استطلاع/ رشيد الحداد إلى متى سيظل الغموض يحيط مصير المستشفى والمركز الطبي الإيراني؟ وإلى متى سيظل ما يقارب ال200 موظف في المستشفى والمركز من أطباء وإداريين وفنيين دون حقوق ودون تعويضات؟ وهل آن الأوان لإعادة اعتبار حق آلاف المرضى الذين وجدوا في خدمات المركز الطبي الإيراني على مدى 17 عاما والمستشفى الإيراني على مدى 4 سنوات ضالتهم؟، سيما وأن خدمات تلكما المؤسستين التابعتين للهلال الأحمر الإيراني ظلتا تقدمان خدماتهما برسوم رمزية لا تتجاوز 100 ريال افتقدها المواطن البسيط الذي لم ينتابه اليأس من استمرار إغلاق المركز والمستشفى رغم مرور ما يزيد عن نصف عام من إجراء الإغلاق الذي برر بخلافات إدارية بين أمانة العاصمة وإدارة المستشفى من جانب وخلافات رقابية بين إدارة المركز ووزارة الصحة من جانب آخر وبين هذا وذاك ظلت الحقيقة غامضة وزادت غموضا خلال الأشهر الماضية التي تفاقمت فيها معاناة الكادر الطبي والإداري الذي أبدى استعداده لإدارة المركز والمستشفى تحت إشراف وزارة الصحة أو إدارة وإشراف الهلال الأحمر اليمني حتى يزول الخلاف مع الجانب الإيراني.. مصير المستشفى والمركز الطبي الإيراني ومصير العاملين فيه في الفقرات التالية: 7 أشهر و23 يوما مضت منذ أن أغلقت السلطات الأمنية دون أمر مسبق من النيابة العامة أبواب المستشفى الإيراني الواقع في شارع الستين الرئيسي بالحي السياسي مغلقة أمام آلاف المرضى الذين ظلوا يترددون على المستشفى خلال السنوات الأربع من افتتاحه، المركز الطبي والمستشفى الإيراني مؤسستان تتبعان الهلال الأحمر الإيراني وتقدمان خدماتهما الطبية بتكاليف رمزية وبجودة عالية وبتلك المزية حظي المركز والمستشفى بإقبال المواطن البسيط الذي لا يقوى على دخول المستشفيات الخاصة لارتفاع تكاليفها والمستشفيات الحكومية لرداءة خدماتها فظلت تلك المؤسستان قبلة الغلابا الباحثين عن الشفاء حتى تاريخ ال13 من أكتوبر الماضي الذي كان يوما استثنائيا بالنسبة ل120 طبيبا في المستشفى الإيراني يمثلون الكادر الطبي، منهم 5% فقط إيرانيون و95% يمنيون جميعهم وجدوا أنفسهم ممنوعين من دخول المستشفى باستثناء السماح للإداريين وجلهم يمنيون سوى مديرة المستشفى د/ دولت إيرانية الجنسية، كما هو حال المرضى في أقسام الرقود وغرف العناية المركزية والعمليات الذين كانوا يمنيين فقراء هاجمهم الألم بتوحش فوجدوا ضالتهم في مستشفى لا يرى فيه ملائكته المال الغاية المثلى بل كانت غايتهم تخفيف أنات البسطاء من أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره، ففي ذلك اليوم المشئوم فرضت عدد من الأطقم العسكرية طوقا أمنيا على المستشفى، ليس لحمايته من أي اعتداء من قبل الجماهير الغاضبة من الدور الإيراني غير الرسمي في أحداث صعدة، بل لإغلاقه تحت مختلف المبررات المتناقضة فيما بينها والتي تدل على مدى عشوائية قرار الإغلاق. متأخرات الإيجار لم يكن إغلاق المستشفى خطأ وحيداً وحسب لانعدام المبررات المقنعة بصواب الإجراء وصرامته بل تزامن إغلاق المستشفى والمركز الطبي في وقت دخلت فيه العلاقات اليمنية الإيرانية مرحلة التوتر والشبهات ليزيد قرار الإغلاق الأمر، سوءا سيما وأن القرار حمل عدة مبررات، الأولى أعادها بيان رسمي عن إغلاق المركز الطبي والمستشفى في صنعاء إلى انعدام الشفافية في التصرف المالي للمؤسستين أعقب ذلك البيان تسريبات رسمية تفيد بتورط المستشفى والمركز في تقديم الدعم المالي واللوجستي للمتمردين الحوثيين، ومن ثم تسويق أخبار متصلة تشير إلى أن قوات الجيش أسرت أطباء إيرانيين في صعدة كانوا يقدمون خدمات طبية للجرحى الحوثيين، ثم انحرفت الرواية للقول إن أولئك الأطباء هم من حزب الله، ولكن أكملت السلطات إطلاق سراح المعتقلين على ذمة الفتنة الحوثية دون أن تثبت تلك الروايات صحتها، فالغموض لا