دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    تضامن حضرموت يحلق بجاره الشعب إلى نهائي البطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت بفوزه على سيئون    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    مجلس وزارة الشؤون الإجتماعية والعمل يناقش عدداً من القضايا المدرجة في جدول أعماله    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    الصين تبدأ بافتتاح كليات لتعليم اللغة الصينية في اليمن    تشيلسي يسعى لتحقيق رقم مميز امام توتنهام    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    صواريخ الحوثي تُبحِر نحو المجهول: ماذا تخفي طموحات زعيم الحوثيين؟...صحفي يجيب    المنخفض الجوي في اليمن يلحق الضرر ب5 آلاف أسرة نازحة جراء المنخفض الجوي باليمن    انهيار حوثي جديد: 5 من كبار الضباط يسقطون في ميدان المعركة    نائب رئيس نادي الطليعة يوضح الملصق الدعائي بباص النادي تم باتفاق مع الادارة    شاب سعودي يقتل أخته لعدم رضاه عن قيادتها السيارة    كان طفلا يرعى الغنم فانفجر به لغم حوثي.. شاهد البطل الذي رفع العلم وصور الرئيس العليمي بيديه المبتورتين يروي قصته    الهلال يلتقي النصر بنهائي كأس ملك السعودية    تعز.. حملة أمنية تزيل 43 من المباني والاستحداثات المخالفة للقانون    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    توضيح من أمن عدن بشأن مطاردة ناشط موالٍ للانتقالي    أهالي اللحوم الشرقية يناشدون مدير كهرباء المنطقة الثانية    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    قيادي حوثي يخاطب الشرعية: لو كنتم ورقة رابحة لكان ذلك مجدياً في 9 سنوات    الخميني والتصوف    نجل القاضي قطران: والدي يتعرض لضغوط للاعتراف بالتخطيط لانقلاب وحالته الصحية تتدهور ونقل الى المستشفى قبل ايام    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    إنريكي: ليس لدينا ما نخسره في باريس    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    جريدة أمريكية: على امريكا دعم استقلال اليمن الجنوبي    محلل سياسي: لقاء الأحزاب اليمنية في عدن خبث ودهاء أمريكي    بن الوزير يدعم تولي أحد قادة التمرد الإخواني في منصب أمني كبير    الرئيس الزُبيدي يُعزَّي الشيخ محمد بن زايد بوفاة عمه الشيخ طحنون آل نهيان    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    خطوة قوية للبنك المركزي في عدن.. بتعاون مع دولة عربية شقيقة    سفاح يثير الرعب في عدن: جرائم مروعة ودعوات للقبض عليه    يمكنك ترك هاتفك ومحفظتك على الطاولة.. شقيقة كريستيانو رونالدو تصف مدى الأمن والأمان في السعودية    مخاوف الحوثيين من حرب دولية تدفعهم للقبول باتفاق هدنة مع الحكومة وواشنطن تريد هزيمتهم عسكرياً    الحوثيون يعلنون استعدادهم لدعم إيران في حرب إقليمية: تصعيد التوتر في المنطقة بعد هجمات على السفن    مبلغ مالي كبير وحجة إلى بيت الله الحرام وسلاح شخصي.. ثاني تكريم للشاب البطل الذي أذهل الجميع باستقبال الرئيس العليمي في مارب    غارسيا يتحدث عن مستقبله    مكتب التربية بالمهرة يعلن تعليق الدراسة غدا الخميس بسبب الحالة الجوية    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 34 ألفا و568 منذ 7 أكتوبر    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    هربت من اليمن وفحصت في فرنسا.. بيع قطعة أثرية يمنية نادرة في الخارج وسط تجاهل حكومي    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    هذا ما يحدث بصنعاء وتتكتم جماعة الحوثي الكشف عنه !    