كتب/رشيد الحداد أثبتت نتائج البرنامج الحكومي لخصخصة الوحدات والمنشآت العامة الذي أخذت به الحكومة اليمنية كوسيلة للتخلص من المؤشرات السالبة وتخفيض الأعباء المالية على ميزان المدفوعات وتحويل الدعم المالي الذي كان موجهاً للقطاعات الحكومية الفاشلة إلى أوجه إنفاق أخرى إلى جانب عدة أهداف أخرى منها أهداف اقتصادية كزيادة حجم الملكية الخاصة وجذب الاستمارات الخارجية وتحسين الإنتاجية وأهداف اجتماعية كزيادة معدلات النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل وإعادة توزيع الدخل وتحقيق عدالة اجتماعية إلا أن الاتجاه الحكومي المتزامن تطبيقه في سياق برنامج الإصلاح الاقتصادي منتصف التسعينات لم يكن مدروساً بدقة ولم يكن محدد الاتجاه وكما تشير النتائج فإن اتجاه الحكومة نحو تطبيق برنامج الخصخصة كان ارتجالياً يفتقر لأدنى مقومات التخطيط الجيد لذلك لم يحسن من القدرات التنافسية لتلك المنشآت التي لم يسيل جزء من أصولها وتحويلها إلى شركات عامة بل تم التخلص منها عبر آلية البيع الكلي دون إعادة استثمار أموالها في بناء قدرات إنتاجية جديدة بل أنفقت في جوانب غامضة كما لم تحسن من المستوى المعيشي للعاملين فيها بل استغنت عن تلك العمالة التي تحولت إلى فائضة ولم تساهم في جذب الاستثمارات الخارجية أو تنشط الاستثمار المحلي بل حدت من تدفق الأموال, يضاف إلى ذلك تحمل ميزانية الدولة أعباء الخصخصة التي أجبرت الدولة على تقديم تعويضات للعاملين المسرحين قسراً من أعمالهم وبعد أن فشل برنامج خصخصة "خصه بالشيء وأجعله خصوصياً" في تطوير وتحديث الأسواق المالية كما كان مخططاً ولم يسرع من عملية التنمية بل أعاق نموها ولم يساهم في تنمية البنية التحتية اللازمة لدعم النمو الاقتصادي في البلد رغم خصخصة ما يزيد عن 60 شركة عامة ما بين 95-1997م بعد تقييم أوضاعها غير المؤهلة للاستمرار وخصخصة 38 شركة بالكامل ما بين 2003-2005م وشركات أخرى لازال مصيرها غامضاً كخصخصة بعض القطاعات الاقتصادية الهامة كميناء عدن أن استهدفت الخصخصة القسرية مؤسسات ذات بعد استراتيجي وأخرى تعمل على أساس تجاري دون اعتبار لتداعيات تلك الخطوات التي لم تعزز الخطيئة بالخطأ وحسب وإنما كحال إحدى أم القلاع الاقتصادية ممثلة بميناء عدن ثالث ميناء رئيسي عالمي حسب تصنيف اتحاد الملاحة والنقل البحري الدولي بعد انقضاء عامين من التفريط لم يشهد الميناء العملاق أي تحسن بل تراجعت كفاءته إلى حدود دنيا, أعادت إلى الأذهان فرضية المؤامرة التي حذر منها رجال الاقتصاد أثناء إرساء العقد للمشغل الحالي وقبل ذلك وهو ما يشير إلى أن فداحة الضرر ستحظى يوماً باعتراف رسمي حالما تأتي حكومات قادمة, وبالرغم من تكامل مؤشرات فشل الخصخصة على مدى 15 عاماً إلا أن ثمة شعوراً يخالجني بأن خصخصة خصه بالشيء لم تفشل ولكن أفشلت كما أفشلت مؤسسات ووحدات الدولة التي تعرضت للتصفية ولعل نجاح بعض الوحدات الاقتصادية الحكومية في مواكبة التغيير وفرص النجاح وخوض غمار المنافسة دليل على ذلك وإن كان ولابد من التساؤل كيف استطاعت بعض الشخصيات القبلية والعسكرية أن تفكر بعقلية القطاع الخاص وتدير شركات وفشلت الإدارة العامة للدولة في إدارة الشركات والمؤسسات العامة بعقلية القطاع الخاص.