زال يكتنف الأسباب الحقيقية حتى وإن كان أبرز المبررات خلافات بين إدارة المستشفى ووزارة الأوقاف المالكة للمبنى المكون من خمسة طوابق دفعت بالسلطات الأمنية إلى إغلاق المستشفى، وما يزيد الأمر غموضا أن المشكلة لم تكن بين إدارة المستشفى ووزارة الأوقاف مباشرة بل إن الأوقاف "المؤجر" وأمانة العاصمة "المستأجر" حسب العقد كما أن الأمانة أجرت إدارة المستشفى حسب عقد تأجير بينهما، مصادر مؤكدة أفادت بأن مشكلة متأخرات الإيجار البالغة 27 مليون ليست المبرر الوحيد دون أن يكشف عن الأخرى، علما بان الإيجار الشهري للمستشفى يبلغ 400 ألف ريال وبذلك تكون متأخرات الإيجار قد بلغت 29 مليون و700 ألف كون المبلغ قد تراكم على مدى السبعة الأشهر والنصف التي أعقبت إغلاق المستشفى. مخالفات محاسبية الملفت للنظر أن استمرار إغلاق المركز الطبي الإيراني يفتقر لأدنى المبررات الموضوعية كون المبنى لم يتبع الأوقاف كالمبنى التابع للمستشفى بل يتبع أحد المواطنين ولم تثر حوله أي خلافات على مدى ال17 عاما الماضية بين المؤجر والمستأجر ومع ذلك أغلق المركز بعد شهر من إغلاق المستشفى.. أحد الأطباء -تحفظ عن ذكر اسمه- أفاد بأن لجنة تفتيش من قبل وزارة الصحة نزلت إلى المركز عقب إغلاق المستشفى لمراجعة الحسابات المالية وبعد ذلك تلقت إدارة المركز إشعارا من وزارة الصحة قضى بإغلاقه بعد أسبوع من نزول اللجنة التي بررت ذلك الإجراء بوجود مخالفات إدارية ومالية في المركز الذي كان يحتوي على عدة أقسام كالطوارئ والباطنية وقسم النساء والولادة وقسم المختبرات والأشعة التلفزيونية وقسم الأذن والأنف والحنجرة وقسم الأسنان ووحدة خاصة لمكافحة السل، يضاف إلى ذلك قسم العيون الذي يعد أول قسم أجرى عمليات زرع قرنية العيون في اليمن. بروتوكول واتفاقية خلال نزولنا الميداني إلى مقر المركز وإلى الجهات ذات العلاقة علمنا أن المركز الطبي الإيراني تم افتتاحه في عام 92م كمركز طبي خيري بناء على بروتوكول تعاون طبي مشترك بين الهلال الأحمر اليمني ووزارة الصحة العامة وبموجب اتفاقية مشتركة بين الجانبين اليمني والإيراني تم افتتاح المركز الطبي الخيري حسب الاتفاقية التي قدم من خلالها الجانب اليمني إعفاءات جمركية للأدوية والمعدات الطبية الخاصة بالمركز ومن بعده المستشفى وكذلك انتداب الكادر الطبي من قبل وزارة الصحة للعمل في المركز على أن يقدم المركز خدماته المجانية للمحتاجين، كما علمنا أن المركز عمل على مدى التسعينيات على تقديم الخدمات الطبية برسوم رمزية لم تكن تزيد عن ال50 ريالاً حسب تأكيد أحد العاملين الذي أشار أنه التحق بالعمل في المركز عام 93م ومنذ 2005م ارتفعت الرسوم بنسبة 50% لتصل إلى 100 ريال فقط، منوها في الوقت نفسه إلى أن فرض رسوم دخول من قبل إدارة المركز قوبلت بمعارضة وزارة الصحة وأمانة العاصمة ومنذ 8 سنوات وليس من العام الماضي إلا أن عائدات الرسوم وزعت كحوافز للعاملين في المركز والكادر الطبي الذي كان يحصل على 45% من عائدات الرسوم مقابل 55% للإدارة. أكثر من ضحية الأطباء ومساعدوهم والفنيون والإداريون والمرضى هم الأكثر تضررا من إغلاق المستشفى والمركز الطبي الإيراني، فعدد من التقيناهم ممن كانوا يعملون في المستشفى أو المركز والذين أبدوا تذمرا وتحفظا حول إغلاق ما وصفوه بصرحين طبيين مثلا إضافة نوعية للمجال الطبي في اليمن وساهما في الحد من آلام آلاف المرضى من الطبقة الفقيرة، فأولئك العاملون من أطباء وإداريين الذين تحفظوا جميعهم عن ذكر أسمائهم أثاروا تساؤلات مفتوحة منها ما يتعلق بحقوقهم المشروعة في التعويض العادل مما لحق بهم وكذلك حقوق 18 عاما للكادر الطبي اليمني الذي يشكل نسبة 95% في المركز، منهم 30 طبيبا مختصا تم انتدابهم من قبل وزارة الصحة وبعد إغلاق المركز تم إلزامهم بالعمل لدى مستشفيات في محافظة صنعاء