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    اعتراف رسمي وتعويضات قد تصل للملايين.. وفيات و اصابة بالجلطات و أمراض خطيرة بعد لقاح كورونا !    وزارة الأوقاف بالعاصمة عدن تُحذر من تفويج حجاج بدون تأشيرة رسمية وتُؤكّد على أهمية التصاريح(وثيقة)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    القرءان املاء رباني لا عثماني... الفرق بين امرأة وامرأت    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى من يهمه الأمر:أسباب تدهور قيمة العملة اليمنية و المعالجات الواجبة لمواجهتها!
نشر في الوسط يوم 08 - 02 - 2012

كتب/بروفيسور.سيف العسلي تلعب العملة دورا أساسيا في الاقتصاديات الحديثة. اذ انها إحدى أهم مكونات العرض النقدي و خصوصا في الدول النامية مثل اليمن. فبدون نقود لا يستطيع أي مجتمع استغلال كامل موارده المتاحة له بالكفاءة المطلوبة. فإنتاج السلع و الخدمات الضرورية للحياة لا يمكن ان يتم بدون وجود نقود كافية للمساعدة على الاستفادة من السلع و الخدمات المتاحة و الممكنة. فالنقود إذن تؤثر على الإنتاج و الاستهلاك و الوظائف و الأسعار و مستوى الرفاهية. يمكن القول بان عملة أي بلد تتغير ( سلبا او إيجاباً) تبعا لتغير ( سلبا او إيجابا) مجموعتين من العوامل. المجموعة الأولى تتمثل في القاعدة الأساسية التي يقوم عليها اقتصاد بلد ما. أما المجموعة الثانية فتمثل الادارة الاقتصادية ( السياسات الاقتصادية) في هذا البلد. و تعتمد القاعدة الاساسية لاي اقتصاد من اقتصاديات العالم على قدرته الإنتاجية وطاقته الاستيعابية. و تعتمد القدرة الإنتاجية على الحجم المتوفر من مدخلات الإنتاج ( الأرض و العمل و رأس المال و التنظيم) و المستوى التكنولوجي ( الأبحاث و التطوير) و الأنظمة السائدة ( القدر المتاح من حماية حقوق الملكية و العدالة في توزيع الموارد الأولية و توفر السلع العامة). فكلما تحسنت هذه العوامل او بعضها على الأقل كلما ازدادت القدرة الإنتاجية و بالتالي تحسنت قيمة العملة في هذا الاقتصاد. و العكس ايضا صحيح، أي كلما تدهورت هذه العوامل او على الأقل بعضها كلما تدهورت القدرة الإنتاجية في هذا الاقتصاد و بالتالي تدهورت قيمة العملة الوطنية فيه. فزيادة القدرة الإنتاجية في أي اقتصاد من اقتصاديات العالم مع بقاء العوامل الاخرى على حالها سيؤدي الى زيادة الصادرات و انخفاض الواردات او الى احداهما على الأقل. و في هذه الحالة فان الطلب على عملة هذا الاقتصاد سيزداد و في ظل بقاء عرض العملات الصعبة على حاله او في ظل انخفاض الطلب عليه سترتفع قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الاخرى، أي ان العملة الوطنية ستتحسن. و في حال تدهور القدرة الإنتاجية في أي اقتصاد من اقتصاديات العالم فان ذلك سيؤدي في ظل بقاء العوامل الاخرى بدون تغير الى انخفاض الصادرات و زيادة الواردات الامر الذي سيؤدي الى انخفاض الطلب على العملة الوطنية و زيادة الطلب على العملات الاخرى مما سيؤدي الى انخفاض قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الاخرى أي الى تدهورها. و تعتمد الطاقة الاستيعابية على عدد من العوامل. و لعل من أهمها معدل زيادة النمو السكاني و حجم الانفاق الحكومي و حجم و تكلفة الائتمان و حجم و نوعية الاستثمار فيه. فكلما زاد معدل النمو السكاني كلما زاد الاستهلاك و خصوصا الاستهلاك الأساسي الذي لا يعتمد كثيراً على الدخل. و