*صالح حميدة لم أكد أصدق عندما رأيت مواهب منتخب صعدة تتألق عبر شاشة التلفاز الصغيرة والتي أثبتت امتداد الإبداع على أرض يمن الحضارة الكبيرة ، حيث أظهرت خليطاً من الخبرة والشباب ومزيجاً من الرزانة والحيوية وتعاوناً بين الأجسام الكبيرة والنحيلة لتحمل رسالة رياضية قادمة من فوهة مدافع حب الوطن والوحدة . لم تثن الحرب في أطراف الديار عزائمهم عن المضي قدما بتحريك أطراف الجسد وتحريك نشاط شبابي وتأدية واجب وطني وإيصال رسالة مفادها أن الشباب أقوى من الحرب والقبيلة وتأكيد صمود الشباب حتى في وجه الحرمان الذي تشنه الوزارة بدون هوادة ، ولولا الحرب لما تألقت شاشة الفضائية اليمنية بظهور شباب صعدة عليها وعلى مضض تحملت الفضائية نجوم صعدة لعدة دقائق وربما لن تعود لتغطية نشاطهم حتى قيام الحرب السابعة بل ربما سوف تنتظر الحرب العاشرة . ما تحتاجه صعدة اليوم وغدًا هو أن تعترف الوزارة بضرورة تواصل الأنشطة الرياضية في السر قبل العلن والدعم السخي الذي يساعد الشباب على الإبداع في ظل الظروف القاسية وتحتاج لقيادة حكيمة واعية ومتابعة دائمة ورقابة صارمة وحضور إعلامي ناهيك عن الحاجة إلى الدورات التعليمية والتدريب والتأهيل لكوادرها المحلية ورفدها بكوادر أخرى محلية وخارجية لتساهم في عملية إعادة الأمور والنهوض نحو مستقبل أفضل . أما بالنسبة لرياضة شبوة المتعثرة فإنها تعاني الأمرين، عقلية القبيلة والموارد المالية القليلة وسط إنقسام وتشرذم وحرب غير معلنة ، وجاء أخيرا الإعتراف الحكومي الرسمي حسب ما يشاع بناد يعيش في عرين القبيلة ويدار بالبنادق والأيادي الخفية والضحك من شر البلية ، عبدان أنجبت نجوماً ولازالت تنتج وتصدر أفضل اللاعبين في خط الدفاع وخصوصا مركز الظهير الأيسر الذي كان عقدة أغلب الأندية ، عبدان اليوم دون غيره نال ثقة الوزارة وقال أنا هنا بفضل الله أولا ثم بفضل عدد محدود من الإداريين المثاليين الذين لا يكل لهم جهد ولا يغيب لهم حضور عن مكتب الشباب ودهاليز الوزارة وبعد هذه النقطة ممنوع الخوض في مواضيع الفتنة والإثارة . كل مسافر إلى صنعاء أو عائد منها يتمنى أن لا تنحرف به مطيته نحو مديرية نصاب العصية والأبية ومن تأخذه أفكاره الجامحة لمعرفة ما بداخل نصاب من معالم رياضية سيجد أنها كانت حبلى بمولود رابع وهاهو اليوم قد ولد وتم الإعتراف به رسميا ، نادي شباب عبدان بعد أن كانت راية ( نادي الراية ) نصاب واحدة تفتت إلى أربع تحت رايات المناطقية والقبلية . وقد يلومني أخواني هناك في تدخلي وتطفلي ولكن الحديث عن تجربة لابد أن يجد صدى في عقول العقلاء وصداً من عقول البلهاء، فشباب أكتوبر خاض تجربة القبيلة في دوري الثانية وعاد مطاطئ الرأس خافض الصوت ولم تنفعه مدافع القبيلة وعجرفة إدارته التي كانت تعوّل على إبن الوزير ولا تحترم رأي إبن الفقير وذهب تكريم الأبطال إلى مزبلة الأنفراد بالقرار. وعلى ما يبدو أنه يجب أن تدق طبول الحرب وتثار نعرات القبيلة وتصبح الملاعب جرداء والأندية ( مثل العقول ) خاوية والأبدان واهية لكي تنال – مثلا - أي قبيلة اعترافاً مؤقتاً بنادي شبيبة القبائل الذي يرأسه الشيخ ويدربه العاقل وتحرس مرماه البنادق بقفازات الرصاص الحي ، فالإعتراف ينال بقوة وهيبة الرجال لأنه يجلب السلطة والمال أما النشاط سيظل في خبر كان ومقولة " ما زال هناك آمال " وسبحان مغير الأحوال . وضع بعض الأندية في فوهة البندقية يجبرني على البكاء لحال الرياضة في البلاد والضحك من طريقة التفكير والتسيير والتسييس وتلزمني بالإعتراف بأن عبدان الآمنة بين قوسين قادرة على احتضان ناد سيكون له شأن في المستقبل بوجود جيل واع ومواهب متعددة وإدارة مثابرة ودعم خارجي ( المغتربين ) وفي المقابل عبدان المحاصرة من الداخل والخاوية على عروشها في الظاهر لن ينفعها الإعتراف الرمزي ولا حتى الرسمي ولهذا يجب إصلاح البيت من الداخل وعبر بوابة القبيلة نفسها ولن يكون ذلك إلا بالشباب الواعي الذي يجب أن يوقف النزيف الداخلي ويبعث الحياة من جديد . القبيلة عنصر ولاعب أساسي في مجتمعنا اليمني ولكنها لا تجيد لعبة كرة القدم بشكل جيد فهي تلعب بدون تكتيك بل بعشوائية هوجاء وخشونة ورعونة لاتفرق بين الخصم والحكم ولا حتى الزميل في الفريق، فالتمارين القبلية ( الثأر ) غالبا ما تكون الإصابات فيها بالغة وغائرة تبعد اللاعب عن الملاعب وعن العالم أعوامًا عديدة . بقي أن أقول ليتني استطيع أن أتكلم بوضوح وليت عقول الرجال بالحكمة تفوح وليت كل من يعاني من الويلات بالمشاعر يبوح وليت القبائل تحيل حروبها بالسلاح نحو الرشد والفلاح حتى لو كانت الحرب في ملعب كرة قدم مفتوح وجري وراء جلد منفوخ، ففي النهاية تبقى الحرب دون دماء ويظل الإنسان حرا طليقًا يكاد يطير إلى عنان السماء التي نطلق فيها صرخات النداء إلى عبدان من هنا قائلين كفى قتالاً وعناء ولا يغركم قرار الوزارة فالحكمة ضالة المؤمن والجرح لن يندمل ما لم تعالجه أياد كريمة وطيبة وعقول راجحة ورجال تتحلى بالشجاعة، فلكل شيء ضريبة، وضريبة الأمن والأخوة غالية باهظة .