وفي محافظات أخرى، أما المتعاقدون مع المركز أو المستشفى فقد تقطعت بهم السبل فمنهم من حصل على فرصة عمل لدى القطاع الخاص بأجور زهيدة، والعاملون في الجانب الإداري أضحوا عاطلين عن العمل حيث تم وقف أجورهم منذ إغلاق المركز والمستشفى من قبل إدارة المركز التي لا زالت تدفع إيجار المركز البالغة 5 آلاف دولار إلى يومنا هذا، الجدير ذكره أن مصادر مطلعة أفادت بأن العاملين الذين يعيش الغالبية منهم ظروفاً إنسانية سيئة لم يتم تسوية أوضاعهم من الجانب الإيراني ووزارة الصحة، علما بأنه سبق لهم أن اعتصموا أمام وزارة الصحة مطالبين بتقرير مصيرهم العملي أو تعويضهم عن سنوات العمل التي قضوها في المركز. مقترحات انتقالية عقب إغلاق المستشفى ثم المركز في أكتوبر وديسمبر 2009م بادر الكادر الطبي والإداري بمقترحات إلى وزارة الصحة هدفت جميعها إلى تفادي الأضرار الناجمة عن الإغلاق خصوصا لدى الكادر الطبي والإداري والفني في المؤسستين الذين يتجاوز عددهم ال200 موظف وكذلك استمرار المستشفى والمركز بتقديم خدماتهما الطبية للمواطنين دون تغيير في الخدمات وجودتها، حيث أكد أحد الأطباء الذي تجاوزت فترة خدمته في المركز الطبي الإيراني 17 عاما حسب قوله بأن عددا من الأطباء وضعوا أمام وكيل وزارة الصحة للخدمات الطبية عدة مقترحات، منها إدارة المركز والمستشفى من قبل الكادر الطبي اليمني خصوصا وأن الكادر اليمني سبق له إدارة المركز الطبي بشكل جيد على أن يتبع المركز وزارة الصحة وتحت إشرافها حتى تزول الخلافات مع الجانب الإيراني كون المركز مجهزاً بأحدث الأجهزة الطبية وقادراً على تشغيل نفسه من خلال العائدات الرمزية التي يحصل عليها، أما المقترح الثاني مفاده تسليم إدارة المركز والمستشفى إلى الهلال الأحمر اليمني على أن يعمل بنفس النمط السابق في تقديم خدماته الطبية للمواطنين بأسعار رمزية، أما المقترح الثالث فكان من قبل وزارة الصحة ويشير إلى تسليم إدارة المستشفى أو المركز لجمعية الصالح، وجميع تلك المقترحات لم تفعل وظل الأمر على ما هو عليه. عمارة الأوقاف محل نزاع قبل أربع سنوات ونصف افتتح المستشفى الإيراني بصنعاء بعد عام من بدء ترميم عمارة الأوقاف التي اتخذها مقرا له، مصادر مؤكدة أفادت بأن الهلال الأحمر الإيراني تكفل بترميم المبنى المكون من 5 طوابق واستحدث فيها مصعدين، كون المبنى كان مخططا للسكن وليس مستشفى وسبق استخدامه مكاتب وحول عقد الإيجار علمنا بأن هناك عقدين الأول ب150 ألف ريال شهريا بين أمانة العاصمة والأوقاف والآخر بين أمانة العاصمة وإدارة المستشفى ب400 ألف ريال، خلال نزولنا الميداني إلى مبنى المستشفى لاحظنا لوحة ضوئية كبيرة تحمل اسم مكتب الأوقاف بالعاصمة، فظننا بأن المكتب قد انتقل إلى المبنى، إلا أننا تفاجأنا بأن المبنى مغلق من كافة الاتجاهات وفي الجهة الخلفية للمبنى توجد سيارة إسعاف تحمل اسم المستشفى الإيراني فحاولنا معرفة مصير أثاث وأجهزة المستشفى المتبقية فأكد لنا الحراس القائمون على المستشفى أن كل الأثاث لا زالت داخل المبنى دون تغيير، إلا أن آخرين افادوا بأن نزاعاً دار على مدى الأشهر الماضية بين جهاز الأمن السياسي الذي يريد أن يحول المستشفى إلى مستشفى الأمن السياسي، والأوقاف التي سارعت بترميم المبنى من الخارج ورفع اللوحة الضوئية عليه كمكتب وليس مستشفى الأوقاف، خلال تواجدنا في باحة المستشفى لاحظنا أحد المرضى الذي عبر عن سخطه من استمرار إغلاق المستشفى الذي قال إنه سبق له أن قصده لأربع مرات للعلاج وأن لديه ملفا لحالته المرضية، من خلاله حاولنا معرفة تكاليف الخدمات التي كان يقدمها المستشفى فرد بالقول: كان مستشفى الفقراء والأغنياء ولكن الفقير لا يستطيع الذهاب إلى مستشفى خاص مثل الغني، مشيرا إلى أنه المستشفى الوحيد في الحي السياسي الذي كان يخفف معاناة الفقراء.