يترتب على ذلك انخفاض الصادرات و زيادة الواردات و كذلك كلما زاد الانفاق الحكومي مع جمود الإيرادات الطبيعية كلما زاد الطلب الكلي الامر الذي قد يؤدي الى زيادة الواردات و انخفاض الصادرات. و كلما انخفضت أسعار الفائدة و اتسع حجم الائتمان كلما زاد الطلب الكلي و بالتالي فان ذلك قد يؤدي الى انخفاض الصادرات و زيادة الواردات. و نفس الامر ينطبق على الاستثمار و خصوصا ذلك المرتبط بمدجلات الإنتاج. فالاستثمار قد يحول بعض مدخلات الإنتاج المحلية من إنتاج سلع استهلاك الى إنتاج سلع استثمارية و بالتالي الى زيادة استيراد السلع الاستهلاكية من الخارج. و قد يؤدي الى زيادة الاستيراد من المدخلات الخارجية. و في ظل بقاء العوامل الاخرى على ما هي عليه فان كل هذه التغيرات ستعمل على زيادة الطلب على العملات الخارجية و زيادة عرض العملة المحلية او انخفاض الطلب عليها مما سيترتب عليه تدهور قيمتها. و العكس في حال حدوث تغيرات معاكسة في المتغيرات سالفة الذكر. أما فيما يتعلق بالإدارة الاقتصادية ( السياسات الاقتصادية) فيأتي في مقدمتها نظام سعر الصرف و العرض النقدي و سعر الفائدة.و نتيجة لذلك فان كل دول العالم تمتلك مؤسسة عامة تتولى ذلك و تسمى في بعض الدول بالمركزي و في بعضها بمؤسسة النقد في دول أخرى و بالهيئة النقدية. الوظائف الاساسية للبنك المركزي هي إدارة النقود و تنظيم البنوك التجارية و المؤسسات المالية الأخرى و كذلك الإشراف عليها و تقديم المساعدة لها عند الضرورة من خلال لعب دور المقرض الأخير لها. و مساعدة الحكومة في إدارة الدين العام بأقل تكلفة و بالوسائل التي لا تتسبب في أضرار مباشرة او غير مباشرة للاقتصاد الوطني. ينبغي على البنك المركزي إدارة النقود بهدف تحقيق استقرار الأسعار ( معدل تضخم يقرب من الصفر و سعر صرف مستقر) او بهدف تحقيق معدل نمو اقتصادي مرتفع. و يتحقق ذلك إما من خلال إدارة العرض النقدي و إما من خلال إدارة سعر الفائدة. فاذا كان الهدف هو السيطرة على التضخم إي تحقيق معدل تضخم يساوي الصفر فان التغير في العرض النقدي لا بد و ان يكون مساويا لمعدل نمو الناتج المحلي الحقيقي. و في هذه الحالة فانه ينبغي ان تكون أسعار الفوائد حرة للتغير وفقا للعرض و الطلب على القروض و الودائع. أما اذا كان الهدف هو تحقيق معدل نمو اقتصادي معين فان التغير في العرض النقدي و في أسعار الفائدة مرتبط بتحقيق ذلك. و لا شك ان ذلك يعتمد على عدد من العوامل لعل من أهمها نظام سعر الصرف المتبع.ففيما يخص نظام سعر الصرف فان هناك العديد من الخيارات و لعل من أهمها نظام سعر الصرف الحر ( تعويم العملة) و نظام سعر الصرف الثابت ( تثبيت سعر الصرف) و بينهما عدد من الأنظمة و التي من أهمها سعر الصرف المدار و سعر الصرف المرتبط و سعر الصرف المتدرج و هكذا. ان اختيار نظام سعر الصرف المناسب لاي اقتصاد من اقتصاديات العالم يعتمد على عدد من العوامل و لعل من أهمها حجم هذا الاقتصاد و التوجه الفلسفي له و علاقاته مع اقتصاديات الدول الاخرى. ذلك ان سعر الصرف المناسب هو ذلك الذي يؤدي الى استقرار سعر العملة مع السماح له بالتغير اذا كان ذلك استجابة لاي تغير في الأساس الاقتصادي في هذه الدولة. و لذلك فقد يكون سعر الصرف الحر مناسبا في وقت معين و غير مناسب في وقت آخر و كذلك بقية الأنظمة الاخرى. ان ذلك يعني انه لا يوجد نظام سعر صرف مناسب لكل الاقتصاديات و لا لاي اقتصاد منها في كل الأوقات. و لذلك فان نظام الصندوق الدولي يسمح للدولة بان تختار نظام سعر الصرف المناسب لها و لا