد انتهاء منافسات كأس الخليجي إلى التصعيد بعد أيام من الهدوء الذي لم يسبق أن عاشه أبناء اليمن منذ سنوات طويلة. - لماذا هذا التصعيد؟ يبدو أن نجاح بطولة خليجي عشرين والحضور الإعلامي الذي صاحب البطولة وإشادته بالجماهير الرياضية وبما لمسه من هدوء في عدن وجمال المدينة قد فتح شهية السلطة لاستغلال ذلك النجاح وتوظيفه لصالح معركتها الانتخابية المقبلة التي ستخوضها بالحزب الحاكم إذا ما قررت أحزاب المشترك المقاطعة. ولأن كأس الخليج هي مسكن سينتهي تأثيره كما أشرنا قبل البطولة بعد أيام أو أشهر من انتهاء المسابقة فها هو التأثير قد تلاشى سريعا بسبب قيام الإخوة في المؤتمر الشعبي بإقرار قانون الانتخابات وتشكيل لجنة القضاة دون مشاركة المعارضة ومع أننا كغيرنا من أبناء الوطن لم نعد نعلق أي آمال على الانتخابات ولا يهمنا نجاحها أو فشلها لكن لا بد لنا أن نساهم في تشخيص أسباب التصعيد وتقديم بعض الأفكار التي نأمل من ذوي الألباب أن يأخذوها بعين الاعتبار. - لقد كان الأحرى بالإخوة في السلطة والمؤتمر الشعبي أن ينتهجوا خطابا سياسيا مغايرا لما كان قبل خليجي عشرين ويستغلوا الآثار الإيجابية التي تركتها البطولة لإشاعة روح الثقة مع قوى المعارضة في الداخل والخارج وقوى الحراك السلمي وفتح صفحة صادقة من الحوار مبنية على أسس جديدة تمكن كل الأطراف من المشاركة فيه وبمشاركة الأشقاء في مجلس التعاون الخليجي الذي أحس الجميع بدفء وجودهم في عدن أثناء البطولة الخليجية وأحب الأشقاء الخليجيون عدن وأهلها وأبناء اليمن، إذ أن النفوس كانت في أفضل حال من الهدوء والوئام استطاعت منتميات كرة القدم الخليجية أن توحدها رغم الخلاف السياسي الكبير لكن عندما يكون التفكير مبنياً على الرغبة في النيل من الخصوم بمجرد الخروج بانتصار معنوي كما حصل مع كأس الخليج فقد أضاعت السلطة على نفسها فرصة تاريخية للتقارب مع خصومها وخاصة في الجنوب، فلو أنها أفرجت عن السجناء واتجهت تخاطب معارضيها بخطاب أخوي يدعوهم إلى الحوار وفق أسس جديدة يتم الاتفاق عليها تحافظ على ما أظهره أبناء الجنوب وخاصة عدن وأبين ولحج والضالع من مشاعر المودة والتعامل المشرف مع الضيوف رغم أي اعتراضات سابقة كانت موجودة لكن أصحابها تراجعوا عنها بصورة عفوية أكدت أن الجميع يحمل قلوبا صافية لا تكن سوى المحبة لكل شيء جميل وأن أي ضيق أو كراهية موجودة هي ككل عمل سيء وللسياسات غير المسئولة التي انتهجت تجاه الجنوب كطرف في الوحدة منذ حرب 94م ولكن ماذا نفعل فنشوة الانتصار سبب لمآسي الوطن منذ قيام الثورتين في الشمال والجنوب ومنذ 94م بعد الوحدة ولو حكمنا عقولنا في كل حال واعترف كل منا بخطئه ما وصلنا إلى هذا. - الرهانات الخاطئة إن الرهانات الخاطئة من قبل إخواننا في السلطة على أن الانتخابات النيابية في إبريل 2011م سوف تتم بنجاح وأن أرضية خليجي عشرين قادرة على كسر أي مقاطعة هو رهان خاطئ.. لماذا؟ أولا لأن الإجماع الذي تم أثناء البطولة هو إجماع رياضي وليس سياسي وثانيا لأن المحبين لكرة القدم كثيرون جدا بينما المحبون لمجلس النواب قليل جدا وثالثا لأن الأطراف المعارضة للسلطة -أحزاب المشترك- إذا دخلوا في المقاطعة وقوى الحراك والمستقلين الذين سئموا من الانتخابات المكررة لنفس النتائج والأوضاع سيكون لهم حضورهم لعرقلة الانتخابات ونخشى أن تصل الأمور إلى حد المواجهة فماذا سيقول من قرروا أن تتم الانتخابات ولو بأي ثمن إذا سقطت نفوس بريئة لرب العزة سبحانه وتعالى؟ هل سيقولون له هؤلاء رفضوا الانتخابات، فما هو الأصل الشرعي الذي سيجيز فرض الانتخابات بالقوة أو حتى مقاطعتها بالقوة، لكن المسئول بلا شك من سيتسبب في حدوث المواجهة، رابعا إذا كانت المشكلة بالفراغ الدستوري فهناك حلول لهذا الأمر، السلطة والمعارضة يدركونها.. والأمر الخامس نسأل عن أي انتخابات يمكن للمواطن أن يراهن عليها وهي لا تحل الأزمة، فماذا صنع مجلس النواب الحالي؟ وأين كانت الأغلبية عندما وصلت البلاد إلى هذا التدهور؟ وبالتالي فإن المراهنة على أن نجاح الانتخابات يعني القضاء على القضية الجنوبية أو الحراك مراهنة خاطئة، لأن قوى الحراك حتى لو افترضنا استطاعت السلطة -إذا نجحت الانتخابات- أن تحاصره في الأرياف فإنها لن تستطيع إنهاء القضية الجنوبية التي باتت مطروحة بقوة في الشارع الجنوبي وأجندة المعارضة وحتى لدى العديد من السياسيين في الحزب الحاكم الذين يدعون إلى حلها حلا عادلا على قاعدة الوحدة وبالتالي من يراهن على الانتخابات أكان لصالح الوحدة أو ضدها سيكتشف أن ذلك فيه مجازفة. - حسابات المعارضة والحراك والواقع مثلما أن للإخوة في الحزب الحاكم تطلعاتهم من إجراء الانتخابات في موعدها وحساباتهم سياسية فإن للإخوة في اللقاء المشترك وقوى الحراك تطلعاتهم من عرقلة الانتخابات وحساباتهم سياسية خاصة الحراك الجنوبي الذي يرى أن فشل الانتخابات يعني إعلان فشل الوحدة نهائيا لكن ينبغي التأكيد على أن أي حسابات لا بد لها أن تكون واقعية وأن لا تندفع المعارضة والحراك لاتخاذ إجراءات من شأنها تعقيد الأمور كما حصل في الموقف من خليجي عشرين، إذ كان للتهويل والمعارضة الشديدة للبطولة الأثر الأكبر الذي استغلته السلطة لحشد كل الإمكانيات لنجاحها واعتبرت النجاح مكسباً سياسياً أو معنوياً لها فقط ونسيت أن الفضل بعد الله لأبناء المحافظات الجنوبية جميعا الذين صنعوا النجاح مع بقية إخوانهم من أبناء الوطن اليمني والأشقاء الخليجيين أنفسهم بإصرارهم على الحضور لذا قد يصبح الرهان على إفشال الانتخابات تحديا جديدا يجعل السلطة تخوضه حتى إذا ما خرجت منتصرة سترفض الحوار حول قضايا الأزمة الأخرى وستقول الشعب صوت لبرنامج المؤتمر والأزمة في رؤوس المعارضة والحراك فلذا على الإخوة في المشترك وقوى الحراك أن يدرسوا الخيارات الدستورية السلمية التي ليس فيها ضرر على الحلول الشاملة للأزمة مستقبلا لأن الأهم ليس الانتخابات