لا يزال فايرستاين السفير الامريكي في صنعاء يقدم نفسه المرشد لكل معضلة تأرجح مسيرة الحكومة اليمنية منذ بداية العام 2011م، فخلال أسبوع ظهر في ثلاث وسائل إعلامية ليحدث عبرها مكانته وبلاده الولاياتالمتحدةالامريكية، بما قدمته لليمن لاسيما في الحوار الوطني، وهو ما اختتمت به السفارة بتوزيع تقرير عن المبالغ التي قدمتها بلاده لليمن خلال المؤتمر الصحفي في السفارة يوم الأحد الماضي. ومع هذا الظهور الملحوظ لم يأتِ فايرستاين بجديد في مقابلته الثلاثية والمؤتمر الصحفي سوى التأكيد على ما قاله وكرره سلفاَ، إلا أن هذه المرة أثار حفيظة حزب المؤتمر حينما فضل بعدم استمرار علي عبد الله صالح في ترأسه للحزب وأنه في غير صالحه، إضافة إلى الحوار الوطني، والذي قال إن هناك إنجازاً للأسبوعين الماضيين في مؤتمر الحوار الوطني وأن نجاحه يشكل عائقاَ سلبياَ أمام إيران في اليمن. وفي المؤتمر الصحفي قال فايرستاين إن الفريق الأمريكي عاد مؤخرا للعمل بهيكلة الجيش مع اصدقائه الاردنيين في وزارة الدفاع، وفيما يتعلق بهيكلة الجيش قال: "منذ أن أصدر الرئيس هادي قرارات الهيكلة تم تحقيق كثير من التقدم، وتأسيس اطر معينة واتخذت خطوات وتم تغيير قيادة القوات الخاصة، وبالتالي فالموضوع عملية الهيكلة تمر عبر زمن معين وخلاله يتم العمل وسيصدر الرئيس هادي قرارات مرحلية بعادة هيكلة الجيش وإعادة توزيع القوات المسلحة. أما نظرته لنظام الفيدرالية يعتقد أنها الفيدرالية قد نجحت في الولاياتالمتحدة إلا أنه لا يشكل مطلباَ لكي يطبق في دول أخرى فهناك دول ليست فيدرالية كما في فرنسا وبريطانيا، ولم يقدم توصيات معينة لليمن لكي تتبناها الا أنه قال: على اليمن أن تتبنى منظومة تفيد اليمنيين. وعلى مستوى التقرير الذي أصدره مجلس الأمن الشهر الماضي باتهام العليين (البيض وصالح) بعرقلة المرحلة الانتقالية اكتفى فايرستاين بأن هذه إشارة واضحة إلى أن هذين الفردين تحت المراقبة وستتخذ فيهم إجراءات من قبل مجلس الأمن. في حين لا يزال ممثلو الحراك الجنوبي ناقمين على القرار الاممي في شأن البيض باعتباره رمزاً من رموز التحرر الجنوبي وهو ما قدمته بعض القيادات الجنوبية في لقائهم مع جمال بن عمر في دبي 9 مارس الماضي، وبهذا التصريح من السفير الامريكي سيزيد من احتجاج مؤيدي الحراك الانفصالي عن مدى جدية الحوار في ظل استمرار الاتهامات ضد القيادات الجنوبية التابعة للحراك. من جهة أخرى عرض فايرستاين على اللواء علي محسن بأنه مستعد لتطبيق عملية الهيكلة، ويأتي كلام السفير عن أنباء تبرم علي محسن من الهيكلة ورغبته في البقاء على السلطة في أخبار نشرتها صحيفة الاتحاد الإماراتية، غير أن آخرين يتهم الاتحاد الاماراتية بعلاقتها مع ضاحي خلفان المناوئ للإخوان المسلمين. وأشار إلى أن فكرة التمديد للرئيس هادي ليست واردة في الوقت الراهن وان المبادرة الخليجية يجب أن تستكمل خلال المرحلة الانتقالية الثانية، وقال: "جميعنا نعمل على إنجاح هذه العملية وبالتالي لسنا جاهزين أن نناقش التمديد