يجبرها على إتباع أي نظام بعينه. فمن حيث المبدأ فانه يمكن القول بان سعر الصرف الحر قد يكون مناسبا في معظم الأوقات للاقتصاديات الكبيرة. ذلك ان أي تغير في أي من مكونات الأساس الاقتصادي لا يكون له اثر كبير عليه مما يمكن من استيعابه بقدر اقل من التغير في سعر الصرف. و بالتالي فان سعر الصرف في هذه الحالة يمكن اعتباره مستقرا على الرغم مما حدث فيه من تغير معقول. و هذا على العكس من الاقتصاديات الصغيرة و التي سيترتب عليها حدوث تغير كبير في سعر عملتها اذا حدث تغير بسيط في أي من مكونات أساسها الاقتصادي. و في هذه الحالة فان احتمال حدوث أي موجات تضخمية في هذه الحالة سيكون ضئيلاً جدا. و بالاضافة الى ذلك فان ذلك سيساعد على تنقل رؤوس الأموال من و الى هذه الدولة بشكل أسرع و بطريقة مفيدة لها. و بنفس القدر فان التوجه الفلسفي للإدارة الاقتصادية يؤثر على نظام سعر الصرف المناسب. فاذا كانت الدولة تهدف الى التدخل في الاقتصاد فان نظام سعر الصرف المناسب لها هو نظام سعر الصرف الحر او النظام القريب منه. ففي هذه الحالة فان الدولة ستتمكن من استخدام السياسة النقدية للتأثير على بعض مكونات الأساس الاقتصادي فيها أي على الإنتاج و الطاقة الاستيعابية من خلال إدارة العرض النقدي او سعر الفائدة. أما اذا كانت الدولة لا تهدف الى التدخل في الاقتصاد الا بالقدر الضروري فان نظام سعر الصرف المناسب لها هو نظام سعر الصرف الثابت او النظام القريب منه. لانه في هذه الحالة فانها ستتفرغ الى إدارة العملة لجعلها اكثر ثباتاً و بالتالي ترك الاقتصاد يوجه نفسه بنفسه. و ستستفيد الدولة في هذه الحالة من التحكم في المتغيرات النقدية و بالتالي ستكون فرصتها في محاربة التضخم اكبر بكثير. و لا شك ان العلاقات التجارية و الاستثمارية مع الدول الاخرى قد تؤثر على نظام سعر الصرف المناسب. فقد يكون من المفيد ان يكون نظام سعر الصرف في أي دولة متقارباً مع نظام سعر الصرف المطبق في الدول الأكثر تبادلا معها. فذلك سيعمل على زيادة المبادلات التجارية و الاستثمارية بينها و بين هذه الدول. اذا ما حاولنا تتبع التغيرات التي حدثت في كل من القاعدة الاساسية للاقتصاد اليمني و الادارة النقدية له سيتم تحديد الأسباب التي أدت الى تدهور قيمة العملة اليمنية (الريال) فإننا سنجد بانه قد حدثت تغيرات سلبية في هذا المجال و منذ زمن طويل. لكن لسوء الحظ فانها لم تحظ بالاهتمام المطلوب مما تركها تستفحل لتصل الى ما وصلت اليه في الوقت الحاضر. فقد انخفضت القدرة الإنتاجية لاقتصاد اليمن منذ فترة طويلة في نفس الوقت فقد زادت الطاقة الاستيعابية فيه. و يتضح انخفاض القدرة الإنتاجية في الاقتصاد اليمني من خلال انخفاض إنتاج و تصدير كمية النفط الخام بالتزامن مع تراجع أسعاره دوليا. و قد ترتب على ذلك تدني معدل النمو الاقتصادي المحقق خلال الثلاث السنوات المالية بحيث انه لم يتعد 3% سنويا في ظل التقديرات المتفائلة. و من المتوقع ان يستمر انخفاض إنتاج النفط الخام في المستقبل و ربما بمعدلات كبيرة الامر الذي قد يؤدي الى تدني معدل النمو الاقتصادي و تحوله الى معدل سالب و خصوصا في ظل عدم وجود مؤشرات على حصول أي إمكانية للتعويض عن ذلك من أي من قطاعات الاقتصاد الاخرى. صحيح ان اليمن قد بدأ في تصدير الغاز الى الخارج و لكن الصحيح ان مقدار ما هو متاح للتصدير في الوقت الحاضر محدود مما سيجعل تعرضه للانخفاض في إنتاج النفط محدودا و خصوصا في السنوات الثلاث القادمة، حيث ان تسديد تكاليف منشئات التصدير و أقساط التمويل ستستوعب