كتب/د.محمد ناجي الدعيس لعل وجود الفريق / عبد ربه منصور هادي نائباً لرئيس الجمهورية بدون قرار جمهوري قد يكون بسبب ما يحمله العُرف في أحيانٍ كثيرة من قوة تتجاوز القانون، لكن ذلك قد يحمل أكثر من علامة استفهام منها .. هل حنكة الرجل وحكمته جعلت صالح يكتفي بإزاحته كنائب عرفاً بُعيد حرب 94م مباشرة والذي مثل الأول أقوى حلفاء الثاني فيها؟ وهل قبول الرجل بذلك ضعفاً أم معرفته بالواقع؟! أم قناعته بأن ما وصل إليه كافٍ لتحقيق مطالبه الشخصية دون ظهور على السطح السياسي لممارسة اختصاصات منصبه؟ نجد أن الزمن كان كفيلاً بإزاحة كثير من مراكز القوى الاجتماعية أو السياسية.. الخ عن قصد أو بغيره من طريق علي صالح خلال حكمه، ليقوم صالح باستبدالها بموازين قوى لا مراكز قوى باستثناء علي محسن وصادق الأحمر، وقام بزرع مراكز قوى عسكرية جديدة متمثلة بأبنائه وأبناء أخيه، وبمعنى أكثر وضوحاً: مركز القوى يشكل أحد الأعمدة أو الأوتاد الصلبة التي لا يمكن نزعها وإذا نزعت قد تسبب انهيار للنظام القائم عليه، أمّا ميزان القوى فهو يشكل قوة توازن وبالإمكان أن يستبدل بآخر مساوٍ له في الثقل مثلاً يمكن أن يستبدل الكيلو جرام المتعارف عليه بحجر أو شيء مساوٍ له في الوزن ليؤدي نفس الغرض لكن لا يمكن نزع أحد أعمدة العمارة أو وتد الخيمة .. وما يسند قولنا أن موازين القوى السياسية في الساحة اليمنية استطاع صالح أن يحركها كلعبة الشطرنج بإسكاتها مقابل شراكة وهمية في الحكم أو مادية على حساب وطن، ولو كانت تمثل مراكز قوى لفكر سياسي يمني لما استطاع أن يقوم بذلك أو أن يهاجم شباب التغيير في الساحات الحزب الاشتراكي مثلاً كان بعد الوحدة يمثل أحد مراكز القوى لذالك لم يستطيع صالح تغييره إلا بالتفاف الشعب حوله في حرب 94م ليحوله إلى ميزان قوى وعلى العكس لأن اللواء / علي محسن قائد الفرقة الأولى يمثل ما تبقى من مراكز قوى استطاع حماية ساحة التغيير بصنعاء وشبابها وتجرأ في اصدر البيان رقم " 1 " عن القوات المسلحة لمساندة ثورة الشباب، بعكس ما حدث من مهاجمة في بقية الساحات في المحافظات الأخرى نتج عنه أبشع الجرائم.. وكذا هو الحال بالنسبة للشيخ صادق الأحمر وإخوته برغم أن صالح حاول أن يجعل منهم موازين لا مراكز قوى في إعطائِهم مناصب حكومية وغيرها ليستبدلهم من إرث والدهم فيما كان عليه من أحد مراكز القوى العصيّة، إلا أن الأبناء أثبتوا حقهم في محاولة تملك الإرث للمركز وهو ما أغاض صالح وأشعل الحرب الضروس ضدهم وتدمير منزل والدهم في الحصبة والذي انتهى بالهُدنة حسب طلب السعودية والقائم بمهام الرئيس.. من تلك المعطيات نستطيع أن نُعزي التأخر النسبي في تحقيق الثورة لأهدافها لسببين رئيسيين الأول هو: خلو الساحة من مراكز قوى حقيقية داعمة للثورة وشبابها وما يوجد هو موازين قوى تبحث لها عن أماكن مستقبلاً نجحت الثورة أم لم تنجح وهو ما جعلها توافق على المبادرة تلو الأخرى دون أن تعمل حساب لِما أراقته من دم وجهها أمام الملأ، أمّا السبب الثاني فهو مركز القوى المُتمثل في تملُّك القوى العسكرية في يد أبناء صالح وأبناء أخيه وهو ما يثير سؤالاً مفاده: كيف سُمح للرجل من مراكز القوى التي عاصرته أن يزرع تلك المراكز وتكون تحت يده؟!.. ألا تستطيع مراكز القوى المتبقية وكذا موازين القوى الموجودة بما فيهم نائب الرئيس التكفير عن ذلك بسلوك عملي كتشكيل المجلس الانتقالي مثلاً؟ أم أن حاجز الخوف لم يكسر بعد في قلوبهم؟ .. إن جميع تلك السيناريوهات التي نفذت وغيرها هي في باطنها كانت تحيك مؤامرة ضد شعب ووطن لضمان تحصين حماية بقاء الحاكم لأكبر فترة ممكنة وبالفعل دامت 33 عاماً من جهة، ومن جهة أخرى لضمان امتلاك قوة بأيدٍ لا يساومها الشك في ولائها للحاكم لتأديب كل من يساوره إقامة النظام والقانون ودولة المؤسسات وإن كان الشعب بأسره وقد عشنا ذلك خلال الحكم في خلق الأزمات تلو الأخرى وتفشي الفساد في كل مفاصل نظم البلد حتى أصّل مفهوم الانفصال ليس على مستوى الوطن فحسب، بل وعلى مستوى الانفصال الاجتماعي، وبكل انعدام للإنسانية يصر بعض بقاياه لإذلال شعب بأكمله وتأديبه في حرمانه من حقوقه القانونية في حصوله على حاجاته الأساسية كالغذاء والصحة والمشتقات النفطية والكهرباء ..الخ، وفوق كل ذلك محاولة تأديبه بحرمانه من الأمن والاستقرار المجتمعي.. وبرغم ما أوصلوا إليه حال البلد من اختناقات وتدهور في كل مناحيه المادية والبشرية الأمر الذي جعل عامل الوقت لا يصب في مصلحة أي طرف، إلا أن ما يدور في خلدي سبب تأخر الفريق / عبد ربه منصور هادي في اتخاذ أي قرار وطني شجاع حتى اللحظة قد يكون حكمته وحنكته أبرر ذلك في تخوف صالح منه حتى في إصدار قرار جمهوري كنائب له، وأيضاً عدم تمكينه كرجل ثانِ من أي ممارسات فعلية لصلاحيات حقيقية في الدولة..الخ.. ومع تواجد أعتا مركز قوى وهبه الزمن للنائب والذي غفل صالح من التحصين ضده وهو مركز قوى شباب التغيير الذي ولّد ثورتهم السامية لاقتلاع نظامه سلمياً.. ولذا أقول لمن يراهن على نجاح الثورة من الخارج أكان إقليمياً أم دولياً فرهانه خاسر لأن القادم لن يكون أكثر حباً لليمن من أبنائها.. فهلّا استند القائم بأعمال الرئاسة إلى مركز قوى ساحات شباب التغيير بطول وعرض الساحة الوطنية لاتخاذ قرار صادق ووطني كخطوة أولى نحو بناء البيت اليمني الجديد يمن المؤسسات ليلتف الشعب من حولهم ومراكز القوى المتبقية وموازينها كما التفوا حول صالح فيما مضى وتنكر لهم جميعاً بأبشع صور التنكر؟ أم أن تأديب الشعب سيستمر بسبب وجود بعض المنتفعين وبنفس العقليات المُجتثّة وهذا رهان خاسر؟