في مايبدو أن القاعدة في اليمن تأخذ استراحة محارب بعد الضربات التي تعرضت لها سواء من قبل الطائرات الأمريكية في مأربورداع وغيرها أو من خلال المواجهات في أبينوالبيضاء وكان واضح تراجع مقاومتها بالذات في أبين بسبب ذهاب كثير من العناصر المدربة إلى سوريا لقتال الجيش السوري، حيث تقوم القاعدة بين الحين والآخر بالقيام بعمليات جريئة كما حدث حين قامت الاسبوع الماضي بإنزال بحري تمكنوا من الوصول والتسلل عبر زوارق بحرية الى منطقة تقع بين شقرة وزنجبار، والتي انتهت بمواجهات بين عناصر للقاعدة ومسلحين من اللجان الشعبية دون أن تتمكن من السيطرة على أي موقع بعد أن تم دحرها. وتقوم القاعدة التي مازالت تتمركز قيادتها في جبال أبين بامتداد شبوة بإعادة تقييم عناصرها بعد ما تبدى لها من انكشاف ساعد لطائرات الأمريكية على استهداف قيادات مهمة وفاعلة داخلها ويمثل قتل القيادي في تنظيم القاعدة (جمال أحمد نعيران) من قبل عناصر مسلحة ترصدته وقامت بقتله في منزله بواسطة قناصة بعد أن رفض معاودة القتال معها. وبالمقارنة فإن القاعدة في رداع صمدت أمام الهجوم الكاسح للجيش المسنود بالطائرات بسبب مناصرة القبائل لها باعتبار الحمية القبلية لا الانتماء للقاعدة. ولذا فإن المواجهات انتهت بوساطة وليس بانتصار طرف ضد الآخر بعد وساطة رعاها رئيس الجمهورية بغرض وقف الحرب بعد أن التزم الذهب بوقف أي استفزازات أو محاولة للسيطرة على مواقع في المحافظة مقابل وقف الطائرات الأمريكية عن التحليق فوق المنطقة أو استهداف الجيش لهم سحبه من المواقع المستحدثة، ومثّل الطرفان "عبد الرؤوف عبدالاله وسلطان الذهب" من القاعدة ومن الدولة محافظ البيضاء الظاهري الشدادي وقائد الحملة العسكرية اللواء محمد المقدشي. وتعد موافقة أمير القاعدة في جزيرة العرب ناصر الوحيشي على الهدنة والصلح مع الدولة دلالة على حرج موقفهم وحاجتهم إلى هدنة لاستعادة ترتيب صفوفهم. وسعى مجموعة من العلماء والمشائخ وهم عبدالمجيد بن محمود الهتاري، محمد بن سالم الزبيدي، مراد بن أحمد القدسي، محمد بن يحيى الحاشدي. لجنة الوساطة: عبد الله بن حزام البنَّا، محمد بن علي الوادعي، صالح بن علي الوادعي، أمين بن عبدالله جعفر. حيث أبدت الدولة موافقتها على إبرام الصلح وفقا لما أوضحه البيان الصادر من العلماء ولجنة الوساطة. وذكر البيان -الذي حصلت "الوسط" على نسخة منه- أن العلماء ولجنة الوساطة سعت للصلح بين الطرفين امتثالاً لما أمر الله تبارك وتعالى به من السعي في الصلح بين المتنازعين، ولما نرى مما يحصل في بلادنا اليمن من الاقتتال وإراقة الدماء المعصومة التي أمر الله سبحانه وتعالى بحفظها، وحرصاً على تحقيق الأمن والاستقرار في البلاد، سعى مجموعة من علماء ودعاة اليمن للصلح بين الدولة وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وبعد عرض موضوع الصلح على الدولة اليمنية أبدت استعدادها ورغبتها وحرصها متمثلة في رئيس جهاز الأمن السياسي، والذي بدوره عرض الموضوع على رئيس الجمهورية، ثم عرضت لجنة الوساطة الصلح على قادة تنظيم القاعدة فأبدوا الموافقة والرغبة والحرص أيضا. وأشار البيان إلى أنه وبعد المداولة بين الطرفين لوضع آليات الصلح وعرض الشروط من الطرفين والتي تمثل بنود الصلح، طلبت لجنة الوساطة أن تكون هناك هدنة بين يدي الصلح حتى يتسنى مناقشة بنود الصلح مع الطرفين بحضور عدد من علماء ووجهاء ومشائخ اليمن في أجواء يسودها الأمن، فأبدت الدولة موافقتها. وأكد البيان الصادر عن المشائخ والعلماء موافقة الدولة واستعدادها على الهدنة المؤقتة لمدة شهرين والتقت اللجنة ومعها مجموعة من العلماء قادة تنظيم القاعدة، وتمت الموافقة من قبلهم على بنود الهدنة، ووقع أمير التنظيم الأخ/ ناصر بن عبدالكريم الوحيشي عليها، كما