الجزء الأكبر من الإيراد المحققة منه. و من الواضح كذلك ان الطاقة الاستيعابية للاقتصاد اليمني قد زادت بشكل كبير. و مما يؤكد ذلك تزايد عجز الموازنة العامة سواء المخطط او المحقق خلال السنوات المالية 2007 و 2008 و 2009 و 2010. فقد بلغت نسبة العجز المحققة خلال هذه السنوات ما يقرب من 10% من الناتج المحلي الاجمالي بعد ان كانت قد حققت فائضاً ملموساً في السنة التي سبقت ذلك. و من المتوقع ان يتزايد عجز الموازنة في السنوات القادمة في ظل عدم الإسراع في تنفيذ الإصلاحات المالية و الإدارية و على وجه التحديد ضبط الانفاق العام و تطبيق القوانين الضريبية و في مقدمتها ضريبة القيمة المضافة او المبيعات و التخلص من الوظائف الوهمية و المزدوجة و تحسين نوعية التوظيف العام من خلال تطبيق المعاير الموضوعية و المحايدة. بالاضافة الى ذلك فان تصاعد فاتورة الاستيراد تؤكد تزايد الطاقة الاستيعابية في الاقتصاد اليمني. و مما يجعل الصورة باهتة جداً هو تزايد العجوزات في حسابات ميزان المدفوعات، أي الميزان التجاري و الجاري و الرأسمالي. و عند التدقيق في الأسباب الى تسببت في ذلك فسيتم التعرف على تاثير قيمة الواردات من السلع الاساسية على ذلك الى جانب انخفاض الصادرات المحلية. و في ظل بقاء الأمور على ما هي عليه فانه من المتوقع ان تتصاعد فاتورة الاستيراد و تنكمش موارد النقد الأجنبي و ذلك نتيجة لتزايد معدل نمو السكان و تراجع الصادرات و القروض و المساعدات الخارجية. و في ظل هذه التوقعات فان انعكاس ذلك على احتياطيات البلاد من العملة الصعبة ستكون شديدة الانخفاض. و في هذه الحالة فانه لا محالة من استمرار تدهور قيمة الريال اليمني في المستقبل. و يزداد الامر سوءا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار سوء الادارة النقدية. فالطريقة التي اتبعها البنك المركزي (العرض النقدي) لا تدل على المهنية و انما تدل على الإهمال و عدم الاكتراث. و الدليل على ذلك انه لم يحدد له هدفا واضحا كما كان ينبغي عليه فعله. فلا هو حدد هدفه في المحافظة على مستوى الأسعار بدليل ارتفاع معدلات التضخم في اليمن خلال العشر السنوات الماضية و لا هو حدد هدفه في زيادة معدل النمو و محاربة البطالة بدليل تدني معدل النمو المحقق و
تزايد معدلات البطالة خلال الفترة الماضية، و لا هو حدد هدفه في استقرار سعر صرف الريال بدليل تدهور قيمته باستمرار خلال الفترة الماضية و ان كانت بنسب متفاوتة. فمن يحلل التغير في كل من العرض النقدي و النمو الاقتصادي و معدل التضخم و سعر الفائدة و سعر الصرف سيلاحظ ان البنك المركزي قد ترك الحبل على الغارب لكل هذه المتغيرات و التي عكست ذلك من خلال تغيراتها الكبيرة و غير المنضبطة و غير المنسجمة مع بعضها البعض و لا مع المتغيرات الاقتصادية الاساسية الاخرى. فعلى عكس ما يدعي البنك المركزي من ان نظام سعر الصرف المتبع في اليمن هو نظام سعر الصرف الحر ( المعوم) لكن ما مارسه البنك في هذا الإطار من ترتيبات هو في الحقيقة اقرب الى اللانظام و التي لا تنسجم مع أي ترتيبات أنظمة سعر الصرف المتعارف عليها. و الدليل على ذلك هو ربطه الريال بالدولار الامر الذي لا يتناسب مع نظام سعر الصرف المعوم. و من الأخطاء الكبيرة التي ارتكبها البنك المركزي السماح لكل من الدولار و اليورو بالتنافس مع الريال في السوق المحلية. و لقد ترتب على ذلك تأثر الأسعار المحلية بأي تغيرات سلبية في الريال او الدولار او اليورو. و لا شك أن ذلك التخبط ساعد على التصاعد المستمر لمستوى الأسعار