وإذا وصلنا إلى مرحلة يتفق عليها الجميع فيمكن أن نجلس ونجد حلا". ويبدو أن السفير الأمريكي استفز المؤتمر الشعبي العام حينما قال: ليس من مصلحة المؤتمر المستقبلية (كحسبة سياسية) أن يتمسك بعلي عبدالله صالح رئيساً له، وأن المؤتمريين هم أصحاب الحق في اختيار قيادتهم، فقد علقت بعض القيادات في حزب المؤتمر على تصريحات فايرستاين، وقال: علي عبدالله صالح هو رئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام، وأنه وفقا للقوانين اليمنية والامريكية، فإنه لا يحق للدبلوماسيين الحديث عن الأحزاب، سواء التي ينتمون إليها في بلدانهم أو التي يعملون في بلدانها". وعلى الرغم أن جميع الأحزاب السياسية في اليمن تسعى إلى خطب ود الولاياتالمتحدةالأمريكية حتى تكون الأقرب إلى نظام السلطة بما أنها على رأس النظام الدولي؛ إلا أن خطاب فايرستاين كان قاسيا على المؤتمر وتدخلاً في شأنه مباشرة، وحسب وسائل إعلامية تابعة لحزب المؤتمر؛ قال أحد قيادات الحزب: "نتمنى أن يتدرب السفير على الإجابة الصائبة تجاه شؤون كل حزب، وهي " أن سياسة الدول تقوم على احترام المؤسسات الشعبية، وأنظمتها، سواء فيها أو في غيرها من الدول". اختزال للقضية الجنوبية مع مرور الوقت في الحوار الوطني يبدو أن القوى السياسية ستكتفي بالنظر الى القوى الجنوبية المشاركة في الحوار، على الرغم من حراك متصاعد يوم بعد آخر في المحافظات الجنوبية، واختزال القضية الجنوبية في مكون " شعب الجنوب" برئاسة أحمد فريد الصريمة والقيادي محمد علي أحمد، وعلى الرغم أن هذين المكونين بديا منسجمين في بداية الحوار، إلا أن مرحلة تكوين اللجان التسع أحدثت شرخا بينهما، وقد بدا ذلك في وقت ترؤس اللجنة الخاصة بالقضية الجنوبية، وعلى خلاف ما حدث في اللجان الأخرى من ترشيح لرئاسة كل لجنة، إلا أن الجنة الخاصة بالقضية الجنوبية كانت على شكل اتفاق لأن يكون رئيس اللجنة من الجنوب. واحتدم جدل في من يكون رئيساً للجنة، والتي يتنافس عليها أحمد الصريمة وأحمد الشاعر باسردة، في الاجتماع. واعترض على رئاسة الصريمة لفريق القضية الجنوبية بسبب ترؤسه في نفس الوقت منصب نائب رئيس مؤتمر الحوار، وكان محمد علي أحمد قد هدد القيادي بتعليق عضويته والمشاركين من أبناء المحافظات الجنوبية في الحوار إذا لم يشرك الجنوبيين في كل اللجان وجميع فرق العمل، وخاصة ما يتعلق ب"القضية الجنوبية". وقال محمد علي احمد في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني "لن نرضى إلا بالنصف، ولن نرض بحوار الشماليين مع الشماليين"، في إشارة إلى المناصفة بين الجنوب والشمال في السلطة والثروة، والوحدة الاندماجية ماتت في 94م"، مشيراً إلى أنه "جاء بحقيبته من عدن إلى صنعاء من اجل رفع الظلم عن كل المحافظات اليمنية وليس الجنوبية فقط". وتعليقاً على مطالبة عدد من فصائل الحراك بفك الارتباط قال القيادي في الحراك الجنوبي محمد علي أحمد: إن فك الارتباط أمر مرفوض، منتقداً ما اسماه سياسة الاحتيال واللعب، رافضاً أي مجال للعب والاحتيال