أبدى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب استعدادهم التام للصلح بحضور عدد من علماء ووجهاء ومشائخ اليمن، وبعد عرض الموافقة والتوقيع على الهدنة من قبل تنظيم القاعدة على الدولة، حدد رئيس جهاز الأمن السياسي مدة ثلاثة أيام للعرض على رئيس الجمهورية ليُفوض من يراه على التوقيع، وبعد عدة لقاءات مع رئيس الجهاز من قبل اللجنة ومطالبتها بلقاء رئيس الجمهورية لتنفيذ ذلك، وبعد انتهاء المهلة الأخيرة فوجئ العلماء ولجنة الوساطة، بعدم التوقيع على ما اتفق عليه مسبقاً.... وعليه فإن لجنة الوساطة والعلماء الساعين في الصلح إبراءً للذمة وبيانا للحقيقة يوضحون الآتي: أولاً: إن عدم التوقيع على الهدنة كان من قبل الدولة مع موافقتها المسبقة على ذلك، وهم بهذا يحملون الدولة المسئولية الكاملة. ثانيا: نحمل الدولة ما يحصل من انتهاك لحرمات المسلمين وسفك الدماء بين القوات المسلحة وتنظيم القاعدة والسماح للطيران الامريكي بانتهاك الأجواء اليمنية واستباحة دماء المسلمين، ويذكرونها بعقوبة الله عزوجل وشديد عذابه في الدنيا والآخرة. ثالثاً: نطالب العلماء والمشائخ ووجهاء البلاد والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وكافة أبناء اليمن بالسعي ومطالبة الدولة بسرعة التوقيع لما تقتضيه المصلحة علامة للعباد والبلاد. وإذ تعد الغارات على عناصر القاعدة بطائرات أمريكية بدو طيار، أكثر العمليات نجاحا في استهدافها فإن ردود الأفعال المنددة داخل اليمن وخارجها تصب في صالحها، حيث حذر بيان صادر عن هيئة علماء اليمن التي يرأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني. حيث أكد العلماء على حرمة دماء اليمنيين وكل معصوم الدم في أرض اليمن مستأمنين وغيرهم يذكرون الجميع بأنه لاجريمة إلا بنص شرعي ولا عقوبة إلا بعد محاكمة شرعية عاجلة. وما تقوم به الطائرات بدون طيار من ضربات جوية هو قتل بدون حق واعتداء على أرواح الأبرياء عمل خارج على القضاء اليمني وهذا مخالف لأحكام الشريعة وانتهاك للسيادة اليمنية. وكانت حذرت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية من أن الإدارة الأمريكية ربما تخلق أعداء لها من خلال استخدام سياسة القتل عن بعد، المتمثلة فى استخدام الطائرات بدون طيار. ولفتت الصحيفة إلى أن الولاياتالمتحدة ومنذ 11 عاما تستخدم هذه الطائرات فى شن هجمات على تنظيم القاعدة فى أفغانستان وباكستان واليمن والصومال، ولكن الجدل الدائر بشأن الشكل الجديد للحرب لم يظهر بشكل مكثف إلا مؤخرا. وحذرت من تصاعد حدة موجات الاستياء الناجمة عن استخدام هذه الطائرات ، ومن مشاعر الكراهية ضد الشعب الأمريكى على المستوى العالمى، مشيرة إلى أن هجمات الطائرات بدون طيار ربما قد تكون أسفرت عن مقتل ما يزيد على 3 آلاف شخص. ورأت أن الكونجرس الأمريكى بالرغم من فتحه الباب أمام مناقشة أمر هذه الطائرات ومدى شرعية استخدامها لقتل مدنيين أبرياء ومواطنين أمريكيين دون إتاحة فرصة لهم للمثول أمام القضاء، إلا أنه لم يُبد أي استعداد لتنظيم شأن هذه الطائرات من الناحية القانونية، موضحة أن عدم الاستعداد هذا من بعض أسبابه عدم وجود ضغط شعبي أمريكي كاف يضطره للتحرك. ولفتت (لوس أنجلوس تايمز) إلى أن 79 % من الأمريكيين يؤيدون هجمات هذه الطائرات بما فى ذلك استخدامها ضد مواطنين أمريكيين، وذلك وفقا لاستطلاع للرأي أجرته محطة (أي بي سي) الأمريكية العام الماضى. وأشارت إلى أن هناك أعضاء في الكونجرس، وآخرين طالبوا بمعرفة القوانين التي تستند إليها الإدارة الأمريكية بشأن من يجب إدراج أسمائهم فى "لائحة القتل"، وما إذا كان بمقدور الرئيس أن يصدر أمرا بقتل مواطن أمريكي حتى لو كان هذا المواطن عضوا في القاعدة، دون أن يكون الأمر قد انتهك الحق الدستوري لهذا المواطن في محاكمة عادلة.