في اليمن. و من الأدلة على تخبط السياسة النقدية في اليمن تدخل البنك المركزي في سوق النقد الأجنبي. فعلى الرغم من أن ذلك لا ينسجم مع نظام سعر الصرف الحر فان ممارسته من قبل البنك المركزي قد اتسم بالغباء و عدم الاكتراث. فلم يكن حجمه و لا وقته مناسبين لتحقيق الأهداف المتوخاة منه. اذا لم يكن مرتبطا بما كان يجري في الطلب على النقود و لا يؤخذ بعين الاعتبار تأثيره السلبي على القاعدة الاساسية للاقتصاد أي تأثيره السلبي على كل من الطاقة الإنتاجية او القدرة الاستيعابية او الاثنين معا. و لذلك فقد كان نتيجة تدخله في سوق النقد الأجنبي إما تثبيت قيمة الريال و إما المحافظة على تدهور قيمته. فقد يكون التدخل مفيدا اذا كان بهدف تحقيق التوازن في السوق بسلالة و بالخارج. و لكن ما كان يترتب على تدخل البنك المركزي في الواقع هو عكس ذلك تماما. و قد نتج ذلك من حقيقة ان البنك المركزي ظل هو البائع للعملة الصعبة في كل ما قام به من تدخلات في سوق النقد الأجنبي و لم يقم بعملية شراء واحدة مما تسبب في اتجاه قيمة الريال الى التدهور الامر الذي افقده أي ثقة من قبل المتعاملين. و لقد ترتب على ذلك فقدان الريال اليمني للثقة المطلوبة له في الداخل و الخارج . و الدليل على ذلك انه لم يكن من ضمن أهداف تدخل البنك المركزي في سوق النقد الأجنبي تغير التوقعات حول سعر الصرف الى الأفضل و انما كان هدفه دائما هو التأثير على العرض النقدي بهدف المحافظة على الاحتياطي. و لا شك ان ذلك غير مجد و خصوصا اذا كانت نسبة كبيرة من العرض النقدي هي خارج القطاع المصرفي. الأكثر استغرابا ان البنك المركزي قد تعمد التشجيع على احتفاظ المتعاملين بالدولار بدلا من الاحتفاظ بالريال من خلال قبوله الودائع بالدولار و إعطائه فوائد عليها تفوق نسبتها الحقيقية ما يعطيه من فوائد على ودائع الريال. و لا شك ان ذلك يتعارض مع الحرص على جعل الريال منافسا في الاحتفاظ بالثروة من قبل اليمنيين و لقد ترتب على ذلك السماح بل و تكريس عملية الدولرة في اليمن. ان تركيز البنك المركزي على تراكم الاحتياطيات على الرغم من الآثار الضارة المترتبة على ذلك فيما يخص الاستثمار و زيادة الإنتاج لدليل واضح على ان ترتيبات سعر الصرف في اليمن لا علاقة لها بما يدعيه البنك بانه يطبق نظام سعر الصرف الحر او المعوم. ففي ظل هذا النظام فان الاحتياطي يفقد أهميته و بالتالي لا يمكن الاهتمام به اكثر من الاهتمام بتطوير القدرة الإنتاجية و التي تعتبر الضامن الحقيقي لثبات و استقرار العملة الوطنية. و لقد نتج عن تعمد البنك المركزي الإصرار على هذه الممارسات محافظته على سعر صرف غير حقيقي مما اثر سلبا على كل من النمو الاقتصادي و الوظائف و الصادرات و الواردات و مستوى الأسعار. و لا شك ان تصرفه على هذا النحو لم يكن لينسجم مع ما حدث من متغيرات في القاعدة الاقتصادية للاقتصاد اليمني. أما فيما يخص قيام البنك المركزي بوظيفة الإشراف على البنوك فمن الواضح انه لم ينجح في ذلك. فلم يساعده على ان يكون فعالا و آمنا. بل العكس فقد دخل في تنافس حاد معه. فالبنك المركزي ظل يصر على التمسك بممارسة بعض المهام البنكية و الداخلة في صميم اختصاص البنوك التجارية. فقد ظل يحتكر توريد الإيرادات العامة للدولة و تنفيذ نفقاتها. فما من شك بان ذلك قد شغله عن ممارسة مهامه في إدارة السياسة النقدية. و الى جانب ذلك فان ممارسة البنوك التجارية لمثل هذه المهام أفضل بكثير منه. فقد عمد البنك المركزي الى تشجيع البنك التجاري على الإيداع لديه بدلا من الإقراض