بالرغم من مناداتنا وكثير من الشخصيات الوطنية والشعبية وكثير من الأجلاء الكتاب والصحفيين وتقريباً جميع الصحف المعتنقة فعلاً القضية الجنوبية كقضية أولى تمثل حجر الزاوية اليوم لنضالات أبناء الجنوب بمختلف شرائحهم وتنظيماتهم السياسية والمهنية والشعبية كقضية عنوانها (الحق والأرض والإنسان والدولة) وهذا العنوان الكبير يحطم أمامه كل الاختلافات والتباينات مهما كان حجمها أو نفوذ أصحابها...الخ وكل هؤلاء يدعون إلى ضرورة توحيد الحراك الجنوبي الوطني السلمي الجليل أملنا وأملهم بعد الله سبحانه وتعالى وأمل شعب الجنوب توحيد قياداته في الداخل والخارج وحسم خياراتهم على طريق الخلاص الجذري لمعاناة شعب الجنوب الممتدة على سبيل الحصر بنحو عقدين من الزمان لا مثيل لها في تواريخ الإنسانية الوطنية أبداً والموغل في الأذى والقتل والتنكيل المستهدفة بحقه ومدينته وكرامته الشاملات لكل عناوين الحياة والأرض التي أسمت لها الله سبحانه وتعالى منذُ عشرات الآلاف من السنين وعاشتها أجيال ما قبل التاريخ البدائي والوسيط والمعاصر والممتد والمستمر مع إشراقة الألفية الثالثة الميلادية المستمرة... ويكفى أن نشير إلى الجهود المضنية التي بذلتها عدد من الشخصيات الوطنية البارزة الجليلة لسنوات عدة وفي مقدمتهم الهامة الوطنية الموقرة د. محمد حيدرة مسدوس ويكفى أن نذكر بأن عدداً من دول العالم الحرة وتضامناً مع شعب الجنوب إعلامياً وسياسياً وهناك تجمع غربي مغرر في السياسة الدولية تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية وأجزم بأن دول الجزيرة العربية والخليج بقيادة المملكة العربية الشقيقة وكل العرب يعيشون بعقولهم وسياستهم وقلوبهم مع الجنوبيين المقهورين والمظلومين في زمن الشرعية الدولية والإنسانية المشهود لها بعدم السماح لأي كان ديكتاتوراً أو شعباً ألهاه أو أوهمه التكاثر أو القوة الغاشمة بأنه بإمكانهم الإفلات عن حماقاتهم التي تحن إلى عادات القرون الوسطى والبدائية قرون الغزوات وهجمات القبائل الكبرى على الصغرى ومحوها من الوجود إن استطاعت. . فمثلاً نود التذكير بأن عدداً من دول العالم وتضامناً مع شعب الجنوب على الطريقة التي تراها مثل منظمة لجنة الأزمات الدولية والتي تتكون عضويتها من عدد كبير من دول العالم المقررة في السياسات الدولية فقد أعدت هذه اللجنة الدولية تقريراً شاملاً قبل انتصار ثورة التغيير السلمية الشمالية الكبرى ودعت إلى ندوة مهمة ونظمتها في النصف الأول من ديسمبر من عام 2011م بالاشتراك مع منتدى التنمية السياسية في اليمن الذي يقوده الوطني الجليل المخضرم الأستاذ علي سيف حسن وحملت الندوة والتقرير المقدم إليها عنواناً مهماً ومؤثراً يسمى: ب(نحو صوت موحد للجنوبيين)، وهو ما يوحي إلى المساعدة النظرية والعملية للجنوبيين حتى يستطيعوا التفاوض على مصيرهم بعد مرور خمسة أعوام من ثورة الحراك الشعبي السلمي الهادر الذي توج فعله الوطني الثوري عام 2007م، لقد مثل عنوان التقرير والندوة صرخة دولية إنسانية لا تنسى وهو دليل ملموس على مدى اهتمام العالم بالقضية الجنوبية المظفرة بإذن الله تعالى.. بعد أن انقسم الجنوبيون إلى فصيلين.. فصيل مع فيدرالية مشروطة مع الشمال لمدة خمس سنوات ثم الاستفتاء على حق تقرير المصير، وفصيل مع فك الارتباط مع الشمال ومعهم في الداخل انقسمت الحركة مع وضد..). بما أن التقرير الذي قدمته الدكتورة أيريل الباحثة المهتمة بشئون اليمن شماله وجنوبه كان تقريراً