النيابية لكن ما بعد الانتخابات على صعيد الجنوب وكيفية حل قضيته السياسية الهامة وعلى صعيد تثبيت السلام في صعدة وعلى صعيد بناء الدولة العادلة والمدنية والحياة الكريمة وعلى الكل أن يدرك أنه حتى إذا فشلت الانتخابات فلن تفشل في كل الجنوب على سبيل المثال أما الشمال ستتم فيه إلا إذا حصل استثناء في بعض الدوائر كما أن النجاح لن يكون في كل الجنوب، أي أن السلطة لها تواجدها في المدن والحراك ومعه المشترك إذا قاطعا في الأرياف وبعض المدن وبالتالي من سيحدد النجاح من الفشل والقانون لصالح السلطة لأنه لا يشترط نسبة محددة للمشاركين في الانتخابات حتى تكون شرعية أو غير شرعية، كون المسجلين في الدائرة خمسين ألفاً وشارك ألفان سيقولون الانتخابات ناجحة وقد رأيتم كيف تمت الانتخابات التكميلية.. إذا المشكلة في القانون والقانون السابق للأمانة والحقيقة لم يأت به الرئيس علي عبدالله صالح بل الكل سلطة ومعارضة. - المخرج من أزمة الخلاف بعد هذا نقول -وهي نصائح لوجه الله- إن على الإخوة في السلطة إن كانوا يريدون حل الأزمة من بوابة الانتخابات أن يعودوا إلى المسار الصحيح وهو الاعتراف بأن هناك أزمة وأن الانتخابات استحقاق دستوري صحيح لكن ينبغي أن تتم في ظروف وفاق وأن يتم إنصاف الجنوب كطرف في الوحدة الثنائية عن طريق تشكيل مجلس نواب قائم على السكان ومجلس شورى قائم على المساحة أو العكس وبنفس العدد حتى يتحقق التوازن للجنوب في السلطة التشريعية ونرى إما أن يتم الاتفاق مع المعارضة في الداخل والخارج والحراك على الحوار وأسسه قبل الانتخابات وبالتالي من يريد المشاركة شارك ومن يريد المقاطعة قاطع أو نرى حل البرلمان الذي يعتبر بحد ذاته أزمة ولا يوجد له دور غير رفع الأيادي عند الطلب ويتم تشكيل برلمان انتقالي مؤقت تشارك فيه جميع القوى لمدة سنتين ويمثل فيه الجنوب بما لا يقل عن 45% يتولى الإشراف على الحوار وحل الأزمة وتشكيل حكومة انتقالية من الجميع بما فيهم قوى الحراك تتولى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه من حلول على الواقع ولا نريد من الإخوة في السلطة أن يتعذروا بمن يطالب بفك الارتباط.. قدموا مشروعاً منصفاً للجنوب وللوطن وحينها ستجدون إخواننا في الحراك عند مستوى المسئولية في التعامل الإيجابي مع الحلول العادلة لأن الجنوبيين ليسوا دعاة انفصال أبدا بل دعاة وحدة وهم من ضحوا من أجل قيامها ولكنهم ضد الوضعية القائمة منذ 94م التي حولت الوحدة إلى غنيمة وألحقت الجنوب بدلا من كونه طرفا ثانيا في السلطة والقرار والثروة ونعتقد أن هذا مخرج حق يمكن للإخوة في المؤتمر الشعبي أن يتبنوه حرصا على الوطن واستقراره وأن تظل العلاقة الوحدوية بين الشمال الجنوب ولكن بشكل جديد يحقق تطلعات الجميع وهذا الأمر معقد وليس طرحاً للمزايدة أو كلام خيال وإذا لم يتم القبول بما هو حق فماذا سنقبل؟!.. قال تعالى "فماذا بعد الحق إلا الضلال" صدق الله العظيم.