كنت قد أرسلت مقالاً الأسبوع الماضي لصحيفة "الوسط" التي تحتفظ لنفسها مع العديد من صحف صنعاء بالاحترام والمهنية والحيادية، غير أنني ألقيت المقال المذكور عن فك الارتباط وأحببت أن أقف هذه الوقفات مع قرارات الرئيس المشير هادي وهيكلة الجيش الجنوبي وهجوم بعض وسائل الإعلام الشمالي. 1- لقد كانت قرارات الرئيس هادي يوم 10 إبريل الحالي مؤشرًا على أن الرجل يملك قدرات قيادية حكيمة ويعمل بهدوء للوصول إلى رؤيته السياسية، ومهما اختلفنا معه أو اتفقنا في وجهات النظر خاصة تجاه الأوضاع في الجنوب فإن القرارات الأخيرة كانت رسالة على أن هادي جاد في بناء دولة بعيدة عن سيطرة قوى النفوذ بصنعاء شمال الشمال إذا استثنينا مناطق الشمال أو ما يسمى باليمن الأسفل من المعادلة باعتبارهم لا يملكون قوة النفوذ العسكري والمادي، ولكن نعتقد أن هذه القرارات لن تأتي فعلها بالواقع لأن من يملك المال والإعلام والجاه حتى وإن تم نقله لأي موقع آخر داخل اليمن أو خارجه سيظل يؤثر على صناعة القرار، ولقد رأينا الرئيس السابق علي عبدالله صالح بعد تسليمه السلطة للرئيس هادي ظل ولا يزال يحتفظ بالمكانة بين أتباعه وفي الشمال وما دام عندك مال سيأتون إليك حتى وإن كانوا بالأمس قد وقفوا ضدك وهي حالة ليس لها مثيل في الجنوب الذي .... والبحث عن الصدق في الرجال ولا يبحثون عن المال حتى وهم في أشد الظروف وليس هذا أنهم لا يحبون المال، فالمال محبوب عند كل الناس لكن هناك فرقاً بين أن تسعى للمال او يسعى لك وبين أن تحافظ على مواقفك مهما كان المال الذي أعطي لك وبين أن تبيع مواقفك مقابل المال والخلاصة أن الرئيس سيظل يواجه صعوبة في تنفيذ قراراته وإن تم تنفيذها لكن الخوف أن يعود له نافذون جدد ممن تم تعيينهم أو يعملون لصالح جهات أخرى غير رئيس الجمهورية. 2- الوقفة الثانية لقد شاهدنا هجوم العديد من وسائل الإعلام في صنعاء قبيل وأثناء إصدار الرئيس لقرارات هيكلة القوات المسلحة حتى أن إحدى صحف صنعاء يوم الأربعاء 10 إبريل شنت عليه هجوما لا مثيل له ودعت إلى الثورة الشعبية للإطاحة به وتحت عنوان: (...... الرئيس الانتقالي.. ينتظر ..... بالرحيل الطوعي أو الترحيل القسري) أكدت عجزه الفاضح وفشله الذريع وطريق أمثله لفشله حسب زعمها بأن الشوارع مليئة بالقمامة ولا ندري هل كان على الرئيس هادي أن يحمل المكنس وينزل لتنظيف شوارع المدن؟، كما كالت له العديد من التهم وصورته برسم لا يليق برئيس ولا بالصحيفة نفسها التي كانت تدافع عن الحق، ولكن يبدو أن بعض المواقع الإخبارية أيضا تسير في نفس الطريق الهجوم على الرئيس هادي لأنه جنوبي، ولعل هذا يؤكد صحة من قال للرئيس هادي: لا تتعب نفسك فإنهم في نهاية المطاف سيرمون أي فشل عليكن ولو كانوا يريدون دولة حقا في الشمال لسمحوا للرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي ببناء الدولة التي كانت مؤشراتها موجودة في عهده ثم اغتالوا قبل زيارته لعدن لتوقيع اتفاق إعلان الوحدة فهناك قوى لا تريد دولة ولا تريد وحدة ولكن تريد نصيبها من الكعكة كما يردد علي عبدالله صالح ومع هذا دعونا ننتظر فقط يحقق الرئيس هادي المعجزة ويسمحون له ببناء دولة خوفا من استقلال الجنوب. 3- الوقفة الأخيرة أن مشروع بناء دولة في الشمال لم يعد مقنعا للجنوبيين للبقاء في إطار مشروع الوحدة مع الشمال أولا؛ لأن مشروع الدولة يحتاج وقتا طويلا جدا، ولا يمكن بناء دولة في ظل ثقافة القتل وقطع الطرق والاختطاف والثأرات القبلية وغياب ثقافة المدنية والاحترام للنظام والقانون وشرع الله وانتشار الأسلحة في المدن، فهل ستقبل كل القوى التي تملك السلاح أن تتنازل عن سلاحها للدولة، وهل تقبل المشايخ المدججين بالسلاح أن يعيشوا مثل مواطني تهامة؟، كما أن الهيكلة للجيش وإن كانت من أسس بناء الدولة لكنها في ظل غياب وجود الجيش الجنوبي لا قيمة لها فالهيكلة تتطلب إعادة بناء المؤسسات الجنوبية المدمرة في 94م. 22 لواء مشاة و11 لواء دفاع جوي و6 ألوية بحرية و5 ألوية مدفعية و..... و3 ألوية مدرعات ولواء مظلات و5 ألوية وحدات قيادة وغيرها من الوحدات والمعاهد والمعسكرات التي تم تدميرها وتحتاج تعويضا 82 ألف ضابط وجندي أهينت كرامتهم وسلبت حقوقهم وشعب الجنوب كله أصبح فاقدا الثقة بأي إجراءات وضباط الجيش والأمن الجنوبي تعبوا من تعبئة الاستمارات من 94م ومن اللجان التي لا تنتهي بحلول هذا نأمل من الأخ الرئيس أن يصدر قرارات شجاعة بإعادة مؤسسات الجنوب وتعويض الجيش والأمن والكادر المدني حتى نشعر أن هناك جديدا في التنفيذ للقرارات. والله من وراء القصد