شاملاً عن الحياة التاريخية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية لواقع الشمال والجنوب مهما كان القصور الذي شابه والذي انقسم بمحدودية موضوعية وذاتية التي تقود إلى حجم الموضوع المهم والكبير الذي يحتاج إلى آلاف الصفحات.. والأهم أنه قدم المقترحات الممكنة لحل القضية الجنوبية حتى ذلك التاريخ، مرجحاً كل الاحتمالات لحلول مرضية للقضية الجنوبية بالرغم انه وضع حاجزاً أمام قضية حق انفصال الجنوب عن الشمال ومع ذلك فقد سقطت في الندوة كل المحظورات.. ويمكن لنا الإشارة إلى عدد من الندوات التي نظمتها فعاليات الحركة السلمية في مختلف محافظات ومدن الجنوب وندوات نظمتها عدد من مراكز الدراسات وأهمها ندوة مدار عدن المنعقدة في يوليو ونشرت وثائقها في جميع الصحف الوطنية والمواقع الوطنية كصحيفة القضية وموقع عدن الغد.. الخ وجميع تلك الفعاليات دعت وتدعو إلى وحدة جنوبية منتمية للحراك الجنوبي الوطني السلمي في الداخل والخارج ووحدة قياداته.. لقد تصادف انعقاد تلك الندوات بنشاط دولي محمود لتوحيد القوى الوطنية الجنوبية منذُ أوائل 2012م في ألمانيا والقاهرة والأردن وبيروت .. إن تلك الفعاليات اصطدمت بالتعنت الشمالي بعد تحقيق النصر الكبير الذي حققته ثورة التغيير السلمية الكبرى وخروج المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي الداعمة لها. . فبدلاً من تبني ثوار التغيير شعاراتهم عن حل القضية الجنوبية أخذوا يتنصلون عن شعاراتهم تلك.. وأظهر عدد من قادة الثورة وفي مقدمتهم قادة حزب الإصلاح.. أظهروا أنهم إلحاقيون أكثر من النظام السابق وحاولوا ويحاولون الإثبات للجنوبيين وللعالم اجمع بأنهم ملوك ومالكين للشمال والجنوب.. يتحدثون كنخب سياسية ونخب شعبية وقبلية بالريموت كنترول بلسان الإمام الزيدي منذُ ألف عام وكيف مضى وبلسان الملك والعائلة الملكية الجمهورية المخلوعة اسمياً حتى يومنا هذا، والأدهى والأمر أن جميع النخب الشمالية فراداً وجماعات مجبرة وغير مجبرة قسراً أو طوعاً وعدد من المثقفين إلا من رحم الله وهم نخبة أعلنت نفسها وولاءها لله سبحانه وتعالى والقول الحق دون خوف أو دجل أو مواربة ونعتقد بأن هذه النخبة الموقرة من المذهب الزيدي والشافعي العلمي والحر قد حزمت أمرها مع الله خوفاً منه سبحانه وتعالى، آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر المستمر على أبناء الجنوب وشعبه.. والتزامها المسبق بمبدأ حق تقرير المصير لشعب الجنوب كونه من يمتلك الحق أولاً وآخر بعد الله سبحانه وتعالى، انطلاقاً من واقع وخصائص التاريخ الموغلة في الزمان والمكان الممتد لعشرات الآلاف من السنين وبالاعتماد على الأسس التي قامت عليها الدبلوماسية الدولية الحديثة والمعاصرة والشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة ولعل أبرز أولئك الوطنيين المتمسكين بقوة مادياً وعلمياً وروحياً بما حكم به الله ودينه دين الإسلام الذي أقامه على الأرض وأصطفى الله له خير البشرية ونبيها محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- ومن تبعه بالحق والخلفاء الراشدون العظام ومن تبعهم بالحق والعدل والإحسان في مختلف مراحل تطور وازدهار العقيدة الإسلامية حتى قرنها الثاني المستمر اليوم.. وأبرز من يحضرونني ذكراً من قيادات سياسية وحزبية زيدية وشافعية، الأجلاء عبدالله سلام الحكيمي، حسن زيد من حزب الحق، شوقي القاضي عضو مجلس النواب.. الشيخ السامعي عضو مجلس