والالتفاف على ما تم الاتفاق عليه مسبقاً بشأن تشيكل فرق العمل التسع. وشهدت قاعة جلسات المؤتمر الاثنين الماضي مشادات بشأن نسب التمثيل للجنوبيين والاعتراض على بعض الأسماء، مطالبين بتعديلها خاصة بما يتعلق بالجنوب، في الوقت الذي دعت الأمانة العامة إلى تقديم أي اعتراض على الأسماء لدراستها ومناقشتها. وتضمنت قائمة فرق العمل نسبة 25 من الأعضاء المشاركين من الجنوب، المشاركون في المؤتمر و15 من الشمال. وقال أمين عام مؤتمر الحوار الوطني، أحمد بن مبارك، إن الفرق ستناقش المحاور التي أوكلت إليها على مدى شهرين يعقبه انعقاد للمؤتمر العام ولمدة شهر سيخصص لمناقشة تقارير الفرق التسع، وما اتفقت عليه في الجلسة العامة التي سيتم خلالها وضع الملاحظات على الموضوعات والتقارير المرفوعة ومن ثم تعود بعدها فرق العمل لاستكمال عملها مرة أخرى ولمدة شهرين لاستكمال خطتها وبرنامج عملها. ولفت إلى أنه سيكون هناك نزول ميداني للفرق لتلمس مشاكل وقضايا الناس عن قرب من خلال الالتقاء المباشر مع المواطنين، في مناطق مختلفة، أي أن المواطنين سيكون لهم فرصة في المشاركة في مؤتمر الحوار. وفي يوم الاثنين الماضي بدأت فرق العمل التسع لمؤتمر الحوار الوطني اجتماعاتها بعد جلسة عامة ترأسها نائب رئيس المؤتمر عبدالوهاب الآنسي وشهدت جدلا كبيراً خصوصاً حول الآلية التي تمت بها عملية الاختيار للقوائم. وقال أمين عام مؤتمر الحوار أحمد عوض بن مبارك: انه "ليس هنالك إشكالية حول اختيار رؤساء الفرق، وسيكون من خارج الأحزاب الممثلة في رئاسة المؤتمر ما يعني أنها ستؤول إلى المستقلين من النساء والشباب ومنظمات المجتمع المدني. وبهذه الطريقة يحاول القائمون على الحوار الوطني أن تكون أحد الضمانات التي تجعل من مخرجات الحوار مقبولة نتيجة لوجود رئيس مستقل بعيداً عن أطراف الصراع وسيمكن هذه المكونات من تقديم رؤيتها لحلحلة الوضع والقضايا العالقة. وقد تم اختيار أحمد بن فريد الصريمة رئيسا من قبل فريق القضية الجنوبية في اجتماعهم الاول الاثنين الماضي بحسب اقتراح رئاسة مؤتمر الحوار، كما انتخبوا بلقيس اللهبي نائباً أول للفريق ومحمد علي ابو لحوم نائبا ثانٍ وشفيع العبد مقررا. ميدانيا، مع أن الأسبوع الماضي هدأت حدة الحراك الجنوبي، فقد شهد الأسبوع الجاري من قبل الحراك معاودته إلى المظاهرات وفرض العصيان المدني على المحلات والمطالبة بالانفصال، ومع هذا ما زال الممثلون في الحوار الوطني عن الجنوب هم من تقتصر الحكومة التعامل معهم على القضية الجنوبية ويزيد من التمسك بهم من قبل الحكومة والقوى المتمسكة بخيار الوحدة بعدم قبول بعض القيادات في الحوار بالانفصال. حيث قال محمد علي أحمد في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر الحوار تعليقاً على مطالبة عدد من فصائل الحراك بفك الارتباط: إن فك الارتباط أمر مرفوض، منتقداً ما اسماه سياسة الاحتيال واللعب، رافضاً أي مجال للعب والاحتيال والالتفاف على ما تم الاتفاق عليه مسبقاً بشأن تشيكل فرق العمل التسع.