للمستثمرين مما ترتب على ذلك تحويل هذه الودائع الى احتياطيات لدى البنك المركزي يتم الاحتفاظ بها إما على شكل أوراق نقدية بالدولار او على شكل حسابات لدى العديد من البنوك المركزية بالخارج. و لا شك ان ذلك قد تسبب في تدني معدل النمو الاقتصادي و في تشجيع خروج الاستثمارات الى الخارج و تحميل الخزينة العامة تكاليف ذلك. و الأدهى و الامر يكمن في إصرار البنك المركزي على تشجيع الودائع لديه و لدى البنوك التجارية بالدولار مما يمثل دعما مباشراً لعملية الدولرة و التي كانت على حساب الثقة بالعملة الوطنية ( الريال). لقد ترتب على ذلك ان تحول البنك المركزي الى مقترض من البنوك التجارية الامر الذي جعله ينافس القطاع الاستثماري و التجاري. و من اجل ذلك فقد حرص على تثبيت الحد الادنى من سعر الفائدة ليقلل من خسائره في هذا المجال. فما يقترضه البنك المركزي من البنك التجاري كان يستثمره في الخارج بعائد ضئيل جدا. و من يطلع على الميزانية الموحدة للبنوك في اليمن فسيدرك ذلك. فودائع البنوك التجارية كبيرة جدا قد تصل الى ما يقارب النصف من قروضها و النصف الآخر يتجه لتمويل التجارة فقط و لا قروض للاستثمار في أي مجال من المجالات. و الأكثر اهمية من ذلك هو أن البنك المركزي قد استخدم سلطته على هذه البنوك كمنافس لا كمشجع و مطور. و الدليل على ذلك هو إجباره لها على زيادة رؤوس أموالها و احتياطيات الديون المتعثرة على الرغم من صغر حجم هذه القروض و ان غالبيتها هي له. و الدليل على ذلك ان نسبة القروض الى الودائع اقل من 30% منها الامر الذي يعني انه لا توجد مخاطر تبرر ذلك على الإطلاق. فالمتعارف عليه ان القروض لا بد و ان تفوق الودائع بثلاثة او اربعة اضعاف على الأقل. أما فيما يخص وظيفة مساعدته الحكومة في إدارة الدين العام فان إخفاقه في ذلك لا يصدق. فان ما تحملته الخزينة العامة من تكلفة لأذون الخزانة باهظة جدا حتى في الأوقات التي كانت الموازنة العامة تسجل فائضا و كان رصيدها لديه موجبا لدى البنك المركزي بمقدار يقترب كثيرا من القيمة الحالية لأذون الخزانة. و في الحالات التي أصبح رصيدها سالباً و بالتالي فانها تحتاج الى تمويل العجز بوسائل غير تضخمية أي من خلال أذون الخزانة فانه قد فشل في إيجاد مشتر لها. و لقد ترتب على ذلك مضاعفة الآثار الضارة للتغيرات في مكونات القاعدة الاساسية على العملة الوطنية. و تضح ذلك من خلال النتائج الضارة لتصرفات البنك التي قام بها على قيمة الريال اليمني. فمن يقيم ما قام به البنك المركزي من إجراءات خلال الفترة الماضية سيجد انه كان يتشدد عندما لم يكن هناك أي ضرورة و التساهل عندما يكون الامر يتطلب عكس ذلك. و نتيجة لذلك فقد فشلت السياسة النقدية في اليمن تحقيق لا التوازن الداخلي و لا التوازن الخارجي. و الدليل على ذلك ارتفاع معدل البطالة و التضخم و حدوث عجز في كل من الحساب التجاري و الحساب الجاري و في الآونة الأخيرة في ميزان المدفوعات و الذي ترتب عليه تراجع الاحتياطيات و التدهور الكبير في قيمة الريال اليمني. ان منع حدوث تدهور آخر في قيمة العملة الوطنية ( الريال ) في المستقبل القريب يكمن في سرعة العمل بكل جد من اجل إيجاد قطاع او قطاعات اقتصادية قادرة على تعويض ما ترتب على انخفاض إنتاج النفط و تصديره من آثار و الى المساهمة في توفير قوة دفع جديدة لبقية قطاعات الاقتصاد اليمني. و قد يكون قطاع الغاز و الكهرباء و المياه و المهارات مرشحة للعب هذا الدور و خصوصا اذا ما تمت الاستفادة من المساعدات و القروض الخارجية لتوفير التمويل