النواب والعديد من القامات الزيدية المتمسكة بالمذهب العلمي العادل الأصيل للزيدية في الحكم والسياسة المبنية على العدالة والحق والزهو والعلم المعادية للظلم مهما كان وأينما كان.. وفي طليعة أولئك عدد من القادة الحوثيين ووسائلهم الإعلامية الداعية دوماً إلى حق تقرير المصير للجنوبيين بأنفسهم بعيداً عن الإكراه والجبرية في الوحدة بعد ما لحق بالجنوبيين من الأذى والقتل والنهب والتنكيل في محاولة شنيعة عنصرية لا ترضي الله ولا رسوله ولا قيم الإسلام والإنسانية بدأت منذُ قيام الوحدة السلمية في 22 مايو 1990م واستمرت بالحرب الشيطانية القاتلة والبشعة والمدمرة لأهل الجنوب في عام 1994م واستمرارها بعد ذلك ثم من قبل الوارثين للنظام العائلي السابق والمستولين على ثورة التغيير العظيمة الشمالية وعلى الأرض الشمالية والجنوبية.. بأكملها وهم المستبدون الجماعيون لعائلة حزب الإصلاح الديني اسماً وحزب مشائخ حاشد وبكيل الطامعون في أرض الجنوب وشعبه اللذين يدفعون بالأمس واليوم بالمئات والآلاف إلى الجنوب عبر شراء الذمم الشمالية بدرجة رئيسية ومنه الجنوبية لخلق الفتن وقتل الجنوبيين في تأكيد صارخ أنهم مستمرون كحلفاء حرب للنظام بالأمس واليوم كونهم يقودون الحرب بأشكال مختلفة ضد أبناء الجنوب. منذُ قيام النظام الجديد لأحزاب اللقاء المشترك والتي بعضها أصبح يسير قسراً أو طوعاً تحت قيادة حزب الإصلاح وقبائله الكبيرة.! إلى أن يأذن الله سبحانه وتعالى بالفرج عاجلاً أو آجلاً.. ويمكن لأي باحث أو كاتب أن يلحظ تطوراً إيجابياً مفاجئاً كبيراً منذ أواخر شهر يوليو حيث عقد اجتماعاً بين رئيس البرلمان يحيى الراعي ورئيس لجنة التنسيق التنظيمية للحوار الوطني عبدالكريم الإرياني وقيادات حزب الجنوبيين في صنعاء برئاسة الوطني الجليل أ.د. صالح علي باصرة وهو عضو في اللجنة التنظيمية للحوار.. حيث أشارت صحيفة "الوسط" الوطنية الغراء إلى أن رئيس البرلمان اعتذر بشدة عما لحق بالجنوبيين من دمار وقتل وتنكيل بفعل حرب 1994م وقام بتخيير الجنوبيين الحاضرين بالبحث عن الطريق الذي يرتضونه لحل قضيتهم وبأنهم مستعدون للتجاوب مع ما يقررونه.. وهذا يعلم الله وحده هل هو تطور أخلاقي جديد أملاه الرئيس عبدربه منصور الذي حدد الحوار الوطني في أول الأمر بأنه حوار بلا حدود ولا خطوط حمراء في ذلك أم هو موقف تكتيكي.. وبالرغم من ذلك بمجرد سماع ذلك من رئيس البرلمان وتأييد الإرياني فإن الأمر يعتبر قفزة نوعية في أخلاق الشمال الرسمي.. وقد تفاءل الجنوبيون بتصريحات الأستاذ باصرة الذي أكد حق الجنوبيين باختيار طريقهم بما في ذلك حق الانفصال بالرغم من تراجعه عن ذلك في لقاء الأربعاء بحلقتين أسبوعيتين في قناة السعيدة في مقابلة مع الإعلامي العامري.. ليؤكد خيارات الفيدرالية من إقليمين بدون حق تقرير المصير.. وللتأريخ والأمانة بالرغم من ذلك أظهر الأستاذ باصرة موقفاً علمياً وتاريخياً نزيهاً لبشاعة نتائج حرب 1994م وما لحق بها من دورا في العنف للأجهزة المختصة قديماً واليوم من قمع وتمزيق للجنوبيين ولحراكهم وهو أول سياسي جنوبي من أعضاء المؤتمر يدافع عن حق الجنوبيين وأول من اعترف بأهوال وبشاعة نتائج حرب 1994م على الجنوب.. فبارك الله بك وأمثالك يا أبا شادي في ظل هذه الأوضاع وفي ظل التفتت الشمالي ولنخبه الظالمة التي لم يطلها التطور الأخلاقي في احترام حق الآخر في خياره وأرضه بعد أن أثبتت تلك النخب انها لم ولن تكون مؤهلة لأية وحدة من أي نوع