الضروري لتنمية هذه القطاعات. و كذلك فانه لا بد و ان تعاد هيكلية الانفاق العام بما ينسجم مع الإيرادات العامة المتاحة. ان ذلك يتطلب عادة النظر في عملية الالتزامات العامة في كل من النفقات و الإيرادات بحيث تتم وفقا لأولويات و خطط مدروسة. ان ذلك يتطلب إعادة النظر في العديد من المشاريع القائمة حالياً و المتعثرة و تطبيق القوانين الضريبية و خصوصا فيما يتعلق بضريبة المبيعات. و ايضا ان ذلك يتطلب عادة النظر بهيكلية الخدمة المدنية بحيث يتم محاصرة التوظيف لأجل الولاء السياسي الى صالح حيادية الوظيفة العامة و حسن اختيار الكفاءة و إعطائها الحوافز الضرورية لتحفيزها على الإبداع و الإسراع في حل مشاكل المواطنين و تطوير الوظيفة العامة وفقا للمعاير الدولية. و في إطار ذلك فانه لا بد من إصلاح العلاقة مع القطاع الخاصة بحيث تتم وفقا للمصالح المشتركة و بعيدا عن المزايدة و في ظل السعي لتحقيق توازن بين الحقوق و الواجبات لكل من الحكومة و القطاعات التابعة لها و القطاع الخاص و المجتمع. و فيما يخص الادارة النقدية فانه لا بد من إعادة هيكلية البنك المركزي بشكل كامل. ففي نظري فان نظام سعر الصرف المناسب هو إما النظام الذي يقوم على استهداف مكافحة التضخم و إما النظام الذي يقوم على أساس تطبيق قواعد نقدية ثابتة. و لذلك ووفقا للبديل الأول فانه ينبغي ان يستهدف البنك المركزي تحقيق معدل تضخم مساو للصفر. و من اجل تحقيق ذلك فان عليه ان يدير العرض النقدي بما يحقق ذلك. و في هذه الحالة فان البنك المركزي قد يهتم كثيرا بمعدل النمو الاقتصادي و انما يهتم فقط بمعدل التضخم. و في هذه الحالة فان عليه ان يختار سعر الصرف الذي يحقق هذا الهدف. و من ثم فان عليه ان يراقب أي تغيرات في سعر الصرف الاسمي بما ينسجم مع هدفه في تخفيض معدل التضخم الى أدنى حد له، أي الى الصفر. يستطيع البنك المركزي ان يحقق ذلك من خلال سعيه لتحقيق توازن بين العرض الكلي للسلع و الخدمات و الطلب الكلي لها. و لا شك ان العرض النقدي له تاثير على كل من ذلك من خلال تأثيره على سعر الفائدة و الذي له تاثير على كل من العرض و الطلب الكليين. و نتيجة لذلك فان سعر الصرف سيتحرك استجابة للتطورات في العرض النقدي و سعر الفائدة و بالتالي سيعمل على تحقيق التوازن بين الصادرات و الواردات و التدفقات المالية الداخلة و الخارجة بما ينسجم مع كل من التوازن الداخلي و الخارجي. و أما فيما يخص البديل الثاني فان على البنك المركزي ان يدير سعر الصرف من خلال تحديد حدود التغير المقبول في أسعار الفائدة مسبقا. و في إطار تحديد سعر الفائدة المناسب فانه ينبغي ان يكون سعر الفائدة الاسمي مساويا لمعدل التضخم و سعر الصرف الحقيقي و الفارق بين معدل النمو المحقق و معدل النمو المستهدف. و يستطيع البنك المركزي التحكم في ذلك من خلال تغييره لسعر الفائدة. فاذا كان سعر الصرف الحقيقي اكبر من سعر الصرف التوازني فان على البنك ان يخفض سعر الفائدة لان ذلك سيعمل على زيادة معدل النمو المحقق مما سيؤدي الى تخفيض سعر الصرف الحقيقي. و في هذه الحالة فان سعر الصرف الاسمي سيستجيب لذلك إما بالزيادة او الانخفاض. و في هذه الحالة فان سعر العملة الوطنية سيتحرك حول مدى مقبول ينسجم مع استقراره و استجابته للتغيرات التي تحدث في القاعدة الاقتصادية. إنني اعتقد ان الخيار الثاني هو الخيار المناسب لليمن. و لكني لا اعتقد ان البنك المركزي بوضعه الحالي قادر على تطبيقه. ألا هل بلغت اللهم فاشهد!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.