مع الجنوب إلا بشرط واحد يجري التعبير عنه دوماً وأبداً ألا وهو عبودية الجنوب للشمال. في ظل وضع كهذا نرى المهاترات الإعلامية بين الفيدراليين وبين قوى الاستقلال وأخيراً بين قوى الاستقلال فيما بينها وعلمنا برسالة القائد الوطني الكبير الرئيس علي سالم البيض إلى القائد الكبير الأب الروحي للحراك الجنوبي حسن باعوم والتي تطالب بتأجيل مؤتمر الحراك من الثلاثين من سبتمبر إلى أجل آخر ولأسباب في نظرنا مقبولة.. لقد كانت صرخات الجنوبيين والكتاب والصحفيين الحزينة المعروضة مؤخراً في عدد من الصحف وأهمها المقالات الأخيرة في صحيفة (عدن الغد) الأخيرة صرخة من أعماق الألم الجنوبي وإننا نرى بعد انعقاد المؤتمر الجنوبي الأخذ بملاحظات الأخ/ الرئيس علي سالم البيض والعمل بها على أساس تشكيل لجنة علمية وسياسية ووطنية إلى جانب اللجنة التي شكلت في المؤتمر للدراسة والتمحيص لكل الملاحظات الواردة من الرئيس وتقوم هذه اللجنة مع رئيس المجلس الأعلى للحراك بالجلوس مع البيض وبحكم صلاحية اللجنة من المؤتمر تستطيع أن تقر كل الوثائق والآراء من قبل جميع المشاركين في الاجتماع الجنوبي ومن خارجه وذلك في دورة ثانية ينعقد المؤتمر الجنوبي بحضور كل الذين لم يشاركوا في الدورة الأولى ثم تعلن الوثائق والدستور بشكل معدل وبما يلبي رغبة الجميع على طريق المؤتمر الموسع لكل أبناء الجنوب وأحزابهم السلمية والسياسية، وهو ما يضمن الحفاظ على قيادتنا موحدة بإذن الله تعالى . وأختم مقالتي هذه المتواضعة بالآراء التالية: 1. جميع قادة الحراك السلمي وأحزابه السياسية في الداخل والخارج هم قادتنا دون استثناء وأن توحيد الحركة السلمية الوطنية وقياداتها تعتبر قضية مصيرية وذلك الحل المهم والحلقة الرئيسية لتحقيق ما نصبوا إليه، وعلى الجميع أن يكونوا متأكدين من الناحية العلمية والدينية والتاريخية اليوم بأن توحيد قوة الحراك السلمي وقيادته لا يعني أبداً واحدية الحراك بل الحراك الموحد والمتنوع المشارب والآراء وبما يخدم السير اللاحق في طريق التعددية السياسية والديمقراطية والرأي والرأي الآخر بالاعتماد على دروس وعبر التاريخ القريب والبعيد.. 2. إن فك الارتباط وحق تقرير المصير مفهومان متقاربان ويكادان أن يكونا مفهوماً واحداً بالرغم من اختلاف الأشكال والأساليب لتحقيقهما وبإمكان أصحاب الرأيين أن يستغنيا عما يعكر توحد إرادتهما.. كون الطريقين بخطاهم النضالية تقودان إلى استقطاب الشرعية الدولية والأممالمتحدة بالاعتماد على مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.. وهو الحل الذي يحفظ كرامة الجميع بما فيهم النخب الشمالية ، ولا نعتقد بعد اليوم بأن وحدة أخلاقية قد تنجح بين الشمال والجنوب بالاستناد إلى الوقائع التاريخية التطبيقية الأليمة.. ولكن يجب وبقوة الإعداد العلمي الواقعي الثابت لتكامل اقتصادي اجتماعي وصناعي وتجاري.. الخ. وعلى المختصين من الجنوب والشمال بذل جهد جبار ومخلص حتى نحفظ علاقتنا الأخوية بين الشمال والجنوب مثل بقية شعوب المنطقة والعالم. 3. وصمة عار كبيرة أن نقوم بتخوين قادتنا أي كان الاختلاف معهم، فلقد قامت في الماضي ثورات عديدة وحصلت على دعمها وسندها الخارجي دولاً وأحزاباً وأفراداً ولم تكن يوماً بديلاً عن خياراتنا الوطنية والدينية.. وستظل المملكة العربية الشقيقة والجارة العظمى التي لن تتخلى عن مساندتنا ودعمنا شمالاً وجنوباً وسنظل ندين بالعرفان لها ولمن يدعمنا كشعب مسلم سني دوماً.